الأحد ٢٢ آذار (مارس) ٢٠٠٩
بقلم حسن خاطر

لعنة فيلم (حين مسخرة)

وقعت أحداث هذه القصة يوم 11 مارس 2009

إعتاد محسن أن يستيقظ صباح كل يوم قبيل صلاة الفجر ويتهيأ لأداء الصلاة جماعة في المسجد ثم يعود إلى بيته ويستعد للذهاب إلى العمل بصحبة زوجته المُدرسة بإحدى المدارس الثانوية وأولاده الثلاثة متجهين جميعا كل إلى عمله والأولاد إلى مدارسهم وكانوا لحظة بداية تحرك السيارة - من أمام المنزل في إتجاه الطريق الرئيسي الذي يؤدي إلى مقصدهم – يقوم محسن بتلاوة دعاء ركوب السيارة وبعضا من الأدعية والآيات القرآنية ثم يقوم كل أفراد الأسرة بترديد ما كان يقرأه عليهم بصوت واحد ، فمحسن وزوجته كانا يواظبان على الصلاة والصيام وفعل الخيرات وتلاوة القرآن وكان محسن يتردد على المسجد خمس مرات يوميا لصلاة الفرائض .. هكذا حال هذه الأسرة لسنوات طوال .. ولم تقتصر حياتهم على إتمام العبادات فقط بل كانت هناك وسائل ترفيه عديدة لهم كالخروج من البيت والذهاب إلى إحدى الحدائق العامة لقضاء بعض الأوقات الممتعة بها أو الذهاب إلى الملاهي ليتمتع الأولاد ببعض الألعاب الجميلة ، وفي الكثير من الأحيان كان يلتف أفراد الأسرة حول جهاز التلفاز لمشاهدة مسلسلا تلفزيونيا هادفا أو فيلما سينمائيا من الأفلام الجميلة لنجيب الريحاني أو ليلى مراد أو إسماعيل ياسين أو محمد فوزي أو شادية وغيرهم من الفنانين العقلاء الرائعون الذين يمتعون المشاهد بأعمال فنية رزينة وممتعة وراقية تخلو من الإبتذال والتعري وما يثير الشهوة .. وذات يوم وبينما كان محسن وزوجته وأولاده يجلسون أمام التلفاز لمشاهدة إحدى قنوات الأفلام الفضائية أُعلن عن فيلم سينمائي جديد بعنوان (حين مسخرة) ودارت مناقشة في التلفاز حول هذا الفيلم وعن إحتوائه على مواقف ولقطات جنسية صريحة بين بطلتي الفيلم مما دفع بالأب بالقيام بإغلاق جهاز التلفاز حتى لا يسمع أولاده أشياء تعتبر بالنسبة لهذه الأسرة أشياء مقذذة بل ووضيعة للغاية .. ولكن حدث أن الشيطان لعب برأس محسن ذاته حيث أنه كان يعبد الله على حرف وفي غيبة من الوازع الديني ومن الضمير عقد العزم - بينه وبين نفسه - على أن يشاهد هذا الفيلم حتى يقف بنفسه على ما يتم عرضه خلال أحداثه من أمور ومشاهد جنسية بين بطلة الفيلم وزميلتها حيث أنه لم ير مثل هذه المشاهد المثيرة من قبل .. (إذن لا بد من إحضار نسخة من الفيلم حتى أشاهده ذات يوم بعد أن ينام كل من في المنزل .. زوجتي وأولادي وأكون بمفردي) هكذا صاح محسن في نفسه التي لعب بها الشيطان.

وبالفعل قام محسن في اليوم التالي بإحضار نسخة من فيلم (حين مسخرة) من أحد اصدقائه وانتظر بعد أن نامت زوجته وأولاده وجلس يشاهد الفيلم بمفرده وبحث عن المشاهد الجنسية بين البطلة وزميلتها حتي يقف على ما يقومان بفعله فلم يجد سوى اللقطات والمشاهد العادية والإيحاءات الخفيفة .. حقا كان ضميره يؤنبه ويوبخه وكان يبدي في نفسه ندما على قيامه بهذا الفعل الخاطيء ولكن الشيطان كان يزين له سوء عمله بأنه عمل عادي طالما أنه فيلما يعرض في دور العرض السينمائية وعلى شاشات القنوات الفضائية .. وزاد الشيطان من بث سمومه في عقل وقلب محسن وأوهمه أن دوامه على الصلاة وفعل الخيرات والحسنات سوف ُتذهب بالسيئات التي يجنيها نتيجة مشاهدته مثل هذا الفيلم وما يحتويه من مشاهد ممتعة .. أعاد مشاهدة الفيلم مرة أخرى ولكن المشاهد الموجودة في الفيلم لم ترضي غروره حيث أنها كانت بالفعل مشاهد عادية تخلو من تلك المشاهد المثيرة التي يحكي عنها البعض .. ذهب إلى عمله وقص ما حدث على زملائه فقال له أحدهم أن هذه النسخة تخلو من المشاهد الساخنة بين بطلة الفيلم وزميلتها وأنه إذا أراد أن يشاهدها كما حدثت بالفعل وبدون أية حذف عليه بالبحث في شبكة الإنترنت حيث أن هناك مواقع تقوم بنشر هذه المشاهد أو عليه بالبحث عن C . D مسجل عليه الفيلم بدون حذف المشاهد الساخة منه ليقوم بمشاهدته على شاشة جهاز الكمبيوتر الخاص به بالمنزل .. وبالفعل أخذ محسن بالبحث في شبكة الإنترنت على نسخة من الفيلم بدون حذف مشاهد منها ولكن البحث أضناه ولم يجد ما يريد .. وظل يسأل هذا وذاك عن نسخة من الفيلم كاملة وبدون قطع أو حذف أيا من مشاهده خاصة تلك التي يلهث خلفها .. وأخيرا وجد ضالته في وعد زميل له بإحضار C . D للفيلم كاملا بدون حذف أية مشهد من مشاهده الساخنة وبالفعل صدق زميل محسن وأحضر له نسخة من الفيلم لمشاهدتها .. كل هذا كان يحدث في غفلة من ضميرة وغياب من عقله حيث أن ألاعيب وإغواء الشيطان له جعله يفكر بعقلية مختلفة خاصة بعد أن كان يخلو بمفرده في البيت وتخلد زوجته ويخلد أولاده للنوم العميق ليلا .. فكان يلعب الشيطان برأسه ويقول لنفسه (مرة وخلاص) أشاهد فيها هذا الفيلم بمشاهده الساخنة ثم أقلع عن هذا الفعل المشين .. كان ضميره يؤنبه لا شك لأنه يعلم علم اليقين بأنه يقدم على فعل يغضب الله ورسوله ولكن نفسه الأمارة بالسوء سولت له حسن صنيعه هذا .. وكان الشيطان يصرخ فيه من داخله ويقول له (إشمعنى أنا .. كل زملائي يفعلون هذا ويشاهدون هذه المشاهد في هذا الفيلم .. وغيره من الأفلام ، حتى أنهم يشاهدون هذه المشاهد الساخنة في قنوات فضائية خاصة بها .. وأحيانا في مواقع على شبكة الإنترنت).

وذات يوم قريب أمسك محسن بنسخة الفيلم التي أحضرها إليه زميله على C . D وهو يرتعد خوفا من أن يستيقظ أحدا من أفراد أسرته ويراه يشاهد هذا الفيلم بكل ما فيه من إثارة ولكنه – ولكي يطمئن نفسه على أن الجميع قد ذهب في سبات عميق - ذهب إلى كل من في البيت فردا فردا حيث ينام كل منهم وتأكد من أنه قد ذهب في نوم عميق ثم عاد مسرعا إلى جهاز الكمبيوتر وقام على الفور بتشغيله ومن ثم مشاهدة الفيلم الذي وجده بالفعل يحتوي على مشاهد ساخنة للغاية بين بطلة الفيلم وصديقتها .. (حقا هذه النسخة كاملة بدون حذف اية مشهد من مشاهدها الساخنة) هكذا قال في نفسه وقد تناسى أن الله يشاهده ويراقبه في كل فعل يفعله .. أيضا تناسى أخلاقياته .. تناسى خوفه من عذاب الضمير وعقاب الله له نتيجة لما يقدم عليه رغم علمه الشديد بحرمانية هذا الفعل .. تناسى كل شيء أمام هذا الفيلم .. ثارت شهوته وشعر بمتعة عالية بعد أن شاهد اللقطات الساخنة العديدة التي يحتويها فيلم (حين مسخرة) .. أعاد مشاهدة الفيلم مرة أخرى .. زادت متعته .. فشاهدها مرة ثالثة .. زادت متعته أكثر وأكثر .. إكتفى بهذه المرات الثلاث في ليلته تلك فالساعة أصبحت متأخرة وصلاة فجر اليوم التالي أوشكت على المجيء .. ذهب للنوم بعد يوم ممتع وشيق – من وجهة نظره - وظل يفكر في ما شاهده من لقطات ساخنة بين بطلة الفيلم وصديقتها .. كرر المشاهد في مخيلته ونام ولم يقرأ بعضا من آيات القرآن قبيل أن يذهب للنوم كما كان يفعل كل ليلة .. إستيقظ في صبيحة اليوم التالي ووجد نفسه في حاجة ماسة إلى الإستحمام حتى يتخلص من آثار حلما شاهده أثناء السويعات التي خلد فيها للنوم .. حلما غلبت عليه مشاهد الإثارة الجنسية التي شاهدها في فيلم (حين مسخرة) .. أسرع إلى الحمام وتخلص مما علق به وتطهر .. ونتيجة لسهره في مشاهدة الفيلم وايضا للوقت الذي إحتاجه للإستحمام والطهارة فاتته صلاة الفجر جماعة في المسجد كما كان يؤديها كل يوم .. وبعد الإنتهاء من الإستحمام توضأ وذهب بعينين دامعتين وقام بصلاة الفجر في المنزل بمفرده وإستغفر الله على ما قام به في ليلته السابقة من مشاهدته للفيلم المسخرة (حين مسخرة) .. إستعد هو وزوجته وأولاده للخروج إلى أعمالهم ومدارسهم .. و لكن لا يزال تفكيره عالقا بأحداث الفيلم التي شاهدها في ليلته الفائتة .. ركبوا جميعا في السيارة وإتجهوا إلى الطريق المعتاد الذي يسلكونه دائما .. كل هذا ومحسن تفكيره منشغل للغاية بأحداث الفيلم الساخنة .. ونسى أن يقرأ دعاء الركوب ويردده معه زوجته وأولاده .. ونسى أيضا قراءة بعضا من الأدعية والآيات القرآنية كما كان يفعل كل يوم .. وكيف له أن يتلو على أفراد أسرته الأدعية والآيات القرآنية وتفكيرة قد إمتلأ عن آخره بما شاهده في ليلته فالفيلم وأحداثه أنساه الله وأنساه كل شيء جميل كان يفعله وأخذ بقلبه وفكره وعقله وكيانه بعيدا عن الله ..

وبينما وهم سائرون في الطريق الرئيسي الذي يسلكه محسن صباح كل يوم - للذهاب بزوجته إلى المدرسة التي تعمل بها وبالأولاد إلى مدارسهم المختلفة ثم يذهب هو إلى عمله – أسدل تفكيره المريض بأحداث فيلم (حين مسخرة) بغشاوة على عينيه وبدا وكأنه لا يشاهد شيئا أمامه فلقد حدثت مشكلة في سهولة سير السيارات بالطريق مما جعل السيارات تشكل إزدحاما ملحوظا وتسير ببطء شديد وكأنها متوقفة .. لم يشاهد محسن هذا الأمر رغم أنه واضحا للجميع .. سار محسن بسيارته ومعه أسرته بسرعة كبيرة وما هي إلا ثوان معدودات إلا وكان محسن قد إصطدم بكل قوة بسيارته في سيارتين أمامه تحطمت سيارته كما أصيبت كل سيارة من السيارتين الأخرتين بتلفيات بليغة .. أصيب محسن في ساقه الأيمن وأصيبت زوجته في كتفها ويدها اليمنى وساقها الأيمن وأصيبت إبنته بسحجات في رأسها نتيجة إرتطامها بجسم السيارة .. وأصبح محسن في وضع لا يحسد عليه .. وضع (مسخرة للغاية) نزل مسرعا من سيارته والدماء تسيل من ساقه وهرع إلى السيارتين الأخرتين ليتأكد من أنه لا توجد إصابات أو وفيات بين ركابهما .. وهاله منظر التلفيات التي وقعت للسيارات الثلاث سقطت الدموع من عينيه وصاح وهو يبكي قائلا .. (هذه المسخرة هي لعنة مشاهدتي لأحداث فيلم (حين مسخرة) ذلك الفيلم الذي أبعدني عن الله وعن الطريق القويم وأنساني نفسي وأنساني قراءة الأدعية وبعضا من القرآن الكريم قبيل أن تتحرك السيارة كما كنت أفعل كلما هممت بالذهاب إلى العمل صبيحة كل يوم أو بالذهاب إلى أية مكان آخر في أية وقت من أوقات اليوم) لقد شاهد محسن أحداث الفيلم الساخنة ثلاث مرات فأتلف بصنيعه هذا ثلاث سيارات (سيارته والسيارتين الأخرتين) وأصاب ثلاثة أشخاص (زوجته وإبنته بالإضافة إلى الإصابة التي لحقت به هو شخصيا) .. وظل يبكي محسن على ما حدث له ولأسرته نتيجة ما إقترفت يداه ولقد إنتهى الحادث على أن يقوم محسن بتحمل تكاليف إصلاح السيارتين الأخرتين بجانب إصلاح سيارته وكل هذا سيكلفه مبالغ باهظة لا يملك سوى جزء يسير منها ولهذا قام بعد ذلك بالإستدانة من هذا وذاك حتي يستطيع إصلاح تلفيات الثلاث سيارات واصبح مدينا للغير بأموال طائلة لا يدري من اين سوف يقوم بسدادها ، وقام بمساعدة الآخرين بالذهاب هو وزوجته وإبنته إلى المستشفى لتلقي العلاج المناسب وأقسم بعينين باكيتين وقلب خاشع ذليل لله ألا يعود لمشاهدة مثل هذا الفيلم وكل فيلم يأخذ بتفكيره بعيدا عن الله وتأكد من أنه في مسيس الحاجة لتقوية إيمانه بالله تبارك وتعالى أكثر مما هو عليه لأن ضعف الإيمان لديه دفعه لقضاء سهرة مثيرة ذات ليلة دفع ثمنها غال في صبيحة اليوم التالي وكاد أن يكون الثمن أكثر غلوا وأكثر فداحة لولا لطف الله به.

وقعت أحداث هذه القصة يوم 11 مارس 2009

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى