الثلاثاء ١ آذار (مارس) ٢٠٠٥
بقلم إبراهيم أمغار

قراءة في الخطاب المدافع عن التراث: الأزمة النقدية وإشكالية البديل في"المرايا المقعرة" لعبد العزيز حمّودة

صدر في سنة 1998 م كتاب "المرايا المحدبة: من البنيوية إلى التفكيك"(**) لعبد العزيز حمودة. وأشعل هذا الكتاب، بعد صدوره بأشهر، أوار معركة نقدية، جرت وقائعها في ساحات الجرائد والمجلات الأدبية والفكرية، وكانت نقطة الانطلاق فيها حوار أجري مع د. جابر عصفور، رمى فيه عبدَ العزيز حمّودة بتهم كثيرة، أقلها سوء الفهم وأشنعها سوء النية والتدليس، ورفض ما أثاره حول الحداثة من شبهات، وما كاله للحداثيين من اتهامات بالعجز والتبعية.

لقد بذل حمودة جهدا كبيرا في محاولة إثبات ذلك، فاستعرض نماذج من كتابات الحداثيين النقدية، وبيَّن قصورها وفشلها، واختبر الكفاية المنهجية لأبرز اتجاهات الحداثة (البنيوية والتفكيك)، فقلَّب مفاهيمها وأدواتها الإجرائية، ونقدها نقدا علميا، خصوصا في القسم الثاني من الكتاب، دون أن يتعرض بشكل مفصل لتجلياتها في الثقافة العربية وأسباب انتشارها، مكتفيا في ما يبدو بكشف عورات النموذج الأصلي للحداثة وسوءاته.

أما جابر عصفور، فقد جاهد لكي يرد تلك التهم، وتتبع سقطات حمودة المنهجية، وتصيد أخطاءه في عدم تدقيقه بعض المعلومات، وقدَّم مجموعة من الملاحظات التعليمية دون أن يتعرض للسياق النظري للكتاب، ولم يحاول مناقشة القضايا العامة التي يمكن إثارتها بصدده.
لم تكن القضية معركة ثنائية بين حمودة وعصفور، ولو كانت كذلك لما أثارت الاهتمام، وجذبت إلى ميدانها مثقفين عربا كبارا أمثال: فؤاد زكريا، ومحمود أمين العالم، وسعيد علوش، ويمنى العيد وغيرهم... بل هي في الحقيقة حلقة جديدة من سلسلة متصلة لم تنفصم عراها، منذ أن اصطدم العرب بسؤال النهضة والتقدم، واجتاحتهم رياح ما يسمى بـ"الحداثة" أو "المعاصرة" أو "التغريب"؛ فواجهوها بأساليب متعددة وفي ميادين كثيرة؛ ثقافية وسياسية واقتصادية واجتماعية…
لقد فتحت هذه المعركة الباب أمام هذا السؤال مجددا، وأعادت بصياغة مختلفة إنتاج مفاهيم كانت سائدة في بدايات القرن العشرين، وإن اختلفت المسميات أو تغيرت الأدوار وتبدل الممثلون. فالواقع أن هذا السؤال يظل في قلب كل تفكير يسعى إلى علاج حالة الفصام الثقافي التي يعاني منها العقل العربي، ولذلك نشدد على استحضار هذا السؤال ونحن نحاول قراءة كتاب عبد العزيز حمودة، الجديد من حيث الصدور والطباعة، والقديم بأسئلته ومواضيعه. وسيكون المسعى الرئيس لهذه القراءة، هو إبراز التحيزات الكامنة في النماذج التفسيرية(***) التي تتقابل في هذا الكتاب، والتي تشكل في النهاية الصورة العامة لرؤية الكاتب لموضوعه المحدد في التأسيس لنظرية نقدية عربية.

1 السؤال الإشكالي:

ناقش الكتاب السابق لعبد العزيز حمودة "المرايا المحدبة" تأثيرات الحداثة في المحيط الثقافي العربي، وخص بالذكر مشروعين نقديين يمثلان، في نظره، النموذجين الأكثر بروزا للحداثة؛ وهما البنيوية والتفكيك، متخذا موقف الرفض لنتائجهما ولخلفياتهما الفلسفية، معرضا بفشل الحداثة في تحقيق الطموحات التي زعمت الوصول إليها، ومن ثَمَّ كان السؤال الذي سيطر على الكتاب من مبدئه إلى منتهاه هو: هل نحن فعلا في حاجة إلى مثل هذه الحداثة المشوهة والمنقطعة الصلة بجذورنا؟

وفي هذا الكتاب "المرايا المقعرة"، يصوغ حمودة سؤالين يصبان في سؤال إشكالي واحد، أما السؤالان فهما:

1 ـ من أنا؟ ومن نحن؟

وهو سؤال الهوية والوجود والمصير؛ سؤال يربط الماضي بالحاضر، ويصل الذات بالموضوع، ويطلب تحديد هوية المثقف ـ والإنسان ـ العربي الحائر بين نموذجين حضاريين مختلفين، يتقابلان ويتصارعان أمامه كل يوم، على صفحات الجرائد والمجلات وفي نشرات الأخبار، ويتغلغلان في جوانب حياته اليومية، فتصبح شخصيته خطين متوازيين ومتصارعين، ويعيش في حالة فصام فكري شامل (ص. 17-21).

2 ـ ما العمل؟ أين البداية؟

وهو سؤال الانطلاقة، يبدأ منه المؤلف رحلة تشخيصه لنمط العقلية الفصامية في المجتمع العربي عموما، ولدى المثقف خصوصا. وفي محاولة منه للإمساك بطرف خيط يخرجه من متاهة الفصام يحدد نقطة يتفق عليها الجميع، في رأيه، وهي “أن الشرخ الذي يعيشه المثقف العربي أو الفصام الذي يتهدده كل يوم، يرجع إلى غياب المشروع الثقافي القومي أو العربي” (ص. 21)، فيتجاوز حمودة بهذا السؤال الجانب الأدبي والنقدي، ليمد أطراف الموضوع إلى مجال أوسع يتعلق بماضي الإنسان العربي وحاضره الذي هو أقرب إلى الفوضى منه إلى أي شيء آخر معروف. وهنا يحدد حمودة عللا يراها السبب في ما وصل إليه المثقف العربي من افتقاد القدرة على الاختلاف والانبهار بالغرب واحتقار العقل العربي وإنجازاته (ص. 25).

أما السبب الأول فهو الخطأ في البداية؛ فحين حاول محمد علي إنجاز مشروعه التحديثي، اهتم بالجانب العسكري فقط، ولم يؤسس لمنطلقات نظرية وفكرية تحصن الذات العربية من الانزلاق والارتماء في أحضان الغرب والشعور بالدونية (ص. 27-29). والسبب الثاني ناتج عن السبب الأول ومتعلق به، وهو الخلط بين الحداثة التي تنتمي إلى سياق حضاري مغاير والتحديث الذي يعني الحفاظ على منجزات العقل العربي مع الاستفادة من منجزات العقل الأوروبي. لكن المثقف العربي فضل القطيعة المعرفية مع الماضي وأعلن موت الثقافة العربية من أجل أن يختصر الطريق إلى الحداثة رغم ارتفاع أصوات التحذير من بعض المثقفين العرب الذين انتبهوا إلى هذا المنزلق الخطير (ص. 29-38). وهناك سبب ثالث يكمن أيضا في الخلط المبكر بين التحديث التكنولوجي المادي والتحديث الثقافي، حينما وصل انبهار المثقف العربي إلى تبني كل ما هو غربي بصرف النظر عن اختلافه، بل تفاهته بالنسبة للغربيين أنفسهم (ص. 47).

وفي الحقيقة، إن ما يقدمه حمودة يوقعنا في نوع من الانتقائية التي تبسط الحلول ، وتتحيز للمادي على حساب المجرد، وتتصور أن التكنولوجيا والعلوم منفصلة عن خلفيات الحداثة الفلسفية. ولقد فات عليه أن ينتبه إلى أن المشكلة لا تكمن فقط في المقدمات، بل تمتد إلى النتائج أيضا؛ فغير خاف أن العلوم قد تكون حيادية في منجزاتها، لكنها غير حيادية في غاياتها ومقاصدها، فهي إذا لم تنضبط بإطارات فكرية تقيها من الشطط ويكون لها مضمون أخلاقي، أمكن استغلالها وتوظيفها في خدمة نموذج معرفي مادي لا يراعي البعد الغائي للإنسان.
أما السؤال الإشكالي الذي يضم أسئلة الكتاب كلها ويؤطرها، ويربط هذا الكتاب بـ"المرايا المحدبة"، فهو سؤال البديل الذي يمكن صياغته على الشكل التالي: ما هو البديل الذي يحقق ما فشلت فيه الحداثة ويخرج النقد العربي من المتاهة التي توغل فيها مع المناهج المستوردة؟
ورغم أن البحث عن بديل نقدي عربي أمر مشروع ومطلوب في ضوء المعطيات التي قدمها حمودة في كتابه السابق، فإنه يبدو أنه اضطر لسلوك هذا الطريق بعد المعركة التي واجه فيها رواد الحداثة العربية وزعيمهم جابر عصفور. وقد كان من الملاحظ أن بعض الذين أدلوا بدلوهم في هذه المعركة، قد أخذوا على حمودة عدم تقديمه أي تحليل محايث لإثبات أطروحته، كما أنه لم يقدم بديلا نظريا يمثل توجهه النقدي( )، بل إن كتابه السابق كان ينبئ عن بديل نقدي غير عربي هو "النقد الجديد" الذي لم يتعرض لـه بالنقد، كما فعل مع البنيوية والتفكيك.

لعل هذا هو ما دفع حمودة إلى أن يقول: “في ظل حصار الأسئلة التي واجهتني في الشهور التالية لصدور المرايا المحدبة بدأت فعلا في التفكير في البديل الذي طاردني الجميع بضرورة البحث عنه. وكان من الضروري أن يكون البديل عربيا. كانت المقدمات التي اعتمدت عليها في تلك الدراسة تشير جميعا إلى اتجاه واحد: البديل العربي القومي” (ص. 9)، وقد انشغل حمودة بسؤال البديل فترة عامين ينقب في التراث النقدي العربي؛ يكتشف مبادئه وأسسه التي فاجأته بثرائها وغناها، وفي الوقت ذاته توسع في قراءة كتابات الحداثيين التي هاله فقرها المصطلحي وتشويهها للحقيقة وتهميشها لأصول النقد العربي.

وهكذا، سعى حمودة إلى تحديد ما يمكن اعتباره بداية لضفيرة نظرية في اللغة أو نظرية في الأدب، يتتبعه عند الآخرين إلى أن يصل إلى ذروة تأكيده لوجوده (ص. 11).

لقد تورط حمودة إذن في البحث عن بديل نقدي طالبه به الجميع، فدخل بذلك في أتون مغامرة لم يكن مستعدا لها، بل إنه في نظرنا لم يكن ملزما بالدخول فيها أصلا، لأن ذلك يوقعه في مأزق خطير يوشك أن يلغي المجهود الذي قام به في كتابه السابق، إن لم يستطع إثبات هذا البديل الذي ينادي به. إن الذي يطالب بالبديل يضع حمودة أمام أمرين لا ثالث لهما: إما أن ينجح في ذلك أو أن يصمت عن نقده للحداثة ويقبل بنتائجها، وفي هذا ظلم وتدليس على الدعوى الأصلية لعبد العزيز حمودة؛ إذ ليس لمعترض في عرف المناطقة وغيرهم أن يضع شروطا على الدعوى أو على صاحبها، وإنما لـه أن يرد على أدلتها حتى إذا أبطلها بطلت الدعوى من تلقاء نفسها، ولا يجوز لـه المطالبة بالبديل وإنما حقه أن يطالب بالدليل. وقد قدم حمودة أدلة قوية أججت نيران معركة حادة من حول كتابه، لكنه بانشغاله بسؤال البديل يعرض نفسه لخطر القبول بمواقف خصومه. ومن ثم جاز لنا أن نقرر بأن هذا السؤال يستبطن نموذجا معرفيا ينتمي إلـى الطرف الآخر، حتى وإن صدقت نية حمودة وخلصت أهدافه، وهو ما سيبدو بشكل أوضح في ما سيأتي من الكلام.
ولكن ورغم ذلك فمادام حمودة قد قرر ركوب متن البحث عن البديل فسنمضي معه إلى النهاية لنسائل بديله النقدي وموقعه من النموذج النقدي المخالف.

2 النموذج المنتقَـد:

يقدم حمودة في فصول الكتاب نقدا تحليليا مفصلا لظواهر القصور في النقد العربي الحداثي ولحالة الثقافة الفصامية للمجتمع العربي، فتناول نظرة هذا النموذج الحداثي إلى التراث العربي، وتصلب طرائقه المتحيزة إلى الثقافة الغربية. وتطرق المؤلف إلى الصراع بين "نموذجي" النظرة إلى العالم (الحداثي الغربي والتراثي العربي)، وتخلف وعي الحداثيين بأصول النموذج التراثي والتشوهات الفكرية التي تسم العلاقة بين صورته عن ذاته والواقع المعاصر للعالم. وتحدث عن آلية الصراع بين العنصرين المكونين للمعرفة النقدية في العالم العربي، وأعلن انحيازه إلى موقع الأصالة، محللا موقع بعض المثقفين الآخرين من هذه الأزمة، ودورهم في تجاوزها وألوان القصور التي تشوب جهودهم من أجل تحقيق هذا التجاوز، والعلاقة بين النزوع الحداثي والصراعات الإيديولوجية التي سادت القرن الماضي بين قوى العالم العظمى.

هذه على وجه الإجمال الصورة العامة للنموذج الحداثي المنتقد، سواء في أصله الغربي أو في نسخته العربية، أما على وجه التفصيل فإن هذا النموذج يتسم كما استخلصنا من الكتاب بالسمات التالية:
السمة الأولى: التعدد: فالحداثة حداثات؛ فهناك حداثة اليسار الاشتراكي، وهناك حداثة اليمين الغربي. وفي داخل المعسكر الغربي نجد حداثة يسار وسط وحداثة يمين وسط، تختلفان عن الحداثة الأنجلو-أمريكية. وتنقسم ما بعد الحداثة بدورها إلى مدارس متنوعة: مدرسة دريدا، ومدرسة ييل التفكيكية… ويرجع هذا التعدد إلى الأنظمة الثقافية المختلفة التي امتزجت في الحضارة الغربية، لكن هذه الأنظمة لم تعرف أو يؤسس لها في الثقافة العربية، ورغم ذلك فقد تم نقلها دون مراعاة للخصوصية الحضارية والاختلاف الثقافي (ص. 51-53). ومن ثم يحق لنا الاستنتاج بأن النموذج الحداثي العربي يتحيز للعام على حساب الخاص ويلغي الاختلاف باسم الكونية والعالمية، فتنشأ عن ذلك نظريات نقدية تصفي كل ما يخالف النظرة الغربية للظواهر الثقافية من أجل الوصول إلى العلمية التي ترفض التعدد والاختلاف.

السمة الثانية: العقلنة وأنسنة الدين: تدعي الحداثة الانحياز إلى سلطة العقل ومنجزاته، وتقطع مع كل ألوان الفكر الغربي، وتقوم بأنسنة الدين، وترفض تأثيره في إنتاج الثقافة، وتجعل من الإنسان مصدرا لجميع القيم وهذا ما قصده شكري عياد بـ"أسطرة الإنسان" في مقابل "أنسنة الدين" (ص. 54-55). ورغم أن الحداثة تزعم أنها تتحيز لما هو إنساني، فإنها تغلف ذلك بطابع مادي صرف يتحول فيه الإنسان إلى مجرد أداة للطبيعة خاضع لقوانينها المادية المحسوسة، وهو تحيز في نظرنا ضد الطبيعة البشرية لصالح الطبيعة المادية وطبيعة الأشياء، ونتيجة ذلك كما يقول حمودة هو أن “نبحث عن توازن أكثر خصوصية بثقافتنا بين "تحديث" الحداثة الغربية والقيم الدينية والروحية العربية” (ص. 56).
السمة الثالثة: التناقض بين المقدمات والنتائج: فقد “تبنينا النتائج النهائية للحداثة الغربية دون أن نعيش مقدماتها” (ص. 56)، واختار الحداثيون العرب تبني الحلول الجاهزة، واستمرؤوا التحايل وتزييف الحقائق من أجل وصل ما يسمى "الحداثة" العربية بالخصوصية الثقافية ومنحها شرعية تاريخية تبرر وجودها، دون مراعاة للشروط الاجتماعية والاقتصادية التي أفرزت هذه الحداثة في الغرب، والتي ارتبطت بالثورة الصناعية والإمبريالية الاستعمارية. وإغفال هذه العوامل وتبني النموذج الحداثي الغربي دون تمييز، يمهد الطريق أمام هيمنة أصحابه الأصليين وسيطرتهم على مفاتيح التفكير في العالم العربي (ص. 57-59).

ونستنتج من ذلك أن عملية النقل التي يقوم بها الحداثيون العرب ليست لها غايات محددة أو مرجعية نهائية يمكن أن نضبط بها هذه العملية؛ فهي مجرد عمليات نقل خطية سلبية، لكنها ليست محايدة تماما ولا بريئة، إذ يتم التحيز فيها لمفهوم مادي نفعي، فمادام هذا النموذج قد نجح في تحقيق منجزات كثيرة في مجاله التداولي الأصلي فلا ضرورة للتركيز على الخصوصيات الثقافية. إن ما لا يدركه الحداثيون هو الثمن الذي يجب دفعه من أجل تحقيق التقدم حسب الصيغة الغربية، ولأجل ذلك يقدم حمودة مثالا دالا على درجة التهديد الذي يمثله النموذج الحداثي في أبشع صوره؛ فقد يصل بنا هذا التقليد الأعمى الذي لا يراعي الخصوصيات والاختلافات إلى تحريف وظيفة الأسرة في المجتمع العربي، والدخول في الدائرة الجهنمية التي انتهت إليها ما بعد الحداثة الغربية (التفكك الأسري، الشذوذ الجنسي، الأطفال غير الشرعيين...) (ص. 64-65).

السمة الرابعة: التنابز: وهي سمة عربية خاصة يسجلها حمودة على الحداثيين العرب، فيشير إلى تبنيهم لمجموعة من التهم الجاهزة يصمون بها كل مخالف معترض لمنهجهم كـ"الجهل" و"الانعزالية" و"الانغلاق" و" الرجعية" و"الأصولية" (ص. 59). وهذا الأسلوب ـ كما هو معلوم ـ لم يسلم منه الكثيرون، فهو مألوف لدى مدعي المعرفة وأدعياء التقدم؛ فبدلا من التسليم بحق الآخر في الاختلاف ومناقشة الاعتراضات يتحولون إلى إثارة الزوابع ضد المعترضين وتحويل النقاش العلمي الهادف إلى خصومات شخصية ونزاعات فردية تغلق باب الحوار، وتعتم على مواضيع النقاش.

السمة الخامسة: التذبذب: فقد احتل المثقف الحداثي العربي مواقع متعددة في ظرف وجيز، وانتسب إلى عدة مذاهب نقدية مختلفة دون أن يعلل هذا التحول؛ ومثال ذلك تحول العديد من المثقفين والنقاد العرب من "الحداثة" إلى "ما بعد الحداثة". وقد بين حمودة هذا التذبذب بقوله: “فالموقف الحالي يمثل تركيبة ثلاثية فريدة: 1 ـ الإنكار الكامل للتحول إلى ما بعد الحداثة؛ 2 ـ التحول الصريح؛ 3 ـ التحول إلى فكر ما بعد الحداثة دون إعلان ذلك؛ تخوفا من المحاذير التي تمثلها ما بعد الحداثة الغربية” (ص. 60). ويعبر هذا التذبذب في نظرنا عن افتقاد للمرجعية، إذ أصبح التغيير بالنسبة إلى الحداثيين غاية في حد ذاته؛ أي مجرد عملية حركية تعني الانتقال دون تحديد الهدف من الحركة. ونتيجة ذلك هي ما يسميه حمودة "حالة الشك وفقدان اليقين" التي تعبر عن “انفراط عقد العالم بعد أن فقد نقطة ارتكازه وبعد أن فقد كل شيء الإحالة المرجعية إلى مصدر ثابت أو موثوق” (ص. 63).

السمة السادسة: التآمر: وهو حقيقة واقعية ـ حسب حمودة ـ يؤكدها عقلاء الفكر الغربي، من أمثال آلان تورين، الذين يرون الخطر الواضح، والذي نفشل نحن في إدراكه، بين العقلنة والكونية من ناحية، والسيطرة الغربية على دول العالم الثاني أو الثالث من ناحية أخرى. فالمسعى الحداثي إلى الالتحام بالثقافة الغربية يهدد بانمحاء الهوية الثقافية العربية. ويزداد هذا الأمر وضوحا عندما يستشهد حمودة بدراسة حديثة لكاتبة بريطانية شابة هي فرانسيس ستونر استقت معلوماتها من وثائق المخابرات الأمريكية التي تتحدث عن تمويل العديد من المؤسسات الثقافية الحداثية في أنحاء العالم، في سعيها لحصر المد الشيوعي، وقد أدى ذلك إلى إنشاء أقسام متميزة عديدة للدراسات اللغوية، ولا حاجة للتذكير بأهمية اللسانيات في تأسيس الحداثة الأدبية والنقدية (ص. 71-82). وقد حاول حمودة استغلال هذا المعطى لكي يربط بين مجلة "شعر" البيروتية التي ظهرت في أواخر الخمسينات بالمخابرات الأمريكية قائلا إن: “الظروف التي أحاطت بها تشي بعلاقة وثيقة "برابطة حرية الثقافة"، ومؤسسها نفسه، يوسف الخال (…) كان مقيما في نيويورك، وعاد إلى بيروت فجأة عام 1955 ليصدر المجلة التي ارتبط اسمها بالحداثة العربية إلى حد كبير بعد ذلك التاريخ بأقل من عامين” (ص. 84)، وهذا مجرد افتراض وتخمين من حمودة يعوزه الدليل، ويبنيه على قراءة النيات، كما أن لفظه غير قاطع وغير حاسم.

السمة السابعة: الغموض: ويعني حمودة بهذه السمة تعمد الحداثيين الغربيين والعرب اختيار الغموض والمراوغة أسلوبا للكتابة حتى يجهد القارئ عقله في فهم النص النقدي وإن أدى ذلك إلى ضياع النص الإبداعي (ص. 107)، فهي اختيار مقصود يسعى إلى لفت الانتباه إلى لغة النقد باعتبارها إبداعا يوازي الإبداع الأدبي، لكن هناك غموضا آخر غير مقصود لا يقل سوءا لأنه يؤدي إلى تشويه الأفكار والمفاهيم الأصلية (ص. 106)، وينشأ غالبا عن سوء الترجمة والنقل إلى اللغة العربية، ولو رجع الباحث إلى الأصول الغربية المترجمة لوجد ما يغنيه عن فك طلاسم الترجمات التي لا تستعصي فقط على فهم القارئ، بل تستعصي على فهم المترجم نفسه (ص. 121)، ولتمكن من التواصل معها بأقل قدر من الجهد. والشواهد على ذلك كثيرة أدرج منها حمودة ما يثبت دعواه. وما يثير الانتباه هنا هو أن هذا النوع من الغموض يمضي بخطوات متسارعة، ويتطور من سيئ إلى أسوأ. وفي الواقع إن ما لم يتمكن حمودة من الانتباه إليه هو أن دعاة الحداثة وما بعد الحداثة يتعمدون الغموض، لكي يرسخوا العلاقة الاعتباطية والواهية بين الدال والمدلول؛ فكل الأمور نسبية متغيرة وليس ثمة مطلق يصلح أن يكون مرجعا، ولا وجود لعناصر ثابتة في العالم تهرب من قبضة النسبية والحركة والتغير. ومن ثم فإن النموذج الحداثي حين يتعمد الغموض فإنما يتحيز للدوال دون المدلولات.
وخلاصة الأمر إن النموذج الحداثي المنتقد في الكتاب يتحيز لكثير من التعميمات، ويتجاوز الغائيات ولا يهتم بالخصوصيات، وهو كافر بالإنسان وبالاختلاف، وفاقد لمرجع ثابت ومركزي. وقد انتهى به هذا إلى نزع القداسة عن كل شيء وإلى إنكار المعنى، وسقط في فخ “المقولة الإمبريالية بكونية الحداثة وأن ما يناسب ذلك الآخر الثقافي/ الحضاري يناسبنا بالضرورة! وإذا ارتفع صوت ينبه إلى الاختلاف سارعت النخبة إلى اتهامه بالأصولية والانعزالية!” (ص. 88). ويمكننا أن نقول أيضا بأن هذا النموذج يتحيز للمادة وللحاضر وللبسيط ويعادي الإنسان والتاريخ وكل ما هو مركب، ولهذا يستحيل على هذا النموذج الحداثي أن يزرع في مجال لـه قيم دينية وتاريخية من دون أن يقع أهله في حالة فصام ثقافي تؤدي بهم إلى الاختناق أو الفراغ.

ولعل استحالة تطبيق هذا النموذج في مجال الأدب والنقد تظهر في تكاثر المفاهيم النقدية وإسهال المصطلحات الذي أصيبت به الحضارة الغربية، حتى أنها تطالعنا يوميا بمصطلحات جديدة يقدمها أصحابها على أنها أكثر دقة وعمومية واقترابا من العلمية والعالمية، ثم تسقط وتموت لتحل محلها مصطلحات جديدة يلهث وراءها مفكرونا متصورين أنها تقدم لهم إجابة على أسئلتهم وحلا لمشاكلهم. ولم ينتبه حمودة إلى هذا الأمر حين تحدث عن أزمة المصطلح، واكتفى بإلقاء اللائمة على النقاد العرب الذين لا يراعون في نظره السياقات التي تنقل عنها المصطلحات، ويقترح حلا بسيطا، وهو “أن قراءة التراث النقدي الغربي والاتصال به ـ بدلا من القطيعة ـ كان كفيلا بتجنيب المثقف العربي الكثير من مزالق فوضى المصطلح” (ص. 91). والحقيقة أن أزمة المصطلح ليست مقصورة على النقد العربي المعاصر، بل هي حالة مرضية عامة لم تسلم منها الدراسات النقدية الغربية أيضا. وبعبارة أخرى، إن أزمة المصطلح ليست أمرا استثنائيا أو انحرافا في الترجمة والنقل، وإنما هي تعبر عن ثابت أساس في الحضارة الغربية لصيق بنموذجها الحداثي، ورغم ذلك فقد أصاب حمودة حين أرجع أسباب الأزمة إلى “تركيبة متشابكة ومتداخلة من الأسباب أبرزها خصوصية المصطلح النقدي، وخصوصية الثقافة التي تفرزه، ثم نسبية المعنى عند نقل المصطلح من وسيط لغوي إلى وسيط آخر، وأخيرا نسبية المصطلح التي تحددها التغيرات والتحولات السريعة في القيم المعرفية” (ص. 93).

3 النموذج المعتـمد:

يرسم عبد العزيز حمودة من خلال استعراضه لقضايا نقدية كانت مثار اهتمام النقاد القدماء صورة لبديل نقدي عربي، ولن نسعى في هذا العرض المتواضع إلى تلخيص ما ذكره حمودة لأنه أمر يتجاوز منهجنا في قراءة الكتاب، وإن كنا سنذكر بعض الأمثلة الدالة على نموذجية هذا البديل وعلى تحيزاته الخاصة، ويمكن الجزم من الآن بأن جهود حمودة التأسيسية لنموذج بديل عملية شاقة، وأكثر صعوبة من نقد النموذج الحداثي. ويعذر حمودة إن أخطأ أو فشل في ذلك، لأنها مهمة لا يمكن إنجازها إلا من خلال تضافر جهود جماعية متكاملة تتم على عدة مستويات من خلال الرصد والتصنيف والنقد التراكمي حتى تتحدد الأنماط العامة الجديدة التي يتم مراكمة المعلومات في إطارها، وحتى تتحدد الملامح الأساسية للنموذج البديل.

وسننجز قراءتنا الخاصة لهذا النموذج المعتمد بتصنيف أنواع القراءة التي مارسها حمودة على النقد والبلاغة العربيين إلى أصناف ثلاثة:
القراءة السياقية: أنجز عبد العزيز حمودة، في أحيان كثيرة، قراءة نموذجية للتراث البلاغي والنقدي لا تكتفي بالجاهز من الآراء التي شاعت وانتشرت حتى صارت من المسلمات التي لا تناقش إلا لتؤكد وتزداد رسوخا. فقد قام مثلا باستحضار معطيات تاريخية ساهمت، بنظره، في انشغال البلاغيين العرب بثنائية اللفظ والمعنى، وأهمها تلك المعركة الحامية التي نشأت على هامش اختلاف الاتجاهات الشعرية بين أبي تمام والبحتري، ومن ثم يصح لنا أن نقول بأن قضية اللفظ والمعنى لم تثر في هذه المرحلة، ولم تهيمن على تفكير اللغويين والنحاة والبلاغيين، ولم تستأثر باهتمام الأصوليين والمتكلمين، إلا لأنها تعبر عن إشكالية رئيسية وأساسية في النظام المعرفي البياني، تدور حول محور واحد هو العلاقة بين اللفظ والمعنى: كيف يمكن إقامتها وضبطها؟ وما هي أنواعها( )؟ ولم تكن هذا القضية بالمستعارة أو المنقولة من مجال تداولي آخر، فهي على علاقة وثيقة بطبيعة النقد البلاغي في عصر الجاحظ وقبله وبعده. ومن هنا تجيء أهمية القراءة التي قام بها حمودة، لأنها لم تتعمد الإسقاط ولم تهمل عناصر السياق التاريخي، لكنها بالمقابل أغفلت عنصرا أساسيا في قراءة هذه القضية، وهو البعد المذهبي والعقدي في رؤية السلف لثنائية اللفظ والمعنى؛ إذ من المؤكد أن الخصومة حول "اللفظ والمعنى" ما كانت لتشتد لو لم تغذها دوافع اعتقادية، كما هو الحال مع عبد القاهر الجرجاني، الذي ناظر المعتزلة. وقد حظي بالنصيب الأوفر من اهتمام حمودة، وأورد آراءه في هذه المسألة، ورأى بأنه قدم حلا توفيقيا بين موقف اللفظيين وموقف "النظامين" [كذا!]، حين أرجع الرأي "الفاسد" الذي يقول بأن المعاني تُبَّعٌ للألفاظ، وليس العكس، إلى سلطة الاستماع: “واعلم أنه إن نظر ناظر في شأن المعاني والألفاظ إلى حال السامع، فإذا رأى المعاني تقع في نفسه من بعد وقوع الألفاظ في سمعه، ظن لذلك أن المعاني تُبَّعٌ للألفاظ في ترتيبها” (ص. 285). ورغم ما أشرنا إليه حول إغفال حمودة للمعطى العقدي والمذهبي،فإن المشكلة في صميمها مشكلة أدبية عريقة، لا يمكن إجمالها فقط في الصراع الشعري بين أبي تمام والبحتري، وإنما تعود أيضا إلى سلطة التقاليد الشعرية التي نظر لها النقاد القدامى والتي أشار إليها حمودة في آخر كتابه باعتبارها ركنا من أركان النظرية النقدية العربية، ومن المعلوم أن عمود الشعر الذي صاغه ابن قتيبة قد قيد كثيرا من الشعراء، ولم يترك لهم من مجال القول الشعري إلا الصياغة اللفظية، أما المعاني فقد سبقوا إليها (ص. 275). فلم تكن، إذن، إثارة مشكلة العلاقة بين اللفظ والمعنى لمجرد تزجية الفراغ وملء الصفحات وإشغال الناس بما لا يهم، وإنما هي تعبير عن تحد حقيقي واجه الشعراء والنقاد والمتكلمين والمفسرين والباحثين في إعجاز القرآن الكريم.

وخلاصة الأمر إن قراءة حمودة لقضية اللفظ والمعنى رغم تحيزها للسياق التاريخي والأدبي الذي أنتجها، ومراعاته للخصوصية الحضارية التي دفعت بها إلى واجهة الاهتمام النقدي، فإنه اختار، في نظرنا، عن عمد تجاهل السياق العقدي الذي نشأت هذه القضية في ظله، لأنه لم يعد موجودا في عصرنا، وذلك لكي يتمكن من تحيين القضية مجددا وربطها باحتياجات الحاضر، وهذا ما نلمسه في كثير من الأقوال التي جاءت في كتابه والتي ستتضح في ما يستقبل من الكلام.
القراءة الانتقائية: نعني بهذا النوع من القراءة سلوك طريق الانتقاء، وتفضيل بعض جوانب التراث النقدي العربي على بعض، والسكوت على بعض الجوانب الأخرى، سواء أكانت ذات أهمية في بناء نظرية نقدية أو هامشية تثير بعض المشاكل على هذه النظرية، ولم يخف حمودة سلوكه هذا المسلك، فنبه عدة مرات إلى أن تطوير نظرية لغوية ونقدية عربية، يتطلب القيام بعملية غربلة دقيقة وتنقية واعية لتراثنا اللغوي والنقدي من كثير من تناقضاته وتداخلاته قبل أن نضع أيدينا على مفردات تلك النظرية (ص. 275). وأشار في موضع آخر إلى أن الدراسات اللغوية العربية قدمت الكثير مما كان يمكن، لو تمت غربلته وتنقيته بعيدا عن الإحساس بدونية العقل العربي، أن يطور إلى علم لغويات عربي عصري (ص. 269). ومن الأمثلة الدالة على انتقائية حمودة، تبنيه موقف عبد القاهر الجرجاني من قضية اللفظ والمعنى، فلم يرجع إلى مصادر "اللفظيين" الذين عاصروه أو سبقوه، وأشار إلى أنه لا يستطيع أن يحيل القارئ إلى نصوص لهم تؤكد وجود ذلك الاتجاه مبكرا في البلاغة العربية، واكتفى بإحالته إلى نص لعبد القاهر من دلائل الإعجاز يحدد فيه موقف اللفظيين وينقضه (ص. 281). وهذا في نظرنا خطأ منهجي خطير، لا يقبل منه ويعبر عن نوع من الانتقائية والمفاضلة التي يمكن أن تضع أمام القارئ صورة مشوهة أو غير متكاملة لرأي المخالفين، مهما كانت القيمة العلمية والأدبية لعبد القاهر الجرجاني التي لا ينازع فيها أحد.

لقد كان من الطبيعي أن يكون لعبد القاهر الجرجاني ذلك الحضور القوي في "المرايا المقعرة"، فقد أحال عليه الكاتب حوالي التسعين مرة، واستشهد بآرائه في قضايا متنوعة: اللفظ والمعنى، الحقيقة والمجاز، المحاكاة، الطبع والصنعة... ويدرك الجميع أن لعبد القاهر الجرجاني في البلاغة العربية تأثيرا لا يضاهيه فيه أي ناقد أو بلاغي، وكل من أتى بعده هو عالة على أفكاره يستقيها، وعلى أمثلته يشرحها ويبينها. ورغم ذلك، فإنه من غير المبرر إغفال جهود نقاد غيره، خصوصا من المخالفين لـه في المذهب، ولسنا هنا في معرض الدفاع عن منجزات المعتزلة وفضلهم على البلاغة العربية، فهو مما شهد به القدماء والمحدثون، لكن ما يثير الاستغراب هو هذا الحضور الضعيف لممثلي هذا التيار في كتاب "المرايا المقعرة"، فلم تتم الإشارة إلى جهود أبي هاشم الجبائي والقاضي عبد الجبار وابن سنان الخفاجي إلا لماما؛ فمن المعلوم مثلا أن القاضي عبد الجبار كان أكثر العلماء وضوحا في تناوله للنظم، فقد بلور هذه الفكرة في كتابه "المغني"؛ حيث عقد فصلين عرض في الأول رأي أستاذه أبي هاشم الجبائي في الفصاحة التي بها يفضل بعض الكلام على بعض، وعرض في الثاني رأيه الخاص في الوجه الذي يقع لـه التفاضل في فصاحة الكلام( )، وهو القائل: “اعلم أن الفصاحة لا تظهر في أفراد الكلام، وإنما تظهر في الكلام بالضم على طريقة مخصوصة، ولا بد مع الضم من أن يكون لكل كلمة صفة، وقد يجوز في هذه الصفة أن تكون بالمواضعة التي تتناول الضم، وقد تكون بالإعراب الذي لـه مدخل فيه، وقد تكون بالموقع. وليس لهذه الأقسام الثلاثة رابع، لأنه إمَّا أن تُعتَبَر فيه الكلمة، أو حركاتها، أو موقعها. ولا بد من هذا الاعتبار في كل كلمة. ثم لا بد من الاعتبار مثله في الكلمات، إذا انضم بعضها إلى بعض، لأنه قد يكون لها عند الانضمام صفة، وكذلك لكيفية إعرابها وحركتها وموقعها. فعلى هذا الوجه الذي ذكرناه إنما تظهر مزية الفصاحة بهذه الوجوه دون ما عداها” (ص. 234-235). وقد أشاد حمودة بنظرية الضم عند عبد الجبار وأشار إلى تأثيرها الواضح في نظرية النظم عند عبد القاهر الجرجاني، لكنه لم يزد على ذلك، ولم يتوقف على مظاهر هذا التأثير، ولم يبين درجة الاختلاف بين منهجي عبد الجبار وعبد القاهر، والخلاف بين منطلقاتهما الاعتقادية. وعند إيراد حمودة لمفهوم النظم عند عبد القاهر وتعريفه بأنه “ليس سوى تعليق الكلم بعضها ببعض وجعل بعضها بسبب من بعـض” (ص. 225)، لم يناقش المعالم التي سلكها هذا المفهوم قبل أن يصبح مكتملا مع عبد القاهر، لأن المفاهيم لا تنشأ من فراغ، ولا تظهر النظريات فجأة تامة البناء مستوية الأركان.

وتبرز انتقائية حمودة أيضا، حين حدد، من خلال استقراء معطيات التراث النقدي والبلاغي العربيين، خمسة أركان لنظرية أدبية عربية يمكن، في نظره، تطويرها للوصول إلى بديل نقدي جديد، يستجيب لخصوصيتنا الحضارية، ويستوفي جميع العناصر التي يحتاج إليها الناقد العربي المعاصر. وهذه الأركان هي: 1 ـ المحاكاة والإبداع، 2 ـ الإبداع باللغة، 3 ـ الصدق والكذب، 4 ـ السرقات الأدبية/ التناص، 5 ـ الموهبة والتقاليد، 6 ـ الشكل والمضمون. ولا تشكل هذه العناصر، في نظرنا، أركانا، وإنما هي قضايا تتغير وتتجدد وقد تختفي إن انتفت الحاجة إليها، ويمكن أن ندخل كل تلك العناصر المذكورة ضمن قضية واحدة تشملها وتحتويها، هي قضية "اللفظ والمعنى". لكن ما يثير الانتباه بل الاستغراب هو سكوت حمودة عن عنصر هام يستحيل تجاوزه في أي عصر وحين؛ وهو عنصر تفنن القدماء في التنظير والتمثيل له، وعدّوه خاصية مميزة من خواص الكلام العربي، وعنوا بوضع الكتب فيه؛ وهو عنصر الموسيقى والإيقاع، لا في الأوزان الشعرية والقوافي فقط، بل في الحروف أيضا والألفاظ. ومن الغريب أن يفوت على حمودة الانتباه لهذا الأمر، وهو المطلع على كتابات النقاد القدماء، خصوصا قدامة بن جعفر الذي استقصى عيوب الأوزان والقوافي، وأشار إلى نعوت الوزن وعلاقتها بالألفاظ والمعاني( ).
هذه، باختصار، بعض الإشارات التي وردت في كتاب "المرايا المقعرة" والتي تثبت ممارسة حمودة للانتقاء والتفاضل بين عناصر النظرية النقدية العربية، وحسبنا هذا مخافة الإطالة والإملال، خاصة وأن الكتاب غني بمادته ومعلوماته وقضاياه التي تكاد تلم بمجمل ما أثير لدى النقاد والبلاغيين العرب.

القراءة التحميلية: نعني بهذا النوع الثالث، تلك القراءة التي تتعامل مع عناصر النظرية النقدية العربية من خلال خلفيات أخرى تتحيز إلى نموذج مغاير، ومن ثم تقرأ النصوص والاستشهادات بعيون معاصرة تحملها ما لا تحتمل، أو تقولها ما لم تقل؛ ومن أمثلة هذه القراءة نذكر ما يلي:
أورد عبد العزيز حمودة نصا طويلا من "البيان والتبيين" للجاحظ، يقدم تعريفا عن مفهومه للغة ووظيفتها: “(...) المعاني القائمة في صدور العباد المتصورة في أذهانهم، والمختلجة في نفوسهم، والمتصلة بخواطرهم، والحادثة عن فكرهم، مستورة خفية، وبعيدة وحشية، ومحجوبة مكنونة، وموجودة في معنى معدومة، لا يعرف الإنسان ضمير صاحبه، ولا حاجة أخيه وخليطه، ولا معنى شريكه والمعاون لـه على أموره، وعلى ما لا يبلغه من حاجات نفسه إلا بغيره، وإنما تحيا تلك المعاني في ذكرهم لها وإخبارهم عنها واستعمالهم إياها... وكلما كانت الدلالة أوضح وأفصح، كانت الإشارة أبين وأنور، كان أنفع وأنجع” (ص. 222-223). ثم أشار حمودة بعد ذلك إلى أن هذا النص النقدي يحتمل القراءة العصرية، ورغم أنه قد ادعى أنه لن ينطق النص بما ليس فيه، فقد سعى إلى أن يربط بين مفهوم الدلالة عند الجاحظ والمفهوم اللساني المعاصر، ولم يراع في هذه النقطة المعطيات التاريخية التي لا تجيز المقارنة بين نص ينتمي إلى القرن الهجري الثالث ومفهوم الدلالة اللساني الذي صاغه دو سوسير في القرن العشرين، كما أنه لم يستحضر الجانب المعرفي في إنتاج المفاهيم وخلفياتها الفكرية؛ فمفهوم الدلالة عند الجاحظ لا يمكن فصله عن إشكالية اللفظ والمعنى، في حين أن هذه الإشكالية تكاد تكون غائبة عن أذهان اللسانيين المعاصرين الذين اشتغلوا بإشكال التواصل أكثر من غيره.

يشير حمودة صراحة في "المرايا المقعرة" إلى أنه سيقرأ نظرية النظم العربية بخلفيات حداثية، ليرى إن كانت تنقصها أية إضافات حداثية ذات أهمية تبرز تجاهلها والاتجاه كلية نحو منتجات العقل الغربي الحديث (ص. 228). كما يستحضر حمودة دائما هاجس المقارنة بين النظرية الغربية الحديثة والنقد العربي القديم، وقد أكد عدة مرات أن العقل العربي قد عكف منذ القرن الهجري الثالث وحتى نهاية القرن الخامس على تطوير نظرية لغوية لا تختلف في مكوناتها كثيرا عن مفردات علم اللغويات الحديث، والاختلافات القائمة ـ كما يشير ـ بين علم اللغة العربي وعلم اللغة الأوروبي الحديث خلافات منطقية؛ فقد طور العرب مدرستهم اللغوية قبل الغرب بعشرة قرون على الأقل (ص. 243). وقد أصاب حمودة في جوانب من كلامه هذا، إلا أن ما ليس بريئا هو اعتباره للعامل الزمني محددا وحيدا للاختلاف بين النموذجين اللغويين العربي والغربي، وفي هذا سكوت عن عوامل حضارية وثقافية أهم بكثير، وقد نحا حمودة هذا المنحى لكي يبرر نسبة الكثير من المنجزات الحقيقية التي أتى بها النموذج اللغوي إلى اللغويين العرب.

حاول حمودة بسط القول حول نظرية لغوية عربية جديدة متخذا من النموذج اللساني الحديث منطلقا للمقارنة، فحاول أن يثبت أن العرب سبقوا إلى استخدام مفاهيم مثل محوري الاستبدال والتعاقب، واعتباطية العلامة، والفصل بين الكلام واللغة، ورغم أن ما قدمه قد يفيد ذلك فعلا، إلا أننا نرى أن مثل هذا النوع من الدراسة لا يفيد في إنتاج نظرية لغوية عربية، وإنما يزكي منجزات اللسانيات الغربية الحديثة، ويجعل منها إطارا ومنطلقا للتفكير يحد من الرؤية العميقة التي تستحضر خصوصيات النموذج اللغوي العربي ومميزاته، ويوقع الكاتب في تحيزات النموذج الغربي، ومن الأمثلة على ذلك استعمال حمودة لبعض العبارات التي لا تساعد على بناء أحكام علمية قاطعة، مثل تساؤله: “هل "يحوم" عبد القاهر هنا بشكل واضح حول الطبيعة الاعتباطية للدليل اللغوي؟” (ص. 259). ومثل ذلك تصريحه المباشر المليء بالشكوك، والذي يحفظ عليه خط الرجعة باصطلاح العسكريين: “ومن باب استنطاق النص بما قد يحتمله ـ وربما يرى البعض أنه لا يحتمله، وقد يكونون محقين في ذلك ـ” (ص. 258)، وقوله أيضا بعد إيراده نصا لعبد القاهر: “وعلى الرغم من أن السياق هنا ليس سياقا خاصا وبصورة مباشرة بثنائية القول/ اللسان، أو الكلام/ اللغة، إذ إن ما يشغل الجرجاني هو موضوع النظم من ناحية، والاتفاق بين الدالة [كذا!] اللغوية والصورة العقلية من ناحية ثانية” (ص. 266)، ومن حقنا أن نسائل حمودة: إذا كان السياق مختلفا فما جدوى المقارنة وتحميل كلام الجرجاني دلالات معاصرة؟ ألا يقع بذلك في التحيزات نفسها التي أخذها على النموذج الحداثي؟

وقد استعمل حمودة في أحيان كثيرة مصطلحات ومفاهيم حداثية دون أن ينقحها أو أن يحدد دلالاتها المقصودة، وإنما يتركها للقارئ كما ألف أن يقرأها؛ ومن ذلك مثلا إشارته إلى نص لعبد القاهر يقول فيه: “إن المعنى إذا أتاك ممثلا فهو في الأكثر ينجلي لك بعد أن يحوجك إلى طلبه بالفكرة، وتحريك الخاطر والهمة في طلبه، وما كان منه ألطف، كان امتناعه عليك أكثر، وإباؤه أظهر، واحتجاجه أشد. ومن المركوز في الطبع أن الشيء إذا نيل بعد الطلب لـه أو الاشتياق إليه، ومعاناة الحنين نحوه، كان نيله أحلى، وبالميزة أولى، فكان موقعه من النفس أجل وألطف…” (ص. 270). فقد حاول حمودة أن يلبس كلام عبد القاهر، حول استعصاء القبض على المعاني وتمثيلها، مفاهيم حداثية وما بعد حداثية مثل: لا نهائية الدلالة، وتعدد الدلالة، ومراوغة المدلول للدال. ومن المحتمل أن تكون علة هذا التحميل، هي رغبته الشديدة في تحيين مواضيع النقد العربي القديم وإلباسها لبوسا عصريا، لكنه في الحقيقة إنما يزيد تلك المفاهيم رسوخا، وكما هو معلوم فإن كثرة الاستعمال تزيد من قبول الناس للمفاهيم وتكرس تداولها بين الناس.

يستبطن حمودة أيضا نظرية التواصل اللغوي التي أتى بها سوسير وياكوبسون ويجعلها إطارا مرجعيا في قراءة الكثير من نصوص القدماء، ومثال ذلك خلوصه من خلال نص لعبد القاهر يقدم فيه حلا توفيقيا لمشكلة اللفظ والمعنى إلى أن الرجل يقدم تعريفا عربيا مبكرا للغة باعتبارها أداة اتصال، ويتحدث عن الرسالة والمرسل والمستقبل، بمفردات عربية قديمة هي الخبر والمخبر والمخبر به (283-284). وبغض النظر عما قاله عبد القاهر، فإننا نرى أن مثل هذه القراءة لا تجوز، فادعاء السبق إلى إبداع الأفكار والتصورات من خلال قراءات انتقائية، لا يقصد إليها أصحابها ليس بالأمر العلمي النافع، ثم إنه سلاح ذو حدين، فهو حجة علينا وعلى من سبقنا وليس حجة على من أتى بتلك النظريات واستفاد منها.

واعتبر حمودة في موضع آخر قضية السرقات الأدبية ركنا رابعا من أركان النظرية الأدبية العربية. ومن المعلوم أن هذا الموضوع نال حظوة خاصة لدى النقاد العرب القدامى، وأفردت لـه كتب خاصة دون غيره من المواضيع، ولسنا بحاجة إلى التذكير بشروط إنتاج هذا الموضوع وملابساته الأدبية والتاريخية، فقد أصبح من المواضيع المكررة حتى صار البعض من النقاد القدامى والمحدثين يتحرج من الدخول فيه. أما الجديد الذي حاول حمودة أن يضيفه إلى هذا الموضوع، فهو محاولة ربطه بمفهوم نقدي غربي هو "التناص" intertextuality، الذي توقف عنده مطولا في كتابه السابق "المرايا المحدبة"، وحاول في هذا الكتاب تنقيته من بعض شطحاته التي تفتح أبواب الجحيم ـ حسب تعبيره ـ وأبرزها كون النص كيانا مراوغا دائم التغير والتحول (ص. 452). ويقترح الاحتفاظ بنقطة البدء فقط في مفهوم التناص دون نتائجه؛ وهذه النقطة هي حتمية التأثر والنقل والتداخـل والتسرب فـي المعانـي والألفاظ على حد السواء (ص. 454 و456). وهكذا يعود حمودة إلى ممارسة الانتقاء حتى في أجزاء المفهوم الواحد وفصله عن مجاله التداولي الذي أنتجه. وما نعجب منه هو استعمالـه بدءا لهذا المفهوم المحمل بدلالات غير مقبولة في نظره، والمزاوجة بينه وبين مفاهيم السرقةوالانتحال والاجتلاب… وكلها موجودة في التراث العربي، وواردة في كتابه هذا، والأغرب من ذلك تحميل آراء القدماء التي كانت تدور حول اللفظ والمعنى دلالات فلسفية مأخوذة من هايدجر وفلسفته التأويلية كما يـزعم حمودة نفسه (ص. 451).

هذا باختصار، وعلى وجه الإجمال، بعض ما بدا لنا يمثل أنواع القراءة التي قام بها حمودة للتراث النقدي والبلاغي العربيين. ولم نسع من خلال الأمثلة التي أوردنا التنقيص من جهد حمودة في هذا الكتاب، فقد سعى بنية صافية إلى التنظير لبديل نقدي للحداثة في نسختيها الغربية والعربية، لكننا اكتشفنا أن هذه النية لم تسعفه في بناء نموذج متكامل ومتماسك؛ فثمة حاجة بعد إلى جهود أكبر لإتمامه. ويبدو أن الخلل يكمن في منطلقات هذا النموذج الذي يقترحه حمودة، إذ ثمة حاجة إلى مركز قوي وفعال، لا يستطيع النموذج التحرك بدونه، ومن الواجب أن يكون هذا المركز من جنس النموذج، منتميا إلى صلب الخصوصية العربية، لا مستعارا أو منقولا من مجال تداولي آخر، فقد رأينا أن حمودة لم يكن يبني دعوى جديدة لنموذجه المقترح، وإنما كان في الحقيقة يواصل الاعتراض على النموذج الحداثي المنتقد، وجل ما أتى به في نظريته العربية يسترشد بخطوات النموذج الغربي ويتمثلها ويحاول إثبات أسبقية العرب إليها، وكأنها هي المقياس والمعيار. وليس هكذا تبنى النماذج المعرفية؛ إذ لا بد من رصد أجزاء النظرية النقدية العربية في علاقتها بالكل الذي يحيط بها، ورصد كل أجزائها دون تفاضل بين عناصرها. كما أنه يستحيل إبداع نموذج بديل باستخدام قائمة مصطلحية تنتمي إلى ما هو منبوذ في النموذج المنتقد، وهذا كله يعني أن القدرة التفسيرية للنموذج المقترح من قبل حمودة لا تزال ضعيفة، رغم تعمقه الشديد في التفاصيل والجزئيات، وإسرافه الكبير في التفسير، وتكراره الممل للمعلومات، مما يصعب من مهمة القارئ، فيضطر إلى إعادة تركيب ما قرأه، ويجهد نفسه لكي لا ينساق مع استطرادات المؤلف الكثيرة، فيفقد الرابط بين المعلومات والأفكار. وفي أحيان كثيرة يحسب القارئ أن حمودة يسخر منه من شدة تبسيطه للشروحات، وكأنما يفترض فيه، دون قصد، الغباء بله خواء الذهن. ولكن هذا لا ينفي ميزات كثيرة لـ"المرايا المقعرة"، أهمها على الإطلاق هي جمعه تلك النصوص المختارة بدقة من مصادر عديدة في التراث العربي، والتي تشكل بالنسبة للمبتدئ خزانا يمكنه من تعميق معارفه اللغوية والبلاغية، إضافة إلى أنه يقدم لـه رؤية تحليلية للحداثة واتجاهاتها ويبرز لـه مظاهر ضعفها، بما يمكنه من توسيع آفاق البحث واستيعاب أوجه القصور.

إبراهيم أمغار

• من مواليد 1978 بأكادير، المغرب.

• حاصل على الإجازة في اللغة العربية وآدابها، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة ابن زهر بأكادير، المغرب.

• حاصل على دبلوم الدراسات العليا المعمقة، تخصص "أدب قديم"، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة ابن زهر بأكادير، المغرب.

• باحث بوحدة "التواصل وتحليل الخطاب" بنفس الكلية.

• له بعض المقالات والدراسات المنشورة في جرائد ومجلات وطنية.

• العنوان: 17 بلوك 5، حي الفتح، أيت ملول 80150، عمالة إنزكان أيت ملول، ولاية أكادير، المغرب.

الهوامش:

(*) المرايا المقعرة: نحو نظرية نقدية عربية، عبد العزيز حمودة، سلسلة عالم المعرفة، ع. 272، منشورات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، أغسطس 2001.

(**) المرايا المحدبة: مـن البنيوية إلى التفكيك، عبد العـزيز حمودة، سلسلة عالم المعرفة، ع. 232، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، أبريل 1998.

(***) نوظف في هذه القراءة مفهومين أساسين، هما مفهوم "النموذج المعرفي" ومفهوم "التحيز"، كما نظَّر لهما عبد الوهاب المسيري في كتابات مختلفة، من بينها كتابه: العالم من منظور غربي، كتاب الهلال، ع. 602، دار الهلال، مصر، يونيو 1951.

( ) “على هامش معركة المرايا النقدية”، محمود أمين العالم، جريدة أخبار الأدب، مصر، ع. 288، 17 يناير 1999، ص. 15.

( ) بنية العقل العربي: دراسة تحليلية نقدية لنظم المعرفة في الثقافة العربية، محمد عابد الجابري، المركز الثقافي العربي، الطبعة السابعة، 2000، ص. 37.

( ) نظرية النظم، حاتم الضامن، منشورات وزارة الثقافة والإعلام، العراق، أيلول 1979، ص. 20-21.

( ) ينظر: نقد الشعر، أبو الفرج قدامة بن جعفر، تحقيق وتعليق: محمد عبد المنعم خفاجي، دار الكتب العلمية، بيروت، دون تاريخ، ص. 70.


مشاركة منتدى

  • بسم الله الرحمن الرحيم
    شكرا اخي على هذا المقال الرائع
    انا محمد هواس من تارودانت درست في نفس الكلية ابن زهر .وحاليا اتابع الدراسات العليا بمراكش في وحدة النقد الادبي بين التاصيل والتحديث . وأود منكم لو قدمتم قراءة وافية في نقد جاير عصفور لعبد العزيز حمودة . حقيقة أو الاطلاع على ذلك النقد من منظوركم بإحالة على كتاب عصفور لأنني لم أطلع عليه ولم اسمع من قبل بهذا النقد إلا منكم.
    شكرا استاذي واتمنى أن أكون صديقا لك لتعلم منك مما علمت رشدا .
    جزاك الله خيرا .
    تلميذك : محمد هواس

    • أعت>ر عن التأخر في الرد. ويمكنك مراسلتي مباشرة على عنواني، وهو على كل حال ليس بعيدا عن تارودانت إلا بساعة على الأكثر. وبخصوص جابر عصفور فهو لم يضع كتابا في الرد على عبد العزيز حمودة، بل دخلا معا في سجال عنيف على صفحات جريدة أخبار الأدب المصرية وجريدة الحياة اللندنية ومجلة العربي. وساهم في النقاش كتاب آخرون من أقطار عربية مختلفة. وأتوفر على الجزء الأكبر من هذه المقالات، وكنت أنوي المشاركة بدراسة حول مظاهر الخطاب الحجاجي عند حمودة في مؤتمر بالقاهرة قبل شهور، بدعوة من المنظمة العالمية للأدب الإسلامي، لولا ظروف مهنية خاصة، وكان محورها بالضبط هو ذلك السجال. ومنه نتبين نقط الضعف والقوة في الخطاب المدافع عن التراث.

  • الشكر الجزيل للأستاذ إبراهيم أمغار، أستفدت كثيرا من مقالك الثري بمعرفة نقدية وفكرية رصينة، أرجو لك كل التوفيق.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى