الأحد ٢٨ حزيران (يونيو) ٢٠٠٩

سوء تفاهم

أستيقظ فجأة على أصداء أصوات غريبة، إنها الثالثة صباحا، هناك أصداء لأرجل تمشي بحذر.. ينتابني خوف شديد، إن آخر شيء كنت أتوقعه، هو أن يقتحم اللصوص بيتي في هذه المدينة الهادئة، يشل تفكيري وأعجز عن اتخاذ موقف معين.. تقترب الأصوات، لا شك أنهم داخل البيت، ولكن كيف تمكنوا من دخوله وكل الأبواب والنوافذ مغلقة؟ لابد أن أدافع عن نفسي.. أقوم بخطوات خفيفة وأقف خلف الباب، كنت أشعر بخوف شديد.. فجأة دخل فرد الغرفة بحذر كبير وهو يصوب آلة ما وعليها مصباح نحو فراشي، استجمعت كل شجاعتي وارتميت عليه، كان قوي البنية وكنت متشبثا بقوة برقبته وهو يصرخ.. وفجأة امتلأت الغرفة برفاقه وانهالوا علي ركلا وضربا ورفسا، كانوا جميعا يحملون بنادق، وكنت مذهولا، مرعوبا.. كانت الدماء تنزف من فمي وأنفي، سلط أحدهم ضوء مصباحه على وجهي:
 إنه هو
 خذوه
كنت مأخوذا بما يحصل من حولي، خيل إلي أن الأمر كابوس، ولكن الآلام المنتشرة في جسدي تكذبني.. وضعوا (عصابة) فوق عيني وكبلوني.. استجمعت قواي وصرخت طالبا النجدة، فأحسست بضربة قوية ارتج لها رأسي ومادت بي الأرض.
بدأت أسترجع وعيي تدريجيا، كنت أحس بآلام في مختلف مناطق جسدي.. فتحت عيني.. أعدت إغلاقهما، وفتحتهما مرة أخرى بقوة غير مصدق.. أنا معلق من رجلي إلى سقف غرفة ما، تتضمن نوافذ كبيرة، مضاءة بمصباح قوي، كان في الغرفة رجل بلباس الأمن.. لم أدر ماذا انتابني لحظتها، فرحت في الوهلة الأولى، ثم راودني الشك.. لا يمكن أن يكونوا رجال أمن، هذه أفعال العصابات والمجرمين، أما الأمن في بلدنا الديمقراطي، بلد الحريات والحق والقانون، فلا يعتقل الناس بهذه الطريقة، في جوف الليل، هناك قانون في البلد...
 من أنتم؟ ماذا تريدون مني؟
 نحن من نسال يا ابن الزانية وأنت تجيب مفهوم؟
 مفهوم.. مفهوم...
 هل تعرف صاحب الصورة؟
 لا
 تكذب يا بن الزانية، تكلم وإلا جعلتك تبتلع برازك
 يا سيد أنا لا علاقة لي بمشاكلكم، لا شك أن هناك خطأ ما
يقهقه الرجل طويلا، ثم يستعيد وجهه عبوسه وتجهمه
 مشاكلنا؟؟ تحاول أن تتذاكى معنا، سوف أعلمك الأدب يا ابن الزانية
غادر الغرفة، ودخل رجلان بلباس مدني
 لنحل هذه المسألة سريعا، وستعود إلى بيتك في الحال
 أية مسألة؟ ومن أنتم بالضبط؟
 نحن من نسال أيها الوغد.. ما علاقتك بالسوري؟
 أي سوري؟
 تتحاذق يا ابن الكلبة؟
وشرعا في ضربي بعنف في مختلف مناطق جسدي وأنا أصرخ من الألم
 أخبرنا أين تخفي الأسلحة يا ابن الكلبة؟
 أنا لا أعرف أي شيء اقسم لكم
 تكلم يا ابن الكلبة.. (تفو)
ويعاودان ضربي بوحشية بالغة
 تكلم وإلا دفناك حيا، تكلم، تكلم يا ابن الزانية
يدخل الرجل بزي الأمن آمرا الرجلين بالتوقف، كنت أحس أني على حافة الموت، فلم يسبق لي أن تلقيت كل هذا الكم من اللكم والرفس في مختلف مناطق جسدي، أنزلاني وفكا وثاقي بأمر من رئيسهما.. لم أقو على الوقوف، كانت قواي خائرة، ورغم كل ذلك ما زلت غير مصدق لكل ما يحدث، لا شك أنه أسوأ كوابيسي على الإطلاق.
 نعتذر منك يا أستاذ محمد، لقد حدث سوء تفاهم
أردت الكلام ولكن قواي كانت جد خائرة، رفعني الرجلان، وأجلساني على كرسي، وتابع رجل الأمن:
 لقد تم إلقاء القبض على الرجل المطلوب قبل قليل، يمكنك الانصراف الآن!!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى