الخميس ٨ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٩
بقلم بوعلام دخيسي

الحائط والغراب

على حائط النور ناح الغرابُ
ومن نفخة الصور هُزَّت رقاب
تهادَتْ تلملم ذنبا وتدعو
وفي راحَتـَيْها استدار الكتاب
تمزق تملأ كل الثقوب
عسى يُطفئ النورَ ذاك الحجاب
عسى الصخر يحنولصخر شبيه
ويبكي لمبكى التراب التراب
فتشكوله فعل صخر الصبايا
وكيف لطفل صغير يُهاب
وتشكوله صخرة ً لا تبالي
إذا ما عوت في رُباها الكلاب
وتشكوله هيكلا لم يُجاوز
زجاجا يحوم عليه الذباب
أيا حائط النور هل لي مُقــامٌ
وهل لي جدار وسقف وباب
أبت تربة القدس تنبت بيتا
لقومي وشَحَّتْ عليهم سحاب
أبت والإباء عليها تراءى
تقصه بين البيوت القِباب
ألم ترضَ بعدُ بضيفٍ شريك
وعهدي بضيفك خيراً يُـثاب
فـَسَلْ خلفك البيتَ يَقـْــِري نزيلاً
جفاه الورى واعتلاه العذاب
غريبا طريداً يُريد استواء
وما إنْ رأى النورَ لاح الضباب
ألم ترضَ عنه وتقبلـْه جارا
وقد زاد نوحَ العيون اغتراب
أجَلْ ليس يرضى لبيبٌ وأنـَّــا
لنسل القرود جـِـوارٌ يُجاب
لكُمْ أن تـَرَوْا للجوار سوانا
وأولى لكم في المراتع غاب
وأولى لكم في البكاء عويلٌ
وأبرأ منكم لـَعَمْري الذئاب
وخير لكم في الدعاء اعتذار
لعجل عبدتم وطال الغياب
وأنثى ذبحتم لذنب أصبتم
فأنتم على الخلق جمعا خراب
فلا الغاب ترضى بكم ساكنيها
ولا صحب يُرجى وكيف الصحاب
فأنتم على الخلق أعلنتموها
على الناس لا حِسْبة ٌ أوعتاب
ظننتم إلهَ الوجودِ اصطفاكم
وأنـَّـا عبيدٌ فحَقّ َ العِقاب
كريح تهاوت على الأرض نارا
وأنـَّـا نزلتم تصَلـَّى الشهاب
وهذي فلسطين بعضُ الضحايا
ولكنها غـُصَّة ٌ وانقــــلاب
غداً حائط النور يُخبر عنها
ويحكي البراقُ ويُصغي الحِراب
غدا يَلفـِظ ُالثـّـُقـْبُ أوراق خِزي
ويجري على الخاسئين اللـّـُعاب
غدا يا سلالة شر القرود
يُرى القردُ قردا ً ويَهْوي النقاب
غدا يُفهم اللغزُ لغزُ الدموع
على حائط ليس فيه انتساب
فندرك أن الدموع الغزار
لِدَيْن ٍ تمادى فـحان الحساب
لوعد تبارك فوق السماء
وأنـْـــِزل بــِشْراً على من أنابوا
لنصر سنـُعطى بقدر الدماء
وقد فاق ما يرتضيه النصاب
فخذ من نفيس النفوس زكاة
وطهِّـرْ بها كل شبر أصابوا
إلهي استوى الموت فينا وعيش
بـِبَيْتٍ جريح وسور ٍ يُعاب
أيسبي المقامَ وضيعُ المقام ِ
يدوس حمانا كأنـَّا سراب
أيَسْكُنُ فينا شريدٌ طريدٌ
تضيق به للمُـــقام الثياب
وجسمٌ يضيق بروح ٍ وروحٌ
تضيق بجسم فحَقَّ السِّباب
وليس يُسَبّ ُ المهينُ بهَجْو
ولكن بـِـوَهْج ٍ وصخر يذاب
فيا قدس ثوري على الغاصبين
وهل غيرَ نارِكِ يرجواغتصاب
أريهم صخور المَقـام التهابَا
فكم من جروح كواها التهاب
لأنت الحجارة والناس نحن
وَقودٌ أعِدَّتْ وشُهْبٌ غِضاب
ولكننا للجنان اعتصمنا
وأرواحنا للخلود اكتتاب
ويا قدس إنا نذرنا فكوني
على موعد حان منه اقتراب
وخيطي لعرسك ثوبا وتاجا
ومنك الطعام ومنا الشراب
شراب من القلب يَجري دماء
ومن طـَعْم ِ شوقك تـُمْلا الجـِراب
مضت عن دموعك ستون عاما
ولا زال في مقلتيك الشباب
ومنك تفوح الروائح نصرا
وفي عورة الكفر راح التباب

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى