الأحد ٢٩ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٩
بقلم نوزاد جعدان جعدان

موسيقى الروح

سكتتِ الموسيقى وانقطعتِ الكهرباء وساد الصمت وحلتِ العتمة، والظلام باردٌ ..إذاً فهو وقت للسير والهذيان والكلام..

في ليالي الشتاء الباردة وحين تتلون الأرض برائحة الرطوبة، يطيب لي التسكع على أرصفة الشوارع لمشاهدة الأمطار وهي تغزو الأرض كالمغول، تعجبني هذه الأجواء المجنونة، وأسير وأفكر بالسيارات الغالية الثمن وماسحات الزجاج تمسح البلور ولاتتوضح الرؤية ثم أشرد في الزمن الذي سأملك فيه سيارة..وأتابع متوقفاً عند دكاكين بيع الملابس وأتأملها من وراء زجاجٍ غليظ القلب ثم أفرز الملابس التي سأقتنيها بعد عام أو مئة عام لا فرق..وأمضي والأجواء تزداد جنوناً والشوارع خالية إلا من هذه السيارات التي تضرب أضواؤها عيني فتعميها وتمسح الواقع لأغني عندها.. وأغني عندما أتذكر إنني مازلت أفكر عشرات المرات قبل إقدامي على مواعدة فتاة في إحدى مقاهي العشاق الباهظة الثمن.. فأنا المعتاد على الغناء في المحن ربما لأنني نشأتُ في جو رطب لا أجد المتعة إلا في الضباب والمطر..

وصلتُ إلى الشارع الذي أراقب فيه إحدى الحسناوات التي تطل من النافذة كالشمس فتسكرني لأتصبب عرقاً فأتوجه إلى السمان الذي يقابل بيتها وأشتري كازوزة وأرشفها بنفس واحد ثم أخرج سيجارة تنفث همومي وأضيع مع دخانها، وأتابع المسير بالمشي سريعاً إلى أن لمحتُ في ذك اليوم إعلاناً لأمسية موسيقية استوقفني فقرأته وراقت لي الفكرة فأنا الغارق في الأصوات منذ زمن فكل صوتٍ له عليّ سلطانٌ..

فصوت إذاعة دمشق يحي فيّ ذكرى أيامي الدراسية حين كنت طالباً على مقاعد الدراسة وأنا في الطريق اسمع تلك الأصوات الجهورية فكأنها ترانيم الذكريات..

ليس لجمال الصوت أحبه ..فهناك أصوات على تعاستها أحبها لأنها تردني طفلاً صغيراً فكم اشتاق لصوت جدي!.. بصوته الدافئ كان يشعرني إنني طفل مازال يحمل همّ وظائفه المدرسية ..وما شجعني لحضور الأمسية الموسيقية أنها ستردني إلى ماضٍ لم أعشه إلى ماضٍ جميل يحمل خصلات من ذهب إلى زمان جون كيتس وبيتهوفن وحتى زمان أمل دنقل..

حضرت نفسي وقررت مرافقة صديقي(مجد) ليدفع ثمن بطاقة الدخول لذلك سأصحبه معي- مصلحة- فكل ما يريده المرء يرتبط بمصلحته.

هاتفتُ صديقي لينتظرني أمام المبنى ..سرتُ في الشارع والرصيف يلمع حذائي وقلبي المليء بالغبار يمضي باحثاً عن شيء.
ألفيتُ صديقي أمام الصالة ثم دخلنا ودخلتْ الفرقة، فدوى التصفيق في أنحاء القاعة وأول ما لفت انتباهي جمال العازفات.. ياه يا لهنّ من حسناوات! ..

كان بين العازفات فتاة متوسطة القامة ولها شعر لسعتها الشمس وعينان من مروج القمح في نيسان..تلبس تنورةً تقابل صابونة ركبتها وساقاها أمردان كالصحراء، دققتُ النظر فيها وأنا المخطوف إلى عالم آخر فهاهو جناحي يتخبط مرة أخرى يستعد للطيران يبدو إنه الحب يا ولد، تمتمتُ مع نفسي..

كانتْ حركاتها وتصرفاتها وكل ما تقوم به يوحي إنها من الطبقة المخملية التي أنا بعيد عنها، هي تعزف وأنا انجرف في خيالي وأفكر :
هي غنية فبماذا أكلمها وأنا أول كلماتي عن الفقر وآخرها عن الفقر وإن سألتني عن نوع سيارتها فجوابي لها سيكون مرسيدس كوني لا أعرف غيرها وإن سألتني عن نوع هاتفها المحول سأقول لها شحاطة كالذي أملكه، ومن المؤكد إن بيتها ليس كبيتي الذي تتسرب منه الأمطار لو اشتدت، بل ربما يغطيه القرميد الأحمر والأضواء البراقة تشع منه ..

هي تعزف الآن سيمفونية بيتهوفن وأنا أفكر بالعيش يوماً كما يعيش المخمليون تستهويهم المواضيع الهابطة والمجاملات السخيفة، لا كما أعيش أنا تستهويني المشاكل وأزمات الخبز والمازوت وتأمين قوت الغد، وأصاحب أصدقاء لهم جيوب مثقوبة..

أيقظتني من خيالاتي سونيتة موزارت لأنني أذكر إنني سمعتها في الماضي نعم هي أغنية فيروز‘‘ يا أنا يا أنا‘‘ وتعجبتُ كيف أخذها موزارت من تراثنا..!! ..ثم رجعتُ لأفكاري، وراودتني فكرة كيفية معرفتي لغناها وبعد تفكير حدقت في صديقي (مجد) وهو يضحك بفمه الكبير فبانتْ أسنانه فعرفتُ الجواب، الغني في قريتنا يعرفونه من أسنانه لا يهمهم لباسه ..المهم أسنانه لأن زيارة طبيب الأسنان عندنا تعني لنا محصول عام كامل، فأطباء الأسنان يحملون الصفات الشرقية ويطبقوها بحذافيرها فيكرمون الضيف ويجعلونه يزورهم على الأقل في الأسبوع مرة وإلا..

انتظرتُ أن تبتسم فتاتي كفلاح ينتظر الغيث أو البرّد، انظر إليها كي تبتسم، وأخيراً ابتسمتْ وبابتسامتها طرحتني شارداً وأخذتني إلى عالم من سهول وجبال كجمال ريف حلب، فضاع عليّ المشهد وأجلت الأمر إلى ابتسامة أخرى لعلي ألمح أسنانها ترى هل هي أسنان تعرى الثلج فيها كما يقول نزار قباني أم هي نوازل من مغارة كما أقول أنا..

بدأت مقطوعة أخرى ووضعت ذقنها على الكمان وأنا انظر إليها كما ينظر القارب التائه المدله بالسماء حين تضع السماء خدها على البحر، ثم أتعجبُ لربما صوتها يفوق جمال صوت الكمان ..

انتهتْ الأمسية كما ينتهي كل شيء، إلا عندي دائماً بدايات، فقررت أن ألاحقها فقد أينعت زهور المراهقة في سمائي وأيقظتني من نومي ليحتل القمر فراشي ..

خرجتْ وركبتِ السيارة مع سيدة في خريف العمر وما كان مني إلا أن استقل سيارة أجرة لألاحق السيارة مع أنه ليس من عاداتي ركوب سيارات الأجرة إلا في المناسبات، السيارة التي تنقلني تلاحق سيارتها كما النهر يلاحق البحر وأنا أفكر تارة في عداد السيارة وتارة في جمالها ..

توقفت سيارتها في أحد أرقى الأحياء وأمام بيت من أجمل البيوت ونزلت وراءها بعد أن طابق عداد السيارة ما تحتويه جيوبي وسائق السيارة يرمقني بنظرات وكأنه يقول هذا جيل الواوا بح.

نزلتُ من السيارة بعد أن عرفت مبتغاي لأعود أدراجي مشياً على الأقدام أما قدميّ فقد تورمتا وأنا لا أشعر بهما، فأنا أحب الشارع وأشعر بالأمان فيه.. من يترك الشارع يخاف منه ومن يصاحبه يحبه، منذ صغري أحب صحبة الشارع، في هذه الليلة أعمدة الرصيف قد أنارت شوارع الفؤاد فيا له من يوم جميل، ما عاد الرقص والغناء في الظلام من شيمي فقد تغيرتُ، وصلتُ إلى المنزل وأنا أشعر بالاختناق لا أعلم أي شيء يحفز المرء للخروج ..فواعدت صديقي مجد بمقابلته في الحديقة على الرغم من قدمي اللتين حذائي أمسى بيتاً ضيقاً لهما ..

جلستُ انتظر صديقي في تلك الليلة والحديقة فارغة.. وأنا أتأمل الأزهار الماثلة أمامي تميل أعناقها وكأنها تستفهمني عن اسمها وكل شيء يتعلق بحياتها..فهل أنا الواقع في هواها أم المعجب بغناها لكني لم أرَ أسنانها لأحكم عليها سأحاول إضحاكها إن قابلتها هذه المرة، كنتُ أفكر إلى حين سماعي خطوات أقدام مجد، فموسيقى حذائه أعرفها من مئة متر فهي تصدر زقزقة لأن حذاءه المثقوب امتلأ بالماء ..
وبعد أن سلمنا على بعضنا، قال لي مجد:

 كيف حالك .

 الحمد الله وكيف حالك يا مجد؟ ..حديث ممل ٌ وساذج فما الحديث الذي تتوقعه من اثنين يتقابلان يومياً.

ثم بادرته بالسؤال : هل أعجبتكَ الفرقة ؟..

 كانت مذهلة وخاصة عازفة الكمان، ملكةٌ في الجمال وكأنها ميمونة تلك التي يتكلمون عنها في كتب السحر..

من كثرة ما مدحها مجد وتحدث عنها زاد شوقي لها و تضاعفت محبتي لها حتى صار عندي شك بأن الحب شعور يكاد غيرنا أن يصنعه لنا..

واستطرد مجد : ما بكَ هل أعجبتَ بها ؟

 نعم يا صديقي أتمنى لو أضع فراشي في المكان الذي عزفت فيه، ولو كانت أمنيتي الأخيرة سأتمنى أن تأتي على قبري فلا مشكلة مع الموت عندها..

خرّ صديقي على الأرض ضاحكاً حتى أزعجني وهو يقول: يبدو إنك عاشقٌ أيها المتشرد بين حانات الورق..

 ابحث يا صديقي عن حبٍ يبعدني عن المشاكل ، حبٍ يخلصني من حياتي العبثية ..حبٍ بعيد عن ضوضاء الحياة ، حتى لو كنتُ باحثاً عن الحب في مثلث برمودا..

 أتهذي !..لقد رأيتها مرة واحدة وسقطت في هواها أي حب هذا إنه لا يناطح الإعجاب حتى..

 المهم إنها أسرت تفكيري وأكاد أحطم سجلات غينيس بالأرقام القياسية في التفكير بها، إنه الحب من أول نظرة ..

 يبدو أنه سقطة ..ربما أعجبك أسلوب حياتها.

 من المحتمل فأنا تمنيت دائماً أن أكون كباقي الطلاب أهتم بدراستي ولا أهرب من دروسي، وأن أرافق الطلاب المجتهدين الذين يجلسون على المقعد الأول وهمهم الأول دراستهم، تمنيتُ مصاحبة من يلبسون النظارات الغليظة وأن ابتعد عن حياتي المشردة بين حانات الورق فقد سئمتُ كؤوس الكلمات والألم، اذكر أن أخي نصحني الدخول في أي مجال خارج الكتابة ، فالكاتب زاده ودواؤه الحزن حتى تخرج شياطين الأفكار..ففتاة الكمان يا صديقي تعطيني شعوراً بأني أحن ّ للحظات أريد أن أعيشها على سذاجتها ربما هي طفولتي المفقودة، فتبدو لي كالأميرات التي عشقتها في صغري من قصص الأطفال.

 ما كل هذه الجدية يبدو أنك غاطس حتى الرقبة، لمَ لا تذهب وتقف أمام بيتها فتراها وتصارحها..

 فكرة سديدة ولكن عندي أمسية شعرية غداً لمَ لا أدعوها لعلها تأتي..

ودعتُ صديقي وتوجهتُ إلى المنزل بيد أنّ قدميَّ تسيران إلى شوارع بيتها لقد أنستني شوارع بيتها شارع بيتي يا له من مدى طويل..
وصلتُ متأخراً إلى البيت وشغلتُ أغنية لأسمعها وأنام ، مرتْ الأغنية وجاءت أخرى أجمل فسمعتها أيضاً وقلتُ بعدها سأنام، مرّت الكثير من الأغاني و لصقتْ الشمس وجهها على دفتر الشمس ولم أنم بعد، فجهزت نفسي وانطلقت إلى بيتها في الصباح ..انتظرتُ ساعات بمحاذاة بيتها ولم تخرج، فأصابني شعور مرعب وشكٌّ قد لا يكون بيتها، وضعتُ بطاقة الدعوة لأمسيتي الشعرية أمام منزلها وأنا كمن يسحب بطاقة يا نصيب.. وذهبتُ إلى الحديقة ونمتُ قليلاً على أحد المقاعد حتى موعد الأمسية وفي طريقي إلى الأمسية مررت بصالة تقيم حفلةً لأحد مطربي الواوا بح وما من مكان للوقوف منَ الازدحام الشديد ..يبدو أن البطاقات نفذتْ .

حان وقت الأمسية وقدمني مدير المركز الثقافي إلى الجمهور الكبير الذي تألف من صديقي مجد وحده على الرغم من أن البطاقات والدعوة مجانية، المقاعد خاوية ومن حسن حظي أن مجداً حضر الأمسية وتحولت إلى شاعر جاهلي واقف على الأطلال، أما عيناي فتبحثان عنها في كل زاوية من القاعة وعلى الكراسي الفارغة، ولم أجدها لكني وجدتها في كل حرف مكتوب على صفحاتي..
خرجتُ من الأمسية بعد أن سَخّنتْ جيوبي ببعض المال وصرتُ أسير في المكان الذي عزفتْ فيه وأراقب المطرح الذي ساد فيه الظلام بعد مغادرتها، كم كان مضيئاً بوجودها، بدا لي المكان جرساً أخرساً وقلبي نهرٌ أهوج يوحي مدّه لي بالغناء فاعزفي لي يا فتاة الكمان ودعيني أبكماً ليست مشكلة فقط اجلسي واعزفي على أوتار قلبي، خاطبتُ نفسي..

تدلّهت بالموسيقا الكلاسيكية من بعدها ودرست تاريخ الموسيقا وأشهر عازفيها حتى أردتُ الانضمام إلى الفرقة والعزف على آلة موسيقية ولكن الانضمام يحتاج إلى نقود والعزف يحتاج إلى قوس وكمان وأنا لا تتوقف النقود في جيبي فهي تدغدغني ولا أستطيع المسير دون صرفها..

مرتْ الأيام وأنا أفكر بها وأبحث عنها في الشوارع وفي جوجل ولا ألقاها إلا في قلبي فكونت لدي شعوراً بأنها جنية أو بطلة قصة خلطت بينها وبين الواقع فهي البطلة التي أرسمها في كل قصصي، وما كان يعزيني وقوفي أمام المكان الذي عزفت فيه فيبدو المكان استراحة مسافر تحت ظل شجرة تقيه شمس الصيف الحار..

وجاء ذاك اليوم الذي حلمتُ فيه أنني أعمل سائقاً وأقود سيارة بدون مسجلة وفتاة الكمان بالقرب مني تعزف لي أما شهادتي الجامعية فمعلقة بدل شهادة القيادة، فاستيقظتُ وخطرتْ لي الفكرة وتذكرتُ لأول مرة إنني مجاز من قسم الإعلام، نعم أحمل شهادة جامعية وكم كرهتُ الواقع الذي يقتل الحلم عند استيقاظي، جميلة هي الأحلام.. فليتَ الواقع كان حلماً!.. هاتفتُ صديقي وأخبرته بأننا سنذهب وسنكتب تحقيقاً صحفياً عن الفرقة الموسيقية فعساها لو كانت في إحدى بروفات الفرقة..

توجهنا إلى مدير الصالة التي أقيمتْ فيها الأمسية الموسيقية لم يرحبْ بنا جيداً، قلتُ لمدير الصالة إنني صحفي وهذا صديقي مجد مساعدي ومصور التحقيق، طلب مني بطاقة صحفية فقلت له : نحن جريدة لا توزع بطاقات صحفية .

 لا يجوز إجراء المقابلة دون بطاقة صحفية .

 هل كل من يحمل بطاقة صحفية هو صحفي!.. أقولُ لما ابتعدنا عن الجرائد والمجلات.

 يا أخي لا يجوز هذا هو المنطق، انضمْ إلى إحدى المواقع التي انتشرت مؤخرا فهي توزع بطاقات صحفية عندها سأسمح لك بإجراء المقابلة .

فكرتُ وصديقي مجد خائف لأنه من عاداتي أن يديّ تعملان أوتوماتيكيا قبل أن يسعفه لساني ومما زاد مخاوفه أن اللكمة تكورت في يدي فقلتُ له:

أنا يا سيّد اكتب عن الشيء الذي يعجبني واقتنع به وأعشقه، وما من أحد يجبرني على كتابة شيء ليس من قناعاتي فأنا براء منها .. أخرجُ فوراً من النهر و لا أسبح فيه إن دفعني أحد مهما كانت ماء زلالاً.. أما إن أردت السباحة فأقفز من عشرات الأمتار ولا يهمني إن ارتطم رأسي بالصخر أو كانت الأرض طينا ً بدون ماء..

خرجنا من عنده والوجوم يغطي وجهينا ويا للمسكين حسب نفسه شخصاً مهماً لأنني أريد مقابلة فرقته ولا يعلم أنها لغاية في نفسي، أنا آتٍ من أجل فتاتي وما يهمني منك ..

أشعلنا سيجارة أمام القاعة ووقفنا نتأمل السماء حتى دوت صرخة من مجد أوقعت سيجارتي وبرّدتْ أعصابي كدلو ماء مسكوب عليّ وهو صارخٌ:

 تلك هي ..تلك هي..

نعم لقد كانت هي.. فها هي ذي قادمة ..والقلب يركض في سحاب باحثاً عن قمر نعم إنها فتاة الكمان، أوقفتها وقلتُ لها : مساء الخير أنا كاتبٌ معجبٌ بعزفك.

لم ترد علي فقط ابتسمت ومن ابتسامتها بانت أسنانها، نعم هي من الطبقة المخملية فشفاهها كضفتي النهر وأسنانها كذاك الغيم المعكوس من السماء، بياض كالثلج ترى أي معجون أسنان تستخدم كنتُ سأسألها ذاك السؤال ولكن لم ترد سلامي فكيف لي بالسؤالات.. وأشرتْ بيدها لأعطيها قلماً وورقة.

استغربت من جوابها ثم أكملت ُ : إني معجب بك ِيا آنسة وأمنيتي أن أتعرفَ عليك ..

صديقي مجد مستغرب.. ومن تنبؤاته أني سأفقد يوماً حياتي من جرأتي اللعينة.

أعطيتها قلماً فكتبتْ على الورقة: إنها خرساء .

صدمتني قليلاً فقلتُ لها: لا مشكلة عيناكِ تقول ما يعجز لسان النساء قاطبة ً قوله، وأنا أحب المرأة الهادئة.

فكتبتْ على تلك الورقة التي تفيض زعيقاً أنها مخطوبة وستتزوج قريباً وتعشق خطيبها.

قالت ذلك وكان شعوري كمن يجد شعرة في لقمته وصحن طعامه، كتبتْ ذلك وأنهت قصتها ولكن قصتي بدأت للتو وتوقفت مؤقتاً تنتظر في الذروة الأمل الكاذب ..مشيتُ ذاك اليوم بعد أن نزل المطر وغنيتُ فأنا المعتاد على الغناء في المآسي..تذكّريني يا فتاة الكمان في كل قصيدة تقرئيها وكل أغنية حبٍّ تسمعيها.. أنا أغني وهي واقفةٌ في نهاية المدى ..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى