الثلاثاء ٢٦ نيسان (أبريل) ٢٠٠٥
بقلم ليلى أورفه لي

رسائل من أوراق الدمع ـ قسم 3 من 3

القاتل أنتِ

الجرح المزمن .. نزفاً .. ألماً
الجرح القاتل للجسد الأبدي
للروح الواحدة عبر حدود الوطن
للأم التي ولدت طفلاً للتو
لبسمة طفل رضيع
لقلب ممتلئ بالحب
لإحساس في أوج قمته
هذا الجرح القاتل
ارحم قتلا من برلين في عيوني

خريفاً تبدو ايها الوطن
الذي غادرتك منذ سنوات
ربيعاً انتِ ايها القاتل
شتاءً ... صيفاً ..
أنتِ في كل
الفصول المتعاقبة المستمرة
قاتـــل

يا أنتِ
بالمصادفة كان القتل
بالمصادفة – محض المصادفة –
صُنع َ السم
تجرعتُ الموت
ازدادت جراحي .. في ذات الجرح
وتجددتُ
في كل الفصول المتعاقبة
المستمرة قتلاً
وبالمصادفة أنتِ ؟!!
أبالمصادفة أنتِ
الملح على الجرح المزمن ؟؟؟

يا أنتِ
يا ذات الشفاه الثلجية
والعلاقات العابرة
ياشجرة خريفية
ياذات اللونين
الأصفر ... والأصفر ...
في زمن الحب الأصفر
يُفرش القتل
في زمن اللاحب .. والعلاقات العابرة
يُفقد البصر

في زمن الحب وحده
يولد الربيع
وهناك ... حيث الشمس البعيدة
هناك الربيع ...
برلين 15/5/1985

برلين

برلين مدينة أسكنها
أتوه في قفر شوارعها
يلفحني هواؤها الثلجي
أدخل دائرة اللاانتماء
فأعي حقيقة الغربة
وحقيقة الاغتراب

برلين
أنا غريبة
وأهلك غرباء
شوارعك سوداء
ليلك اصفر
أبحث فيه عن قمر الفقراء
سماء الشعراء ...
يسمّرني هواك الثلجي
تنفيني جدران الليل
افتش فيك عن سامر
كلّ نوافذك سوداء
كل شوارعك وبيوتك
تشدني الى سجن بدون قيود

برلين مدينة العلاقات الصفراء
والتبلد
وأنا منفية على بوابتها
أريد الدخول
فينبت الشوك من بين القرميد
أحاول الابحار
يوقفني رجل البوليس
أسأله والأمل يغمرني :
أبحثعن قمر الشعراء
سماء الناس البسطاء
يضحك مشدوها:
ثملة أنت ؟!
ما هذه الألغاز ؟!!!

برلين
كل أبوابك موصدة
في وجه آمالي
أقول يأتي زمني
أبدأ خطوة ...
أجرجر أمتار
أدق على الأبواب
أبتلع مسافات الطرقات
يهطل ثلجك متفحماً
أتزحلق ...
أعدو ..
أنهار ...
أترك قلبي على ناصية الشارع
لأسمر
أشعر أنه
من ليل الشرق المحزون
أقول له :
في برلين لا أحتاجد عيوني
ولا ..
ولا ..
في برلين أحتاج ... فقط
جبهة تحمل لي
لون الشمس

برلين
وأنت المدينة
التي بين قرميدها
فوق شوارعها
أدخل زمن التذكار
ببساطة وبدون تحقيق
أعترف لك :
لن أتكلس مثل الجدران

سأظل أحلم
بحبيبي الغافي
 مع قمر الشرق المحزون -
فوق الأشعار
سأطير حلماً مع ليل البسطاء
وسأخلق حلم الفقراء
وشهادة قلبي فيك
مدينة
اغتالت قمر العشاق
لا يسمع فيك أنين الأشواق
أنتِ
أنت كومة أحجار

برلين 10 /3/1986

رسالة الحيرة

ألزاماً إحراق السنابل ؟!
إلزاماً خنق العصافير الزاغبة
ووأد القلب الوليد ؟!

إنها الحيرة
تزفها الى القلب
دوامات السؤال
والأمل
والوهم ...

لا
لايمكن أن تطفأ النجوم
المتألقة في العيون
فاليد تقوى
على إمساك القلم

لا ...
لا يمكن أن تُخنق العصافير الزاغبة
فالقلب ملاذها الوحيد
لا ..لا يمكن وأد القلب الوليد
فالقلب ينبض بالحب والحياة
ودماء العطاء
لا تُغذّى
برماد السنابل المحترقة

لا ..
لا يمكن إحراق السنابل
ولا خنق الأصوات الصارخة
بالحب والحياة ...
حتى لا ينطفئ
ضوء الأمل
والأمل ينبت من العيون
والشوق ينبت من العيون
وعيناك امتدادي
وصوتك مدادي

4/11/1986

رسالة الأمل

وحيدة ارنو إلى الأمل
يهّدني التعب
فأنا مسافرٌ أبديٌ
يغرق ف عتمة الطرقات
وأريد محطة الوصول
مع انبلاج الفجر
قبل مغيب الشمس ...
يرهقني هذا الزمن
الموغل في الإشقاء
الموغل في قتل الأعياد
وابتذال الإحساس

أرقب الصيف الهارب
في أجنحة الشمس
مبقياً الملح الناشف
في العيون...
واقاوم
أقاوم في زمن البرد والقحط
الاّ تسقط ذاكرتي
فقد صار الحلم
كشفتي جرح السكين ...

كم ..
كم غنيت آمالي
في موجات القيظ
وكم زرعت لهفتي
في موجات الريح
وكم نبت الشوك
في عيوني ...

ولا أزال ...
لا أزال ابحث
عن غابات بكر
تأتيني وعداً
في زمن القحط والغربة

تزرع في العيون
حلماً اخضر
وفي القلب
أملاً مزهراً

وفي العمرتزرع
عمراً أجمل

16/12/1987

مناجاة صورة
ترنو إلي
ومن عينيك ينبعث
الف سؤال
فلا تسل ...

لا تسلني
فأحدثك
عن ظمأ أساطير منسية
وموانئ مهجورة
وعصافير اقتُلِعَتْ منها العيون
والنشيد فيها اختنق

لا تسلني
لأني أعرف
أنك مثلي تعرفها
ومثلي تحس خيبتها ...

لاتسلني
لأنك تعرف
أني مثلك
طعم الملوحة في فمي
وأني أضج
بالصراخ المذبوح
وفي عروقي يعشش
عشق التراب ...

لا تسلني
لأنك لا تعرف
أني امرأة أزرع
في الرماد الورد
وأحب الوجع
في صدر رجل
لا يتصدع
لا ابغي السعادة
ولا أطمع بالهناء ...
لا تسلني شيئا
يا رجلاً يتنفس
في زهور رمادي
إن أجمل كلماتي
أقولها بالصمت ...

24/3/1989

النزف الأخضر

اخترتُ الفراق
ورحلتُ
مع الأبعاد المنسية
أرتشفُ
صوت قطارات الليل
الأبدية الرحيل
ونمت الآهات الخرساء
شجرة شوك
في قلب الفراق ...

مرت مئة عام
وهذه العبرات الحيرى
تحفر وجه الأيام
تسافر فوق الأشواك
بين سراديب الظلمة
فقد كان حاداً
نصل الفراق
وكان النزف
أخضر ...
أخضر

واليوم
في عيون الأمل
يعمّد البحر
حبات الرمل
والأصداف ...
وفي دفء صوت البرق
ألمح ضوء الشمس
ينثر فوق ليل الغربة
بضع نجوم ملونة ...

تغسلني الأمطار
فتتنفس زهرة في الروح
قيّدها الصوت الحبيس
ومنها يتسلل الضياء
ليغمر المدى
ويضيء قنديل القلب

26/12/1989

دار المقدسية 2002


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى