الخميس ٤ شباط (فبراير) ٢٠١٠
بقلم لمى نور الدين محمد

تعالوا لأخبركم عن العرب (3)

«عندما تكف عن الحلم..تكف عن الحياة».

مالكوم فوربس 

 
لم تكن قصة «الأميرة و الضفدع» حكايتي المفضلة و حسب، بل كانت بداية تعريفي للحلم، و سببا جعلني أحب الحياة.
كانت أمي تحكيها لي كل يوم تقريبا قبل النوم، و تظل تعيدها و تعيدها حتّى أغفو..مستخدمة كلماتها السحريّة لتصف لي لون فستاني الأبيض، و خصلات شعري السوداء الدائرية التي تنط على وجه الضفدع قبل أن أقبله و
«هوب».. يتصيّر أميرا.

كنت أنام على وقع النقيق والتقبيل لسنوات أميّة، و كم كانت تعاستي كبيرة عندما تعلمت القراءة و اكتشفت وجود أميرة بشعر أشقر مسترسل لا يشبه شعري مطلقا، و عينين زرقاوين بعيدتين كل البعد عن تربة عينيّ.. تقبل ضفدع أحلامي الأخضر. 

تعيسة هي لحظة إنطفاء الحلم، و لكنّها تمنح القوة لأنها..ليست مميتة...
 
تتباين الأحلام بين البشر، لذلك يتباين البشر. 
يشكل الحلم و الخيال و الأماني الغذاء الروحي للإنسانية، و ميزة أساسية ترقى بالإنسان عن سائر الموجودات الأرضية و الفضائية.

وليس الحلم بالزواج من أمير بالنسبة للكثيرات بحلم طفولي، بل لعله الحلم الوحيد الذي بقي بعد سياسة:

«ممنوع دخول الحلم و الرفض»

و التي دخلت مدارس المنطقة العربية من أوسع أبوابها، تاركة للسجون الحق الوحيد في احتواء البقية الباقية من أحلام متهشمة. 

إن تحطم الحلم أو انكسار الأمنيّة يتسبب في تقويض نفسي مدمر تبدأ تبعاته بالظهور منذ لحظة الإيحاء بالهدم، و لا تتوقف مطلقا حتى تترك الشخص بقايا إنسان.
 
نحن «كلنّا»شعوب قتلها اليأس. 

تعد كلمة الحلم كلمة منسيّة عند غالبية سكان المنطقة العربية، ينسون وجودها، و يسخرون منها.

فمع كون الحلم غير مكلف من الناحية النظريّة مثل أشعة الشمس، و الهواء النظيف، إلا أنّ سكان العشوائيات و الأبنية المخالفة لا يهتمون بهذه الكماليات. 

و الحقيقة أن مجرد السكن في غرفة عشوائية أو مخالفة يشكل بحد ذاته حلما «مهددا». 

أي يصبح حلم «غالبية» سكان المنطقة العربية غرفة، ثم قد يتطور الحلم إلى زوجة، ثم يتطور أكثر إلى طفل...و عندما يصبح الحلم ناضجا و يصل لمستوى الحرية، يكون العمر قد ولّى و يحمله صاحبه معه إلى الرفيق الأعلى. 

أما أحلام الطبقة المتوسطة، فهي أيضا برسم السقوط لأنّ الطبقة المتوسطة ذاتها برسم السقوط.أي أن أحلامها -كطبقة تنقرض -ستتعرض للإهمال. 

و لن أتكلم عن الطبقة الغنية و التي لا تحتاج للحلم مطلقا، و لا هو يحتاجها.

يجب أن نكون من المنطق و التكيّف بحيث لا نتوقع تطور منطقة لا خطط تطويريّة لديها، لأنها و ببساطة مصادرة الأحلام. 

«يفتح» الأمريكي و الأوروبي عينيه على حق الحلم، حق الكلام، حق الرفض، حق الحب، و حق الحياة...
بينما «يغلق» ساكن المنطقة العربية عينيه على حلم ضئيل جائع «حد الجوع» غالبا و جائع للحب «فقط» في أحسن الأحوال.

يخاف أخونا في الإنسانية هذا إن هو فتح عينيه من افتضاح أمره، و كشف ستر حلمه ! 

الحلم في المنطقة العربية يحتاج لمئات من رجال الدين و الأمن.. يحتاج لختم صلاحية من كتب التاريخ، و إلى هراء آخر من عملاء المكان و سادته.
 
كم هوالفرق كبير بين قصة تحكى لطفلة قبل النوم، و بين أحلام مقتولة لشباب مسروق... 

كم هي الهوة ساحقة بين أساطير العيون الزرقاء، و بين خرافات العيون السوداء...
 
لكل منّا مدينته الفاضلة، و أمنياته الوجوديّة التي تقطن في حيّز صغير من قلبه أو ربما من روحه، تبحث عن طاقة صغيرة تسمح لأشعة الحرية بالتسلل، علّ الأحلام تتحقق.

ما زلت أبني مدينتي الفاضلة، و أحلم يوما بالتجوال في أزقتها.

طلب مني أحد «الأعزاء» كتابة مقال عن الدين و تأثيره على المنطقة العربية، و الحقيقة أنه لم يكن المطلب الأول، فقد تكرر هذا الطلب كثيرا منذ منتصف سلسلة الأسرار الجنسيّة، و بالتحديد من (سر الدين و الإلحاد:سر رقم 12-14)، و الذي تلته عشرات الرسائل سواء التكفيريّة أو المؤيدة. 

هذا المقال الذي ينتظره البعض قادم لا محالة..عندما أكمل بناء مدينتي الفاضلة. 
 
بالنقيق أو بالقبل..احلم..أنت حر...
 
أنت إنسان، و بداخلك قوة خفيّة ستظهر حتما إذا رغبت، والحلم من أبسط حقوقك، ليس لأحد أن يصادره أو يسخر منه. 
 
 
تعالوا لنحلم بالحب،وبالحياة.. لنقرأو نطير فللحريّة «فضاء»... 

تعالوا لنقف صفا منيعا مع كتّاب مهدوريّ الدم، مع مدونيّن خلف الشمس، مع حريّة المعتقد و الانتماء. 
شبكات الانترنت حلت مشكلة «الفضاء»، و المواقع الصخريّة تملأ المكان، فما علينا سوى احترام العقول و صناعة الحريّة... 

يتبع... 
 
 
 
 


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى