الخميس ٢٥ شباط (فبراير) ٢٠١٠
بقلم سليمان نزال

النار و المواعيد

كلٌّ ما في النهر باق ٍ
الوجد غير المتناهي في دفقات التكوين
القلبُ الذي يخوضُ عبابَ نزيفه العربي
منتظم الدّقات..فارس المسير
الوريدُ الذي يبني جسوره على الكشفِ اللوزيِّ
غير آبه ٍ بسارقي الحنطة من حوصلات المصير
الذكريات المتوجة بأرق الدفلى على المياه
صانعُ النزهات ِ من مكامن ساحلية حيفاوية
إذ يتلقى بريد أنفاسه من عائلة الحواس المبعثرة
كزمن مرهق ٍ بعد الشمس و الحصاد...
و باقية في معدن الجريان أسئلةُ الأطفال ِ عن:
من أين جاءت كل هذه العصافير, لتحطَّ على أوتاد المفاجآت ِ
و نحن نجوبُ الزقاقَ في المخيم..باحثين عن تبر و بساتين
تشبه زهر الحكاية و ذهب السرد في الليالي الشتوية؟
و هل نتسلقُ الجبلَ الصغيرَ, بعلب ِ السردين, و العَلم الكبير
بينما تجوبُ أعينُ الرقباء ِ سماوات ِ صعودنا أعلى ذورة فينا
لنبصرَ الحكايةَ بأفئدة ٍ مجردة.. و شقاء نافذ و جراحات مبصرة؟
-دلّني أيها المعلم, على اسم قريتي التي يراها لي دمي
هل هي مكتوبة في كفي.. و الفتيان يحدقون في حركة العلامات
كيف تضيء حروفها.. و يرقص ربيعها حينما تكبرُ الأصابعُ
و يتسعُ الصدرُ لمتاريسَ أكثر عمقاً من هذا الوادي الحزين؟
سؤالاتُ الأولاد..تنفجرُ في حصة الدرس ِ تحت شجرة ِالبلوط..
فيُخرج الحارسُ المزاجيُّ عصاً من صوته الكثيف كدخان المواقد البرية
كنتَ أكثر وعياً عن ذي قبل أيها الصبي الشقي
لولا هذا الشهيق الليلكي فيك
فلماذ طرحتني في ردود ٍ ضيقة ٍ المعابر
لتجمعني إلى الصبار في حكمة قاسية
هي قاسية و أنا بي استلاب و انعطاف؟!
قد أفسدت الرحلة علينا يا ولد..
و قد قيلَ لي أنكَ ولدتَ على الطريق..ولدتَ على ظهر أتان..
فكيف تريد لي الوصول إلى سر الضفتين في كلام؟
ما لي و الخصام..هناك
أفسدتَ وضوءَ الزهور التي جمعتها بكدّي من باطن العراك
أفسدتَ عليَّ خطابي..كنتُ سألقيه بعد الصلاة في ضواحي الرياح
-أفسدتَ عليَّ فسادي و حبستَ أفيالي في آلة التصوير-
كلّ ما في النهر باق..أقول لروحي التي برقتْ في الصمت ِ
فإذ بي أخترقُ مراياها.. و أتسلقُ داليةً من فضل موجة ٍ صديقة
الوقتُ يكبرُ على الأعشاب... يُلصقُ ساعاته على الأبواب
و الرحلة باقية و النهر يجري..
أجيالٌ تطلعُ من جذوع النفور و من سعفِ النخيل ِ
من لظى البرتقال في حالة أسر...
و من سقف ألف اشتعال...تتذكرُ...يتذكرون...نتذكرُ الذاكرة و الشهيد
و أنا لي أن أتذكَّرَ..كي لا تعبرني القطارات مسرعة إلى حتفي...
و قريتي التي يبصرها الأرجوان لي..
تفتحُ لي حلمها في اتجاهبن...
واحد أحملهُ و أصعدُ به الشروق و السنديانة أمام المسجد ِ
و آخر يرحلُ بي...أسافرُ به..لأعودَ معه في حصة ِ النار و المواعيد

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى