الثلاثاء ٣٠ آذار (مارس) ٢٠١٠

«القادم من القيامة» رواية وليد الشرفا

موسى أبودويح

كتب وليد الشرفا رواية "القادم من القيامة" من منشورات مركز اوغاريت الثقافي/رام الله، سنة 2008م. جاء فيها سبعة عشر عنواناً بلا مقدمة ولا اهداء ولا تمهيد، وتراوحت صفحات العناوين بين صفحة واحدة وعشر صفحات، ما عدا موضوعاً واحداً جاء في 13 صفحة بعنوان «الكامل».

تصوّر الرواية برمزية زائدة حياة اهل فلسطين بعد نكسة عام 1967، حيث اضطر الواقع الذي يعيشه اهل فلسطين تحت وطأة الاحتلال، احد ابطال الرواية ان يهاجر من فلسطين فراراً من الاذى اليومي الذي يلاحق كل فلسطيني من يهود.

ويحاول هذا المهاجر المغترب ان يغري صديقه للحاق به الى بلاد الغربة، الا ان هذا يصر على ان يبقى منزرعاً في ارضه متمثلاً بالاغنية التي تقول:

«ستفتش عنها يا ولدي، في كل مكان
وستسأل عنها موج البحر وتسأل فيروز الشطآن
وسترجع يوماً يا ولدي، مهزوماً مكسور الوجدان
وستعرف بعد رحيل العمر، بأنك كنت تطارد خيط دخان»

أما بطل الرواية الشهيد ثالث الاثنين فيقضي شهيداً مخلفاً وراءه زوجته وامه وابنته ووصيته لرفاقه التي يقول فيها:
(السلام عيكم يا اصدقائي، تحية الثورة:

«ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون».

الاخوة والاصدقاء، تركت بين يديكم امانة عظيمةً: زوجتي وابنتي ووالدتي بالذات.

ايها الاخوة الاحبة، ارجو ان تكملوا المسيرة واحذركم من الشاعر وامثاله؛ فهو يزور قاعدة العدو باستمرار، وجرائمه الاخلاقية بازدياد؛ فهو يتاجر بالمحرمات، كما انه يبيع ارضه الى جهات مشبوهة بمبالغ هائلة يستغلها لتقوية نفوذه بحجة اعمال الخير.

ان هذا الخائن وامثاله يمثلون خطورة على كل الماضي والحاضر والمستقبل.

«وقل اعملوا فسيرى الله عملك ورسوله والمؤمنون») من الصفحات 54-56 بتصرف.

وتدول الايام ويتزوج الشاعر بعائشة زوجة البطل الشهيد، ويصبح شيخ المسجد يسبح بحمد الشاعر في كل مناسبة، ودليله ان «الاسلام يجبُّ ما قبله، ودليله ايضاً كيف حول الاسلام عمر وخالداً وعكرمة من جبابرة تأخذهم نزوات الحياة الى متفانين في خدمة هذه الدعوة وهذه الرسالة. فالرجل اي الشاعر يجاهد بماله ونفسه» -على راي الشيخ امام المسجد-من صفحة 68 بتصرف،

هذا الشيخ امام المسجد الذي يقول هذا القول ويخطب في يوم الجمعة ويعظ الناس في كل زمان ومكان، يزور بيت المؤذن الذي مات، ويقرص ابنته الكبيرة في خدها عندما قالت له: «غلبت حالك يا شيخ» فيرد عليها: «غلبتك راحة» وقرصها في خدها فتراجعت الى الوراء تضحك وتتمايل على ذمة الكاتب. ويراه اللحام ابو فوزي خارجاً من بيت المؤذن فيقول له: «خير يا شيخ؟» فيرد عليه: «كنت احضر لهؤلاء اليتيمات ما تجود به النفس من الصدقة». فرد ابو فوزي: «في منتصف الليل؟» فقال الشيخ: «والذين ينفقون في السر والعلانية، الصدقة المخفية اكثر حلالاً وقبولاً».

هذا النوع من المشايخ – وارجو الله ان يكونوا قلةً بين الائمة- هم الذين يقولون ما لا يفعلون. ويصدق فيهم قول الله سبحانه: «يا ايها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتاً عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون».

تصور لنا الرواية مخاض امرأة فلسطينية على احد الحواجز الكثيرة المنتشرة في كل فلسطين في كل الاماكن التي يقطنها عرب، والصورة وصمة عار في جبين يهود، يظهر منها انهم من الانسانية براء، بل هم اعداء الانسانية جمعاء، وهذه المعاملة لا يعاملها اي انسان سواهم لاي حيوان من الحيوانات.

وعنوان الرواية «القادم من القيامة» فيه دلالة واضحة على ان ما يعانيه اهل فلسطين من اهوال وعذاب من يهود، يشبه الى حد كبير اهوال وعذابات يوم القيامة. وانه وان كان احد لم ير يوم القيامة ولم يرجع او يقدم احد من القيامة، الا ان الصورة واضجة في الاذهان، او على الاقل في ذهن كل من قرأ او سمع عن يوم القيامة او يوم الحساب. تماماً كقول الله سبحانه وتعالى: «طلعها كانه رؤوس الشياطين»، فالعرب لم يروا الشياطين، بل لم يروا شيطاناً قط، ولكنهم فهموا من الاية ان ثمر الزقوم ثمر رديء وقبيح كقبح الشياطين.

وختاماً: لغة الرواية لغة عربية فصيحة، وان جاء بها بعض الجمل العامية على لسان بعض شخوصها كالاغاني الشعبية، حيث جاءت هذه الجمل ملائمة لقائليها وفي مكانها المناسب. واخطاء الرواية قليلة، وباستطاعتك ان تقول: انها تكاد تخلو من الاخطاء.
 

موسى أبودويح

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى