الخميس ٢٢ نيسان (أبريل) ٢٠١٠
بقلم أحمد عبد الرحمان جنيدو

الطفل

اقذفْ طيـّارتك الحمراء،
غدُ الحلـْم لنا،
وفضاء الطير لنا،
ودماء الأرض لنا،
الحلم لنا،
اقذفْ طيـّارتك الحمراءْ.
امض ِ بعيدا ً فالشمس لنا،
هل تسمع صوت العصفور على الليمون يغنـّي؟!
فاجمعْ بنشيدك كلَّ الأجزاءْ.
يا طفلا ً في الصدر،
تربـّى من جرح ٍ،
وملاكا ً يحمل إبريق جنان ٍ يغسلنا،
يلقاك النور رداءْ.
انشرْ قبلتك البيضاءَ،
فروحك أنقى،
ويقينك أبقى،
ووجودك أسمى،
هذا الكون تسوّره ... قبلتك البيضاءْ.
اعزفْ لحنا ً سرياليـّاً،
لحنا ً عربيـّا ً،
لحنا ً إنسانيـّاً،
أحلى الأصوات غناءْ.
ارسمْ قمرا ً،
ارسمْ زهرا ً،
ارسمْ غصنا ً،
ارسمْ شجرا ً،
ارسمْ مطرا ً،
ارسمْ ظلا ً،
ارسمْ وطنا ً،
فالبعدُ الآخر مولودٌ من كفِّ دعاءْ.
والآمال صغيري تبدأ من خلد ٍ،
والأنهار صديقي تجري من قطرة ماءْ.
اكتبْ حرفا ً في سطر ٍ ما،
فوق الرمل وقبل النوم وبعد النوم،
فعالمنا بالأشكال الخمسة،
والأبعاد الخمسة من لغة ٍ،
لا يعرفها غير الغائر في الأعماق،
وغير المتعلـّق قلبا ً بصفاءْ.
اركبْ مرجوحتك الخشبيـّة،
طيـّرها،
وارفعها،
واخفضها،
واركضْ بحوافي الفجر،
بضفاف الأنهر،
في بستان أبيك،
فأنت لشرياني نبض ٌ ودماءْ.
اغرسْ نخلا ً،
وازرع ْ زيتونا ً،
واسق ِ فصولا ً،
واحرثْ طينا ً،
واقطفْ نجما ً،
كوّنْ مملكة ً،
أجمل أرض ٍ إنْ كانتْ خضراءْ.
خضـّرْ في داخلنا الصحراءْ.
العبْ في الحارات،
وتحت مزاريب بيوت البرد،
بين حواكير الضيعة،
بين زهور الحقل،
وفي ساحة عرس ٍ
كنْ لعروسة حارتنا الحنـّاءْ.
العبْ بالثلج على أسطح كانون ،
وغيـّرْ توقيت الحاضر،
غيـّرْ أسلوب العيش،
ولا ترضَ بغير الأمِّ نقاءْ.
حرّرْ جسدي،
حرّرْ عقلي،
حرّرْ جدّي،
من طاغوت القبح المحقون بدين البغضاءْ.
لوّنْ وجهي بتراب ٍ،
واعبرْ ظهري بهدوء ٍ،
يدك الأنوار،
ووجهك نبع ضياءْ.
اركنْ ضعفي،
وارفسْ جبني،
واركلْ زهدي،
واكتبْ عنـّي تاريخي،
فنداؤك يختصر الشعراءْ.
يا طفلا ً مولودا ً من رحم الصبر،
وأمـّك عذراءْ.
وأبوك يلوك سقوطا ً،
ويعيد حكايتنا الخرساءْ.
صلِّ على جدائل شمس ٍ،
خبْثك من طهر ٍ،
شيطانك ماء معين ٍ،
أجمل ما نملك،
يشبه أوسخ ما تملك من أشياءْ.
انطقْ حقـّاً،
يا طفلا ً من صمتك تهتزُّ الأصداءْ.
يا طفلا ً من لفظك ترتعش الأرجاءْ.
أطلقْ صرختك المسجونة من صدري،
فالصبح أتاك وشاحا ً،
يتعلـّم منك الإسراءْ.
يا طفلا ً:
نحتاج إلى ما بعد متى،
خذ ْ عنـّي استفهاماتي،
ثقل خرافاتي،
شكل حماقاتي،
قبح صفاتي،
وأنين الكلمات ِ،
اركنْ لغتي في صور ٍ لمدى الإبحار ِ،
مدى الإشراق ِ، مدى الإيحاءْ.
أحفظ ْ بجيوب المريلة الصغرى
صورة أمـّك،
صورة أمـّي،
في الأعماق حنين بلادي،
ونشيد بلادي،
ومكارم خولة َ في البيداءْ.
ونقاوة فاطمة الزهراءْ.
وطهارة عائشة الأم ِّ ،
وسيف ذو الفقـّار،
وعليّ فتى الإسلام كريم الوجه ،
نقيّ الأحشاءْ.
عثمان سليل النبل صفيّ الأخلاق
غنيّ عطاءْ.
عمر الفاروق العادل،
والخائف من ربٍّ في قوّة إيمان ٍ
ونقيّ الأخطاءْ.
وأبا بكر الصدّيق ،
خليلُ نبي ٍّ والد أسماءْ.
أحفظ ْ ما دار بغار حراءْ.
أحفظ ْ في قلبك تاريخا ً مكتوبا ً بدماءْ.
ألوان الطيف بعينيك تبوح معاناة نقاءْ.
يا طفلا ً يكسر سوء الحظ ِّ
إرادته أقوى من عظماءْ.
ارفع ْ يدك اليمنى،
وارم ِ سلاما ً للشهداءْ.
وسأخلعُ قبـّعتي،
وأتابع أغنية الخبز وموقده،
ودموع رغيف ٍ،
وصرير شتاءْ.
سأغنـّي ذاكرة البسطاءْ.
وسأرقص في حفلة عرس الفقراءْ.
يا طفلا ً يكتب من دمه ..
ألواح بدايتنا بسخاءْ.
يا أعظم ما عرفتْ دنيا،
يا طفلا ً أنّ جناح ملاك ٍ
صار لبردك حنـْو غطاءْ.
فسلاما ً من قلب ٍ ينبض باسمك،
يا طفلا ً سأناديك بكلِّ الأسماءْ.
هل تسمع صمت نداءْ.؟!
ينأى خلف الخوف،
يلوك عظاما ً وصخورا ً،
ويريد تفاسير الإعياءْ.
رغم العمر الممتدِّ بوحل الآهات،
أتيت َ تعلـّمني ألفا ً باءً تاء ً ثاءْ.
يا طفلا ً تدرك معنى،
وبقاؤك معنى،
وحياتك معنى،
وأنا في الستين أحاول كشف المعنى في الظلماءْ.
صارتْ دولتهمْ ،
بعد الستين أريد المعنى،
آه ٍ ما أصعب أسئلة ٍ دون الردّ
تفسّر بعد الجهد الماء هو الماءْ.
لا أسأل غير خيام ٍ،
لا أسأل غير ربابتها،
لا أسأل غير عراءْ.
هل تقبل أن ينصب للكفر عزاءْ.
هل تقبل أن يسلب حقٌّ
والصمت يفنـّد شرح الأسباب ،
وشكل التأتاءْ.
يا طفلا ً من لا شيءٍ تبلغ أرضاً وثناءْ.
لا أملك غيرك حلما ً في ذبحي،
لا أملك غيرك أن يأخذني من ذلِّ غباءْ.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى