الثلاثاء ١٧ آب (أغسطس) ٢٠١٠
بقلم عبد الرضا عطاشى

مِن قواعد الإملاءِ للغةِ العَرَبِیَّة

إعداد: الدکتور عبدالرضا عطاشی
 أستاذ اللغة العربیِّة، جامعة آزاد الاسلامِیَّة، فرع آبادان، إيران

لم یَکُن جُزَافَاً و عن مصادفة َ أن اللهَ جَلَّ اسمه اصطفى اللَّغةَ العربِیَّة لِآخِر کِتابٍ سَماوِیٍّ وَهُو القران الکریم الذی نُزِّل عَلی قلب خاتم الأنبیاء والرسل النَّبیِّ العربیِّ القُرشِی محمد بن عبدالله (ص) الَّذِی بُعِثَ رَحمَةً لِلعالمین.فالله بِحِکمته أَنَزَل کَتابَهُ المجید باللغة العربِیة مُصَرِحَاً بِهَا إِذ قَالَ:نَزَّلَ بِهِ رُوحُ الأَمِین عَلَی قَلبِکَ لِتَکُونَ مِنَ المُنذِرِینَ بِلِسَانٍ عَرَبِیٍّ مُبِین (1)- لأنَّه یَعَلمُ بِأَنَّ هَذِه اللغَةِ هِی الَّتِی تَستَطِیعُ أَن یَحصَلَ لها شَرفُ حَمل هَذَا الإعجَازِ الإلهی واصِفَاً لَهَا فِی کِتَابِهِ الحَکِیم ::قُرآنَاً عَرَبِیَّاً غَیر ذِی عِوجٍ لَعَلَّهُم یَتَّقُونَ(2) أَی مُستَقِیمَاً لا اختلال وَلا انحراف فِیهِ وأَیضَاً قالَ :الحَمدُللهِ الَّذِی أَنزَلَ عَلَی عَبدِهِ الکِتَابَ وَلم یَجعَل لَهُ عِوجَاً (3).فَبهَذِه اللَّغةُ خَاطَبَ بِهَا اللهُ خَلائِقَهُ وَ أَنزَلَ تَشرِیعَهُ و بِهَا یُحَاسِبُهُم فِی الآخِرةِ فیذکر فِی هذا الصَّدد المُفَسِّر الکبیر الطبرسی :روی ابن عبَّاس عن النَّبیِّ صلَّی الله علیه وآله وسَّلم قال :أُحِبُّ العَربَ لِثَلاث لِأَنِّی عَربِیُّ و القُرآن عربِیُّ وَ کَلامَ أَهلِ الجنَّةِ عَربیُّ (4) . نعم فیکفی لهذه اللغة فخراَ هذا الحدیث الشریف و الآیات التی وصف اللهُ بِها بِأَنَّ هذه اللغةَ لا عِوجَ فِیها ویُعتَبرُ هذا الوصف إِنَّما هوالتَّاجُ الذَّهبی والمُرصَع الخَاصٌ لَهَا من دُون غَیرِها مِن اللُّغاتِ الَّذی تَوَّجَها الله فَمِنَ البَدِیهیِّ بِأَنَّ هَذَا الفخرٍالَّذی حَصَلَ لِهذه اللغة حَاصِلٌ لِأَتبَاعِ هَذا الدِّین الحنیف عَامَّةً ولِأَهلهَا خَاصَّةً بِسَببِ خَصَائِصَها الصَّوتِیِّةِ ونَغماتِهَا الموسیقِیِّة وإِعرابِها الدَّلالی وحَرکَاتِهَا الإعَرابِیِّة ومُترادفاتِها وصورِها البیانِیِّة مِن مَجَازاتٍ وَ استِعَاراتٍ جَمیلَةٍ وتَشبِیهَاتٍ لطیِفَةٍ یَهفُو إِلیهَا ذُو کُلِّ قَلبٍ لطیف وذوق مُرهَف وَ مِن جُملَةِ خَصَائص هَذِه اللغَةِ هُو قواعِدُها الإملائِیِّة التِّی امتازت بِها مِن أَوَّلِ التَّنزِیل فَعَلَی سَبِیل الذِّکر لا الحصر نَذکُرُ مِمَّا یَلِی بعضَ خَصائص کِتَابَةِ الهَمزَة شاکرِینَ الدَّکتورأحمد زیاد محبک المشرف اللُّغَوِیَّ فی دیوان العرب لِمَّا قَامَ بِهِ مِن تصحیحٍ وترتیب فی المقال المذکورأَدنَاه

کِتَابَةُ الهمزة

ألف:تُدرَجُ الهمزة عَلَی کُرسیِّ الالف فِیما یَلِی:

اوَّلاً :إذَا کَانَت حَرکَةُ الهَمزَةِ فتحةً و قبلها مفتوح،حِینئِذٍ تُدرَجُ عَلَی کُرسِیِّ الالف

اظُر کَلِمَة نَشَأَ ت فی البیت الثَّانی:

إِسکَندَرِیَّةُ یَا عَرُوسَ المَاءِ

وَخَمِیلَةَ الحُکَمَآءِ وَ الشُّعَرَاءِ

نَشَأَت بِشَاطِئِکِ الفُنُونُ جَمِیلةً

وَتَرعرَعت بِسَمَائِکِ الزَّهرَاء(5)

ثَانِّیِّاً:إِذا کانَت حَرَکَةُ الهمزَةِ فتحَة وقَبلَها سَاکِنٌ؛حِینئذٍ تُدرجُ عَلی کُرسِِی الألِف

أَنظُر کَلِمَةَ مَنأَی فی البیت الأَوَّلِ

وَفِی الأَرضِ مَنأَی لِلکرِیمِ ؛عَن الأَذَی

وَفِیهَا ؛لِمَن خَافَ القِلَی ؛مُتَعَزَّلُ

لَعَمرُکَ ؛مَا بِالأَرضِ ضِیقٌ عَلَی إمرِیءٍ

سَرَی رَاغِبَاً أَو رَاهِبَاً ؛وهُو یَعقِلُ(6)

ثالِثَاً :إِذا کَانَت الهمزَةُ سَاکِنَةً و قَبلَهَا فَتحة ؛حِینئِذٍ تُدرَجُ عَلَی کُرسِی الأَلِف

انظُر کَلِمَة رَأَس فی البیت الأَوَّلِ:

إِِذَا عَینَانٍِ فِی رَأسٍ قَبِیحٍ
 
کَرَأسِ الهِرِّ؛مَشقُوقِ اللِّسَانِ
 
وَسَاقَا مُخدَجٍ وَ شَواةُ کَلبٍ
 
وَثَوبٌ مِن عَبَاءٍ أَو شِنَانِ(7)

أُنظُر کَلِمَةَ شَطأَهُ فِی الآیة المُبارکَة:

فَقَالَ عَزَّمَن قَائِلٍ:

وَ مَثلُهُم فِی الإِنجِیلِ کَزَرعٍ أَخرَجَ شَطأَهُ فآزَرَهُ فاستَغلَظَ فاستَوی عَلَی سُوقِه (8)

ب: تُدرَجُ الهَمزَةُ عَلَی کُرسِیِّ الواو ،فِیما یَلِی

اولاَ:إِذَا کَانَت الهمزَةُ سَاکِنَةً و قَبلَهَا مَضمُومٌ

أُنظُر کَلِمَة لُؤلُؤ فی البیت الثَّانی:

سَفَرَت وَبَرقَعَهَا الفِرَاقُ بِصُفرَةٍ
 
سَتَرَت مَحاجِرَهَا وَلَم تَکُ بُرقُعَا
 
فَکَأَنَّهَا وَالدَّمعُ یَقطُرُ فَوقَهَا
 
ذَهَبٌ بِسَمطَی لُؤلُؤٍ قَد رُصِّعَا (9)

ثَانِیَّاً :إِذَا کَانَت الهَمزَةُ مَفتُوحَةً وَ قَبلَهَا مًضمُومٌ

انظُر کَلِمَتَی فُؤَاد فی البیت الثَّالث:

أَلَا یَا قَمَرَ المَسجِِ
 
دِ هَل عِندَکَ تَنوِیلُ
 
شِفَائِی مِنکَ لَو نَوَّل
 
تَنِی شَمٌّ وَ تَقبِیلُ
 
سَلَا کُلُّ فُؤَادٍ و
 
فُؤَادِی بِکَ مَشغُولُ
 
لَقَد حُمِّلتُ مِن حُبِّ
 
یکَ مَا لا یَحمِلُ الفِیلُ(10)

ثَالِثَاً :إِذَا کَانَت الهَمزَةُ مَضمُومَةً وَ قَبلَهَا مضمُوم

أُنظُر کلِمَتی شُؤُمٌ وَ لُؤُمٌ فی الجملةِ الحکمیِّة

*لا تصاحب الاصدقاء اللّؤم فأنّ مصاحبتهم شؤم عليك

رابِعَاً :إِذَا الهَمزَةُ مَضمُومَةً وَ قَبلهَا مَفتُوحٌ

أُنظُر کلمَةَ یَسأَم فی الآیة المبارکَةِ :

لا یَسأَمُ الإِنسَانُ مِن دُعَاءِ الخَیرِ وَ إِن مَسَّهُ الشَّرُّ فَیَؤُسٌ قَنَوطٌ (11)

و أُنظر کلمَتَی یَؤُمُ و أَقرَؤُهُم فیما یلی :

یَؤُمُ المُصَلِینَ أَقرَؤُهُم لِلصلاةِ

خامسِا:إذَا کَانَت الهَمزَةُ مَضمُومَةً و قَبلَهَا الفٌ

ک:التفا ؤُل – التشاؤُم

ج: کِتابةُ الهمزَةِ عَلَی النَّبرَةِ

أوَّلاً :تُکتَبُ الهمزَةُ عَلَی النَّبرَةِ إِذَا کَانَت مُتوسِطَةً مَکسُورةً فِی الکَلِمَةِ وقَبلَهَا مَکسُورٌ أَم مَفتُوحٌ أَم مَکسُورٌ

أُنظُر کلِمَة بَئِیسٍ فی البیت الأَوَّلِ

فِی خَمِیسٍ مِنَ الأُسُودِ بَئِیسٍ

یَفتَرِسنَ النُّفُوسَ وَ الأَموالا

إِنَّمَا أَنفُسُ الأَنِیسُ سِبَاعٌ

یَتَفَارَسنَ جَهرَةً وَ اغتِیَالا (12)

أُنظُر کلمَةَ لَئِیمٍ فی البیت الثَّانِی

وَأَجعَلُ مَالِی دُونَ عِرضِی جُنَّةً

لِنَفسِی ؛فأَستَغنِی بِمَا کَانَ مِن فَضلِی

وَمَا مِن لَئِیمٍ عَالَهُ الدَّهرُ مَرَّةً

فَیذکُرَهَا ؛إِلَّا استَمَالَ فِی البُخلِ(13)

أُنظُر کلمةَ رَکَائِب فی البیت الأَوَّلِ

أَرَکَائِبَ الأَحبَابِ إِنَّ الأَدمُعَا

تَطِسُ الخُدُودَ کَمَا تَطِسنَ الیَرمَعَا

فَاعرِفنَ مَن حَمَلَت عَلَیکُنَّ النَّوَی

وَ امشِینَ هَونَاً فِی الأزِمَّةِ خُضَّعَا (14)

ثانیا:إِذَا کان قَبل الهمزَةِ المُتوسِطَة مَکسُورَاَ فحینئِذٍ تُکتَبُ الهَمزَةُ عَلَی النَّبرَةِ مهما کانت حرکاتُها:

أُنظُر کَلِمَة ذِئب فی البیت الثَّانِی

سَمَا لِی ؛وَبِی مِن شِدَّةِ الجُوعِ مَا بِهِ

بِبَیدَاءَ لَم تُعرَف بِهَا عِیشَةٌ رَغَدُ

کِلانَا بِهَا ذِ ئبٌ یُحَدِّثُ نَفسَهُ

بِصَاحِبِهِ و الجِدُّ یُتعِسُهُ الجدُّ(15)

ثالِثَاً :إِذَا کَانَ قَبلَ الهَمزَةِ المُتوسِطَة حَرفُ یاءٍ فَحِینئذٍ تُکتَبُ عَلی النَّبرَة

أُنظُر کَلِمَة یَئِسُوا فی البیت الثَّانِی

بِذَا اللَّفظِ نَادَاکَ أَهلُ الثُّغُورِ

فَلَبَّیتَ وَ الهَامُ تَحتَ القُضُب

وَقَدیَئِسُوا مِن لَذِیذِ الحَیَاةِ

فعَینٌ تَعُور وَقَنَبٌ یَجِب(16)

د:کتابَة الهمزَة منفردة علی السطر

أوَّلاَ :تُکتَبُ الهَمزَةُ مُنفردَةً علَی السَّطرِ اذا کانت مفتوحةً وقبلها حَرفُ (واو) ساکن

أُنظُر کلِمَة سَوءَة فی الآیه المبارکَة

یَبحَثُ فِی الأَرضِ لِیُرِیَهُ کَیفَ یُوارِِی سَوءَةَ أَخِیهِ (17)

ثانِیاً: تُکتَبُ الهَمزَةُ منفردةً عَلَی السَّطرِ اذا کانت الهمزة مفتوحَةً وقبلها حرفُ (الف)

أُنظُر کَلِمَة سَاءَت فِی الآیة المُبارکَة

إِنَّهَا سَاءَت مُستَقَراً وَمَقَامَاً(18)

ثالِثَاً تُکتَبُ الهَمزَةُ مُنفَرِدَةً علی السَّطرِ إِذَا کَانَت مفتوحَةً وقَبلها حرف صحیح (غیر علة) وساکن

رأَیتُ جُزءَ الکتابِ

رابعاَ تُکتَبُ الهمزَةُ مُنفَرِدَةً عَلی السَّطرِ اذا کانت مضمومةً وقبلها حرفُ (واو) ساکن

أُنظُر کلِمَة لَیَسُوءُ فی الآیة المبارکَة

الآخِرَةِ لَیَسُوءُواوُجُوهکم ولیدخلُوا المسجِد (19)

الخاتِمَة:بِنَاءً عَلی شرحنا أَعلَاه لِکِتَابَةِ الهَمزَةِ فِی اللغةِ العَربیِّةِ والَّذی جَاءَ عَلَی سبِیلِ الذِّکرِ لا الحَصر وَمِمَّا یَجدُرُ بِنَا قولُه فِی هَذَا الصَّددِ هُو أَنَّ طُلَّابَنَا الإِعزاءِ فی کَافَّةِ الفروع الدِّراسیِّة یَنبغِی علیهم إِتقان قواعد الإملاءِ للغة العربِیِّة فإِنَّ مَا تَفَشَّی فِی أَخطَاءِ الکتَابةِ فِی الجرائِد و المجلاتِ والکتب التعلِمیِّة والإِعلانات لَم یکُن قلیلاً عن الأخطاءِ المُتفشیِّةِ فی النُّطقِ بَین عامَّةِ النَّاسِ والَّتی تُرَوِّجُ لهَا بَعضُِ الفضائِیاتِ عامِدَةً أَم غیر عامدة نَاسیَّةً فَلسَفَةَ وجُودِها أَلا و هُو مَحو الجهل ومُکافَحَةِ الشُّذُوذِ لا التَّرویج للانفلاتِ و نسف المعاییر فلذا مِنَ الواجب الإنسانی والمِهَنِی یَجِب عَلی مُبرمجی ومُؤلِفی الکُتُبِ الدَّراسیة للغةِ العربیِّة أن یُعِیدُوا النَّظرَ فِی سیاقِ إِضافَةِ دروسٍ لقواعِد الإملاء للغة العربِیِّةِ لإِنَّ الطَّرِیقَةَ الصَّحیحةَ و العِلمِیَّةَ لِکَتَابَةِ الکلمةِ والنَّص تُساهِم فِی تفعیل النَّص لدَی القُراءِ مِن ثَمَّ تبعث فیهم الحقیِقة والواقع المُعبِّر فِی النَّص.فَالالتزام بهذا الموضوع یُخرِجُ المتعلمینَ مِن روحِ العبثِیَّةِ واللامُبالاةِ تِجَاه أَنفسهِم و ومجتمعهم وتُراثِهِم الموجود فِی القُران الکریم والنُّصوص الدینِیَّةِ والادبیِةِ والتاریخیِّة و المصادرالأُخرَی فلنَنبُذ کُلَّ خَطَأ کانَ قَولاً أم کِتابَةً فَإِنَّهُ یُعزِزُ مِن الثِّقَةِ بالنَّفسِ وعَدم الإکتراثِ مِن هدمِ المعاییر والأُصول .

الهوامش:

  1. الشُّعَراء ١٩٥.
  2. الزمر ٢٨.
  3. الکهف ١.
  4. مجمع البیان؛الطبرسی الجزء الخامس؛ص 316
  5. الشوقیات ؛أحمدشوقی؛ المجلد الثانی ص23
  6. المجانی الحدیثَة ؛عن مجانی الأب شیخو؛المجلد الاول لامیَِّة العرب -الشنفری
  7. المجانی الحدیثة؛ عن مجانی الأب شیخو المجلد الثَّانی؛ الشاعروالغول تابط شرا
  8. الفتح ٢٩
  9. دیوان المتنبی؛ عبدالرحمان البرقوقی المجلد4-3
  10. طبقات الشعراء؛لأبی عباس عبدالله بن المعتز العباسی؛ ؛منشورات الهلال
  11. فصلت ٤٩
  12. دیوان المتنبی، عبدالرحمان البرقوقی؛ المجلد3-2
  13. المجانی الحدیثة عن مجانی الأب شیخو المجلد الثَّالث
  14. دیوان المتنبی، عبدالرحمان البرقوقی المجلد 3-2
  15. المجانی الحدیثة عن مجانی الأب شیخو المجلد الثَّالث
  16. دیوان المتنبی، عبدالرحمان البرقوقی المجلد 3-2
  17. المائدة، ٣١
  18. الفرقان، ٦٦
  19. الاسراء، ٧

المصادر

  1. النحوالوافی ،عباس حسن؛ مباحث الهمزة ،دارالمعارف مصر
  2. شرح الالفیِّة لإِبن مالک؛ مباحث الهمزة؛منشورات سید الشهداء

مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى