الثلاثاء ٢٠ تموز (يوليو) ٢٠١٠
بقلم قصي محمد عطية

معراج الضَّوء

فرشتُ ما بجُعبتي من أحلامٍ على الطَّاولة
أبحثُ عن مكانٍ لها بينَ أوراقي الجديبة
وأقلاميَ الثكلى التي تعيشُ في مستنقعٍ ضريرٍ
يعجزُ ضوءٌ أن ينفذَ إليه.
ليسَ عندي غيرُ زجاجة نبيذٍ
ادَّخرتُها لليلةِ حبٍّ ..
وغيرُ إفلاسيَ، وهذا الأرق
وأعقاب سجائرَ في قاع منفضتي ..
وبضعة أزمنةٍ منكسرةٍ
وحفنة من الأمل العابر في التيهْ.
دعينا نتشرَّدُ كثيراً في وجهٍ للبكاءِ
نطيعُ صدى الصَّوت الغائصِ في الذلِّ ..
المتراكم في الحقول المزروعة غباراً
وخطوطاً في جبين الحيرةِ.
دعيني أتوضَّأ بالحنينِ إليكِ
وأسجد واقفاً في معراجِ الضَّوءِ
ليلُكِ، بانياسُ، يغريني بالموت،
يقودني نحوَ ترنيمةٍ تنبعثُ فراشةً
أو سنونوةً تخرجُ من ثقب الشَّفق.
بانياسُ .. مدينةَ التعبِ، ...
صلَّيتُ لأجلكِ ذات قلق اعتراني
انحنيتُ فوق ركبة الوقتِ،
وعمَّدني درُبكِ بالسَّفر
وقرأتُ لكِ مزاميرَ داوودَ:
« هلِّلوا للهِ في كلِّ الأرضِ »
« باركي يا نفسي للربِّ وجميع ما في باطني »
انعقدَ اللسانُ، وانفتحتِ الرُّؤيا
ملءَ أنفاسِ الأقحوانِ المغسولِ بالضَّوء.
حين يصير موتي نبوءةً
وتعبرُ في ألفِ مدًى .. صرختي
تمطرُ المزاريبُ خطوةً تقودني
نحوَ أغنيةٍ؛ في متاهاتِ لهبٍ منقوعٍ بالخطيئة.
زمنٌ أخرسُ ... يهاجرُ في نسغ ياسمينةٍ
واقفةٍ في كفن اليباس..
فجرُكِ الآتي من عمق الفناء
خطواتُه زئبقيَّةٌ، وصمتُهُ معبدٌ للضَّوءِ
والشَّمسُ تغمضُ جفنَها عنهُ، تتمرأى جموحَه
الذاهبون إلى فوضى العدم
ينشبون هزائمهم في عنق المساء
ثمَّ يعودون خيوطاً وشمعداناتٍ تتوسَّلُ الانطفاءَ
أمام هبوب أوَّلِ فضاءٍ طافحٍ بالصَّقيع.
فوقَ الدروب المتكئةِ على عطر نرجسة
مررتُ وحيداً
ألقيتُ التَّحية على الشَّبابيكِ المفتوحةِ على الذّكرى،
والأوجاعِ الفاغرة فاهاً بحجم عطشٍ للوميضِ
المتفتِّق من سرَّة الرَّماد.
قابَ شعاعين أو أكثر من الضَّوء
يتبجَّسُ الصوتُ من حنجرتي تائهاً
باحثاً عن مكانه بين ملايين الموتى
يهدمُ السرَّ القابعَ في شفةِ السّؤال.
أعودُ طفلاً إلى رحم اللغةِ
أصوغُ نبوءتي
مِعراجاً للضَّوء في آخر النفق.

 


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى