علاء وكتاب الريجيم

بعد أن زاد وزنه عن مئة وثلاثين كيلو غراما، وأصبحت حركته صعبة وبدأ ظهره يؤلمه، وبسبب كثيرة التعليقات، وضغط زوجته عليه بأن يخفف وزنه وإلا... قرر القيام بخطوات عملية لتخفيف الوزن.

جرب الكثير من الطرق في الماضي بعضها لم يلائمه وبعضها لم يستطيع الاستمرار فيه. لكنه هذه المرة سيجرب طريقة أخرى مدروسة.

ذهب إلى السوق واشترى أحدث كتاب عن تخفيف الوزن، قرأه بمتعة وبدأ يطبق تعاليمه يومًا بيوم. كان البرنامج صعبا ويطالبه بتغيير نمط غذائه كليا فقد توقف عن أكل الخبز، والسكر، والرز، والبطاطا، وغيرها الكثير، وركز في وجباته على اللحوم (بقر، دجاج، خروف، السمك، والأجبان).

في أحد الأيام أحس علاء بحاجته إلى استخدام الحمام، فذهب بسرعة قبل أن يخرج شيء من مؤخرته.

في البداية كان الوضع طبيعيا، لكن بعد ثوان بدأ يحس أن شيئا ما على الباب يدفع باتجاه الخروج. ظل على هذه الحال لعدة دقائق، بدأ العرق يتصبب من جبينه والألم بدأ يضغط على مؤخرته. ما الذي يجري هناك؟

وقف وبدأ يضغط على معدته لعل ما فيها يتحرك قليلا لكن لا فائدة. الألم يزداد كأن أحدهم يضربه بعصا، بدأ رأسه يؤلمه. ترى ما المشكلة؟

لا بد أنه إمساك، إمساك محكم، هذا الإمساك اللعين سيطر علي منذ بدأت الرجيم، لكنه لم يكن بهذه القسوة، كنت أشعر بصعوبة الإخراج، لكن اليوم لا شيء يخرج، شعر فجأة بحاجة لتحسس مؤخرته ليرى إن كان بإمكانه تخفيف الألم. كان البراز يقف على فتحة الشرج، لكنه لا يتحرك. حاول الضغط على معدته بدون جدوى. لبس ملابسه والألم يعتصره، غسل يديه، وذهب فورا إلى أقرب طبيب. بعد فحصه، سأله الطبيب:
– ماذا أكلت يوم أمس؟
– أكلت جبنة مع كأس شاي.
– فقط جبنه؟
– نعم في المساء، وفي الصباح نصف دجاجه.
هز الدكتور رأسه وقال:
– الجبنة تسبب الإمساك. خصوصا لمن هم فوق الأربعين.
– معقول لقد قرأت كتاب الرجيم...
فقاطعه الطبيب وقال له:
– ليس مهما ما قرأت، المهم أن تعرف السبب.

بعد لحظة قال له الطبيب:
– وكثرة تناول الجبنة يضر بالشرايين، والقلب وقد يسبب التجلط لأن الجبنة مليئة بدسم ....
– ماذا تقول؟ تضر بالقلب... المهم الآن ما الحل أنا أشعر بألم حاد، أكاد أنفجر.

نظر إليه الطبيب وقال له:
– سأعطيك هذا الدواء، تناوله سيساعد على تفتيت المادة الصلبة التي تكونت كالكرة على فتحة الشرج، واشرب كثيرا من السوائل.

هز رأسه ساخرا وقال:
– ومتى تنتهي المشكلة؟
– خلال 24 ساعة.

حمل الدواء ودفع الحساب، وهرول مسرعا إلى البيت بتمايل من شدة الألم. عندما وصل البيت ذهب فورا إلى الحمام إنه يحس بانفجار داخل مؤخرته. رأسه يضرب عليه. لأول مرة يحس بهذا الألم أخ لو تعرف الناس نعمة الإخراج بسهولة لقدروا تلك النعمة التي منحها الله لنا.

– يا رب ساعدني على التخلص من هذا الألم.

لأول مرة بدأ يبكي من الألم، لم يخرج أي شيء. قرر أن يحل مشكلته بيده. ووضع إصبعه في مؤخرته وبدأ يحاول سحب الكتلة المتراكمة لكنه عبثا حاول فقد كانت مثل كرة مطاطية فكلما سحب قطعة عادت بعد أن يخرج إصبعه. بعد لحظات بدأ الدم ينزف من مؤخرته من كثرة الضغط فهذه المنطقة حساسة.

أخبر زوجته بما يشعر به، وبالألم الذي يعاني منه، رأت زوجته حالته الصعبة فقررت نقله إلى المستشفى، إلى قسم الطوارئ فورا. الوضع لا يحتمل، الرجل يتلوى من الألم، كأنه يحتضر. عيونه ذبلت لا يستطيع الوقوف من الألم، ظهره مقوس. رجلاه تتمايلان ولا تقويان على الحركة. في المستشفى شرح لهم الوضع، وبعد فحصه، ومعرفة حالته، قال له الطبيب:
– الحل بسيط جدا، لكن أرجو أن تتحمله.
– لا تسألني عن شيء، انقذني من الألم.
– حسنا يجب نقلك إلى غرفه أخرى،

طلب الطبيب من أحد الممرضين استخدام حقنة مع محقن طويل توضع في المؤخرة ثم يتم الضغط عليها لسكب كمية كبيرة من الماء في المؤخرة وبعد حوالي الدقيقة يذهب المريض إلى الحمام.

نظر علاء إلى الحقنة ورأى طول المحقن. كان يشعر بالخجل كيف سيضع هذا الممرض الحقنة التي تشبه ... في مؤخرتي؟ ما هذا الحل...

هذا الممرض سيخرج الآن ليقول إنه وضع.... اللعنة على هذا الإمساك، وعلى الجبنة. لماذا اشتريت ذلك الكتاب؟ يبدو أنه كتاب تافه. والآن ما الحل؟

شعر الطبيب أنه محرج فقال له:
– يمكنك أن تفعل ذلك بنفسك إن أحببت؟
وافق علاء على الفور.
فقدم له الطبيب الحقنة وأخبره كيف يستخدمها وطلب منه التوجه إلى الحمام. فقال له:
– بعد أن تدخلها وتدفع المياه إلى الداخل. اخرجها وظل واقفا لتمنع الماء من النزول الفوري، ثم اجلس على المقعد، وانتظر.

حملها وتوجه على الفور إلى الحمام. كان يتلوى من الألم كان ألما أقوى من الألم الذي نجم عن العملية الجراحية التي أجراها قبل سنوات في رأسه عندما تعرض لحادث سير.

عمل بتوجيهات الدكتور، وبعد دقيقة جلس على مقعد الحمام وبدأ ينتظر. ثمة أشياء تجري هناك، لا يعرف ما هي، شيء يتحرك للأسف، لكنه لم يخرج بعد، يضغط عليه بقوة، يشعر كأن فتحته سوف تتمزق، يحس بالألم الناتج عن الجروح التي تسبب بها هذا الإمساك.
يرتاح قليلا ثم يعاود الضغط، تخرج أول قطعة.

التقط أنفاسه، وعاود الضغط، هذا الضغط يخرب الفتحة. لا يهمه أي شيء الآن. المهم أن يخرج هذا الحجر المتجمع في مؤخرته. إنه في وضع لا يحسد عليه، ها هو الشيء يتحرك. أحس بسكين تمزق الفتحة، بدأ يصرخ من الألم. فجأة خرجت تلك القطعة المتجمدة ثم بدأ يخرج ما في بطنه. أغمض عينيه واستسلم بعد أن شعر بالألم يتلاشى رويدا رويدا. لأول مرة يشعر بمتعة الإخراج، لأول مرة يحس بنشوة استخدام الحمام. كان يشعر بالقرف عندما يحس أنه سيذهب للحمام. أما اليوم فإنه يعدها إحدى متع الحياة.

أحس بالسعادة نزلت عليه من السماء، استرخى قليلا، وأحس بالرغبة في النوم.
بعد أن انتهى وأحس بأن كل شيء على ما يرام خرج من الحمام، غسل يديه، مسح دموعه، غسل وجهه نظر في المرآة فرأى شبحا أمامه.
يا إلهي، أين كنت وأين صرت؟
خرج إلى غرفته، فعاد له الممرض وسأله:
– كيف النتيجة؟
– الحمد لله. كل شيء على ما يرام.

عاد مع زوجته، يمشي كالمعتاد، لم يعد يريد أن يستند على كتفها. لم يعد يتمايل، زال الألم، كأنه كان في حلم.

وصل البيت، ذهب إلى الحمام ووضع نفسه تحت الماء الساخن، بعد نصف ساعة عندما خرج دخل إلى غرفة النوم فشاهد كتاب الريجيم قرب سريره، نظر إليه بحقد، حمله وبدأ يمزق به إربا إربا وذهب إلى سلة المهملات ورماه بها.

سألته زوجته:
– لماذا مزقت الكتاب؟ يمكنك بيعه.
نظر إليها ساخرا:
– يكفي ما حصل لي، لن أفكر بالريجيم بعد اليوم.
صمت قليلا ثم قال:
– إلا إذا صممت على رأيك السابق، حينها سأعيد النظر.
وذهب في ضحك طويل ها ها ها.