الأحد ٣ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٠
بقلم أحمد عبد الرحمان جنيدو

الهارب

-1-
 
هاربٌ من زمن ِالخوف ِ،
ومن أجزاء ِموتي،
وصراخ ِالأبرياءْ.
من نشيج ِالدم ِ فوق الأرض ِ،
من رقصة ِ سكـّين ٍعلى رقبة ِأمّي،
هاربٌ من دمِنا المهتوك ِفي كلِّ الثواني،
هاربٌ أسبحُ في بحر ِالبكاءْ.
أمسحُ الذاكرة َالأولى،
أرى أمّي تبيعُ الخبزَ
والزيتونَ في فجر ِالدعاءْ.
وأرى جدّي يبيع ُالسيفَ والقرطاسَ
في سوق ِالبغاءْ.
أسمعُ الترتيلَ من موتى،
استداروا مرّة ً لمْ يجدوا غيرَ العِواءْ.
ثمَّ عادوا مرّة ً أخرى إلى ذات ِالوراءْ.
وأرى أختي تبيعُ الشال َ،
تنسى خصرَها عرضَ العراءْ.
وتبيعُ الحزنَ بعدي،
تشتري نايا ً تسمّيه ِالمساءْ.
كحلـُها المنسيُّ من صبر ٍ وجرح ٍ،
هاربٌ مثلي يداوي، ويعازي،
ـ أين؟!
ـ في صمت ِ نداءْ.
هارب ٌمن زيْفِـنا الدائم ِ،
من ثوب ِاحتراقي، وأناجي،
وصلَ الخبزُ المغطـّى بالدم ِالأحمرِ،
مجنونٌ غنائي،
لا أجيدُ الآن َغيرَ الشعرِ،
إنْ كنتُ أجيدُ العزف َفي دامي الغناءْ.
هاربٌ،
كلُّ وشاح ٍ أرتديه مخبرٌ عنـّي،
وعن خط ِّسلوكي،
لا أريدُ الماءَ لا الخمرَ
ولا الزهرَ ولا الرمّانَ
لا القمح َو لا البستانَ
لستُ الأرض َ،
كلّ الأرض ِ عطشى للدماءْ.
هارب ٌمن قلمي يقلقني هذا النداءْ.
هارب ٌمن جسدي،
والنفسُ أخرى غير نفسي،
أشبه ُالخوف َ،وكلَّ الغرباءْ.
 
-2-
 
أفتح ُالنسيان َمنفوخا ًإلى حدِّ الشرفْ.
أسرف ُالأحلامَ مذبوحا ًإلى حدِّ القرفْ.
أرسمُ الألوانَ من حلمي،
دمي أرخص ُشيء ٍفي مزادات ِ الترفْ.
هل ترى فرقا ً أخي،
إنْ أطعمونا بدلَ الخبزِ العلفْ.
فإذا :لا تسمع ِاليوم َمناجاة َالخرف.
في زوايا الخوف ِ في سحـْق ِ الغرفْ.
كلُّ حال ٍ أسوأ ُالأحوال ِ، أقدمْ لا تخفْ.
كلُّ ذبح ٍأتفه ُالأخبارِ،
من يشغلُ بالا ًإنْ نزفْ.
كارتشاف ِالقهوة ِالسوداء َ،
أو حلوى القطفْ.
عاجزٌ تاريخـُنا عن نطـْق ِحرف ٍ،
كلُّ ماضينا غريب ٌ، عاجزٌ لكنْ وصفْ.
فاسمع ِالتاريخ لو أنتَ لبيبٌ ،
غيرُك َالآتي عرفْ.
فأتى المحقونُ بالحقد ِ،
وتاريخ َبلادي قدْ نسف.ْ
هاربٌ ، عذرا ًوعذرا ً،
إنَّ حبري قد نشفْ.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى