الخميس ٢١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٠

المجد الغابر

حسن محمد نجيب صهيوني
من سـالفاتِ اللياليْ شابهـا العُمُرُ
والشيبُ مـاشجني فاغْرَوْرَقَ النظـر
بالدمـع أَهْمَلُـه ذكـرى مـؤقرةً
كفكفتُـه المـاءَ، لكـنْ ظلَّ ينهمـر
جسـمٌ تَعَلْعـل بالأسقـام تحملـه
سـاقـان من حَجَرٍ أضناهمـا السفرُ
يعـودني المجـد في قاماته خَجِلاً
ينعى ليَ الحـالَ، حتى كـاد ينصهر
ماذا دهاك؟! أما في النفس من أمل
فينطق البؤسُ: لا حِسٌّ ..... ولا خَبَر
يا للضعيف بها قـد نـابه وجل!!
واستزأر الرعبَ في أضـلاعه الكَدَرُ
فاسْتَرْوَحَ الجَهْدَ والآيـام ترقبـه
قـالت لـه: ولـدي، لم يبقَ منتصِر
ففي الصحيحينِِ كانت نِيَّةُ العمـل
ذاك المنـاطُ، بـه الأعمـال تُبتـدر
لكنَّ صـاحبها قـد عـاف نِيّتـه
حتى غَشَـاه غَوَىً قد سـاده الخطر
إرجِعْ خطـاك.. فما للمجد طارقُه
تلكتْ خطاك غَـزاها السُوء والشَرَر
وارأفْ بنفسـك جَهداً حيـنَ آونةٍ
يَفْترُّها الـوقتُ لمّـا الأفْـق ينحسر
قلت: انتهي عنك ما قد نِئْتِني سَأماً
لا يُبتغى المجـدُ مَمّن رابـه الضَجَر
كم قلتِ أنتِ: حَذارِ المجدَ مدرجَه!
نفسي تنـازعني، هل ينفع الحـذر؟
ما كان في الروح مني امتصَّه شَغَفٌ
يَعُبُّه المجـد مـا في مـائه القَـرَر
هل يُطلب المجد مَمّن جاسه خَدَر؟
فيه السكون، أجِبْني أيهـا العُمُـر!!
أو يُطلب النخلُ مِمّن سَعْفُـه يَبِسٌ
في طَلْعِه الوَرْسُ حيناً غادر الثمر؟!
مَن بدّل الحال سُوءاً مِن براثنه؟؟
يجري بهـا عَفَنٌ، أو مـاؤه العَكِرُ
أو صيّرَ المجـدَ ذلاً خاب ناشده؟
يسعى ..... ويَنْهـر سعيَـه الحَدَرُ
ناشدتكَ اللـهَ عُدْ من غير مكرَبة
فالمَدُّ في البحـر يـدنو ثـم ينحسر
والشمس ترسل من نيرانهـا لهباً
حتى تعـافَ شـروقاً ثـم تنكسـر
أين المحـدِّثُ عني صـابه خَفَتٌ
كان البشيـرَ بمـا قد زفّـه الخبر
عن وَقْعِ ضرغـامِ الرَّحى لُججـاً
يستأنسُ الموتَ فيها ضعف مـا يَذَر
من مَشهدِ العزِّ لا يخشى به وَجَلاً
في شَمْلتَيْه يَبـان النصر والظَفَـر
حين التقى المجدً بالعليـاء يومهما
قد ساقه العـزُّ سـاعةَ سـاقه القدر
يمشي تفجّـرُ بركـاناً سـواعده
في مَحْفَل المجد قد حُفّتْ به الصور
كيف استطاع حيـاةً والبَلا حمماً!
هنا يمـوتُ ليحيـى خلفـه الأثَـر
ما كان منه، فَمِنـه الآن أسوتُنـا
أفخِرْ به الذكرَ مـا قد زفّه الخبر!!
فاشدُدْ قِواك، أراك المجدَ أجمعَـه
وانْهَدْ خُطـاك فَداك السمع والصبر
يا أيها الصخرُ جَلمـوداً بوقعتـه
والفـارس الفذُّ حيـن الفذُّ يُذّكـرُ
 
إنـي عهـدتك لا ترضى بمكرَبة
الآن ترضى بمـا قد شانه الكدر؟!
إنـي عهـدتك قبلَ المجد مولدكم
والعزُّ أنت وإن آذاك من سَخَـروا
فهيِّئِ الـروح للأمجـاد مـوئلها
وأدرك النفسَ حين النفسُ تحتضر
إنْ ما يزال من المشكـاة شعلتُها
ذاك البصيصُ ليسريَ خلفه البشر
فقد خَبَـا النور لا تشقى به سبباً
منه المصـابُ إذا ما النـور يندثر
حسن محمد نجيب صهيوني

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى