الأربعاء ٢٧ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٠
بقلم موسى حوامده

أخشى المساحة التي تلي العَتمة

لن أسامح الضجر
سأُلقي به في سلة المهملات
وأعودُ سريعاً إلى حانة الخريف.
يمشي بنا الوقت
تمشي بنا الأكاذيب
نعلق حبل النهار على سطح الأمل
نرمي الضحية تلو الضحية
نستبد بجيران الأسى
نكتب شعرا في مديح الخسة
نسكب شاطئ النار في جبة العصيان
يتولى العمى بناء المعجزة.
آه من شجر منزوع الأغصان
أه من شعراء نكرات
آه من حكام عجزة
يرمون الشعب بالجهالة
وآه من أمم تنافق للذباب
كي لا يتعكر طعم الهوان.
أخشى المساحة التي تلي العتمة،
في ضوء الفجر النازف من يد النجمة
قالت لي البنت الصغرى
ضمني إلى مجرتك
أخشى الليل يقايض العتمة بشهوة النار.
مستوى الأرض
أعلى قليلا من حذاء الغيم
هنا تتساوى الرؤوس والجذور
الكائنات سعيدة بالانقلاب الطبقي
قشرة الأرض تحك وجه القمر
كفن السماء جريح.
بيتي مدينة للعقارب
بيادري زائفة
أجمع الحصى من طحين الخابية.
ليتني عصرت الشفق
بيدين من كحول.
للبيت حارس ليلي
يقي السكون من عسس الوشاية
يقي الروح من عناء التشرد
ليتني شارد وحيد في غابة الذهول.
نمتُ طويلا في سرير التأويل
لم يكن معي سواي
نمت مئات السنين
في باطن الحوت
لم أصح بعد من غيبوية الحكاية.
سأظل كما غصن زيتون
أخضرَ مثمرا ومائلا للأرض
أحني أوراقي للشمس
أحك جذعي كلما مر طائر
أتشبث بيد الجبل
كي لا تكسرني العاصفة
أحمي ساقي من فؤوس القتلة
ولا أقي رأسي من نعيق الغربان.
ذكور النحل تزن فوق رأس الوردة
تعتدي على هناء الوردة
تمتص رحيق الوردة
تلسع الهواء إن مسّ حدودها
تحلم بمطاردة الملكة
تبيت على جوعها وفي عفتها
إلى أن يحين موعد الغرام
تكسر كل صبرها وتنسى دم الوردة.
 
لن أحطَّ من قيمة الصفصاف
جبرتُ خاطرَ الكمان
بيدي هاتين
كسرتُ نظرة الفريسة
بحقها في الجوار.
أيّ فراق يسبر غور الخطيئة
أي نجاة من حريق غرناطة
ومن عار المغزى.
لم يتسن للشقي لملمة الياسيمن
سفينة المدى هادئة
وبعيدٌ بعيد صوتك يا بحر.
لأدور في حديقة الجنون
أكتوي بنار الكراهية
أحمل حجر العناء
بعيداً عن طنين الذباب.
ملكني الحنان
وضعت زهوي في كف التراخي
رميت عقلي في مجرة الحيرة
لم يعترف بالمسافة بين الخيانة والكسل
بين الحكمة والنوم
بين الرجاء وشرفة الرجاء.
استوى البياض والأمل
ترفق الصدى بجريمة الناي
أغوتني البدايات
ألهبتْ حماسي البروق
ضيعتْ مهادي العاصفة
تمزق فستان الكبرياء
تفرقت النزوات
تبدى السهل محروقا
والجبل جافلا.
بعيدا عن مساقط الشهب
تهادى وحش الرقة.
ليس بين الصيف والجناية
سوى خيط قبح خفيف.
البيت مليء بالنفور
والقبلة لم تعد تغري.
ما كنت مليئا بالحكمة
كانت مياه النهر دافقة
ما كنت خاويا مني
كانت يداي تتشبثان بعرف البحر
وهروب المعنى.
اللعنة ضاقت بحارس التابوت
حَلَّقت بي قريباً من جنازة النهر.
جدلٌ يفضي لمقبرة الزهور
خشية الفقد بدّدتُ كرامة الحقول.
لعابر السهوب
سكبت لبن الضغينة.
لأجدد التحية لوجه الغرور
أكسر عصا الطغيان
أفك عصمة الخزف.
تهشيم رأس الوشاية
ليس ضرورة شعرية.
 
ليكن ما كان
ليكن ما سوف يكون
ولكن ...
من أنا لأصفع الشمسَ بيد المساء
من أنا لأحبس الغيم في حدقة الخوف
ومن أنا لأحطَّ من قيمة الصفصاف؟
لا تتوقف الرذيلة عن استحضار زينتها
لا تتدفق الحقيقة من فم الجدول
تسرع الخطى لتُكتب آثار الأمير المهزوم.
 
وانت تفركين وجه الصباح
بيدين باردتين
تعطينني حبة الدواء
تغسلين فمي من لعاب الأرق
أشعل السيجارة وأرحل في البعيد
هناك أراك
في صحراء الربع الخالي
نخلة طويلة
وعلى وجه السماء غيمة تمطر في صدري

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى