الخميس ٣٠ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٠
بقلم مريم الهادي

انتهى الأمر...

انتظرتُ بطول السنين، وثبات الجبال، وتمايل الأشجار.. نعم، كانت سنوات عجاف، رأيت فيها أصناف المرارة والألم والضمور..!! تأتي اليوم بعد سنوات الجفاف الطويلة وتريد مكانا ..!!
آسفة لم يعد لك مكان، ذبلت زهرتك وماتت منذ غادرتها، ماذا تظن؟! أنها صخرة، رمل.. لا خلايا وشرايين، لقد اكتوت بنار البُعد حتى ذوت، نعم، قد يبدو لك أني لم أتغير، تقول مازلت كما أنت نهر للحب، عين للعطاء.. عزيزي إن النهر قد جف، والعين غارت، لا يغرك الظاهر من شكلي، ولا الخادع من ابتسامي، فأنا بقايا إنسان..!! ماذا تجدي عودتك؟ لقد جئت في المكان والزمن الخطأ، كنتُ أنتظرك وأتلهف لسماع أخبارك، وأتطلع إلى الصور على اختلافها لعلي أجد صورة فيها منك عسى أن تخفف اضطراب الروح. كانت كل لحظة تمر وأنت بعيد عني تحولني إلى رماد.. أنقاض..!!

أحايين كثيرة لا أستطيع لها حصرا تتساوى عندي الظلمة والنور بل يتصارعان ليكون النصر للسواد..!!

تقول إني وفية! انتظرتك كل هذه السنين لأني بصراحة صورة بلا ملامح بدونك، لا تقل كلمة الحب فأنت لم تعرفها ولم تطأ نارها، من يحب أيها العزيز لا يهجر، لا يفكر في نفسه بل يذوب في محبوبه ليصبحا روحا واحدة، يرى الدنيا بعينيه وينبض بقلبه، ويبطش بيده، وإن كنت أشك في مسألة البطش هذه فهو في العادة يهادن كل شيء، يعشق كل شيء يحيط به، يصبح كتلة حب .. الحب الذي لا ينفصل عن العطاء ليبذله للكل للعدو قبل الصديق، للبعيد قبل القريب، للساكن قبل المتحرك، للنسبي قبل الثابت المؤكد، من يعانق كل شيء حوله لا يدوس بقدمه بعنف لئلا يُؤذى كائنا ضعيفا، ولا يرفـع رأسه للسماء خشية أن يصطدم بمـن ضل الطريق .. مـن يمشي ونور العطاء والحب ممتـد من بين حاجبيه ..!!

أتريد أن تغير رأيك الآن وتقول إن سوءا قد حل بي، لا، اطمئن فقط حين كنتَ بجانبي كانت نظراتي لا تجاوزك، وبعدك اتسعت لتعم الوجود كله، تماما مثل ما تفضلت، خسرت كل ما تراه من حب.

آسفة لا تطلب مني بعد هذه السنين حصره فيك، أنت من تخلى عنه لأنك كابرت ولم تنظر إلى جماله في عيني، لا أنكر أنك أحببتني لبعض الوقت أما أنا فكل الوقت.. وأخذك طاحون الحياة الكبير، أوليس هذا الذي يجلس في السيارة ولدك؟! أنا لا ألومك بل بالعكس أنا أحسدك على قدرتك على مجاراة الحياة بكل ألوانها.. يحق لك أن تقول ما تشاء، وأنا لا أرى مشكلة أو ضيرا في نزولي من المدينة الفاضلة إلى واقعكم!! أيضا أعلم أنها خيال كاتب، ولكني اعتنقتها ورسمت بيوتها، وجسدت شخوصها، وأنطقت مشاهدها، نعم، لم أنس أن أسربلها بالعاطفة.. لا شيء يقف أمامها..!!

أو حقا تريد أن تتزوجني؟! ألا ترى أن الوقت قد فات؟! تعوضني عن ماذا؟! عن قسوتك، عن هجرك، أولم تكن في يوم من الأيام زوجي؟!! أنت من تخلى وترك غرتك المدنية والمظاهر الخادعة التي ترشفتها بلذة المحروم، وكأنك لم تعرفها ولم ترها معي..!! أرسلت بعد تسعة أشهر ورقة طلاقي.. بسببك كفرت بالحب والعلاقات الإنسانية، شوهت بفعلتك صورة كل الرجال! أي حب هذا الذي يدفعك إلى الطلاق بهذه السرعة!! أشفقت عليّ من الوحدة! ليتك لم تشفق عليّ، وتركتني أحبك، لم أكن أريد شيئا من هذه الدنيا إلا هذا الحب، واقتران اسمي باسمك، ولكنك تصرفت بشهامتك التي ظننتها كذلك حتى أرى حياتي، لقد فقدت الإحساس من بعدك، لا تكترث لما ترى في عينيّ، فهذا الوقت من السنة تصيبها حساسية!! لا، ليست دموعا فقد نشفت منذ زمن، أي بقية من عمرك أو عمري لنقضيه معا؟!! فالفرصة لا تأتي إلا مرة وأنت لم تضعها بل دست عليها.. ماذا يفيدك إن عرفت أني مازلت واضعتك في أحداق العين أم لا؟ فلم يعد ذلك حقا مشروعا أو مباحا.

أرجوك لا تحمل نفسك أنقاض السنين.. لقد ملّ ولدك من الانتظار، فيكفي النار التي أوقدتها من سنين وتحاول اليوم إشعال رمادها.. لا تحزن لم أكن أقوى قبلا مني اليوم، لقد تحررت من حبك لأحب العالم. اذهب لحبك الخالد بخلود الأيام..!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى