الجمعة ٢١ كانون الثاني (يناير) ٢٠١١
بقلم عبد الجبار الحمدي

تقوقعات قوقعية متوقعة

حمل فكره بين خبايا جيوبه التي ملأها قصاصات ورقية، فكل قصاصة بها سطور لحكاية مرت في رحيل ركب، تناغمت معها دموع لفراق مع غصة ... رحل كل شيء جميل في حياته، فدونها ذكريات لماض قريب أو بعيد، بني لنفسه هالة من خيال، ارتدى فيها ثياب ذات نقوش، منها ما هو اسود، ومنها ماهو اصفر، والكثير منها يسوده اللون الزهري، علق نفسه قنديلا في سقف أمنياته، التي تكفنت بقايا ايام يعدها مع أنفاس متهرئة، نسج لنفسه قوقعة جدرانها ملساء، ما ان يرتقيها حتي تنساب هاربة لحظات الأمل، تلك التي أرادها أن تعتنق من كل الكتب السماوية رحمة ورأفة لطموحات مشروعة، لم يؤمن بالجدران الخشنة، التي تلصق بها كل بقايا النفوس والأحلام المريضة، على نتوءآت الحياة ملقية بترا تيم وأجراس كنائس دموعا في وقت صلاة، بعد ارتكاب ذنوب ومعاصي، دخلت أحلامه بين خطوات رجليه، تسير به ونسيجه الجديد، يرى العالم بمنظار التكامل يجر معها أصوات نامت في فترات اللاحياة، دحرج أمامه توقعاته، التي أمل أن تبتسم في خلال زهوه الجديد، اخرج قصاصته حين سرحت أمانيه في صخب اللغو المتداول بين الناس عن هموم وشكوى من عجز وقصور في موارد، دوى انفجار أطار حلما بدء يحبو مع ابتسامة رسمت بدايتها بتموجات شفاه، ولكنها اختبأت هربا من

فزع، طوي نفسه كقصاصته واسلم لرجليه أرضية صلبة للخروج مسرعا، غير آبه بما حدث، لم يعتريه الفضول كغيره، دخل في زقاق من أزقة المدينة المزدحمة بتقرحات وألام الكثيرين, شاهد للعذاب ألسنة تتطاير فوق العديد منهم، وتراهم قد خلقوا لأنفسهم قواقع، كالتي بناها لنفسه، أحس بالقرب منهم، سار إليهم، جلس معهم، شكي لهم وأستمع منهم،غارت نفسه مع كؤوس مجانية لشراب يدخله عالم المزاج النرجسي ساهم في نظرات إلى كل الجالسين والواقفين، وقال: هل أخبركم عن أحلامي؟ لم يلفت انتباههم حين تحدث، قفز على احد الطاولات وصرخ ... يا عالم الضياع بين بقايا بشر، هل أروي لكم قصتي؟؟ هربت بعض نظرات من خلف بشر ألبسوا قواقع تحجبهم عن واقع الحياة بإرادتهم، والكثير رغما عنهم، رفع رأسه سحب قصاصة ورقية، رزم نفسه، ألبس جسده تلك النقوش، وقال: لقد صبغت حياتي بثلاثة ألوان .. الأسود.. وذلك فرحا على سنين انزلقت مسرعة تحمل ألامي من عذابات الزمن، وحيلولة التأقلم بين القواقع البشرية، التي غاصت في أعماق البشر، لتسرق أحلام في زمن عبر منه كل إخطبوطات العالم، ليلتصق بجدران قواقعنا الملساء، التي قشطت حتى ألغي التفكير فيما أنت لنفسك،

أم انك مشروع بيد الآخرين في حال احتياج لجسد ليوم ارتقاء لمنصب؟! أما الأصفر.. فهو صبغة الحياة الجديدة، لمرضى عوالق العيش في قباب دبلوماسية، بين سطور بقوالب حلزونية تعلوها قرون استشعار، لتعلن مسميات الأشياء الجديدة في زمن ما بعد التقوقعات المتوقعة لتلك الحياة، أما اللون الزهري.. فهو ميلان العزف الجنائزي إلى موسيقى القرب، للاحتفال على آهات ومعاناة الآخرين، تعلوها مسميات العهد الجديد في خضم التناغم الممزوج بسكسافون الغرب، خلال عهود واتفاقات في احد القواقع المتقوقعة بتوقعات التقسيم، والبيع مقدما، وبصيغ الوطن ملك الجميع، عبر الوجوه المحتفلة في تأبين جنائز، الكل حمل أزهارا زهرية اللون، أكاليل لوضعها على مراقد خلفها الزمن القديم، والجديد، كل بطريقته ومسمياته الحديثة، شئنا أم أبينا،

نحن قواقع حلزونية، في أجساد سلخت منها الحرية، لتكتسي ملابس شفافة تكشف عوراتنا للآخرين، أُقفلت عقولنا على مسميات دينية، إن خرجت بغيرها رجمت اغتيالا، حُجمت عقولنا بإحداث أزلية من أجل موبقات حديثة، تحت عناوين شريفة مبطنة بعفونة الحلزون الميت داخل قوقعته، هل فهمتم رسالتي أيها المتقوقعون في أزقة الزمن الجديد؟؟؟ أم تراكم في سبات، لم يكترث احد له، فالكل في تيه وخدر وسلطان مزندق، ملأ أجفان عقولهم تيها في خداع، نزل من سطوة العبارات إلى غياهب شوارع، قادته وقصاصاته إلى نزف من الدموع، بحرمان الحياة من الخروج من أغطية قواقع جديدة، بعد أن خلع القديم عنها، كما كان متوقع ..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى