الجمعة ٢٨ كانون الثاني (يناير) ٢٠١١
بقلم فلاح جاسم

رائحة ُالرَمَاد

بسمة ..للصداع والقلق جيوش لا تهدأ أبدا، لا تكفّ عن مهاجمة العاشق، تـُحمّـل رأسه بأطنان من اليأس، بالخوف من فقد حبيبته، فيحس فجأة كأن السعادة ورقة في يد طفل يمزقها، دون أدنى تفكير أو تردد. تنتصب أمامه أبراج من الرماد، ولا يحسّ سوى بطعم الرماد ورائحته.. أصعب شعور في هذه الحياة هو أن تشعر بالعجز، وتحاول عبثا شرب المزيد من الشاي الأخضر كي تخفف من سعرات الحب الحرارية في قلبك..

أيها القارئ الكريم، سأبوح لك بسرّ، وأرجو أن يبقى بيننا؛ هذا الكلام ليس قصة قصيرة، ولا طويلة، ولا خاطرة، وليس مقالا، هو رسالة أرسلتها لحبيبتي..

حياتي نهر طويل من الكلمات، ووحدكِ المعجم؛ أي لا يستطيع فك شفرة قلبي ومخي سواك، من أين أتيتِ؟؟؟ يا امرأة من الخزامى، جعلتِ قلبي كلون شقائق النعمان، وعالمي مضمخ بعطرك.
بعد قليل ستحلق الشمسُ ذقن الجبل يا عزيزتي وتطرد عن وجهه المساحيق، ويصبح كل شيء طبيعيا. لقد طرد طيفك كل ما اختزن في مخيلتي، وعقلي ، أي قدرة عجيبة لك على "فرمتة" الدماغ والقلب، حتى باتا لا يذكران شيئا سواك!!!

أيتها الغالية، هل سيكون حبك عزلة، أو موت هادئ..هل سيكون مستقبلي حكاية عاشق متسول بين تلال الرماد؟ ينتظر عودتك؟ كثيرا ما يأخذني خوفي من المستقبل في أنفاقه، ويتقاذفني ككرة بين أفراد عائلته، وليس لي أمل سوى أن أرى عينيك.

في الأمس نويتُ أن أخلد إلى نومي، ذكرياتك فتيات جميلات تدغدغ قلبي وذاكرتي، ولم أستطع النوم حتى ساعات الصباح الأولى. احمرار عينيّ في المرآة ليس الدليل الوحيد على عشقي لك..هناك ما هو أكبر منه؛ احتراق قلبي بدون إذن مني. قلت لك: أصبح (موبايلي) ثملا بصوتك.. وطار قلبي كورقة خريف، صفراء تذروها الرياح، وجاء إليك..آه يا لؤلؤة النبيذ المعتق، الذي لم أذقه طوال عمري، هل ستكون نهايتي في غيبوبة دائمة عند شربي له؟ هل سيأتي يوم وتقولين: حان الفراق... ونعلق قلوبنا الجريحة على أكتافنا، ونرحل باتجاه الأفق المحمرّ عند مغيب الشمس، يحترق هو الآخر.. تتسابق عقولنا في (مارثون) استعادة ذكرياتنا الجميلة، وما كنا نحلم بتحقيقه في هذا العالم.. فنجترّ ساعات سعادتنا القديمة، نمسح عنها الغبار، كشيخ يمسك بتحفة يحسها جزءا من روحه..

هل أنا حالم ببناء قلعة على ظهر الماء، وأنت لستِ سوى عروس بحر؟؟ أرجوك قولي لي، هزيني انثري الماء في وجهي كي لا أتمادى في أحلامي، كي لا أجمع العالم كأوراق الشدّة(البلوت)، وأعيد ترتيبه على هواي، أرجوك حجميني، ضعيني بين قوسين، كما فعلتُ أنا مع الكلمة قبل قليل.. دعيني استفيق من أوهامي، وأنفض ملابسي من رائحة الكتب.. وعبق تاريخي الذي هو أنت فقط، من أيام ممالك اليونان والرومان. هل سيشعل حبنا حروب طروادة، التي خلدها التاريخ؟؟ لكن من أين لنا بـ"هوميروس" جديد ليكتب ملحمة العشق، وانتحار الخزامى؟ أحسُ أني كلي طوابع وأنتِ البريد.. هل سيأتي يوم وتعيشين وحدتك أيتها الحمامة الحزينة، بعد أن يحترق العش، ولا يبقى من عاشقك غير الرماد؟؟

كوني على ثقة، ليس كل امرأة تمرّ أمام العين تـُدق لها في القلب والروح أجراس الإنذار..ويعلن الجسد حالة استنفار عامة.. قولي للبكاء والدموع ألا تهرول خارج العين، وتفضح بريدنا، وتـُصادر جميع رسائلنا، وتصبح مستمسكات عامة مشاعة, ومعروضة في متحف الحب، بعد أن يفقد متحف "اللوفر" جميع زوراه..

أين خطّ النهاية أيها العدّاء...والنِبال تـُسمّرُ الأقدام؟
أيها القاريْ الكريم، أرجوك انسَ ما قلته، فهو ليس إلا هذيان ما قبل النوم، رويته لك.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى