الثلاثاء ١ آذار (مارس) ٢٠١١
بقلم غزالة الزهراء

امرأة من نار

ساقتك قدماك اللتان لا تقويان على حملك إلى ذلك المقهى الذي يقبع شاردا باتجاهك على بعد أمتار، انزويت وحيدا، مذبوحا حتى العظم كأنما العالم برمته تقيأك من مداره، ونبذك في قلب العراء لينفخ في شرايينك سموم التهكم، والتبجح، والانفعال، وليشن على موقعك الآمن حربا شنعاء، حامية الوطيس غير محمودة العواقب، متقوقع على نفسك في انكسار مثلوج مميت، تجتر تلك الصدمة الحنظلية الطعم التي تلوثت بقطرات دمك، ونبضاتك، وأنفاسك.

عيناك المشويتان بوهج العذاب تبحلقان في الفراغ الرمادي الكسيح منقبتين عن بصيص أمل مخضوضر زاه يذيب جليد التشاؤم المتراكم عن كاهلك.
حاضر غائب أنت في الحالتين، غير واع عما يثار حولك من همسات زوبعية مقيتة، وغمزات لئيمة، وتعليقات عشوائية مؤذية، خيالات اليأس المتعجرفة تتمايل على مرآى منك، تثير عواصف اشمئزازك، وحنقك، وجنونك، تمتد أياديها مشوهة المنظر إلى عنقك قصد اغتيالك، وإبادتك.

تصدعات روحك لم ترمم جوانبها بعد، ما زلت تحت تأثير الصدمة الهالكة تعاني، شبح الخيانة المفزع يطاردك كلعنة من السماء أينما حللت، ينغرس بقوة لا عهد لك بها في ممرات دماغك، يأبى بوقاحة مفارقتك، ويلتصق كصمغ الخشب بجلدك ودمك.
ـــ يا لفظاعة خيانتها!
هاجمتك قشعريرة باردة كالصقيع ارتج لها جسدك، وأن لها فؤادك وأنت تبصق تلك العبارة من حنجرتك، الخيانة رمح قاتل، إعدام مؤبد.

بإحساسك الجارف النبيل ترفض عن قناعة أكيدة ما التقطته عيناك في تلك الأمسية المشؤومة، رجل غريب تطأ قدماه الموحلتان صحن بيتك، مجهول الهوية، قادم من قلب الفساد
زوجتك التي رفعت راية الخيانة ما هي إلا امرأة من نار، مغموسة من رأسها إلى قدميها في حمأة الرذيلة واللاشرف.
يستحيل أن تكون على شاكلة النساء العفيفات اللائي يطمحن إلى الحفاظ على عشهن الزوجي الحميم المتين، يستحيل أن ترقى بين ليلة وضحاها إلى مرتبة الفضيلة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى