الخميس ١٠ آذار (مارس) ٢٠١١
بقلم ياسمين محمد عزيز مغيب

مَغِيبُ اليَاسَمِينْ

لم أكن أدري أنك راحل، لم أكن أتخيل أنك تاركني، إلى أين الرحيل وأنا لا أزال طفلة ألتمس منك الحب والاحتواء، لا زلت أنتظرك خلف الباب الموصد لأرتمي بحضنك، وبسمة عيناك تلوح لي وقت الإياب.

أبي تركتني؟؟؟ تركت أشلائي ممزقة، تركت بقايا إنسان مكسور، مرارة تغصني، خنقت نجوى كل شيء جميل في فمي، لم أعد أدري أأنا على قيد الحياة أم أنني قصة أوشكت على الانتهاء، أشعر كأن الزمان أطبق علي كل مصائبه، وقرر أن يقتلني ببطئ، نعم خارت قواي، انهارت كل أحلامي، لم أعد أهوى الوجود، لم أعد أرجو الخلود، أمات أبي؟؟؟!!! أذهب حقا ولن يعود؟؟؟!!!

أحاول أن أتقبل الواقع، أصبر نفسي بأنه بجنة الفردوس لدى رب ودود، ولكن حبي لأبي فاق كل الحدود، وشوقي لأحضانه صارت نار تلتهب كلما لاحت صورته أمامي، فأغمض عيني لأحيا معه، وأظلم ضوء غرفتي لاستحضره وأخاطبه، ليشعر بي وألمسه.

كيف أسلو عنه؟؟؟ لا تطلبوا مني أن أصبر فقد ضاق صبري، لا تعللوا بأنها سنة الحياة، فأنا أدرك ذلك، وأنا مؤمنة بالله، ولكن قلبي ينزف نعم ينزف من فراقه، كيف السبيل إلى الحياة؟؟ كيف السبيل إلى الحياة؟؟
هو يرقد على تراب وكيف لي أن أنام على فراش، كيف آكل وألهو دونه، يالقدري؟ لا أحد يعزيني، فأبي لم يمت، نعم لم يمت، هو يحيا معي، يكلمني، يناقشني، يواسيني وأحيانا يعاقبني.

لكن يا ويلي يقولون مات أبي. هل حقا مات أبي؟؟ يا حسرة قلبي لو كان مات أبي؟؟؟ يا جرح عمري أحقا مات أبي، ولكني أراه أمامي فكيف مات أبي؟؟ أحاول أن أتماسك، أن أتحزم بالصبر، أقاوم ما بقى مني، أطلب منه أن يحتسب الأجر من الله، تعلو وجهي ابتسامة صفراء يراها الآخرون يتخيلون أنني سلوت عنه.
بين حنايا صدري جرح ينشب براثنه في فؤادي، تجتاحني ذكراك يا ساكن القبر، فإن كنت أنتَ مع ملائكة، فأنا مع بشر لا يرأفون، دنيتي أكثر ظلمة من قبرك.

أصمت والدمع قد نفد من روحي، أخشى أن أظهر ما في طيات قلبي، أُوثر الصمت والحزن القاسي يعتصر قلبي، أظهر زيف الابتسامة، ألجأ إلى خالقي فهو الوحيد العالم بما آل إليه حالي، أنتظر صمتا لا حديث بعده، صمت حتما سنجربه كلنا بيوم من الأيام، صمت يجمعنا مع الأحباب.

ذبلت عقود الياسمين، وتساقطت حباتها، عصفت بها رياح السنين، وآل حالها خلف تراب، فألقوا عليها بعض الرياحين، وغمروها بماء الورد، لم تترك لنا سوى الآنين، وقلب مكسور حزين، بعد موت أبي قد غابت كل الياسمين


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى