الاثنين ٤ نيسان (أبريل) ٢٠١١

رسالة الأسرة وأثرها في إصلاح المجتمع وتطوره

فاطمة قباج

للأستاذة فاطمة القباج عضو المجلس العلمي الأعلى

ألقيت بتاريخ 5 مارس 2011 بمناسبة اليوم العالمي للمرأة بمركب الثقافي الحرية بفاس
افتتاحا لأشغال مركز الدراسات و البحوث في قضايا الأسرة و المرأة بفاس لموسم 2001 و 2012

يغمرني الشرف والسعادة، وأبتهج وأنا أحظى بإلقاء هذا العرض أمام ثلة من العلماء والمثقفين والمهتمين بقضايا الأسرة.
وباعتزاز وتقدير أهنئ المركز الفتي على اختياره لموضوع المرأة والأسرة والطفل كميادين للبحث والدراسة، وهي ميادين حساسة لإرساء مجتمعنا على أسس قوية وسليمة.

إنها لحظات ممتعة تغمرني بإحساس جميل رائع وأنا أشارك في هذا اللقاء الأول لمركز الأبحاث والدراسات في قضايا المرأة والأسرة والطفل. وكيف لا أسعد وأنا بمدينة فاس العريقة، وبقرب جامعة القرويين العتيدة، فأنا بين من يحملون نفس التقدير والإعجاب لهذه المدينة الأصيلة مجدا وحضارة.

وإذا كانت الأسرة موضوع اهتمام كبير في الدول الإسلامية لما لهذه الخلية من مكانة وأهمية في المجتمع الإسلامي، فإن الدول غير الإسلامية تعيش مشكلة انفكاك الأسرة نتيجة هيمنة الفردانية، ونتيجة عدم خضوع الأسرة لضوابط قانونية وأخلاقية نعتبرها أساسية في النظام الإسلامي.

فما هي الأسرة التي نريد تحديد معالمها؟ وما هي سماتها ومواصفاتها؟
قبل الحديث عن الأسرة من المنظور الإسلامي، وموقف الإسلام منها كعنصر أساسي وفعال في المجتمع، أود تقديم بعض المفاهيم حول مكانتها ووظائفها.

فقد ورد في تعريف الاتحاد الدولي لمنظمات الأسرة: (الأسرة هي العنصر الأساسي للمجتمع، يمارس أعضاؤها وظائف، ولهم حقوق، وعليهم واجبات. والأسرة حقيقة واقعة لا يمكن الاستغناء عنها، وهي تضطلع بمسؤولية التربية والتكوين والتثقيف وتساهم في بناء الاقتصاد، وإرساء قواعد المجتمعات. وهي إطار طبيعي لتوفير تربية وعيش رغيد لأعضائها، وعلى الجميع أن يحترمها، ويسند إليها العون، ويوفر لها الظروف اللازمة للقيام بكامل وظائفها ومسؤولياتها).

الإعلان العالمي لحقوق الأسرة.

وفي حديث عن مفهوم الأسرة ووظيفتها يقول الأستاذ المرحوم عبد الهادي بوطالب:
يطيب لي أن أذكر هنا تعريفا جميلا للأسرة كتبته السيدة ديان كارو الكندية، جاء فيه: (هناك حيث تبدأ التربية، وهناك حيث تتشكل قيمنا الأخلاقية، وهناك حيث يتحسس البشر ببيئته الاجتماعية، وهناك حيث يعانق البشر الحياة، وهناك حيث يحتضن المودة، فذلكم هو ما ينبغي أن تكون عليه الأسرة.

وللأسف الشديد، فإن هذه المعاني لم تعد تسود الأسرة، وتحكم علاقاتها وسلوكاتها). انتهى كلام عبد الهادي بوطالب.
ومن البديهي أن للأسرة أثرا قويا في تكوين المجتمعات ونهضتها، فهي المربية والموجهة والرائدة في تطبيق التعاليم والقوانين، وإنزالها على أرض الواقع، وفي حضنها تتلقى الأجيال كل معاني الحب والأخلاق الفاضلة، حيث تلتقي القواعد الشرعية والمميزات الأخلاقية ويكونان معا المنظومة الإسلامية في عمقها وشموليتها.

وفي هذا السياق نجد المفكر الاسلامي الكبير وعالم القرويين الجليل علال الفاسي يعطي للأسرة مكانة سامية ويضعها في أعلى المراتب الكونية وقد أحلها منزلة لا تضاهى قائلا:

(إن الأسرة ذات أهمية عظيمة تفوق كل ما عداها من مظاهر الاجتماع، لأنها قصد كل المؤسسات الأخرى. فالمدرسة والمسجد، والمستشفى والمعمل، والحكومة والنادي،والجماعة الدينية أوالسياسية ليس ذلك كله إلا امتدادا لعمل العائلة وتعزيزا لجهودها، وكلما اضمحل واحد منها أو تضعضع أمكن للعائلة أن تؤدي واجبه، وتقوم بوظيفته: بينما لا تقوم جميعها بأي وظيفة من وظائف العائلة لو اضمحلت هي.

وهذا ما يبين بوضوح أن الأسرة هي الحافظ الأمين على بقاء النوع البشري وعلى تربيته وهي المظهر الأهم للأمة والحارسة لتراثها وقدسيتها).
انتهى كلام علال الفاسي

تبين من التعريف الأول والثاني أن الأسرة تحتفظ بمبادئ دينية وأخلاقية وتربوية، وتتمسك بأسس تنبني عليها الأسرة الكونية منذ القديم. وتبين من نظرة علال الفاسي للأسرة أنها مهد الحضارة الإنسانية والحافظة لكيانها، وليس هناك أنفع ولا أكرم ممن يربط بين حلقات الانسانية ويحفظها من الاندثار.

الأسرة في القرآن الكريم:

يخبرنا القرآن العظيم أن الله عز وجل أسس الوجود البشري بزوج وزوجة، وأن مولد البشرية كان بالجنة لحكمة إلاهية هي تعظيم الإنسان والسمو به ليتحمل مسؤولية إعمار الأرض ويملأها نورا وحكمة وعدلا.

ونشأة الزوجين في الجنة بالذات تكريم عظيم للأسرة وتعظيم للعلاقة العائلية. وقد وجه الله سبحانه وتعالى الخطاب لسيدنا آدم عليه السلام ولزوجته حواء في قوله تعالى: "وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة، و كلا منها رغدا حيث شئتما" سورة.البقرة
فهو اختيار إلاهي، وتكريم للأسرة التي هي أساس العمران البشري، إذ بها يتحقق التماسك المجتمعي على أساس القيم والفضائل التي تحملها.

ومما زاد في تكريم الله للأسرة أنه تعالى خاطب سيدنا آدم عليه السلام وجعله نبيا وأبا للبشرية جمعاء، ويقتضي هذا التكريم بالنبوةأن تأخذ الأسرة من أخلاق الأنبياء، وخاصة من أخلاق الرسول الأكرم محمد عليه الصلاة والسلام ولنا في الرسول أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر.

ولتحقيق الأهداف المتوخاة منها، يجب أن تقوم الأسرة على أساس الحب والتضامن وهو ما ورد في الآية الكريمة من سورة الروم: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون". فقد عبرت الآية أن الأسرة هي عشر يجب أن يتميز بدفء المحبة والرحمة، وبالشعور بالمودة والهناء، وأن يحقق للزوجين والأبناء الملاذ الهادئ المطمئن. وقد جعله الله مكانا آمنا لغرس الفضائل، وتغذية النفوس بالقيم الجليلة، والتعلق بمبدع الإنسان والكون والتفاني في محبته.
وهي ضمن الإطار الذي حدده لها القرآن تكون لبنة أساسية لبناء مجتمع إنساني متماسك يدرك معنى المسؤولية ومعنى إصلاح الانسان والمجتمع ثم ان العهد الذي بين الزوجين سماه القرآن ميثاقا غليظا في قوله تعالى: "وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذنا منكم ميثاقا غليظا" سورة النساء. أي عهدا شديد القوة. لذا يجب أن يسود العدل بين الزوجين في الحقوق والواجبات لتكون الأسرة في مستوى هذه الرابطة المتينة.

الحقوق والواجبات المتبادلة في الأسرة:

مسؤولية الأسرة تتبلور في حقوق وواجبات متبادلة بين الزوجين وبين الزوجين والأبناء. فهذه الحقوق والواجبات تنبني في الشريعة الإسلامية على أساس قوي متين أرسى القرآن العظيم قاعدته الراسخة، وعلى تلك الأسس الفطرية الجميلة بنيت علاقة الرجل بالمرأة، فعليهما أن يحيطاها بجو من الوقار والقداسة. ولتنظيم العلاقة بينهما جاء قوله تعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة" سورة البقرة.

هذه الآية الكريمة تتضمن المبادئ الآتية: وهي العدالة والمساواة والشورى وهي مبادئ تستهدف تماسك الأسرة بكل مكوناتها، ويحيطها بضمانات العيش الكريم والحياة الرغيدة.

ومن هذا النظام المحكم تبلورت قوانين الأسرة في الأخلاق والمعاملة والحقوق والواجبات.

 المبدأ الأول مبدأ العدالة وهو مبدأ يقرر العدالة التامة الماثلة في قوله تعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف"، وهو يقتضي أن الرجل والمرأة يتبادلان الحقوق والواجبات في شركة الحياة الزوجية دون تفضيل أحدهما على الآخر، وليس للرجل أن يبغي على شيء من حقوق زوجته وإلا كان ظالما مبطلا لمفهوم الآية الكريمة. وليس للمرأة أن تبغي على شيء من حقوق زوجها وإلا كانت ظالمة مبطلة لمفهوم الآية.
 المبدأ الثاني:المساواة: وهي مبدأ يقتضي توزيع الحقوق والواجبات بين الزوجين على سبيل التكافؤ والمماثلة الواضحة في قوله تعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" إذ ليس المراد من تماثل الحقوق والواجبات تماثلها الحسي العيني، إنما هو تماثل التكافؤ الذي يعود على كل منهما بما يرضيه لقاء ما قدمه لصاحبه.
 المبدأ الثالث:مبدأ الشورى: مما يساهم في استقرار الأسرة هو تطبيق مبدأ الشورى داخل هذه المؤسسة، فتصدر التدابير والقرارات بعد التداول والتشاور مبنية على التفاهم والتراضي لا على الرأي الواحد المنفرد. ويؤكد هذا المبدأ العظيم قوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم) سورة، لما في الشورى من نفع عميم للفرد والأسرة والمجتمع, فإذا طبق المبدأ داخل الأسرة انتشر وانتقل نفعه إلى المجتمع بأكمله. وتبعا لذلك تصبح حرية الفكر سائدة لا في الأسرة وحدها، ولكن في المجتمع بأكمله.

وكان رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو أسوتنا وقدوتنا يستشير أسرته وأصحابه في شؤون الدولة. وكان كثير المشورة، فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه: "ما رأيت أحدا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وهنا أشير إلى فكرة هامة وهي أن قيم الأسرة في العدل والمساواة والشورى هي بالضبط القيم الأساسية التي يقوم عليها نظام المجتمع والدولة. وهذا يعني أن المجتمع هو امتداد للأسرة، وفضاء فسيح للتعاون المثمر ولمجهودات الأسرة والدولة معا.

وقد سبق لنا أن سياسة البيت تقوم بين الرجل والمرأة على أساس دقيق من العدالة والمساواة والشورى، وذلك ينفي معنى القهر والاستبداد، ويوفر حرية الرأي وكمال الشخصية لكل أفراد الأسرة ويوفر للمرأة على الخصوص ما حققه لها الإسلام من مساواة وحرية في الرأي ومسؤولية وتكليف وإذا كانت المسؤولية في البيت مشتركة، وفي تربية الأبناء مشتركة، فإن هذه المسؤولية مشتركة أيضا في تسيير المجتمع وتوجيهه وتربيته، وهو معنى قوله تعالى: (والمومنون والمومنات بعضهم أولياء بعض، يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر). وللحفاظ على تماسك العائلة جعل القرآن لمسؤولية الزوج ميزة ودرجة أعلى، نظرا لمسؤولياته المتعددة، فإن الآية الكريمة تبرز هذه المسؤولية في قوله تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف، وللرجال عليهن درجة) فدرجة المسؤولية التي قررها الإسلام للرجل داخلة في حكم قوله تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) فالرجل قائم وقوام على المرأة بواجب النفقة، وبصنوف الرعاية والحماية. فالدرجة والقوامة في الآيتين هما درجة تكليف وقوامة لا درجة علوية قضت بها الخصائص الفطرية لكل من الرجل والمرأة قبل أن تقضي بهما الشريعة. والدرجة أو القوامة في الآيتين لا تعني القهر والحجر والاستبداد، ولا تعني إهدار شخصية وأهليتها ومقومات إنسانيتها، وإنما تعني أخذ المسؤولية بمساواة وعدل كما أمر بذلك القرآن، كل منهما حسب خصائصه الفطرية ومؤهلاته.

الأسرة والمدونة:

إن الإسلام أسس نظاما اجتماعيا شاملا، ومنه تبلورت أنظمة الأسرة وقوانينها. وقد توفقت مدونة الأسرة المغربية في الارتكاز على هذا النظام المتميز، وجعله مسايرا لمتطلبات الأسرة المغربية الحديثة، وذلك ما أكده جلالة الملك محمد السادس أيده الله عند تقديمه لمدونة الأسرة بالبرلمان. فقد أظهر حرصه وحرص المغاربة على اعتماد المدونة على المرجعية الإسلامية، وأنه لا يمكن أن نواجه قضايا إصلاح مدونة الأسرة وقضايانا الاجتماعية إلا في إطار مرجعيتنا التي تؤصل لكل قيمنا الدينية والاجتماعية.

والهدف العام من تعديل المدونة هو إقامة علاقة توازن بين حقوق وواجبات الزوجين على أن يصحح وضع الزوجة الذي كان يعاني سابقا من سوء التوازن.
وقد أدخلت على مدونة الأسرة تعديلات هامة منها على سبيل المثال المتعة وحقوق الطفل، فالمتعة قبل التعديل كانت قائمة ولكنها هزيلة لا تفي بحاجة الزوجة المطلقة، وبعد التعديل أصبح يراعى في تقديرها فترة الزواج والوضعية المالية للزوج، وأسباب الطلاق ومدى تعسف الزوج في توقيعه.وقد أصر القرآن على تمتيع الزوجة بقدر مناسب لما ذكر. قال تعالى: (ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف).

وفيما يخص الطفل أثبتت المدونة مقتضيات تتعلق بحقوق الطفل من بينها:
 أن حماية الطفل واجبة من الحمل إلى سن الرشد
• إرضاع الأم للطفل واجبة بنص الآية الكريمة: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) لما في ذلك من رعاية عاطفية وحصانة صحية.
 كما نصت المدونة على تربية الأطفال تربية دينية وخلقية تجنبهم العنف وتحميهم من كل استغلال
 حق الطفل في التعليم:فالتعليم الذي يضمن الكرامة ويؤهل للحياة النافعة في المجتمع، يأخذ مكانة هامة في حقوق الطفل وواجبات الأبوين والدولة. وعند افتراق الأبوين تتوزع هذه الواجبات كلها بينهما كما تنتقل بعد وفاة أحدهما أو كليهما إلى الحاضن.

المحور الثاني: سأتناول المحور الثاني للحديث عن التحولات التي غيرت مسار الأسرة في بعض المجتمعات المعاصرة غير الإسلامية.
ولا يخفى أن بعض المجتمعات المعاصرة أصبحت تتبنى مفهوما مغايرا للنظام التقليدي للأسرة حيث أصبحت الأسرة في بعض المجتمعات الغربية تمارس التعايش بين الرجل والمرأة بدون ضوابط وبدون عقد، ويجمع بين طرفيها رابطة غير شرعية أو رابطة بين ذكريين أو أنثيين لأنها تعترف بالشذوذ الجنسي.

فباسم حرية الإنسان في نفسه ورغباته أصبحت الأسرة ذات الطابع العصري متعددة الأنواع تؤسس علاقاتها خارج نطاق القيم المألوفة، وتعيش حياة متحررة من القيود. ووجدت الزواجات المثلية مكانها في هذه المجتمعات رغم كونها منافية لفطرة الإنسان ومعطلة لأهدافه في الحياة.

وقد لوحظ أنه حيثما تسربت قيم الحضارة الحديثة غير الأخلاقية إلى المجتمع إلا وقامت نزعة فردانية تعبث فسادا بالقيم الأصيلة التي قامت عليها الحضارات الإنسانية.

إن هذه النقائص التي مست الأسرة في الغرب وانفلاتها من القيم الأخلاقية ترجعنا إلى التأمل في مدى تأثير هذا التوجه على الأسرة في المجتمع. فهدف العولمة في العالم الإسلامي هو التقليص من إمكانياته الثقافية والدينية والأخلاقية بالتوجه للشباب إلى ما يفسد عقله ووجدانه، واستعمال كل الوسائل لإبعاده عن معتقداته، وطمس معالم هويته وثقافته ولغته فيتنكر لمبادئه وقيمه، أو يصبح تابعا لهذا النموذج العالمي أي العولمة التي تقضي في نهاية المطاف إلى الفوضى الاجتماعية أخلاقيا وفكريا. فما عناصر الأزمة التي تعيشها الأسرة المسلمة الآن؟ وما هي السلبيات التي نلاحظها في أسرتنا المغربية؟

نعم هناك سلبيات، فإلى جانب ما حققته الأسرة ببلادنا نجد أمامنا سلبيات تعوق مسيرتنا الاجتماعية ويبقى فكرنا منشغلا بثغرات محتاجة للعلاج وسلبيات تقض مضجع كل من له غيرة على هذا البلد الغالي منها:
انعدام التربية الخلقية، تفاقم الفساد الأخلاقي والآفات الاجتماعية كالخمر والميسر والمخدرات وما يؤدي إليه كل ذلك من تفكك في الأسرة وطلاق حتمي، وخلل في المجتمع.

وفي كل ذلك تتعرض المرأة للظلم والتعنيف مما يسيء إلى الأسرة والأطفال ويسيء إلى المجتمع بصفة ملموسة. ومما يزيد من تفاقم هذه الأمراض الاجتماعية ما ينقله الإعلام إلى الأسر من برامج مثيرة ومنافية للأخلاق، وما يقوم به الانترنيت من محاولات لتقويض الأسرة وإفساد كيان الناشئة والشباب ذكورا وإناثا مما يؤدي أحيانا إلى العنف في المدارس وفي الأسرة وفي فضاءات أخرى، وهذا شيء مريب ومروع في بلد مسلم.

الأسرة المسلمة في مواجهة أزمة القيم ودورها في الإصلاح:

مسؤولية الإصلاح من المؤكد أنه يجب أن تتكاثف جهود المجتمع والمدرسة والإعلام والمجتمع المدني للوصول بالأسرة إلى حلول جذرية وإلى نتائج ملموسة.

وإلى ذلك تشير منظمة الأسرة العربية: أن وضع الأسرة سيزيد تدهورا إذا لم نعد للتربية الدينية، وفي هذا الصدد يقول الدكتور محمد فاروق النبهان:
"والدين هو المصدر الأهم لتكوين القيم في النفوس ولتمكينها من الرسوخ في المجتمع، وكلما ارتقت المعرفة بحقيقة الدين، ارتقت معها مفاهيم القيم. والقيم الإسلامية مؤثرة بطريقة واضحة في العلاقات الأسرية، وفي القوانين المنظمة لهذه العلاقات.
إننا نريد نظاما متطورا للأسرة، يعمق الشعور بالكرامة، ويعزز علاقة الرجل بالمرأة، وينمي مشاعر التوافق والانسجام زيجعل الأسرة لبنة قوية محصنة من لبنات الكيان الاجتماعي ولا نريد صراعا مفتوحا بين الرجل والمرأة"
انتهى كلام الدكتور فاروق النبهان

إن حماية الأسرة في تماسكها ليست مسؤولية المرأة وحدها، بل هي مسؤولية الدولة والحكومات والمؤسسات والمجتمع المدني.
وقد دعا أحد المتدخلين في منظمة الأسرة العربية إلى تدعيم الأسرة وإلى إنشاء مرصد للأسرة العربية. ومما لا شك فيه أن هذا سيعزز من تماسك الأسرة العربية ويدعم توجهاتها وخطواتها.

مسؤولية الإصلاح ودور المجتمع:

ونقصد بالمجتمع:
 المؤسسات الحكومية التي تتحمل مسؤولية الحفاظ على الأخلاق العامة وعلى التوجيه الخلقي لكل فئات المجتمع في مختلف المؤسسات.
 المدرسة وهي في الواقع المؤسسة الأولى في المجتمع للتنشئة الاجتماعية والتربية على الخلق القويم، إذ فيها تتلقى الناشئة مختلف القيم على أساس علمي معرفي، وبهذا تتمكن ثقافة القيم من عقل ووجدان الطفل.
 الإعلام: وله دور أساسي بالنسبة لكل الفئات ولعامة الناس كبارا وصغارا، إذ تأكد أن للصورة والكلمة المنطوقة والمكتوبة الأثر الكبير على التوجيه الأخلاقي.
 المجتمع المدني بمكوناته: أي الأحزاب والنقابات والجمعيات، فإن لها دورا تأطيريا مؤثرا في سلوك الفرد كعضو في أسرته وفي مجتمعه.

وفي ختام هذا العرض، أود أن أقدم نظرة مقتضبة وخلاصة موجزة عن رسالة الأسرة وهي التعاون على رسالة الحياة.
فالإسلام شرع علاقة المرأة بالرجل على أسس فطرية جميلة، وقررها بين الزوج والزوجة من أصول التعاون على رسالة الحياة، وهي رسالة خالدة تبدأ بإنشاء الأسرة والتعبئة لتهيئ الأبناء وتربيتهم على المنهج الإسلامي القويم. وتتطور إلى إصلاح المجتمع على يد الأبناء الذين تزودوا بالقيم وتهيؤوا لتحمل تبعات مجتمعهم وأمتهم. فهم الورثة المؤتمنون على رسالة الحياة الخالدة.

فاطمة قباج

مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى