الأربعاء ١٣ نيسان (أبريل) ٢٠١١
بقلم جميل السلحوت

بيت شَعَر في حرم جامعة القدس

بناء بيت شَعَر في حرم جامعة القدس المؤسسة التعليمية الأكبر في محافظة القدس، أمر غير مستغرب لو كان بمناسبة اقامة مهرجان أو أسبوع للتراث الشعبي في الجامعة، أما أن يقام في مؤتمر يسمى "مؤتمر العشائر الأول" ويشارك فيه حضور شخصيات سياسية مرموقة، وسفراء عرب، ليتناولوا كأس ماء أو عصير أو قطعة معجنات، فهذا ما أثار دهشتي وحيرتي أنا وآخرون، ومنهم أبناء عشائر مثلي، وما كان ينقص بيت الشَّعَر الا دلّة القهوة، والفراش العربي، وقطيع من الأغنام أمام البيت، كي أشعر أنني في مضارب إحدى العشائر البدوية، وليس في صرح تعليمي يشكل عنوانا لتقدم شعبنا وحبِّه للعلم حتى في أحلك مراحل حياته، فهل جاء ذلك من باب اعادة الجامعة الى حياة البدو الرحل، أم للإرتقاء بالعشائر الى مرحلة الجامعات، أم للخلط بين حياة التمدن وحياة البداوة، أم ماذا؟ وفي الواقع فانني لا أعرف المقصود، وأعتقد أن القائمين على"المؤتمر" لا يعلمون هم أيضا، لكن هذا ما اهتدوا اليه، وتتضارب الاجتهادات فيما بين الأصالة وما بعد الحداثة في الشعلة التي أقيمت أمام البناء الرئيس للجامعة وقبالة بيت الشَّعر، لندخل عالم العولمة من أوسع أبوابه، أو من أضيقها، فما عدت أعرف الأمور، خصوصا وأن القدس التي نتغنى باسمها ونحملها أوزارنا لا تزال تقبع تحت احتلال أهلك البشر والشجر والحجر، ويحاول قَتْلَ المدينة جغرافيا وتاريخيا وحضاريا، وهل جاء بناء بيت الشَّعَرِ لتذكيرنا بأنه بديل لبيوتنا التي تهدم في وطننا المحتل وجوهرته القدس الشريف، واعذرينا يا أمّ كامل الكرد فلو قدموا لك بيتا من الشّعَر بدل بيتك الذي طردك منه المستوطنون وسكنوه لكان أفضل لك من الخيمة التي قدمها الصليب الأحمر الدولي لك، فبيت الشّعَر دافئ شتاء وبارد صيفا، ولو أن المؤتمرين تنازلوا قليلا من عليائهم ومشوا حوالي الكيلو متر ليروا مضارب عشيرة الصرايعة في واد"أبوهندي"ليروا كيف ينغص الاحتلال حياتهم، ويسد عليهم المنافذ جميعها، ليجبرهم على الرحيل من منطقتهم التي تعيق التواصل ما بين مستوطنتي"معاليه أدوميم" و"نيئوت كيدار" عندها سيرون نموذجا للصمود البطولي للعشائر البدوية، معتمدين على أنفسهم وعلى قدراتهم المحدودة، ولا ينتظرون حمدا ولا شكورا لا من جامعة ولا من حكومة، وهم الذين يستحقون شعلة الصمود التعجيزي.

ومما يثير الدهشة هو بعض ما جاء في توصيات المؤتمر المعدة والمطبوعة سلفا، والتي وزعت على الحضور قبل دخولهم قاعة"المؤتمر"حيث جاء في البند رقم4:"تدوين التاريخ وثقافة العشائر العربية في القدس لادراجها كمنهاج يدرس للعشائر العربية"فهل التراث مجزأ بين فئات المجتمع، ولا يجوز لفئة أن تقترب من تراث فئات أخرى؟ وهل هناك منهاج دراسي خاص لأبناء العشائر، وآخر لأبناء المدن؟ وأين يقع تراث الريف؟ هل هو بين هذا وذاك؟ وهل هناك فهم لمفهوم العشيرة والفرق بين القبيلة والعشيرة والحامولة والعائلة؟ وهل نحن شعب واحد ذو تاريخ واحد وثقافة واحدة وهموم واحدة وطموحات واحدة؟ أم ماذا؟ وهل من صاغوا الأهداف يدركون دلالات الكلمات والمصطلحات، أم أن صياغتهم جاءت عفو الخاطر؟ واذا
كان"المؤتمر"مؤتمرا حقا، فلماذا لم تراعَ فيه بدهيات المؤتمر، وهو ابداء وجهات النظر والنقاش حولها للخروج برأي واحد موحد؟ وهل يكفي القول بأن الأوراق المقدمة ستنشر لاحقا في كتاب؟ وهل انتبه القائمون على "المؤتمر" الى وجود أميين من المدعوين، وأن غالبية الحضور لا علاقة لهم بالكتب وبالقراءة؟

نسأل الله أن يحفظ القدس ومقدساتها، وأن يحفظ شعبنا، وأن يمكننا من حقنا في تقرير مصيرنا وإقامة دولتنا المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، بعد كنس الاحتلال وكافة مخلفاته.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى