السبت ٣٠ نيسان (أبريل) ٢٠١١

على باب السلطان في ندوة مقدسية

مسرحية الأطفال «على باب السلطان» للأديب الفلسطيني محمد كمال جبر كانت موضوع النقاش في ندوة اليوم السابع في قاعة المسرح الوطني الفلسطيني في القدس هذا المساء.

بدأ النقاش موسى أبو دويح فقال:

قسّم الكاتب مسرحيّته إلى ثلاث عشرة لوحة، أعطاها أسماء متسلسلة من اللّوحة الأولى إلى اللّوحة الثّالثة عشرة.

والكتابة على لسان الحيوان معروفة منذ القدم، ومن أشهر ما كتب في ذلك كتاب كليلة ودمنة المنسوب لابن المقفّع (روزبة بن داذويهِ)، أو الّذي ترجمه ابن المقفّع عن الفارسيّة. وهي أي الكتابة على لسان الحيوان كتابة رمزيّة، فالأسد يرمز لرأس الدولة أو الملك أو السّلطان أو الإمبراطور أو رئيس الجمهوريّة، والنّمر يرمز للوزير أو الوالي أو معاون الحاكم ومساعده، والذّئب يرمز للسيّء المخادع الخائن، والثّور والفيل يرمزان للقويّ المهاب، والثّعلب يرمز للماكر الخبيث المحتال، والحمار يرمز للغبيّ الصّابر على الأذى، ....، وهكذا. وبقيّة الحيوانات ترمز لعامّة الرّعية.

ومعلوم أنّ ما يكتب للأطفال بخاصّة يجب أن يكون صحيحًا مضبوطًا ومشكولًا؛ حتّى يتعلّم منه الطّفل ونجنّبه الخطأ ونعلّمه الصّواب من بداية الطّريق.

والغريب أنّ المسرحيّة -على قصرها- جاء فيها من الأخطاء ما لا يليق بكاتب له أكثر من ثلاثين سنة يمارس الكتابة، مثل:

في الصّفحة7:(اذهب إذا) والصّحيح إذًا حيث كان يجب أن يضع تنوين الفتح على ألف إذا.
وفي الصّفحة8:(يجلس الثّور على الأرض متعب) والصّحيح متعبًا؛ حال منصوبة.

وفي الصّفحة13:(هل تستطيع هذه القرون أن تقتل إنسان؟) والصّحيح إنسانًا؛ مفعول به.
وفي الصّفحة14:(أنا آكل عشب أيّها الملك) وكان يجب عليه أن يضبطها بالشّكل فيقول: أنا آكِلُ عشبٍ؛ اسم فاعل ومضاف إليه. أو أنا آكُلُ عشبًا؛ مفعول به للفعل آكُلُ. أو أنا آكِلٌ عشبًا؛ مفعول به لاسم الفاعل.

وفي صفحة16:(أعجب الأسد ومستشاريه بالثّور) والصّحيح ومستشاروه؛ معطوف على مرفوع.
وفي صفحة18:(وسيكون لنا مصلحةً مشتركةً) والصّحيح مصلحةٌ مشتركةٌ؛ اسم يكون مرفوع ونعته.

وفي صفحة25:(إذا أردت الحفاظ على حياتك أبقِ خوارك عاليًا) والصّحيح فأبقٍ؛ لأنّه يجب أن يقترن جواب الشّرط بالفاء؛ لأنّه جملة طلبيّة. و يجب اقتران جواب الشّرط بالفاء إذا كان جواب الشّرط جملة طلبيّة:

اسميّة طلبيّة وبجامد
وبما وقد وبلن
وبالتّسويف

وفي الصّفحة28:(يجلس الأسد وحوله مستشاريه) والصّحيح مستشاروه؛ مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الواو.

وفي الصّفحة31:(اللّوحة الحادية عشر) وفي الصّفحة34:(اللّوحة الثّانية عشر) وفي الصّفحة39:(اللّوحة الثّالثة عشر) والصّحيح عشْرَة في العناوين الثّلاثة لأنّ هذا العدد ترتيبيّ فيتطابق الجزءان تذكيرًا وتأنيثًا.

وفي الصّفحة32:(وأخبرنا عن نيّة الثّور في قتلك) والأحسن وأخبرنا عن نيّة الثّور قتلَك؛ مفعول به للمصدر نيّة.

وفي الصفحة35:(ألديك شهود آخرين؟) والصّحيح آخرون؛ نعت مرفوع للمبتدأ شهود. وفيها أيضًا: (إن قلت الحقيقة تعطيني) والأحسن تعطني؛ جواب الشرط مجزوم بحذف حرف العلّة.
وختامًا، على كتّابنا في هذه الأيّام أن يدقّقوا ويراجعوا ما يكتبون.

وقال سمير الجندي:

على باب السلطان مسرحية للأطفال مأخوذة من كتاب كليلة ودمنة

لفت انتباهي ما كُتب على صفحة العنوان الداخلية «جميع الحقوق محفوظة» ولكن لم يذكر لمن محفوظة، أهي محفوظة للكاتب أم لاتحاد الكتَّاب بصفته ناشرا أم لابن المقفع صاحب كليلة ودمنة؟

من الوهلة الأولى نجد أن الكاتب قد أخذ نصه هذا من قصص كليلة ودمنة، فسلخ ونسخ ومسخ، "بحسب ابن الأثير في المثل السائر" بل ولأنه لم يوثق بهوامشه مصدر نصه، فإنني لن أكون قاسيا إذا ما قلت بأنه سرق معظم نصه من كتاب كليلة ودمنة، وبالتحديد الباب الخامس قصة " الأسد والثور" ( )، في الصفحة الخامسة يقول: " يحكى أن أسداً جباراً كان يعيش في غابة استطاع أن يخضع جميع الحيوانات لسلطته، فاضطرت الحيوانات لمهادنته وعقدت معه اتفاقا يتم بموجبه تقديم الطعام للأسد يوميا وهو جالس في عرينه..." لقد وقع هنا الحافر على الحافر لأنه أخذ العبارة بحذافيرها تقريبا من كليلة ودمنة: " زعموا أن أسداً كان في أرض كثيرة المياه والعشب، وكان ما في تلك الأرض من الوحوش في سَعةٍ من المياه والمرعى، إلا أن ذلك لم يكن ينفعها لخوفها من الأسد، فاجتمعت وأتت إلى الأسد فقالت له: إنك لتصيب من الدابة بعد الجهد والتعب، وقد رأينا لك رأياً فيه صلاحٌ لك وأمْنٌ لنا، فإن أنت أمَّنتنا ولم تُخفنا فلك علينا في كل يوم دابةٌ نرسلُ بها إليك في وقت غَدائِكَ..."( )

وفي الصفحة السادسة يقول: " يسمع خوار ثور، يرتعب الحاضرون" فأخذ ذلك من كليلة ودمنة: " فبينما هما في هذا الحديث إذ خار شتربة خواراً شديدا، فهيَّج الأسد وكره أن يخبر دمنة بما ناله."( )، فإذا كان الأخذ قد زاد عليه الآخذ حُسناً وجمالاً في الأسلوب واللغة فلا بأس بذلك، ولكن إذا لم يزد على المستوى الأصلي ووضع النص المأخوذ في قالب ضعيف لغة وأسلوباً فإنه يعتبر مسخا مسيئاً لا أقل من ذلك، وهذا ما حدث هنا في هذا الكتاب الموجه للأطفال، إذ جاء النص ضعيفا مبتورا ركيكاً لا سمنة فيه بخاصة وأن المصدر الأساس هو كتاب كليلة ودمنة الذي كتب بأسلوب ابن المقفع الجميل، واللغة الرصينة التي لا أخطاء فيها، ناهيك عن الحكمة التي يزخر بها كتاب كليلة ودمنة الذي جاء على لسان الحيوان من باب الرمز المحبب، فكاتب المسرحية هنا أخذ ومسخ حين قال: في الصفحة السادسة عشرة: " أُعجب الأسد ومستشاروه بالثور، وكان الثور يروي الحكايات المسلية، ... مما أغضب الثعلب وجعله يحقد على الثور" وقد ورد ذلك في كليلة ودمنة: " فلما رأى دمنة أن الثور قد اختص بالأسد دونه ودون أصحابه وأنه صار صاحب رأيه وخلواته ولهوه، حسده حسداً عظيماً وبلغ منه غيظُه كلَّ مبلغٍ."( ) إن الفرق شاسع بين الأسلوبين، بل إنه لا مجال للمقارنة.

ينتقل الكاتب إلى مشهد آخر فيه تُحاك المؤامرة ضد الثور من قبل " الثعلب" في المسرحية صفحة (20) وهو بذلك قد بدل اسم "دمنة" "بالثعلب": يخطط الثور للاستيلاء على حكم الغابة... يريد الثور أن يصبح ملكاً للغابة بدلاً منك..." وقد ورد هذا اللفظ بمعناه في النص الآتي: " إن شتربة خوَّان غدَّار، وأنك أكرمته الكرامة كلَّها وجعلته نظيرَ نفسك، فهو يظن أنَّه مثلُكَ وأنك متى زُلتَ عن مكانِك كان له مُلكُكَ."( ) الثعلب هنا يحرض الأسد على الثور وبعد ذلك يتوجه إلى الثور ليحرضه على الأسد فهو يقول صفحة (24): " مستشاروه يكيدون لك لأنهم يبغضونك، إنهم يخافون من قرنيك ومن خوارك، لقد حذرتك، وإذا أردت الحفاظ على حياتك فابق خوارك عاليا" وقد ورد هذا النص في كليلة ودمنة:" يقول دمنة: حدَّثني الخبير الصدوق الذي لا مِريةَ في قوله أن الأسد قال لبعض أصحابه وجلسائه: قد أعجبني سِمَنُ الثَّور وليس لي إلى حياته حاجة فأنا آكله ومطعمٌ أصحابي من لحمه."( )

ولكن الأخذ يكتمل بعقدة النص وفي النهاية عندما ينفذ الثعلب خطته مع النمر والضبع بتلك الحبكة التي حاول فيها الكاتب تغيير شخوص القصة أو المسرحية فاستخدم الضبع مكان كليلة مرة واستخدمه بمكان الذئب، في قصة " الذئب والغراب وابن آوى والجمل" هذه القصة التي أخذها الكاتب وحولها إلى قصة الثور والنمر والضبع مع الأسد صفحة(29) بقوله: " الضبع: أشعر بجوعك الشديد يا مولاي، وأنا أقدم نفسي طعاما لك ولأصدقائك... فجاء الذئب ليجد له العذر بأن قال: إن لحمك قاس ونتن ولا يشبعنا أما لحمي فهو أكثر من لحمك ويشبع الجميع... ومن بعده يأتي النمر ثم يتقدم الثور الذي لا يتقدم من بعده من يجد له العذر ليصبح وليمة للجميع تماما كما حدث مع الجمل وابن آوى والغراب في كليلة ودمنة: " الذئب والغراب وابن آوى والجمل"( )
وفي نهاية " المسرحية" يقتل "الثعلب" بسبب مكره وخديعته تماما كما يقتل "دمنة" في (كليلة ودمنة)، كما أسلفت فإن نص المسرحية مأخوذ من كتاب كليلة ودمنة باللفظ والمعنى، وجاء بأقل مستوى ممكن أن يصل إليه كاتب، ولا أدري ما يسمى ذلك العمل أهو أخذ أم تضمين أم سرقة في وضح النهار أم هو إغارة، وقد قال بديع الزمان الهمذاني في مقامته الشعرية: " إن الإغارة على بنات الأفكار أشد من الإغارة على البنات الأبكار..."

فأين هي الأمانة العلمية التي علينا بثها في نفوس أطفالنا، تساؤل فيه عتاب وحسرة على من يحاول نسخ تراثنا العربي العلمي الثقافي وحذفه من أجندة التاريخ...

وكتبت نزهة ابو غوش:

على باب السلطان مسرحية للأَطفال للكاتب الفلسطيني، محمد كمال جبر. صدرت عام 2005 عن منشورات اتحاد الكتاب الفلسطيني –القدس رام الله.

في قراءتي للمسرحية وددت أَن أَتحدث عن عنصر الحوار فيها، لما لهذا العنصر من أَهمية فائقة في بناء المسرحية، ولولا الحوار لفقدت المسرحية جنسها الأَدبي، وذلك بجانب الحركة، والصراع.

لقد بيَّن (بنتلي) و(ميليت) في كتابهما " فن المسرحية" بأَن للحوار في المسرحية وظيفتين: الأُولى نفعية، والثانية، غير نفعية. فهي نفعية حين تساهم في تطوير عقدة المسرحية، وكذلك حين تساهم في الكشف عن الشخصيات، وتوضح أَبعادها المظهرية، أَما في حالة الوظيفة غير النفعية للحوار فهي أَنه يُمتِع القارئ، أَو المشاهد لما به من جماليات، لكنه يكون ثانويًا إِزاء الوظائف الأُخرى.

ماذا عن الحوار في مسرحية باب السلطان؟

وظَّف الأَديب محمد كمال الحوار في مسرحيته كلها، عدا تدخيله الراوي في البداية، والوسط والنهاية.

دار الحوار بين شخصيات من الحيوانات: الأَسد والثعلب والنمروالذئب والضبع والثور، حيث كشفت تلك الشخصيات عن مظاهرها، وصفاتها الأَساسية، مثل المكر والدهاء، والقوة، والطيبة، وكذلك بعض الصفات الخارجية نحو السمنة، والنحافة، والحيوانات المفترسة وآَكلة الأَعشاب. استطاع الأَديب جبر أَن يطور من خلال الحوار العقدة المسرحية، حين تآمرت باقي الشخصيات- الحيوانات- على الثور للقضاء عليه، كما استطاع من خلال الحوار أَن يتوصل إِلى الحل النهائي، وهو قتل الثعلب بسبب مكره ودهائه، وإِبعاد باقي الحيوانات بسبب المساعدة في المؤامرة، أَمَّا النتيجة النهائية وهي بقاء الأَسد ملكًا دون مستشارين، وفقدان الثقة بين جميع حيوانات الغابة، وقضاء القوي على الضعيف، فقد عبَّر عنها الأَديب من خلال الراوي في آَخرالمسرحية، ربما اختصارًا لزمن المسرحية، أَو من أَجل إِيصال الفكرة مباشرة للأَطفال، دون أي عناء في حين كان باستطاعة الأَديب أَن يعبِّر عن فكرة سلطة الأَسد على الغابة، وبُعد الحيوانات عنه من خلال حوار شخصية الأَسد أَو غيره من الحيوانات، بأَن يقول مثلا:" أَنا الأَسد ملك هذه الغابة، وملك جميع الحيوانات، لا أُريد معاونًا ولا مستشارًا، وسوف أَحصل على طعامي بجهدي وتعبي، ولا أُريد معروفًا من أَحد..). وكذلك الأَمر بالنسبة للبداية، والوسط ص16. (هناك جدل حول ايجابية أَو سلبية إِدخال الراوي في المسرحية).

نستطيع القول بأَن الأَديب استطاع توصيل الفكرة، من خلال الحوار باستخدامه شخصيات الحيوانات كشخصيات رمزية تمثل الواقع المر في هذه الحياة. واقع صراع البقاء، والتمسك بالسلطة والذبذبة للمسئول، واستخدام الخداع وتشريع فكرة" الغاية تبرر الوسيلة".

إِذا رجعنا لتعريف (بنتلي وميليت) في البداية عن الحوار ووظيفته النفعية في المسرحية، فأَنا أَرى بأَن الحوار في مسرحية " على باب السلطان" كان ذا وظيفة نفعية ساهم في تطوير بناء المسرحية، وإِنجاحها.

وبعد ذلك جرى نقاش شارك فيه كل من: صقر السلايمة، د.وائل أبو عرفة، طارق السلايمة وجميل السلحوت.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى