الاثنين ٢ أيار (مايو) ٢٠١١
بقلم محمود محمد أسد

منتوف الريش

منتوف الريش

في زاوية مُتطرِّفة من صحيفة وجد عبارة، شدَّتْهُ إليها باقتدار وجاذبية رغم مكانها الوضيع في زاوية مهملة «الناس كالطيور، كلٌّ يسعى لسلب ريش الآخر. وكلٌّ ينتف ريش الآخر. ويلتقط حبَّه ويُحلِّق في سماء الآخرين».

نظر حوله ومدَّ يده متلمِّساً ريشه قائلاً: أحمد الله لأنني لا أملك ريشاً وحَبّاً.

أليْـسَتْ مفـارقـة؟

عند مفرق الطريق المؤدِّي الى الشاطئ الورديّ الساحر التقوا.

هذا الساحل الذي أيقظه اهتمامٌ خاصٌّ فبدا عروساً جميلة جذاباً.

التقوا مصادفة وكأنهم على موعدٍ.. تعارفوا سريعاً والتفوا حول أنفسهم التي أحاطوها بمظاهر الترف والرخاء الذي يتسلَّلُ إليهم فيبدو على سحناتهم وقصًّات شعورهم ولباسهم وحركاتهم، فيهم حيوية الشباب ونضارته، والى جانبها غليان الشباب وانفعاله وسرعةُ تضايقه …

الطريق مغلق لبعض الوقت هكذا قالوا لهم … وربمَّا ألفوا هذه الأمور واعتادوا عليها، وعلى الأغلب أنًّها لم تجر معهم سابقاً اصطفَّتِ السيارات الفارهة والحديثة التي بدت وكأنَّها في معرض عام، وانبسطت القامات تعرض أزياءها، جاؤوا وكأنهم على موعد، وكأنَّهم من بيت واحد أو أسرة واحدة. وسيم قال: هناك مسؤول بموقع ما يريد الاستجمام وقضاء بعض الوقت متفرداً مع … هزَّ مازنٌ رأسه وقال: يستحقُّ ذلك، ألا يتعب ويسهر للمصلحة العامة وأبدى آخرُ نظرةً هادئة أبدتْ ابتسامة كانت غائبة بسبب آلية الفكين التي لا تهدأ، كان يتكىء على باب سيَّارته التي راحَتْ تصدر أصواتاً عجيبة وغريبة نضالُ راح يمسح نظَّارته وراح ينظر بإعجاب الى تمشيطة شعره التي شاهدها أثناء مباريات كأس العالم، فبدا كنعجة بلهاء في آخر سنّها … قرَّبهم الحديث من بعضهم عدا ذاك الفتى الذي انكمش على نفسه وأخذ جانباً بعيداً وجلس تحت ظلِّ شجرة يراقب عن بعد ويتابع بدهشة مع بعض النسمات العليلة التي تداعب جبهته السمراء.. بعد دقائق ساد الملل وظهر الضيق عليهم فهناك من قال: والدي مسؤول ألم ينتبهوا الى سيَّارتي ولوحتها؟ لماذا هذا التوقف؟ وآخر يقول متبجّحاً وبشيء من الاستعلاء: والدي مسؤول ويملك نصف البلدِ …

والفتى ذاك يقول في نفسِهِ: إنني من سلالة هذا التراب والطين فلماذا هذا الصخب؟
ها هو المركب يعبرُ الطريق، وتعودُ الحياةُ للشارع، فتتابعت حركة السيارات التي حملت العجائب والغرائب، أحدهم شاهَدَ أباه والى جانبه فتاة حسناءُ مشرقة كالشمس. وفي سيارة أخرى شاهد أحدُهم أمًّه بصحبة كلبها النشيط الذي جعلها أكثر نشاطاً وحيوية، وهناك من لاحظ أمَّهُ مع مسؤول استسلمت له وهو يشعل لها السيكارة مرَّت الأمور بسلام وأمان كموسم صيفي هادئ.. انطلقت السيّارات ولم يبق سوى الفتى الذي شقَّ طريقه ليساعد والديه في خدمة تلك البيوت والشاليهات المفروشة بغير قصدِ السياحة

آهات

عاهد نفسه قبل أن يخرج من بيته أن يلتزم قول الصدق والتزام الحق في الحياة له وللآخرين. بعد سويعات وجد نفسه معزولاً عن الآخرين. قلب أفكاره. تأمل ما حوله. صك على أسنانه، وفرك كفيه واستسلم للتفكير والتأمل وإطلاق الآهات المحرقة..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى