الجمعة ٢٧ أيار (مايو) ٢٠١١
بقلم إسراء عبد الهادي عيسى

حياة


تمزق الفضاء من صرخة ظننتها الأخيرة. لكن بعد جمود نصف دقيقة توالت الصرخات وانفجرت السماء وتساقطت النجوم، وانعدمت الحياة على الأرض، وأخذ القمر يحكي قصة القدر المتجلية في لؤلؤة السماء، ومروحية الآباتشي تأبى النزوح عن فضاء لا يعرف السكون.

كان القصف يحفر في جمجمتي أنفاقا وسراديب ترسم من لحم الموت أغنية سمعت فيها صراخ أبي الذي يمحو كل الأصوات، عجزت سيارة الإسعاف عن الوصول إلى خندق الألم، وتهاوت الآمال بالنجاة.

يبدو أن والدي حزم أمتعته، وعقد الزمام على الرحيل عن الحياة، لكن ضابط الإسعاف لازال يراوغ خلف أكوام الدمار، والجيش الإسرائيلي يحبط جميع المحاولات.

لعلعت المدافع في سماء ممزوجة بالصرخات الواهية، زمجرت الأرض، وتعجنت جميع الأكوان، أسدل الليل ستائره الموحشة، وصاح الدّيك موقظاً بصوته الأجواء، وأخيرا وصلنا المستشفى. رأيت هناك امرأة تتهاوى كورقة خريف تفترش الأرض ملاذاً من الشقاء، سمعت أصواتاً تتشابك في حشرجاتها، سمعتهم يقولون: أرادَ أن ينقذ حياة إنسان ففقد حياته.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى