الخميس ٢ حزيران (يونيو) ٢٠١١

كلمةُ الشَّاعرِ محمَّد حلمي الرِّيشة

يهربُ الشَّاعرُ منَ الشِّعرِ حينَ يستبدُّ بهِ السُّؤالُ: مَا الجَدوى منَ الاستمرارِ؟ وكانَ دائمًا السُّؤالُ الشَّقيُّ: مَا جدوَى الشِّعرُ فِي عالمِ الشَّاعرِ الخاصِّ والعالمِ العامِّ فِي آن؟

عندَ المجموعةِ الشِّعريَّةِ الثَّالثةَ عشرةَ فِي العامِ (2008م)، خاضَ الشَّاعرُ غُبارَ غِمارِ كلمتهِ: «كفَى!»، وقدْ كانتْ «كفَاهُ» هذهِ الثَّالثةَ/ الأُولى. آنذاكَ، وفِي ثلاثتِها؛ كانَ الشِّعرُ يبتسمُ فِي وجههِ ابتسامةَ الكراهيةِ! فِي حينَ أَنَّ الشَّاعرَ اكتشفَ أَنَّ الشِّعرَ يضحكُ عليهِ بإِجازةٍ مؤقَّتةٍ، حيثُ ضمرَ/ يضمرُ لهُ فِي سريرتهِ: مَا منْ (رامبو) آخرَ أَبدًا! وقدْ كانَ (إِي. إِي. كَنِنْجْسْ) صرخَ بهدوءٍ فِي وجوهِ الشُّعراءِ: «حسنٌ، اكتبُوا الشِّعرَ لوجهِ اللهِ، مَا لشيءٍ آخرَ أَيَّةُ أَهمَّيةٍ». وأَظنُّهُ صرخَ بِها فِي وجههِ أَوَّلاً، أَمامَ مرآةِ روحِهِ المخدوشتينِ معًا، فِي لحظةِ استبدادِ الكلمةِ: كفَى.

هَا «قمرٌ» تشكَّلَ علَى هيأَةِ «حبَّةِ أَسبيرينٍ»، أَو «حبَّةُ أَسبيرينٍ» تشكَّلتْ علَى هيأَةِ «قمرٍ»، بعدَ قرارِهِ بالتَّوقُّفِ الثَّالثِ. ليسَ يشكُّ أَنَّهما تحالفَا علَى شاعرِهما؛ فثَمَّ مَا قالاهُ لهُ بلسانِهما الواحدِ وشفتَيْهما اللَّيليَّتينِ: «قمرٌ أَم حبَّةُ أَسبيرينٍ؟ كلاهُما يميِّعُ دمَ القلبِ بحثًا عنْ نجاةٍ مُسيَّجةٍ.» هلْ وصلَتْ بَرقتُهما المُتفرِّدةُ منْ بينِ كثيفِ غيومِ الشِّعرِ/ شِعرِهِما، فِي هذهِ المجموعةِ الَّتي عذَّبَهُ العُنوانُ ليسَ أَقلَّ منْ نصوصِها فِعلاً؟! لدرجةِ أَنَّ د. أَسماء غَريب؛ والَّتي قدَّمتْ لهُ بِما لاَ يمكنُ أَنْ يُسمَّى/يكونَ تقديمًا، قالتْ: «العنوانُ وحدَهُ نصٌّ مجنونٌ وراقصٌ لطفلٍ يتقصَّى الشِّفاءَ منْ داءٍ، أَو منْ صداعٍ مَا، فمَا داؤكَ أَيُّها الشَّاعرُ، وأَينَهُ إِكسيرُ شفائِكَ؟» ويقولُ لهَا/ لكُمْ: أَجملُ الجنونِ جنونُ الشِّعرِ بشاعرِهِ.. ربَّما لهذَا عادَ الشَّاعرُ «المجنونُ» إِلى «ليْلاهُ» حاملاً سؤالَهُ: «قمرٌ أَم حبَّةُ أَسبيرينٍ؟»
*

سبقَ الشِّعرُ الشُّكرَ! يَنتبِهُ، الآنَ، إِلى أَنَّهُ لَمْ يبدأْ بالشُّكرِ لمنْ هوَ/ هيَ/ همْ أَوْلَى بِهذَا.. حتَّى وإِنْ عبرَهُ هذَا بِلاَ انتباهةٍ، فلاَ شكَّ أَنَّ «البادئَ أَكرمُ» فِي مثلِ هذهِ الحالةِ/ الحدثِ/ الفِعلةِ الثَّقافيَّةِ، الجديدةِ عهدًا، والَّتي نُريدُها جدلاً صحيحًا/ صحِّيًا/ صائحةً، فيُنادِي الواحِدُ منَّا علَى الآخرِ قائلاً أَمامَ إِبداعهِ الحقيقيِّ برجفةٍ، ودهشةٍ، ونَفرةِ رُوحٍ: الله.. اللللله! أَلاَّ هوَ الإبداعُ أَوْ لاَ! لاَ أَن يأْخُذَ البعضَ منَّا عكسُ الغبطةِ إِلى مَا بعدَ الحسدِ/ الخدشِ/ الجرحِ، لأَنَّهُ غيرُ قادرٍ علَى أَنْ يفعلَ الجمالَ، فيَشتُمهُ!

وإِذا كانَ "سبقَ الشِّعرُ الشُّكرَ!" فقدْ "سبقَ (السَّيفُ/ أَبوهُ) العُذرَ"! فهذَا الزَّميلُ/ الشَّاعرُ مُراد السُّوداني، لَمْ يزلْ يُؤثِرُ الغيرَ علَى نفسِه ولَو كانَ بِها خصاصةٌ، فلهُ منِّي شكرٌ خاصٌّ بهِ. وليسَ علَى الشَّاعرِ، الآنَ، إِلاَّ أَن يَشكرَ صدرَ (الشُّروقِ) الفسيحِ مثلَ حديقةٍ أَزهارُها وإِزهارُها كُتبٌ فِي كتبٍ، ولاَ تأْخذهُ الغفلةُ فِي هذَا الـ"إِطلاقِ" منْ شُكرِ الجَمعِ الحاضرِ، فَـ"بالشُّكرِ يدومُ الشِّعرُ" أَيضًا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى