الأحد ١٤ آب (أغسطس) ٢٠١١
بقلم أسماء النهدي

فصولنا الأربعة

تدور الأرض حول الشمس خلال 365 يوماً تقريباً، ومن خلال هذا الدوران تتكون الفصول الأربعة المعروفة (الصيف – الخريف – الشتاء – الربيع).
وتختلف كل منطقة وإقليم على وجهة الكرة الأرضية في مدى احتضانها لتلك الفصول، فهناك من الأقاليم والدول التي تحظى وتتمتع بالفصول الأربعة، بينما هناك من يحرم من بعضها، وهناك من يعيش فصلاً واحداً تقريباً.

كما تختلف المدة الزمنية والوقت الزمني لكل فصل تبعاً للموقع الجغرافي للإقليم أو المنطقة، ومن خلال تلك الفصول نشاهد تغيرات مناخية تحدث من حولنا، ونستشعر بذلك أكثر من خلال التغيرات التي تطرأ على الطبيعة كهجرة الحيوانات، تساقط أوراق الشجر، حدوث الفياضانات، الاحتباس الحراري ...الخ
كل التغيرات المناخية على الطبيعة تعلمنا بانتهاء فصل ودخول فصل جديد آخر علينا، فكل شيء من حولنا إما ينطق أو يصمت أو يحيى أو يموت.

عندما كنت أراجع تلك المعلومة التمست بأننا كبشر لدينا فصول أربعة خاصة فينا، تحدث بداخلنا، تلامس مشاعرنا، تحرك كياننا، تساند أحاسيسنا، تغير أفكارنا.
وكما تؤثر وتتحكم الفصول المناخية في الطبيعة الخارجية، فإن تلك الفصول الخاصة بنا تؤدي إلى تكوين انطباعاتنا، وتأليف شخصياتنا، وبروز انفعالاتنا.

 حين ترى بأن انفعالاتك حارة، وأعصابك مشدودة، ومشاعرك تعاني من الجفاف، وتصبح أحاسيسك متوهجة، ويفقد جسدك الكثير من السوائل بتبخرها وتعرقها، وتشعر بالحرارة الداخلية في جسمك، فاعلم بأنك في فصل الصيف.

 وحين تشعر بأن أحاسيسك ذبلت، وابتسامتك اختفت، والحزن سيطر على قلبك، وتساقط شعرك من الهم، ونقص وزنك من الضيق والتفكير، فتأكد بأنك في فصل الخريف.

 وحين تحس بأن دموعك تتساقط كالأمطار، وقلبك تجمد ما فيه من إحساس، واكتسى عقلك الصقيع، واعترى قلبك الصمت والسكون، وفقدت الود والحنان، وشعرت بالبرود العاطفي واللامبالاة أو الاهتمام، فاعلم بأنك في فصل الشتاء.

 وحين تلمس الأمل والحياة، وتشعر بأن الدم قد جرى مجدداً في عروقك، ورفرف نبضك في الفؤاد، وازدهر وجهك بالبشاشة والسرور، وامتلأ قلبك بالحب والخير والعطاء، وأشرق تفكيرك بالإيجابية والتفاؤل، وأبصرت عيناك جمال الدنيا والبهاء، فتأكد أنك في فصل الربيع.

كل تلك المتغيرات التي تحدث في فصولنا تعتمد على الموقف الذي نكون بصدده، وبحسب جنسنا، وتفكيرنا، وعاداتنا وتقاليدنا، وعقائدنا ومعتقداتنا، وتعليمنا وتربيتنا، وبيئتنا وثقافتنا، وطبيعة تركيبتننا الشخصية.

ومن منظوري لا يمكن أن يخلط أو يدمج فصل مع آخر، ولكن يمكن أن يستبدل فصل عن الآخر، والأهم في ذلك هو كيف نحافظ ؟ وكيف نتجنب؟ وكيف نستمتع ؟ وكيف نمنع؟
فبيدنا نغير فصولنا وبقدرتنا لا نترك العوامل الخارجية هي المؤثر الكبير علينا.
قد تتساءلون ما المقصود من كلامي؟!!
القصد في ذلك حين تمر بأي فصل تشعر بأنه مزعج ولا يعجبك حاول أن تبدله بفصل آخر تفضل أن تعيش لحظاته ومتغيراته كي تتمكن من قضاء يومك سعيداً ونشيطاً وحالماً.

فإن مررت بفصل الصيف وكنت تعاني من الجفاف العاطفي من قبل أقرب الناس إليك، حاول بأن تستبدله بالانتعاش العاطفي من خلال ممارسة هواياتك واستمتع بفصل الربيع، وامتلأ بالحيوية كما تحيى السهول والوديان عند جريان الجداول والأنهار.

وإن كان هناك من ظلمك في حياتك، وأخذت تذبل وتذبل، وتمر في فصل الخريف، فاختار فصل الشتاء، جمد قلبك وتفكيرك عن كل ما هو مزعج، ولا تبالي بأحد، والجأ إلى خالقك فهو خير المولى وخير السائل والمجيب، فإن استسلمت لفصل الخريف فلن ينتابك سوى الأمراض الجسدية والنفسية.

وهكذا .. بيدك أن تختار فصلك الذي تحبه ويناسبك، حتى تتمكن من العيش بشكل أفضل ..
حاول أن تختار فصل الربيع واجعل حياتك كلها تفاؤل وحيوية، ولا تقترب كثيراً من الخريف لما فيه من مضرات سلبية وجسدية..
إن اللحظة الآنية أو الحالية لن تتكرر، فإن كانت سلبية فاصبر واتركها، وإن كانت إيجابية وسعيدة فعش معناها ولحظاتها..

" وتذكر بأن ضبط الذات والانفعالات وحسن الأخلاق هي من صفات المسلم المؤمن "


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى