الاثنين ١٢ أيلول (سبتمبر) ٢٠١١
بقلم فيصل سليم التلاوي

أيّكُم يذكُرُ خَضرهْ؟

أيكم يذكر خضرهْ؟
صرخ الحادي الذي أشرفَ من علياء صخرهْ
أفلتت من جانب السفح كما تنفر مُهره
هالنا الحادي كما بان لنا في رَوعه أول مره
صوته ينزف شلالاً وفي عينيه جمره
صارخاً من بعد أن شعّثَ شعره:
- أيكم يذكر لون اللوز في العينين؟
والتفاح في الخدين
إذْ ما لوّحت وجنته شمس الظهيره؟
وعلى الظهرالذي ينشدُّ مثل السهمِ
تنسابُ كما الموج ضفيره
 
********
وصرخنا:
«كلنا نعرف خَضره»
منذ أن كنا صغارا كعصافير الربيعْ
ننشد الدفءَ ونشتاق إلى السحر البديع
ولأطيافِ الفراشات التي تسبح ما بين الحقول
ولأمواجٍ من الزهر استفاقت في ذهول
ولآذار تمطى وانتشى يزهو على كل الشهور
وخرير الجدول النشوان قيثارٌ بآذان الفصول
يومها كانت لنا في القلب «خضره»
حلوةَ ريانة ناعمة أجمل زهره
طاقة من نرجسٍ قد ضاع عطره
 
********
كلنا نعرف «خَضره»
خُضرة الزيتون في العينينِ
والوجه «اخضراني»
خضرة الكعبين إذ تدعو لها الأفواهُ
«يِجعل قَدَمِكْ خضرا»
فتخضُّر الأماني
ثم يشدو طائر «الخُضَّر» مزهوا بإزجاء السلامْ
والقلوب الخُضرُ من فرحتها رفت كأسراب اليمام
وأكفٌ لوّحت نشوى وهالات ابتسام
خُضرةٌ قد عمت الدنيا
ونادى هاتفٌ:
- أنّ على الأرض السلام
 
********
بعدها في ليلة لطّخَ خديها سخامْ
فزّع الحادي النيام
مُجهشا قد راعنا يحثو على الوجه الرغام
مزق الحادي أمام الجمع صدره
حسرةٌ في صوته النازف تقفو إثر حسره
ومن العينين فاضت عَبرة في إثر عَبره
«قد سبا الأعداء خضره»
 
********
وتهاوى الورقُ الأخضرُ مصفراً
وما غطاه دهرًا كشف الغاصبُ سِتره
وتعرّت توتةُ الحيِّ
فما أبقى لها ما يستر الليلة عَوره
فُضِحت يا سادتي الأشراف «خضرة»
هُتك العرض، وما نَزَّ دم الأحرار قطره
غرقت في العار والأوحال «خضره»
 
********
يبست أرض وصارت بَلقعًا
غاب عنها العارضُ المدرارُ
ما أمطرها
من يومها قد جفَّ ضرعه
ومضى الذاهب والآتي
سِراعا أفلوا لم يحصد الزارع زرعه
لا ولم يُنسأ لذي عمرٍ بعُمرِه
 
********
شاخت الدنيا
وظلت عذبة الأطياف «خضره»
خُضرةُ الوشم على الجبهةِ
والعينين في غوريهما توقَد جَمره
بسمةٌ زيّنت الثغرَ
وفوق الخد من حرقتها تنهلُّ عَبره.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى