الاثنين ١٢ أيلول (سبتمبر) ٢٠١١
بقلم حوا بطواش

القدر

جلست أمامه هادئة، تنظر في عينيه، والفرحة تغمر قلبها. جلست بفستانها الأبيض، الذي ما زال يزيّنها، ولم تشعر برغبة في خلعه، فلطالما انتظرت تلك اللحظة التي تلبسه له، حلمت بها، وعانت الكثير حتى تحقّقت لها رغبتها التي ظلت تشتعل في داخلها مدة طويلة، ولكن... هذه المرة... بمساعدة القدر.

نظر إليها، إلى كل جزء من جمالها الأخاذ، وطالت نظراته. لم يكن يتصوّر قبل أقل من سنة، أن هذه المرأة التي أمامه هي التي ستشاركه هذه اللحظة. كم هي جميلة... ورقيقة! لم يكن يرى جمالها ولا يحسّ برقتها لسنوات طويلة. ولكن، يبدو أن المرء ليس من يرسم قدره بيده... بل ترسمه له يد خفية.

قالت: "أحبك،" بصوتها الهادئ، الناعم، وأضافت: "ولم أحب سواك في حياتي."

"أعرف." قال.

ولم يكن ينسى كم من مرة قالت له تلك الكلمات من قبل، دون أن تهزّه أو تثير فيه شيئا! وكم من مرة حاولت كسب حبه! وكم من مرة حاول أن يفهمها أن قلبه ليس لها، وطلب منها أن تكفّ عن ملاحقاتها له، فهو مغرم بامرأة أخرى، ولا يحلم إلا بها، ولن يتركها من أجلها ولا من أجل غيرها، مهما قالت ومهما فعلت.

وكانت حبيبته كثيرا ما تنزعج منها، والخوف ينتابها، حين يهجس في صدرها أنها قد تفقد من تحب بسبب تلك المرأة. إلا أنها سرعان ما أدركت مدى شهامته وحبه وإخلاصه لها، فزال خوفها، ولم يعاودها القلق مهما فعلت.

فاستسلمت المرأة الأخرى حين باءت كل محاولاتها بالفشل، وأصيبت بخيبة أمل كبيرة ممزوجة بالغضب، لأنها، لأول مرة في حياتها، لا يتحقق ما تريد! وما بالك أنه أكثر ما أرادت تحقيقه في حياتها!

ولكنها لم تكن تعلم بما يخبّئ لها القدر، ولا هو كان يعلم.

مرّت شهور.

وذات يوم، إهتزّ كل كيانه بخبر وفاة حبيبته في حادث سيارة، وغرق في حزن وألم واكتئاب، بعد أن فقد الإنسانة التي أحبها حبا كبيرا وصادقا لسنوات طويلة، في الوقت الذي كان الأقرب كي تصبح من نصيبه.

ولكن... حدث ما حدث وقلب الأحوال رأسا على عقب.

نظرت إليه عميقا، وسألت: "أما زلت تفكّر بها؟" وأحسّت بداخلها بشيء من الخوف والقلق ... وحتى الغيرة أمام هذا التفكير.

ولكنه أجابها بعد برهة قصيرة: "بل أفكّر بالقدر."

فقالت له: "إذن، أنت تفكّر بي. فأنا قدرك، أليس كذلك؟"

إبتسم لها واحتضنها بدفء. ومنذ تلك اللحظة، لم يشعر إلا بها، ولم يفكّر إلا بها. وكم صدقت بقولها. إنها قدره.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى