الجمعة ٤ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١١
بقلم وليد الزريبي

الزُّرقةُ كلّها في صوتِ المياهِ ..

نهاية أكتوبر. بداية نوفمبر. ليس أكثر من خريف ينهض الآن.
الأرض القديمة ذاتها، لا تزال طريّة، مثل جرح أخضر.
ومع ذلك هاهي ذي تتقدّم باتّجاه الخريف المثابر.
الحزن الذي هو حزني يدفع للغناء..
لكن الظلمة بدت أقرب.. أقرب من أيّ وقت مضى.
 
لا أريد الآن إلاّ صوتا واحدا، هو صوتك
أيّها المطر. يشدّ الأرض إلى السّماء.
مطر حزين من دون نفع، مثل هذه المرّة.
وأنا أريد أن أكون وحيدا، لأوّل مرّة.
لا حاجة بي، بعد اليوم، لتشريد قلبي قرب البحر.
الزرقة كلّها في صوت المياه.
 
هل كان الحبّ على هذه الشاكلة؟
يُنهضُ الحزن بأكمله.
هل كان الحبّ على هذه الشاكلة؟
يُنهضُ الليل بأكمله.
هل كان الحبّ على هذه الشاكلة؟
يُنهضُ الخوف بأكمله.
هل كان الحبّ على هذه الشاكلة؟
يُنهضُ الدّمع بأكمله.
هل كان الحبّ على هذه الشاكلة؟
يُنهضُ الجوع بأكمله.
هل كان الحبّ على هذه الشاكلة؟
يُنهضُ الشّوق بأكمله.
هل كان الحبّ على هذه الشاكلة؟
يُنهضُ اليُتم بأكمله.
هل كان الحبّ على هذه الشاكلة؟
يُنهضُ القلب بأكمله.
هل كان الحبّ على هذه الشاكلة؟
يُنهضُ القبر بأكمله.
ليس هناك إلاّ واجهة زجاجيّة تكاد تفصلنا. عن سوء التفاهم السّريع المفاجئ.
للحبّ الطارئ الذي على هذه الشاكلة.
وعن إصبعي الأزرق الذب بدا لي عديم الجدوى إلى حدّ كبير.
انظر إلى سبّابتي الرقيقة التي يندهش منها الطّير. ربّما لم تقتلك. لكنّها اقشعرّت من زرقتها الأخيرة.
 
نهاية أكتوبر. بداية نوفمبر. مطرٌ مخادعة تمسّ الأشجار.
رميتُ لها عطشي فغضّت البصر.
ومشيتُ على طول الطّريق الغارق كلّه في صوت المياه.
مثل العطش..
في الشارع مشيتُ،
ممتلئ بعطشي.
مثل المطر..
في الشارع مشيتُ،
ممتلئ بمطري.
ومثل هذا الخريف المارق.. أدُوسُ على أوراقه.
ويدُوسُ على قلبي.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى