السبت ١٩ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١١
بقلم شاكر فريد حسن

عادل الهاشمي رائد النقد الموسيقي

والغنائي العراقي

فقدت الحياة الفنية والوسط الثقافي والشعبي في العراق الاستاذ عادل الهاشمي، شيخ النقاد الموسيقيين العراقيين، الذي رحل على حين غرة في القاهرة قبيل حضوره مهرجان الموسيقى العربية، اثر نوبة قلبية حادة داهمته في غرفته الخاصة بفندق "ام كلثوم".
يعد عادل الهاشمي من القامات الابداعية الشامخة والاعلام النقدية البارزة في الحقل الموسيقي، وقد شكل مرجعاً هاماً للباحثين والمشتغلين في قضايا وشؤون الموسيقى العربية لما امتلكه من دراية ومعرفة ووعي فني وثقافة موسوعية وتجربة غنية وثرية في هذا المجال، تاركاً بصمات واضحة على الثقافة النقدية الموسيقية العراقية والعربية والانسانية الحديثة.
ورغم جحافل الاحتلال والبؤس والهزيمة التي تتربص بالذات العربية ظل ايمان عادل الهاشمي بالحياة يتعاظم، وغاب عن الدنيا مخلفاً كل هذا الصدق والوضوح والتحدي والعطاء الثر والاسئلة التي تغرس نصالها المستفزة في الخاصرة العربية المكلومة.

عادل الهاشمي ناقد موسوعي بارع، ومتذوق وقّاد للموسيقى والاغنية، اتصف بالصراحة والجرأة والعلمية والجهر برأيه الموسيقي، ولعب دوراً فاعلاً في تنمية وترقية الذوق الموسيقي والفني في الذائقة الشعبية العراقية والعربية. اشتغل مدرساً للموسيقى في معهد الدراسات الموسيقية والنغمية وكلية الفنون الجميلة في العاصمة العراقية - بغداد، وكان عضواً في لجنة فحص الاصوات الغنائية، وعمل محرراً ومشرفاً على الصفحات الفنية في عدد من الصحف والمجلات العراقية، منها "الثورة" و"الجمهورية" و"الف باء"، واشتهر بعموده الاسبوعي "المرفأ الموسيقي" في صحيفة الجمهورية البغدادية.

رأى الهاشمي ان الاغنية العراقية في المرحلة الراهنة والحاضرة اصبحت فائضاً اعتراضياً للحياة العراقية، وان الغناء العراقي تأثر بالمناخ الذي كان سائداً قبل الاحتلال،وهو غناء تشظي، غناء مثلوم وناقص، وغناء ترك مرتكزاته التاريخية والاساسية في حفظ الذات العراقية، وهذا الغناء اصبح غناءً غرائزياً بعيداً عن التعبيرية والجمالية والوصفية، التي تميز بها الغناء العراقي في مراحله السابقة، وسقط في بئر التكرار وبئر العدمية. وحرص الهاشمي على اساسيات الموسيقى وفنونها ووظائفها الجمالية الراقية الاصيلة، ونادى بالحفاظ على التراث الغنائي العراقي الجميل، واستعادة المجد والوهج للاغنية العراقية.

اثرى عادل الهاشمي المكتبة الغنائية والموسيقية العراقية والعربية باعمال ودراسات رائدة وهامة، ابرزها: الموسيقى العربية في الف عام، الموسيقى والغناء في عصر الاسلام وحتى احتلال بغداد، العود العربي بين التقليد والتقنية، فن التلاوة اصوات وانغام، اصوات والحان كردية وسواها.وهذه الاعمال والمؤلفات التي وضعها وخلفها وراءه هي كنز من كنوز الثقافة الموسيقية العراقية والعربية، وارثه الموسيقي هو ذخر للعراق والوطن العربي، محفوظاً في الذاكرة الجماعية للشعب العراقي، وسوف يحافظ هذا الشعب ومثقفيه ومبدعيه على هذا التراث حفاظه على ذكرى وتراث المتميزين والمتفردين والرواد الخالدين من ابنائه البررة، الذين برعوا في مجالاتهم المختلفة. فالوداع يا نخلة ودوحة العراق الباسقة، ويا فقيد النقد الموسيقي العراقي، والرحمة على روحك التي عانقت باريها واحتضنها التراب العراقي الغالي.

والغنائي العراقي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى