السبت ٣ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١١
بقلم رنا فضل السباعي

كم نحن غرباء

غريب حبنا لهذه الدنيا نتعلق بها وبكل تفصيل فيها، نخطط لأيامها متسابقين معها بكل شغف وإندفاع، فنسجن عقولنا بأطر وضع المخططات الدنيوية، جاعلين من مخيلاتنا ميدان سباق للأمنيات والأحلام والتي قلما يكون فيها لما بعد الحياة حيز أو مكان وحبذا لو نكتفي بشيء منها وكيف نكتفي وهناك نفس أمارة بالسوء تقودنا ولا معنى للسرور إلا بالإنصات لها والإستجابة لنزعاتها!!

أن النفس الغير مروضةً على الإلتزام بما يليه العقل الخالص المرتبط دائماً وأبداً بالتعاليم الإلهية والتي تتربى على جرأة جامحة في حب الملذات دون رادع خوف من رقابة أو عقوبة، لهي مصدر كل التناقض تتلاعب بنا كيفما تشاء تصير بنا الى الدرك الأسفل من الإنسانية لا بل تجردنا منها في أحيان كثيرة ونحن أمام ذلك كله غافلون مختوم على بصيرتنا بجرعات السعادة الوقتية والآنية.

المضحك المبكي هو علمنا علم اليقين بأننا لسنا سوى جيلاً آخر من أجيال البشرية عمره محدود ولا ينطوي وجوده على أي دلالات الخلود تماماً كالأمم السابقة حيث لم يتبقَ منها سوى الأحداث والأخبار تتواتر عبر الزمن لتشكل هوية كل أمة، فكيف وأي منطق يبرر لنا تناسينا عن أمر آخرتنا وهي المصير الأبدي ودار المستقر الدائم ما هو تبريرنا بالتغافل عن تغليب العقل على النزوات وإتيان العبادات والعمل الصالح وهي الذخر للحصول على رضى الله سبحانه وبوابة العيش بسعادة وطمأنينة في دنيا فانية والسكن بجنات عدن في آخرة باقية.

نعم إن أملنا لطويل نتسلح به وبأن ما بعد الحياة غير مرئي ومجهول فلماذا نشغل أنفسنا به لنطلق العنان لها فتعيش وفق رغباتها ولكل وقت مسعاه وحسابه! ولكن هيهات أي زمن بعد للمسعى فقد إنتهى العمر برمته ولم يكفنا لتحضير الزاد والإدخار لما بعد الممات!!

الله خلقنا أحراراً بعقولنا نتخطى بها كل الحواجز التي تأسر حركتنا وحريتنا فلماذا نحن نخلق سجاناً بداخلنا حباً بالدنيا بدل أن يكون حليفاُ لنا فيما يرضي الله ويحفظ لنا آخرتنا!! غريب أمرنا!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى