الثلاثاء ١٣ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١١
الإسكندرية بين حضارتين
بقلم محمد زكريا توفيق

زمن البطالمة وزمن عبد المنعم الشحات

عصر البطالمة:

رحب المصريون بالإسكندر الأكبر كمنقذ، استطاع أن يخلصهم من الإحتلال الفارسي البغيض. تعلم الكثير من المصريين اللغة الإغريقية، وقام الكاهن المصري مانيثون بكتابة تاريخ مصر باللغة الإغريقية، جمعه من سجلات المعابد وأفواه الناس. لكن للأسف، فقد هذا التاريخ النادر ولم يتبق منه سوى شذرات تافه. مع ذلك ظل المصدر الرئيسي لتاريخ مصر حتى فكت رموز اللغة الهيروغليفية.

في عصر البطالمة، كان المصريون المزارعون أحرارا لا عبيدا. استخدموا الهندسة الإقليدية في أعمال الري وتحديد المساحات والإرتفاعات. وطبقوا الأسلوب العلمي في الزراعة، حتى أمكنهم زراعة الحقول بثلاثة محاصيل في العام الواحد. وأدخلت الحكومة أنواعا جديدة من المحاصيل وغرست كميات كبيرة من الكروم.

تقدمت زراعة الزيتون، ونشطت زراعة زيت الزيتون، وفرضت الحكومة رسوما باهظة على الزيتون المستورد، حتى تحمي الإنتاج المحلي.

استنبطت فصائل جديدة من القمح وأدخلت زراعة الثوم، وأصناف جديدة من الكرنب، وأنواع متباينة من الفاكهة. وغرست الورود والأزهار على نطاق واسع، لأنها كانت تستخدم في صناعة الأكاليل التي تلبس في المآدب والحفلات العامة.

استوردت الحكومة سلالات جديدة من الحيوانات منها الأغنام التي تنتج الصوف الجيد، ولتحسين السلالات المحلية. وبدأ الجمل ينتشر في مصر بكثرة. وانتشرت أيضا تربية النحل.

سك بطليموس الأول عملة ذهبية وفضية وبرنزية. الأجور كانت تدفع عينا، والمخازن الحكومية كانت تجمع فيها الغلال، وتعمل مثل البنوك. وعرف المصريون الصكوك(الشيكات) للصرف من المخازن أو البنوك.

كانت مصر أكبر منتج للغلال في شرقي البحر الأبيض المتوسط. صدرت البردي والكتان الرفيع والزجاج متعدد الألوان من الإسكندرية والألاباستر، وكانت مركزا عالميا للتجارة العابرة.

الإسكندرية قام بتصميمها المهندس دينوكراتيس، وفقا لأحدث القواعد في تخطيط المدن. بين بحيرة مريوط والبحر الأبيض، على شريط رملي.

كان أمامها جزيرة فاروس التي وصلت باليابسة بواسطة جسر. فنشأ عن ذلك، ميناء واسع آمن في الشرق، وآخر في الغرب. على بضعة أميال جهة الشرق، تقع قرية أبوقير، التي كانت مكانا للهو، شبيه بمدينة أتلانتك سيتي، أو ملاهي ديزني لاند بالولايات المتحدة.

مدينة الإسكندرية كانت مستطيلة، يشقها من الشرق إلى الغرب شارع فسيح مستقيم يسمى شارع كانوب (اسم نجم، وهو الاسم القديم لأبوقير). تحف به الأعمدة والبواكي، وتقطعه شوارع أخرى فسيحة. قسمت المدينة إلى خمسة أحياء: الفا، بيتا، جاما، دلتا، إبسيلون. وهي أوائل الحروف اليونانية.

السكان كانت غالبيتهم من المصريين وقله من الإغريق واليهود وأجناس أخرى. يتمتعون بكافة حقوق المواطنة. لهم مجلس شورى وجمعية شعبية. وسرعان ما أصبحت الإسكندرية أعجوبة العالم.

أصبحت عاصمة للبلاد بدلا من منف. وكانت ترتفع فوق جزيرة فاروس المنارة الشهيرة. وفي سيما، كان يرقد جثمان الإسكندر الأكبر. وفي منطقة راكوتيس، كان معبد السرابيوم الذي بناه بطليموس الثالث. دليلا على أن سرابيس كان إلها مصريا.

كان هناك أيضا، مبنى معهد الألعاب الرياضية، واستاد رياضي، وحلبة سباق للخيل، ومسرح، والقصر الملكي، وبجواره متحف ومكتبة الإسكندرية الشهيرة.

كان المتحف في الأصل معبدا لربات الفنون والعلوم، وهو في الواقع، أشبه بالأكاديمية أو الجامعة في لغتنا الحديثة. وكان يقيم في المعبد على نفقة الدولة عدد من العلماء والأدباء ولا تجبى منهم الضرائب.

مكتبة الإسكندرية كانت تحتوي على ما يقرب من نصف مليون لفافة بردية (كتاب). لكي يزيد بطليموس الثالث من حجم هذه المجموعة، أصدر أمرا يقضي بأن كل مسافر ينزل بالإسكندرية، عليه أن يسلم أي كتب توجد في متاعه لضمها إلى المكتبة، على أن يعطي نسخة رسمية بدلا منها.

استعار بطليموس الثالث من أثينا الأصول الرسمية لمؤلفات أسخيلوس، وسوفوكليس، ويوريبيديس، كي يقوم بنسخها نظير ضمان مالي قدره ما يساوي 90 الف دراخما. لكنه فضل أن يخسر هذا المبلغ على أن يرد الأصول، وأرسل بدلا منها نسخا فقط.

في مكتبة الإسكندرية، وضعت أصول علم التصنيف، ووضعت قواعد نقد النصوص الأدبية، وقوائم للمؤلفات الأدبية والعلمية والفلسفية، وحققت مؤلفات هوميروس، ثم أخرجت في صورة لا تختلف كثيرا عن التي بين أيدينا اليوم. كما ابتكرت العلامات الصوتية في النطق، وعلامات الإستفهام والتعجب وفواصل الكلام في الكتابة، ولم تهمل الرياضيات والعلوم البحتة.

في الإسكندرية أيضا، استطاع أريستارخوس أن يكتشف دوران الأرض حول الشمس، قبل أن يكتشفه كوبرنيق. واستطاع إراتوستينيس أن يقيس محيط الكرة الأرضية، إلى درجة مرضية.

فيها أيضا، الف إقليدس كتاب الأصول في علم الهندسة التي تدرس في مدارسنا اليوم. واخترع هيرون الآلة البخارية واخترع كذلك الآلة الأوتوماتيكية. وألف بطليموس القلوذي كتاب المجسطي، وهو أهم كتاب في الفلك ظل متداولا في العالم القديم أكثر من الف عام.

أرشميدس قام باختراع الطنبور المستخدم في الري لنقل الماء من أسفل إلى أعلى، أثناء زيارته لمدينة الإسكندرية، التي كانت مركزا عالميا للعلوم والفنون في ذلك الوقت.

ذاع سيط مدرسة الطب السكندري ولاسيما التشريح والجراحة. وفي الإسكندرية، ترجمت التوراة إلى اللغة اليونانية لينتفع بها اليهود المشتتون وهي الترجمة المعروفة بالسبعينية. وفيها، جاء فيلون بمذهبه عن اللوغوس الإلهي.

بالرغم من الإحتلال الروماني، كان المصريون في القرن الأول الميلادي، يتمتعون بدرجة لا بأس بها من الرخاء. ولا يتبين من الحفريات التي وجدتها جامعة ميشيجان في قرية كرانس (كوم أوشيم) بالفيوم، أي تدهور ملموس في مستوى العمارة أو في رونق الحياة الإجتماعية قبل أواخر القرن الثاني. فدب النشاط بصورة واضحة في المجالس البلدية، بعواصم الأقاليم، وظل لواء الثقافة الهيلينية مرفوعا.

أظهرت الإكتشافات في البهنسا التي لم تكن مدينة إغريقية بل مجرد عاصمة لأحد الأقاليم المصرية، أنه كان في متناول قرائها عدد ضخم من المؤلفات المتنوعة في الأدب اليوناني الكلاسيكي بصورة تبعث على الدهشة.

كانت أشعار هوميروس، وهي الكتاب المدرسي الرئيس في التعليم المدرسي، في كل مكان. ولا ينبغي أن ندهش لوجود قصائد هيسيود، وأغاني سافو وروايات مناندر وقصائد كاليماخوس.

وأجزاء من قصائد الشعراء الغنائيين وروايات الكتاب المسرحيين الأوائل، كأناشيد الشكر وغيرها من المنظومات لبندار والشعراء المعاصرين. وروايات أسخيلوس وعددها لا يقل عن 40 رواية، وروايات أخرى لسوفوكليس ويوريبيديس وأرسطوفان.

لقد كان هناك جمهور كبير من القراء وتجارة رائجة في الكتب. لم يكن التعليم مقصورا بأي حال من الأحوال على الصفوة من الأثرياء. فقد أدركت قيمته وسعت في طلبه تلك الطبقة المتوسطة التي بذل البطالمة والرومان قصارى جهدهم في سبيل بنائها.

كان التعليم يبدأ بالقراءة والكتابة. أولا الحروف الأبجدية، فالمقاطع المكونة من حرفين، فالمكونة من ثلاثة، إلخ. بعد ذلك، الكلمات الكاملة. منهج الدراسة يتدرج بعد ذلك إلى: النحو والبلاغة والأدب والعلوم الرياضية والفلسفة والمنطق.

التلاميذ مطالبون بكتابة موضوعات إنشائية وفي مرحلة أعلى، بكتابة خطب في موضوعات مقررة. إلى جانب ذلك، كانوا يدرسون شيئا عن القصص والأساطير الإغريقية. ويتبين من كثرة استخدامهم للحكم والأمثال لتمرين التلاميذ على المطالعة، اهتمام المربين بالناحية الأخلاقية.

كان التعليم مختلطا، ويوجد إلى جانب المدارس المحلية ومعاهد التربية، مدرسون خصوصيون، لهم مكانة رفيعة في المجتمع، يفد إليهم التلاميذ من جهات نائية. وعندما يتم التلميذ المراحل الأولى من التعليم، كان الراغبون منهم في التعليم العالي يلتحقون بجامعة الإسكندرية.

كان التعليم في مصر، يتضمن التربية البدنية التي تشمل المصارعة والتدريبات الشبه عسكرية. وكانت استعراضات الشباب والإحتفالات الرسمية، تتخللها مهرجانات يتمتع بمشاهدتها سكان عواصم الأقاليم. كما كانت تقام حفلات رياضية دورية يتبارى فيها الهواة من جميع الطبقات في الملاكمة والمصارعة والجري وغير ذلك من الألعاب الرياضية.

وكانت تقام حفلات تمثيلية يشاهدها سكان العواصم لمشاهدة روايات من التراجيديا الإغريقية الكلاسيكية، ومن الكوميديا الجديدة، كما تيسر لهم الإستتمتاع بمشاهدة الروايات الشعبية المضحكة والأدوار الهزلية في المسارح المحلية وقاعات الموسيقى. وكانت هناك فرق متجولة للموسيقى والرقص والألعاب البهلوانية، وما إلى ذلك للترفيه عن الفلاحين في القرى النائية بأطراف الأقاليم.

لم تكن الحياة في مصر خالية من المباهج في القرن الثاني الميلادي. البرديات تصف أضواء باهرة على الحياة العائلية السعيدة، وما يتخللها من حفلات خاصة بأعياد الميلاد، وولائم للغذاء أو العشاء ومناسبات اجتماعيةأخرى. ومشتروات، دمى وحلوى للأطفال، ورسائل خاصة متبادلة بين الأفراد والأسر زاخرة بالأشواق.

عصر الخلافة العثمانية:

في الوقت الذي قام فيه نابليون بونابرت باحتلال مصر عام 1798م، كانت مصر جزءا من الخلافة العثمانية، تحكم بالمماليك. في نفس عام قدوم الحملة الفرنسية، خرج الجبرتي المؤرخ في 5 ديسمبر ليشاهد ما يفعله الفرنسيون لشق طرق حديثة في قلب العاصمة. فكتب لنا ما يلي:

"فعلوا هذا الشغل الكبير والفعل العظيم في أقرب زمن. كانوا يستعينون في الأشغال وسرعة العمل بالآلات القريبة المأخذ السهلة التناول، المساعدة في العمل وقلة التكلفة. كانوا يجعلون بدل الغلقان والقصاع، عربات صغيرة. يداها الخشبيتان ممتدتان من الخلف، يملؤها الفاعل ترابا أو طينا أو حجارة من مقدمها بسهولة. بحيث تسع مقدار خمسة غلقان.

ثم يقبض بيديه على خشبتيها المذكورتين، ويدفعها أمامه فتجري على عجلتها بأدنى مساعدة. إلى محل العمل. فيميلها بإحدى يديه، ويفرغ ما فيها من غير تعب ولا مشقة. كذلك لهم فؤوس محكمة الصنعة، متقنة الوضع. غالبا الصناع من جنسهم، لا يقطعون الأحجار والأخشاب إلا بالطرق الهندسية. على الزوايا القائمة والخطوط المستقيمة."

هكذا كانت تعيش مصر وباقي البلدان العربية، كما يقول كاتبنا الكبير المرحوم يحى حقي، في عالمها المقفل . إلى درجة أن عربة نقل صغيرة بعجلة أمامية واحدة، بدت للجبرتي كأنها معجزة شيطانية.

عندما ذهب الجبرتي في اليوم نفسه، إلى المجمع العلمي الفرنسي بالقاهرة، وشاهد مكتبته، وحضر بعض التجارب الكيميائية والفيزيائية، التي هي أشبه بألعاب السحر في السيرك، كتب لنا ما يلي:

"من أغرب ما رأيته في ذلك المكان، أن بعض المقيمين به، أخذ زجاجة من الزجاجات الموضوع فيها بعض المياة المستخرجة. فصب منها شيئا في كأس. ثم صب عليها شيئا من زجاجة أخرى. فغلى الماءان، وصعد منهما دخان ملون، حتى إنقطع وجف ما في الكأس، وصار حجرا أصفر يابسا. أخذناه بأيدينا ونظرناه.

ثم فعل كذلك بمياة أخرى. فجمد حجرا أزرق، وبأخرى، فجمد حجرا أحمر ياقوتيا...وأخذ مرة زجاجة فارغة مستطيلة، في مقدار الشبر، ضيقة الفم. فغمسها في ماء قراح. وأدخل معها أخرى على غير هيئتها. وأنزلهما في الماء. وأتى آخر بفتيلة مشتعلة. وقربها من فم الزجاجة. فخرج ما فيها من هواء محبوس، وفرقع بصوت هائل. وغير ذلك، من أمور كثيرة، وبراهين حكيمة. تتولد من اجتماع العناصر وملاقاة الطبائع."

ويقول الرافعي عن الحالة الإقتصادية: " لقد أهمل الولاة العثمانيون والبكوات المماليك، أمر الري وتوزيع المياة وإقامة القناطر والجسور وحفظ الأمن. فجفت الترع، وتلفت الأراضي، وتعطلت الزراعة، وفقد الأمن، وذهبت ثروة البلاد، وهاجر الكثير من سكان القطر إلى البلاد المجاورة.

اضمحلت الصناعات والفنون، التي كانت تزدان بها في سالف العصور. وبدأت في الإضمحلال، بعد الفتح العثماني مباشرة. بسبب اضطراب الأحوال، وكثرة الفتن، وفقد الأمن، والإسراف في السلب والنهب. وكانت مصادرة أموال التجار، من أهم أسباب ركود الحركة التجارية. فاختفت رؤوس الأموال من أيدي الأهالي. وغلب عليهم الفقر. وصار الشعب إلى حالة محزنة من الضنك والفاقة."

وعن حالة المدارس، كتب على باشا مبارك : " أهمل أمر المدارس، وامتدت أيدي الأطماع إلى أوقافها. وتصرف فيها النظار على خلاف شروط وقفها. وامتنع الصرف على المدرسين والطلبة والخدمة. فأخذوا مفارقتها. وصار ذلك يزيد عاما بعد عام. حتي انقطع التدريس فيها بالكلية. وبيعت كتبها وانتهبت.

ثم أخذت تتشعب وتتخرب من عدم الالتفات إلى عمارتها ومرمتها. فامتدت أيدي الناس والظلمة إلى بيع رخامها وأبوابها وشبابيكها. حتى آل بعض تلك المدارس الفخمة والمباني الجليلة، إلى زاوية صغيرة. تراها مغلقة في أغلب الأيام. وبعضها زال بالكلية وصار زريبة أو حوشا أو غير ذلك. ولله عاقبة الأمور."

عصر عبد المنعم الشحات:

حصل عبد المنعم الشحات، الشيخ السلفي والمتحدث الرسمي باسم الجماعات السلفية، على 190 الف صوت في الجولة الأولي لانتخابات مجلس الشعب بدائرته بالإسكندرية.

هناك 190 الف صوت تثق في هذا الرجل وتعتقد أنه خير من يمثلها في المجلس النيابي. إلى هنا والأمر طبيعي. ولكن هل تؤمن كل هذه الأصوات بأفكار الرجل؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فنحن أمام كارثة حقيقية.

في حديث مريب للشيخ الجليل جاء فيه: الحضارة المصرية القديمة عفن، والديموقراطية كفر، وأدب نجيب محفوظ دعارة. وبالطبع كسلفي، هو يحرم الموسيقى وكل المعازف، والتماثيل وكل الفنون، والفلسفة والمنطق وعلم النفس وباقي العلوم الحديثة، والأدب وربما الشعر والزجل واللغة العامية، إلخ.

أنا أفترض أيضا أنه يحرم لبس الساعة في اليد اليسرى، والأكل باليد اليسرى والدخول والخروج بالرجل اليسرى، وسير القطارات على الشمال.

وأنه يحرم عمل المرأة وتعليمها وقيادتها للسيارة وجلوسها على الكرسي وكشفها لشعرها أو وجهها. ولا يجد غضاضة في زواج طفلة من شيخ ومفاخذتها. ويشجع زواج الأربعة والإحلال والتبديل بينهن بالطلاق. ولا يبيح من المتع سوى الأكل والجنس.

وهو يعتقد أن الإبل مخلوقة من الشياطين، وحلال أكل الشياطين، وأن الشياطين تعاشر الزوجات وتعيش في الخياشيم، لذلك يستحسن الإستنشاق ثلاث مرات عند الإستيقاظ من النوم.

أعتقد أنه يعتقد أيضا في تسطيح الأرض ودوران الشمس والنجوم والكواكب حولها. وأن الجبال أوتاد لمنعها من التطاير في الهواء. وأن الشمس تغرب في بئر طينية.

وأن الأرض محمولة على قرني ثور، والثور محمول على ظهر حوت، والحوت يسبح في مياة سوداء. كما جاء في تفسير ابن جريج للآية الكريمة: "الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن، لتعلموا أن الله على كل شئ قدير"

ويضيف ابن جريج: الثور له قرنان وله ثلاثة قوائم، يبتلع ماء الأرض كلها يوم القيامة، والثور على الحوت، وذنب الحوت عند رأسه، مستدير تحت الأرض السفلى، وطرفاه منعقدان تحت العرش، ويقال الأرض السفلى على عمد من قرني الثور، ويقال أيضا بل على ظهره واسمه بهموت.

ويستمر ابن جريج: وأخبرت أن عبد الله بن سلام سأل النبي صلعم، علام الحوت ، قال على ماء أسود، وما أخذ منه الحوت إلا كما أخذ حوت من حيتانكم من بحر هذه البحار.

وحدثت أن إبليس تغلغل إلى الحوت فعظم له نفسه وقال: ليس خلق بأعظم منك غنى ولا أقوى، فوجد الحوت نفسه فتحرك فمنه تكون الزلزلة إذا تحرك، فبعث الله حوتا صغيرا فأسكنه في أذنه، فإذا ذهب يتحرك، تحرك الذي في أذنه فسكن.

وكان عمر بن الخطاب يشجع مثل هذه القصص والتفاسير وخاصة في البلاد التي داسوها بسنابك الخيل المباركة واستعمروها ونهبوا خيراتها بهدف التمكين للدين الجديد واللغة اللذين حملوهما للأراضي المغزوة التعيسة.

وكما يقول خليل عبد الكريم، حراس العروة الوثقى من مؤسسة شئون التقديس، يجيزون مثل هذه النصوص. في حين ينادون بمصادرة الآراء التي تهدى تجديدا للفكر الديني وتنويرا له.

التفاسير التراثية مليئة بالأساطير التي تطفح باللاعقلانية والخرافة. وهي التي تسمى بالإسرائيليات. وكثير من الإسرائيليات نقلت عن مشاهير الصحابة، وفي مقدمتهم عبد الله بن العباس وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبو هريرة وغيرهم.

هذه التفسيرات، تقيم سدا منيعا وتحول دون الفهم السديد، وتشيع الخرافات والجهل الذي يعمل ضد قبول العلم وإعمال العقل، ويجعل أمثال الشحات يعيشون بصفة دائمة في رمال البداوة وهضاب الجهالة وكثبان التخلف.

هذه قصة حضارة مصر والإسكندرية بالأخص في عصرين يفصلهما أكثر من عشرين قرنا. وعلى القارئ أن يحكم، هل نحن نتقدم أم نرجع إلى الوراء بسرعة الصاروخ.

تنويه للكاتب

نرجو الاهتمام بالهمزة نقول احتلال وليس إحتلال ونكتب ارتفاع وليس إرتفاع، إلخ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى