الأربعاء ١٤ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١١

سوريا: التغيير ممكن في 10 دقائق

علي الصراف

قال الرئيس السوري في أحدث مقابلاته الصحافية، إنه بحاجة الى المزيد من الوقت لمعالجة الأزمة في البلاد. وأضاف "يستغرق الأمر وقتا طويلا.. والكثير من النضوج حتى الوصول الى ديموقراطية كاملة".

ولكنه لم يحدد كم من الوقت يريد. ما نعرفه هو أن النظام الراهن يحكم منذ نحو 50 عاما. فاذا كان أركانه لم يدركوا بعد نصف قرن، أن الحاجة الى التغيير باتت ملحة، فالأرجح أنهم لن يدركوا حتى ولا بعد نصف قرن آخر.

والرئيس الحالي يحكم منذ اكثر من 10 سنوات، وَعَد من أولها بالإصلاح، ولكنه لم يُصلح. والانتفاضة ضد نظامه مستمرة منذ تسعة أشهر ولكنه لم يتقدم بخطوات جادة نحو التغيير. وهو يستمرئ الفشل، في هذا الشأن بالذات، حتى لكأنه يعيش عليه. ولا ندري من أجل ماذا يريد المزيد من الوقت.

والحصيلة الوحيدة التي يراها السوريون هي إن نظامهم لم يُدخل على الحياة العامة سوى المزيد من أعمال القمع وتشدد القبضة الأمنية، والمزيد من الفساد والفشل الاقتصادي.
وما لم يستوعبه النظام بعد، هو إن المشكلة لم تعد متعلقة بكم يحتاج هو من الوقت، بل بما إذا كان لدى الناس متسع من الوقت لكي يصبروا عليه.

وكل من يعرف طبيعة المجتمع السوري، يعرف إنه لا ينفجر بسهولة. السوريون ليسوا غضوبين في سلوكهم، وليسوا انفعاليين، بل ويميلون الى القبول بأي حاكم. وقد قبلوا الصالح والطالح، من دون أن ينفجروا عليه، على نحو ما فعلوا تجاه هذا النظام. وهم لم يندفعوا يوما بعد يوم، وجمعة بعد أخرى، في تقديم المزيد من الضحايا، إلا لكي يقولوا للنظام إنه لم يعد في قوس الصبر منزع، وإن الكأس قد فاض بهم، وهم إذا كانوا لم يقطعوا شعرة معاوية مع أحد فإنهم قطعوها معه. لأنهم لم يعدوا يصدقون به، ولأنهم تحملوا الكثير من طغيانه عليهم، وأنهم لا يملكون الوقت ليخسروا جيلا جديدا، على المزيد من الآلام والأذى والأنين.

واليوم، إذ أصبح بينهم وبينه كل هذا الدم، فإنهم لا يريدون أن يمنحوه إلا فرصة واحدة هي: ترتيب شؤون الرحيل. ليس لأن التغيير واجب، فحسب، بل لأن نظاما بطيء الإدراك الى هذا الحد، أثبت إنه لا يمكن الرهان عليه.

ولا أحد كسب فرصا أكثر مما كسب هذا النظام إلا إنه بددها الواحدة بعد الأخرى، حتى أوقف البلاد على شفير حرب أهلية قد تأكل الأخضر واليابس.

ومع ذلك فانه ما يزال يطلب المزيد من الوقت. نعم، يحتاج التغيير وقتا لكي يصبح قاعدة اجتماعية لاحترام الرأي الآخر، ولقبول التعايش مع الآخر. ولكن لا تماطل. فالبداية بسيطة دائما. ولا تحتاج أكثر من قرار عاقل يسمح للناس بتلمس توجه جديد.

وهذا التوجه لا يحتاج لكي يبدأ أكثر من شيئين: عقد مؤتمر وطني عام وشامل لكي يحدد قيم ومبادئ وثوابت التغيير. هذا أولا. وفي اليوم التالي، إقامة حكومة وحدة وطنية لتنفيذ هذه الثوابت. وخلصنا. ويا دار ما دخلك شر.

اتخاذ قرار بهذا المعنى، لا يحتاج أكثر من 10 دقائق.

ولكننا إذ نقف حيال نظام يستمرئ الفشل، فإنه سيفشل في الفهم إنه دون ذلك زائلٌ، زائل.

علي الصراف

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى