السبت ٧ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٢
بقلم رقية عبوش الجميلي

المدينة

ذات صباح، في ريف جميل. على بقعة أرض من أبدع ما خلق الله جل في علاه، وصورها كيف يشاء. استيقظت (منى) على نداء امها:
  هلم يا ابنتي... فهنالك عمل ينتظرك في المزرعة.
اسيقظت (منى) كعادتها، فيما الحزن يخيم على وجهها العبوس، برغم الجمال الذي لا يكاد يوصف بريفيته النقية، التي لم يطلها عبث يد انسان. ليبقى كما خلق للوهلة الاولى، جمالاً ربانياً. قامت من فراشها وهي تنعى حظها، لكونها من الريف من أب فلاح، لا يملك سوى فأس، وجرار، وبعض البهائم. وأم لا تملك سوى الطاعة والرضى بواقع الحال.

تناولت (منى) فطورها، وخرجت تسير بخطى بطيئة. خطوة تلو الاخرى، منشغلة البال، منذ ليلة أمس، وعودة أبيها من المدينة، وكلامه المغري عن جمالها وسعتها، وطرقاتها المعبدة، وأسواقها المكتظة بالناس. في تلك اللحظة انتابها شعور غامر، لو أنها استحالت فراشة لتطير بعيدا، وتبحث عن المدينة. وراحت تحتقر حياتها المملة، وتود ان تستريح من عملها الشاق في المزرعة.

لم تكن لـ(منى) رفيقة مقربة، تسر لها بهمومها. وأما فتيات القرية فكانت تلقي عليهن بالسلام من بعيد، حتى كن ينعتنها بالمجنونة. لفرط انعزالها عنهن.

وصلت (منى) بداية الطريق المؤدية الى المزرعة. حيث يقع معمل الالبان، وفي زاوية المعمل رمقت برج الحراسة. استغربت لوجوده. فتساءلت: (ماهذا؟ لم يكن هنا من ذي قبل!). وهي لم تكن تعلم ان البرج شيّد حديثاً، بعد تعرض المعمل للسرقة مؤخراً. تابعت السير مشدودة الانتباه نحو البرج، دون ان تدرك من يراقبها من فوقه. لفت انتباهها شاب يومئ لها، فراحت تلتفت يميناً وشمالاً، ظناً منها ان الشاب يقصد غيرها، فلم يكن احدٌ سواها.

تجاهلت الامر، وتابعت السير بفكر مضطرب: (ماذا فعلت؟ يالغبائي... كيف لم ألحظ وجود شخص ما هناك؟ سأتجاهل الموقف... كأنني لم أفعل شيئاً.).

تابعت السير، حتى المزرعة فوجدت والدها الذي سبقها في الوصول. وبدءا العمل بنشاط. حتى همّ والدها المغادرة، وطلب منها العودة الى البيت في حال تأخره. فردت على نفسها بوجه عبوس وحاجبين معقودين يصارعان الزمن، وصوت اجهشه الملل ( ليتني لا أعود أبداً...).

أرهقها العمل فأخذت قسطاً من الراحة، تحت إحدى الشجيرات ومددت قوامها الرشيق المبسل. فسمعت نداءً بصوت خافت:
 هيه يا فتاة.
نهضت وهي تتسال: (هل انا أحلم؟)
 من هناك؟
أطل شبح فتى من بين الاشجار:
 هذا انا... أ لم تعرفينني؟

فزت مفزوعة، يطوقها الخوف من كل جانب، فهي لم تخاطب شاباً من ذي قبل، حتى ابن خالها الذي رغب بخطبتها لم تكلمه. إلا مرات قليلات لا تكاد تذكر منها سوى سمرته التي اوغلت الشمس فيها، وكعبيه اللذين شققتهما ملوحة ماء البئر. أما الفأس فقد طبع اثراً صلباً على راحة يديه.

استدارت نحو مصدر الصوت، وضربات قلبها تتسارع من الواقعة. كان الصوت شجياً واللهجة غير مألوفة. وإذا بشاب فارع القوام، نظيف الهندام، ببزة زرقاء كبدلات العمال الحكوميين، تمتمت وهي تسأل وجهه الباسم:
 من انت؟

قالتها متمتمة باضطراب. فرد عليها بجرأة لم تعتد عليها:
 الا تذكرينني؟ انا (وسيم) الذي كنت تنظرين إليه صباحاً... فوق البرج... ما بالك؟ انسيتني؟
 أنا لا أعرفك... كنت انظر الى البرج فحسب، ولم اقصدك انت بالذات... لقد تفاجأت بوجودك.

تصبب العرق من كل مسامات جسدها، وتملكها الصمت الرهيب وهي تستمع إليه:
 أتعلمين؟ لقد شغلني قوامك الجميل وهيأتك الريفية، والآن بعد ان رأيت وجهك، أقسم أنني لم أر في حياتي أجمل ولا أروع من هذا... ما بالك يا حلوتي؟ هل ابتلعتِ لسانك؟
 ماذا تريد؟ ابتعد عن هنا أرجوك... ولا تعد ثانية.
 اريد مما تزرع يداك، لأتذوق حلاوة ما تزرعين.

أشارت الى المزرعة وهي تقول:
 خذ ما تريد وارحل بلا عودة.

********

بعد عودتها الى المنزل. دارت الخواطر في بالها، ماذا يريد شاب من فتاة ريفية. لا تملك سوى فأس تكاد يدها تشل من ثقله خلال العمل. وصرة تحوي القليل من الجبن والخبز. لتقوى به على جوعة العمل؟

في اليوم التالي مرت من ذات الطريق. وقد حولت الابتعاد. لكن شيئاً ما جرجرها الى المسار عينه، فحاولت ان لا ترفع عينها، الا أن الرغبة كانت أشد من ان تـُمنع. دهشت؛ (أين هو اليوم؟ المكان خالٍ! هل رحل؟ هذا افضل).

تابعت السير وقد تملكها شيء من الحزن لا تعرف سببه، حتى سمعت صوتاً غريباً أتاها من بين الشجيرات، فخافت ان تكون دابة ما تهاجمها. أمسكت بالفأس بكل قواها ورفعته بيدٍ مرتجفة لتصد عن نفسها الهجوم الذي توقعته، وفجأة بان الصوت، كان حفيف اقدامٍ قادمٍ نحوها. تسارعت دقات قلبها وتملكها الخوف، وتظاهرت كأنها أقوى من جبل في وجه ريح... ظهر ذلك الشيء.
 أنا (وسيم). هل اخفتك يا أميرتي الصغيرة؟
 لا طبعاً... لم أخف، انا معتادة على مواجهة اي شيء، ولو كنت خائفة لما وصلت المزرعة بمفردي.

ضحك بخبث وهو يرمقها بنظرات، لا تكاد تترك مكاناً في جسدها إلا ومرت عليه:
 مابالك ايها الشاب؟ هل اضعت شيئاً فوجدته عندي؟
 أضعت أشياء واشياء، وها انا اجد كل ما اضعت... ما بالك ترتجفين؟ هدئي من روعك، فكل ما أردته التحدث إليك فقط. لا اكثر. وقد قررت هذا لحظة وقعت عيناي عليك. وان طلبت مني الانسحاب، فسأرحل بهدوء ولن ازعجك ثانية، ولكنني أود ان نصبح اصدقاء.
 هل جننت؟ أصدقاء!
قالتها متعجبة وأضافت:
 تلك الكلمة لا وجود لها في عرف أهل الريف، لا يوجد شيء اسمه صداقة بين فتى وفتاة، ربما هو في عرف أهل المدينة موجود، لاختلاف العادات والتقاليد والثقافات... هل انت من المدينة؟ يا لشوقي لها.
 هل عشت فيها زمناً ما؟ أراك تبوحين عن اشواقك إليها.
 لم أرها في حياتي، لكنني سمعت عنها بما فيه الكفاية وتمنيت ان أطير اليها.

اطمان قلب الشاب لهذه الكلمات، ورأى ان (منى) صيدٌ سهلٌ، بعد ان ادرك مكمن الطعم، فالمدينة هي الطريق الى قلبها، وسرعان ما نبتت مودة بينهما، ولم تدرك انها قد تجاوزت بعض الخطوط الحمر في مسار حياتها. فالشغف الى المدينة والحديث عنها انسيا (منى) انها ابنة الريف، فطال الحديث بينهما.

مرت الايام تلو بعضها البعض وحبل المودة يزداد متانة، فيربط قلبها الضعيف، الذي لم يألف سوى المزرعة والاغنام والحياة البسيطة. وفي يوم عادت قبيل الظلام، وفتحت (منى) الباب واذا بأمها التي قطف التعب شبابها، وهدت تنشئة الأولاد قواها تتسال:
 منى يا ابنتي... شغلتني عليك، ما بال هذا التأخير؟

ردت عليها باستخفاف. هي التي عودها والدها على شيء من الدلال. وعلى ان تكون كلمة (منى) هي الاولى. كونها تتعب في المزرعة لتعيل اخوتها. بالاضافة الى حالة الاكتئاب الملازمة لها. وعدم الرضا بواقع الحال. ما افقد الاهل صوابهم في محاولات ارضاء (منى) بأية طريقة. ولكن... دون جدوى:
 كم مر عليّ من الزمن؟ عشر سنين وأنا على هذه الحال... من المزعة الى البيت ومن البيت الى المزرعة. وأنت تعرفين ان تأخري بسبب سقاية الزرع. وعدم وجود ابي يزيد الثقل على كاهلي.
 اعانك الله يا ابنتي.. هل لي ببعض الوقت معك لاحدثك بأمر يهمك وقد يفرحك؟
 أنا متعبة الان... لنؤجل الحديث الى الغد.
 لكن الامر لا يحتمل التأجيل... لن أؤخرك عن شيء.
 تفضلي يا أمي... وباختصار.
 جاء خالك اليوم. لتحديد موعد زفافك على ابنه.

فزعت (منى):
 ماذا تقولين يا امي؟ من قال لك اني اريد الزواج.
 أنت تعلمين ان خالك قد طلب يدك منذ زمن. وحينها لم ترفضي الامر.
 ولم اقبل ايضاً.
 لمَ يا ابنتي؟ ما عيبه؟ هو شاب في اول طريقه. وسيريحك من هذا العناء. لم الرفض؟ هل من شخص آخر؟ صارحيني فأنا امك.

تلكأت وراحت تدمدم:
 ليس من احد انت تعرفين أنني بلا صديقة. ولا يكاد يراني احد. لأن مزرعتنا نائية والطريق اليها لا يمر به احد.
 إذاً. فما المشكلة؟
 المشكلة أنني لا أريد تكرار المأساة التي اعيشها الآن. ماذا تريدين ان ابقى مدفونة بين المزارع والبيت والاطفال. ويعيد التاريخ نفسه معي ومع أولادي في المستقبل. ومن هذا ابن خالي الذي لم يكلمني الا لمرات معدودات... يا للسخافة... أكاد انسى صوته وشكله.
 لكن المستقبل بيد الله يا ابنتي. ونحن لا نعلم ما ينتظرنا قد يكون الحال غير الحال، لقد جعل الله لكل منا مكاناً وزمانا يحيا فيه. والرضا بالمقسوم نعمة.
 لا يا امي اجلي الموضوع الان فأنا متعبة. ومزاجي ليس على ما يرام.

********

في طريقها الى المزرعة فكرت (منى) بالعواقب. اذا ما فكر ابوها بتزويجها من ابن خالها... ماذا ستفعل؟ ألقت برأسها على جذع شجرة واغمضت عينها. وسرحت في حلم جميل. فأحست بشيء يداعب أنفها برفق. فتحت عينها واذا بوسيم أمامها.
 ماذا تفعل هنا... ألا تخاف ايها المجنون؟
 نعم... انا مجنون بحبك يا (منى) روحي.
 ماذا تقول أيها الاحمق. أ لم نتفق على ان نكون اصدقاء؟
 كفانا كذباً على بعضنا البعض. أي اصدقاء؟ قلت لك إنني احببتك منذ أول وهلة رأيتك فيها. إن كنت تعتبرينني صديقاً فهذا شأنك... المهم انا من يحب.
 أ تعلم انني في مأزق. ولا اعلم ما افعل!
 لعلي استطيع مساعدتك.
 لا أظن ذلك.
 جربي... ولن تخسري شيئاً.
 حسناً وما الضرر؟ سأخبرك... لي ابن خال يريد خطبتي. وانا لست راضية. مللت حياة الريف والمزارع. أريد ان احلق بعيداً عن هنا. اريد التجديد.
 لن ادع ذلك المغفل يأخذك مني... وإلا قتلته.
 سيقتلك اهل القرية قبل ان تقتله بالتأكيد.
 عندي حلٌ ثان.
 هاته.
 سأهرب بك... تعالي معي وسأحميك ولن يعلم احدٌ بمكاننا.
 هل انت واع لما تقول؟ اين هذا المكان؟ اخبرني.
 في المدينة بالطبع.
 هل انت واثق مما تقول؟
 بالتأكيد... املك بيتا صغيراً. بالنسبة لأميرة مثلك.
 لا يهم... سأعيش معك في المدينة اينما كان.

لم يكن (وسيم) هو الداعي الاكبر لترك الاهل والبيت. بل المدينة هي التي اغشت على عيني (منى). فلم تبالي بأبيها المسكين. الذي سيتكبد عناء العار والسخرية من أهله وذويه. عادت والفرحة تراقصها. فتحت الباب فاستقبلها ابوها بسعة صدر كبيرة. وقامة تقصر عن قامتها قليلاً. وشاربين خفيفين مبيضين بعض الشيء. وصوت خافت مبسط دومه للصعاب.
 كيف حالك يا ابنتي؟ ماذا فعلت اليوم في المزرعة؟

بفرح قالت:
 لاجديد... كالمعتاد اتممت عملي. ومررت بالبستان وقطفت بعض الثمار لاخوتي الصغار. وعدت على عجل الى هنا كما ترى.

استغرب الاب من تلك الفرحة التي تغمرها. فراح يسر الام:
 تعالي يا عزيزتي... ماذا دهى ابنتنا اليوم. لم أرها تبتسم منذ وقت طويل.

ردت (ام منى):
 الحمد لله... يبدو انها فكرت بموضوع ابن خالها. فسرها ذلك كثيراً.
 لعل ذلك اذهب الغمة التي كانت تخيم عليها.

اما (منى) فكانت في عالم ثان بعيدٍ. في عالم (وسيم). متلهفة الى ذلك اليوم الذي تطير فيه. تحلم بالمجهول. كيف ستكون المدينة؟ أ أكبر من قريتنا وأوسع؟ ياإلهي ما هذا الذي أنا فيه؟ يا لحظي؟ كم انا محظوظة بـ(وسيم)هذا. انه منقذي من البؤس والشقاء. لكن يجب ان لا ابين هذا. حتى لا يحس بي أحد من اهلي.

اتفقا على الرحيل. وراح(وسيم) يشرح لها بعض الامور. فيما يتعلق بالمال والذهب. الذي في حوزة أهلها. وجهد في اقناعها ان تلك الاشياء هي حق مشروع لها. وسيشتري لها بيتاً في المدينة بتلك الاموال وسيتزوج بها. ثم سيأتي بإخوتها وامها وابيها للعيش معهم. وان تلك الاموال ثمن السنين التي قضتها تحت اشعة الشمس المحرقة. بدأت (منى) تقتنع بكلامه. بعد أن استغل قلة درايتها بالأمور. وصار يكرّهها بأهلها المساكين. الغافلين عن ابنتهم المخدوعة بغرام شاب ماكر لا تعرف عنه سوى اسمه. وانه من المدينة! وهذا ما جذب (منى) اليه. وشغلها وقلب الموازين التي تزن بها الأمور.

جمعت المال من صرة ابيها.التي كانت تحتوي على ثمن محصول العام كله. ولملمت ثيابها ودلست الذهب الذي يخصها وأمها بين الثياب. وراحت تخاطبهم وهم نيام: (سامحوني... سأعوض عليكم هذا. وسآتي بكم الى المدينة. لترتاحوا من عناء العيش هنا... الى اللقاء يا اهلي).

أحست بغصة في داخلها وكأن شيئاً يتمسك بها. وكأن شيئاً يتوسل اليها ان عودي يا (منى ). لا ترحلي الى المجهول. تجاهلت النداء وقصدت الموعد. فوصلت بالدقيقة والثانية في حلكة الظلام. ركبت الوهم وولت وجهها الى حيث اللا عودة. اخذت غفوة طوال الطريق. الذي بدا من شدة اللهفة أطول مما هو عليه في الحقيقته. صحت من غفوتها على صوت (وسيم) ورأسها ملقى على كتفه:
 استيقظي... ها قد وصلنا. نزلت من المركبة بعد ان نزل (وسيم) ممسكاً بيدها. مدللا على تهذيبه واحترامه لها:
 انزلي يا اميرتي الصغيرة.

نزلت والدهشة والذهول يتملكها.
 أين انا؟ هل انا في حلم؟ هل انا في المدينة؟ أ هذه هي؟

مدت ساقيها الطويلتين الموروثتين عن أمها. ورفعت قامتها المبسلة. والدهشة تخيم عليها وكأنها تقول: (أ هذا حلمي الذي امضى سنين عدة يراودني؟ اظن ان الحلاوة ليست في اللقاء. بل في الحلم).

كانت (منى) أجمل فتيات القرية. ما شكّل لها مصدراً للغرور والتعاسة في الوقت ذاته. أحست ان جمال المدينة ينافسها. وأنها ستسرق منها النظرات. تلك التي اعتادت عليها من المارة في طريق ذهابها:
 أتعلمين ان في وجهك خالٌ صغير. وقعت عيناي عليه من نظرتي الاولى إليك. وكأنه نجمٌ وضاء في حلكة ليل بهيم. غاب فيه القمر.

قال لها (وسيم) ذلك وهو يقودها عبر الطريق. الى باب البناية التي يقطنها. وقفت عند اول عتبة من درج البناية. نظرت إليها بإمعان. وبابتسامة رسمت على شفتيها في شبه هذيان وقالت:
 كم وددت ان اصعد سلما من قبل. فبيتنا الصغير في بنائه. الواسع في ارضه. ذو الغرف المتفرقة المنزوية عن بعضها. يحيطها سياج وباب كبير. لقد اختلطت عليّ رائحة البهائم في المنزل. وأضعت بقية الروائح. كم هو رائع ان يكون مكان سكناي في الاعالي.

صعدت السلم خطوة تلو خطوة. يسبقها (وسيم). نحو باب من الخشب اللامع.

فتح (وسيم) الباب بهدوء.وتسحب في الدخول. ثم اغلق الباب ببطء شديد وأمسك بيدها:
 ها قد وصلنا... لنرتح من عناء السفر.

جلست والخوف يتأجج في داخلها. والسؤال يتراقص في عينيها: (أين أنا؟ وما الذي افعله بعيداً عن أهلي واخوتي الصغار؟ لم يمضي على تركي لهم الا ساعات. وقد اشتد خوفي عليهم! ماذا يفعل أبي المسكين الان بعد الفضيحة التي سببتها له؟).

بعد ان اكتشف الوالد المسكين اختفاء المال. احس ان ذلك التغيير الذي طرأ على ابنته. ليس بالشيء الهين. فبحث عنها في انحاء القرية دون ان يُشعِر أحداً أنه اضاع ابنته البكر. ولكن... من دون جدوى. احس بقلبه المحب. ان (منى) في خطر. تلك العصفورة الصغيرة التي لم تخرج يوماً عن محيط القرية. وأدرك بأن ثمة لصاً ماكراً. يقف وراء كل هذا! وراح يختلق القصص لأهل القرية.
ويزعم ان (منى) لدى خالتها. في القرية المجاورة. لتنفه عن نفسها قليلاً.

********

ظلت (منى) مفترشة الاريكة. دون حراك. حتى عاد (وسيم). وهو يحمل كيساً فيه طعام للغداء:
 ما هذا؟ أ ما زلت على الاريكة؟ ظننتك استبدلت ثيابك... إنها لن تناسبك الان.

أشار صوب الغرفة الثانية. وأردف:
 هناك بعض الثياب في الخزانة. لعلها تفي بالغرض حتى ابتاع ثياباً مناسبة لك.

دخلت الغرفة الدامسة الظلمة. ففتحت الستار وطافت بعينيها في ارجائها:
 ما اجمل هذا السرير!
 أأعجبك المكان؟
 بالطبع... انه جميل للغاية.
 غيري ثيابك... سأذهب وآتي بشيخ ليعقد قراننا.

غردت الفرحة في عينيها. دون ان تعلم انها تخطو نحو مصيبتها. لم تدرِ أن ذلك المحتال. اتفق مع محتال آخر. ليجعل منه شيخاً. برفقة محتالين شاهدين. مقابل بعض المال. وهي المسكينة مجني عليها. تتوهم الفرح في لقاء المدينة. فحتى المال اختلسه من صرتها. وراح يقنعها بأنه ـ ربما ـ سقط منها في طريق القرية. قبل أن تصل إليه.

مرت الأيام. و(منى) لم تخرج من ذلك القفص الموصد بمفتاح لا يفتح. لا عند دخول السجان في ساعة متأخرة من الليل. وخروجه بعد انقضاء النهار نوما. للاستراحة من العمل سهراً.
 لم أر عملاً ليلياً في حياتي! ما بالك تأتيني وأنت لا تعلم بحالك؟ وتلك الرائحة الكريهة تفوح من انفك. لا اكاد اطيقها... أ لم تعدني أن تريني المدينة منذ مجيئي الى هذا المكان؟ لم أر نور الشمس منذ أيام!

كانت كأنها تحدث الجدران. ولا يأتيها من رد سوى شخير متعالٍ. يترجم تعب الليل. وبدأت تحس بخطب التغيير الذي طرأ على (وسيم). لم يعد كما عهدته. المحب المتغزل بجمالها. حتى جاء اليوم المشؤوم. وقد صحب بعض رفاقه الى البيت.

دخل ومعه ثلاثة شبان يقاربونه عمراً وجسماً... فزعت (منى) وصاحت وهي تصد يد أحدهم. وتوارت وراء ستارة الصالة. لعلها تحجب نفسها عنهم. فجاءها (وسيم) يخبط الخطى:
 ماذا هناك؟ هل من خطب؟
 من هؤلاء يا (وسيم)؟
 إنهم العمل. جئت به الى البيت! أ لم تطلبي مني أن لا أتأخر؟ سأكون قربك يا حلوتي كي لا تضجري ثانية.
 أ حقاً ما تقول؟ كم أنا فرحة! أ تحبني إلى حد أن تأتي بالعمل إلى البيت؟!
راحت تحضر ما طلب منها. تسكب الشراب في الكؤوس دون ان تعلم انها تملأ الكؤوس خمراً. فهي لم تر الخمر في حياتها. ولا تعلم عنه سوى ما سمعته في بعض المجالس. بأنه يخرب البيوت ويهلك شاربه.

مرت الأيام وهي على هذه الحال. تقدم الشراب. وتحضر الدخان. حتى فتحت باب المنزل ذات ليلة؛ لترمي بمساوئ الليل. فإذا بامرأة قصيرة القامة. نحيلة. في الأربعين من عمرها تفتح باب بيتها. وتلقي عليها بالتحية.

اقتربت منها. والفضول يملأ عينيها:
 مرحبا يا جارة.
 أهلا بك. هل من شيء اساعدك به؟
 عندي سؤال. أراك كل ليلة تحملين أكياساً فيها قارورات قد فرغت من الخمر. في حين أن شكلك لا يوحي بالسكر.

نظرت (منى) إليها باستغراب:
 من قال لك أنه خمر؟
 هل أنت ساذجة إلى هذه الدرجة؟ ثمّ إنني أراك أطلت المكوث! وما من عادة (سالم) أن يطيل بامرأة هكذا! يبدو انك اعجبته.
 (سالم)!؟ عمن تتحدثين؟ لا وجود لهذا الاسم في بيتي.

رمقتها الجارة بنظرة استخفاف. وبسمة استهزاء. وراحت تقترب منها وتهمس في اذنها:
 يبدو انه اصطادك، وجاء بك الى عش غرامه. ويبدو انك لست من المدينة. فلهجتك تدل على هذا.

نظرت إليها بحدة:
 انا زوجة (وسيم). وهذا بيتي.

دخلت الشقة. وأوصدت الباب في وجه الجارة. وقلبها يكاد يقفز من صدرها. لشدة اضطرابها. وحدثت نفسها: (لا بد ان تلك المرأة مجنونة او أنها تهزأ بي).

انتظرت استيقاظ زوجها المزعوم بفارغ الصبر. استيقظ وأكل الطعام بصمت. لم تجرؤ على الحديث معه. وسؤاله عن كلام الجارة. لكن الشك والحيرة ملآ عقلها. وهي تحاور ذاتها. ولا تكاد نظرتها تحيد عنه: (ما الذي أمسيت فيه؟ أين تلكم الوعود التي رسمها لي على تراب المزرعة تحت الشجيرات؟ كم أنا مشتاقة لشجرتي الحبيبة التي كنت أستريح في ظلها؟ أين ذلك النسيم الهادئ الذي كان يداعب خصل شعري؟ لماذا جئت الى هذا الزحام؟ الى هذا السجن الذي لم أر منه سوى جدران يأكلها دود الأرض. تحيط غرفاً مظلمة لم اعتد عليها. في مكان مرتفع لا أرى من فوقه سوى رؤوس سود. تعلو أجساداً لم أر ملامحها ولا الثياب التي تغطيها. وبالكاد اسمع اصواتها.
 ما بك؟ أراك بعيدة عني. وكأن عينيك تخاطبان المكان!

ردت عليه بضجر:
 أين المدينة؟ والبيت الذي وعدتني به يا (وسيم)؟ ام تريدني ان ادعوك (سالم)؟

أجابها باستهزاء:
 ناديني كما تشائين. فكل الاسماء لي. لانني ولدت من غير اسم. فسميت نفسي كما اشاء.

 إذا... فكلام تلك السيدة حقيقة! انت توقع بالفتيات. وتأتي بهن الى هذا المكان. وبعد ان تنتهي منهن ترميهن. لتأتي بغيرهن... وهكذا الحال معي. الحمد لله انك تزوجت بي قبل أن ترميني؟

راح يقهقه بصوت مرتفع. وباستهزاء قال:
 أي زواج هذا الذي تتحدثين عنه. ايتها الحمقاء؟ ذلك الشيخ والشهود ليسوا سوى محتالين. جئت بهم مقابل بعض المال الذي اخذته من صرتك.

صرخت (منى):
 اين تذهب من عقاب الله؟

تجاهلها وخرج من المنزل غير مبالٍ بتلك الضحية. التي سرعان ما سقطت على الارض منهارة. تبكي من قلة حيلتها. فماذا ستفعل اذا ما عادت الى اهلها. سيقتلونها حتما.

بقيت على حالها. والايام تمر. والمرارة والحيرة تشد الخناق حول عنقها. وفي الوقت ذاته قررت ان تقاطع ذلك المحتال. فكانت كلما دخل البيت. اغلقت الباب على نفسها. دون محاولاته لفتح الباب. حتى جاءت اللحظة التي لمعت فيها انياب الذئب. لينقض على الفريسة.

كسر الباب ودخل عليها والشر في عينيه. كانت تقبع في احدى زوايا الغرفة. جرجرها بعنف. فصاحت والخوف يتملكها،
 الى اين تذهب بي ايها المحتال؟ ابتعد عني.
 ساذهب بك الى المكان المناسب. فهذا ليس بمكانك ايتها المغرورة الحمقاء.

في الطريق الحت عليه لمعرفة وجهتها فلم يجبها وتجاهل صراخها. ونعتها بكلمات بذيئة. حتى وصلا الى مقصده. وجرجرها الى الداخل. وزج بها في احدى الغرف. ومن شدة الخوف والدهشة. لم تلحظ اين دخلت. فقد رمى بها على الارض بعنف حتى كادت تتكسر ركبها.
 ادخلي جاء الوقت الذي تتأدبين فيه.
ثم وكأنه يخاطب شخصاً ثالثاً. قال:
 علميها كيف تتعامل مع (كامل).
 (كامل)... يا الهي ما هذا الذي انا فيه؟ ماهو اسمك الحقيقي ايها الماكر؟

صفق الباب وهو يخرج. وتركها لوحدها. فصاحت:
 من هناك لا ارى احدا... هل كان يخاطب شخصاً ما في هذه الغرفة؟
خرجت من خلف الستارة المسدلة. التي تفصل ما بين الغرفة والاريكة الطويلة:
 كان يكلمني.
 ومن انت؟
 انا المستقبل.
 ما هذا الغموض؟ لا اكاد اعرف اسماءكم! قولي لي من انت. والا خرجت من هنا وتركتك.
 الى اين تذهبين؟ الى الشارع؟ ستضيعين في الزحام. وتموتين جوعاً. ام ستعودين الى اهلك؟ سيقطعونك اربا على ما فعلت بهم... نحن الان بيتك واهلك.
 لا ارى فيكم بيتاً واهلاً.
 ان اردت العيش. عليك العمل. نحن من سيحميك ويظلل عليك.
 اي ظل هذا؟ وانا اعيش بين يدي محتال. استغل غبائي وجهلي. وتركني اعيش وهم الزوجة لاسابيع. والان يرمي بي امام مجهول احدثه دون ان اعرف من هو!

كان المكان عبارة عن حانة قذرة. لا يرتادها الا من يبحث عن ظالته بين اكوام الخراب. الذي يخلفه العوز والحاجة. عند الضائعات. أرادت هذه العجوز ان تجعل من (منى) ضائعة هي الاخرى. تقاوم الايام. كان الرفض جواب (منى) في كل محاولة. فزجت في غرفة مظلمة حتى اهلك الجوع بدنها فانهارت وبدأت رحلة الضياع دون رغبة منها.

وقفت (منى) امام العجوز. التي اكل العمر شبابها. فباتت تتزين وتخفي انكماش بشرتها ببعض مساحيق التزييف. وتكسو ترهل جسدها بثياب لم تعد تليق بعمرها. مددت بدنها البدين على الاريكة في الغرفة الخاصة بها:
 هل اقتنعت يا آنسة اننا اهلك الان؟
 بل انتم هلاكي.

بدأت تسير مع العجوز المتصابية في درب الظلام والهلاك. درب اللا عودة. ورمت وراء ظهرها الذكريات الجميلة. وأوصدت باب شوقها الى امها واخوانها الصغار. كانت كلما دخلت عليهم بما تحمل. فوجئت بلقاء لا يكاد يغيب عن ذهنها.

********

بعد مضي فترة من الزمن. وهي تقلب النهار ليلا. والليل نهارا. جاءها زائر غاب وقتا ليس بالقصير عن الحانة. طرقت العجوز عليها باب الغرفة:
 هناك زائر عاد من سفر طويل. اخرجي اليه وافرغي ما في جعبته من مال. فهو قادم من السوق. وقد باع المحصول. وملأ الكيس بالمال الوفير.

ردت عليها بضجر. وهي ترفض افراغ جيب فلاح قد قضى اهله في العمل موسماً عصيباً كاملاً. ليحصلوا على هذا المال. ولكن بعد اصرار شديد خرجت من الغرفة مسرعة. ولم تلحظ ان الرجل كان يقف قرب الباب. مرت من امامه. ورآها وهي تخرج من الصالة. فوقف مذهولاً! فبرغم المساحيق التي تضعها. وقع في حيرة من أمره:
 أ يمكن ان تكون هي لا سواها؟ لا يمكن ذلك. فـ(منى) في بيت خالتها. كما قال ابوها. يجب ان اتحقق من الموضوع.

نادى مديرة الحانة (وردة). فاقتربت اليه وهي تتمتم بكلمات لم يفهم منها الا عبارة (تلك القروية المتعجرفة).
 من تقصدين؟
 تلك الفتاة التي خرجت من الصالة مسرعة. الحمقاء (نجوى).
 وهل هذا اسمها الحقيقي؟ فكما اعلم ان اسماءكم فيها شيء من الزيف. أ ليس كذلك؟
 نعم... كما تقول.
 اخبريني عنها. ما اسمها؟ ومن جاء بها الى هنا؟
 وما بالك انت؟ لن اقول شيئا حتى تمنحني مقابلاً.
 حسنّ سأعطيك ما تريدين. فأنا افكر ان اجعلها فتاتي. وفي هذه الحال. وجب علي معرفة كل صغيرة وكبيرة في امرها.

روت له قصة (منى) من بدايتها. حتى لحظة خروجها من الصالة. ولم يرد عليها بكلمة واحدة. فقد جن جنونه. وهو عمها الأصغر. وأدرك ان والدها المسكين اخلق قصة الخالة. التي لم يقتنع بها اهل القرية. ليغطي فضيحة ابنته المخدوعة التي وقعت في شرك صائد من المدينة.

عاد على الفور الى المدينة. واخبر اباها واخوته الاخرين بالامر سراً. دون علم احد. ليتكتموا في غسل عارها. ويتحججوا بمقتلها في حادث ما.

هم ابوها عند الفجر الى المدينة. ومعه عمها. ليدله على مكانها. وصلا قبل حلول الظلام. فدخل الأب الحانة يخطو ببطء شديد. أما العم فكان منفعلا يريد إنهاء الموقف بأقصى سرعة. ليعود مرفوع الرأس! وأما هي الضحية. فبقيت ما بين حلمها وجهلها وقلة حيلتها.

دخل الاب من باب الصالة. مخبئا في يده خنجراً أعطاه إياه اخوه الاكبر. ليجعل منه سلاح الغسل. ويقي نفسه من الخطر إذا ما احيط به. وهو يتمنى ان لا يجدها لئلا يسفك دم مدللته الغالية. وهو ايضا لم يعتد على تلك الوحشية. لكن من احاطوا به شددوا الخناق عليه. كانت قدماه ترتعشان. وقلبه يخفق. ولسانه كأنه مربوط بسلاسل اثقلت عليه. والعرق يتصبب من رأسه حتى قدميه.

نادى العم على العجوز الشمطاء (وردة).
 اين هي (منى) او (نجوى) الجديدة؟
 ماذا تريد منها؟ هل جئت بزبون جديد؟

ثم همست في اذنه:
 لا تنسى حلاوتي.

وأشارت صوب مكانها. وهمت ان تناديها. لولا أن امسك العم بيدها:
 قفي مكانك. انتهت مهمتك الان.

تقدم الاب اليها مرتعشاً. وامسك بكتفها. التفتت اليه. ووقعت عيناها بعينيه الحنونتين. ومن دون ان تشعر ألقت بنفسها في احضان ابيها. ولفت يداها حول عنقه. كانت العبارة الوحيدة التي نطق بها. منذ سمع الخبر وعرف مكان ابنته:
 سامحيني يا ابنتي الغالية.
 بل سامحني أنت يا أبتي.

سرعان ما غرس الخنجر في احشائها. وسالت دمائها لتختلط بثيابه. اغمضت عينيها المغرقتين بالدموع. ومد قوامها بين ذراعيه. وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة. والصراخ من حولها يملأ الحانة. والكل يخبط ببعضه البعض. من هول الصدمة. تمتمت بكلمات ذابلات:
 ابي احفر لي قبراً في المزرعة. واغسل جسدي من ماء بئر السقي. وحث التراب علي. واتركني بسلام.

********

فزت من نومها. وهي تشد على بطنها. وتصرخ:
 سامحني يا ابي.

دخلت عليها امها مسرعة:
 ما بالك يا ابنتي؟ ماذا دهاك؟

راحت تتلمس مكان الجرح:
 اين هو؟ اين انا من كل هذا؟

قامت الى المرآة. ونظرت الى وجهها الذي يتصبب عرقاً:
 أ كان كابوساً ام حقيقة؟

قطعاً كان كابوساً يا ابنتي. وقد فزعت على صوت صراخك. استعيذي بالله من الشيطان الرجيم. ونامي. خلدت الى الفراش، تكاد لا تغمض عينيها خوفاً من ان يعاودها الكابوس.

انبلج الصبح. فقامت تحمد الله. انه مجرد حلم لا اكثر. نظرت الى أبيها وقبلت يديه:
 كم احبك يا ابي سأطيعك ما دمت حية.
 وأنا ليس لي شيء سواك يا صغيرتي؟

التفتت وإذا بأمها تقف خلفها:
 انت الدنيا وما فيها من خير.
 هداك الله. لم نرك هكذا منذ سنين. ادام نعمته عليك. كيف تغيرت بين ليلة وضحاها؟
 إرادة الله يا امي. تعلمت درساً لن انساه ما شممت الهواء.

ذهبت الى المزرعة والبسمة المهاجرة قد عادت الى وجهها المشرق. بعد ان كان عبوساً مظلماً. وأضحت تلقي بالتحايا على كل من تلتقيه. واهل القرية مستغربين ذلك التغيير المفاجئ الذي طرأ عليها!

وصلت (منى) بداية طريق العمل. ونظرت الى البرج وهي تضحك. امعنت النظر:
 ما هذا؟ إنه الشاب ذاته... (وسيم) أ هو شبيهه. نظر إليها ولوّح بيده.
 اظن اني رأيت هذا من قبل. نعم... الكابوس الذي رايته ليلة امس.

صرخت بصوت عالٍ:
 لا...

عدت تعود أدراجها الى البيت. فتحت الباب وهي تلهث من التعب. وتكاد لا تقوى على الكلام. حتى جلست وشربت من يد امها رشفات ماء. والقت برأسها في احضان امها:
 لن اخرج من البيت. حتى موعد زفافي على ابن خالي يا امي.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

من هنا أوضح مسيرتي العملية في مختلف الميادين، على مدى خمسة عشر عاماً من العمل واكتساب الخبرة.

الكتابة والصحافة:
بدأت في ميدان الصحافة كمحررة في جريدة (العراق غداً)، مسوؤلة عن صفحة المرأة وكاتبة مقال أسبوعي لجريدة رسمية. كما قمت بتحرير وإعداد برنامج اجتماعي تناقَش خلاله قضايا المجتمع وكيفية حلها بطرح الأسئلة التي تصل عبر البريد على اختصاصيين في علم النفس الاجتماعي. ثم انتقلت إلى برنامج إذاعي كضيفة أسبوعية لمناقشة التحديات التي يواجهها المجتمع. كما استلمت منصب (مديرة مشروع) في مؤسسة إعلامية لـ(صناعة القلم النسوي) ومشروع المقال والصورة (رسالة السلام) ثم كنت من منظمي مسابقة (الكتاب بوابة السلام). كما كانت لي عدة كتابات قصصية ومقالات بحثية نشرت في مواقع رسمية مثل (ديوان العرب) جريدة (الزمان) اللندنية، موقع (ما وراء الطبيعة) جريدة (الصباح) الرسمية.

البحث الاجتماعي والمسرح:
كنت عاملاً مهماً في إنشاء وتأسيس الفرق المسرحية (مسرح المضطهدين) في العراق لأربع مدن عراقية، فتم تأسيس أربع فرق مسرحية، وكان لي دور في اختيار وتدريب الفنانين، وكنت المسوؤل الأول في كتابة النصوص المسرحية التي تعتمد على البحث الميداني ودراسة الحالة في المجتمع قبل كتابة النص أو عرضه كنص مسرحي جاهز، واستمر عملي لمدة أربع سنوات على البحث وكتابة النصوص المسرحية وتدريب الممثلين وتنسيق للعروض.

البحث الاجتماعي:
في هذه الميدان كان التركيز على الحالات الإنسانية ودراسة الحالة وتقييم الاحتياجات اللازمة بحسب التقييم مع المتابعة وكتابة التقارير التحليلية التي تعتمد على قاعة بيانات في التحليل، ومعظم تلك التقارير كانت تصدر بشكل بياني ورقمي مع تقرير سردي، واستمر عملي في هذا الميدان مع مختلف المنظمات الدولية لمدة سبع سنوات ممتالية شملت تدريب الموظفين على خطوات دراسة الحالة وكيفية حفظ البيانات وكيفية الإحالة بطريقة إلكترونية وبسرية عالية.

من نفس المؤلف
استراحة الديوان
الأعلى