السبت ١٤ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٢

مروان مخُّول شاعر استثنائي..!

مصطفى عاطف قبلاوي

كنت أعي تمامًا، قبل لقائه عن قرب، أنه شخص استثنائي بكل تفصيلاته، فمن خلال مراقبتي له عندما كان يلقي قصائده، كنت أشعر أن هيبته تلك التي تصلك فور استماعك اليه، ليست مصطنعة البتة، وأن ثورات جسدة التي تتفق بايقاعها مع مفردات شعره خلال عملية الالقاء، ليست مدروسة أو مكتسبة أبدًا إنما هي نتاج تفاعل طبيعي بين الإحساس الصادق والجسد لا أكثر...!

هكذا كان انطباعي الأول عن الشاعر الفلسطيني المميّز والاستثنائي مروان مخُّول عندما تابعته في سلسلة الأمسيات الشعرية التي جال بها في مشاعرنا قبيل أن يجول بها بلداتنا العربية،منتصف العام الماضي، والتي أتت تحت عنوان "عاش البلد مات البلد"..

مروان،ابن البقيعة، استطاع دون أدنى شك أن يعيد للشعر هيبته في أذهان الجيل الشاب من أبناء مجتمعنا، وتمكن بحرفية وإبداع أن يُثبت لكل من شكك بمكانة القصيدة في القرن الواحد والعشرون أنهم على خطأ، وبأن روح كل منّا لا تزال متعطشة للكلمة الصورة المغلفة بإبداع حقيقي وموهبة لا شك فيها..

قبيل أيام قليلة، شاء القدر أن التقي مخول شخصيًا في حدث صحفي كنت أعمل على تغطيته وكان هو، أقصد مخول، مشاركًا فيه، وهناك تجاذبتُ وإياه حديثًا قصيرًا عامًا بمجمله، واتفقنا أن نلتقي بعد انتهاء الحدث لنتابع الحديث...

وقد كان...

التقينا، مرة أخرى، بعد مضي ساعة على انتهاء اللقاء الأول بيننا تقريبًا، رفقة فنجان قهوة عربية وحديث صريح وحميمي بدا لي، لوهلة، وكأنه حديث بين أصدقاء قدامى لا بين صحفي وشاعر يلتقيان، فعليًا، للمرة الأولى...

تحدثتُ ومروان عن شتى جوانب الحياة... عن الألم، التجارُب مرورًا بالحب وفلسفاته وعن الإنسان والفكر وجنون الإبداع حتى وصلنا بالمحصلة للقصيدة...

وكان هناك شيء ما في هذا الإنسان يؤكد لي، خلال قفزنا بين موضوع لآخر، أنني أمام شاعر يتقن تمامًا كيف سيحيك بشعره كلمة على قياس توقعات من آمن بموهبته، وبأن دراسته للهندسة لم تكسبه مهنة لحياته فقط إنما أكسبته مهارة تصميم الحب والوطن بحرفية واضحة أيضًا..!

حدثني مروان عن سلسلة أمسياته التي اعتبرها البعض انتحارية حينها، بحجة أننا، كمجتمع، لن نستقبل الشعر بالترحاب الذي يستحق، حيث أكد له هؤلاء أن كل شاعر سيحاول المضي في جولة أمسيات يقدم خلالها كلماته للناس ستكون وكأنها تجربة تحكم على صاحبها بالهلاك منذ بدء تنفيذها، لكنه، نقصد مروان، أبى أن يصمت أمام محاولاتهم لردعه وانطلق صارخًا في كل بلد:"عاش البلد...مات البلد"، في عرض شعري فني، تلاحمت خلاله الكلمة بالموسيقى لتنتج بالمحصلة نجاحًا كبيرًا يحسب، بالمقام الأول، لجنون صاحبه وتميُّزه..

مروان الذي سينطلق خلال الفترة القريبة المقبلة إلى جمهورية الثورة العربية، مصر، ليطرب روح محبي الكلمة الراقية فيها بسلسلة أمسياته الشعرية بين مدينتي القاهرة والاسكندرية، بالإضافة إلى توقيعه،هناك، الطبعة الثالثة من ديوانه "أرض الباسيفلورا الحزينة" في دار "العين" للنشر والتوزيع، يعدنا بالكثير من مكنونات ابداعه في السنوات المقبلة، فهذا الشاعر الذي تنبأ له الكبار أمثال محمود درويش وسميح القاسم، بسطوع كلمته في سماء الأصالة الشعرية، لن يقف عند ديوان شعري حقيقي وسلسلة أمسيات ناجحة...!

وهنا، أود أن أصرّح لمروان أنني لا ألومه على أي من خطواته منذ انطلق شهبًا يلمع في سماء أحاسيسنا، إلا على عنوان ديوانه الأول "أرض الباسيفلورا الحزينة"...!، فأرض تلد موهبة بحجم موهبتك أيها الاستثنائي، لا بد أن تبقى أرض البرتقال والليمون والإبداع، ليس هذا فقط، إنما ستكون أرضًا سعيدة أيضًا لأنها أنجبتك...!

دُمتَ بهذا الاختلاف المحبب وهذا التألق... يا صديقي...!

مصطفى عاطف قبلاوي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى