الاثنين ٦ شباط (فبراير) ٢٠١٢
بقلم تركي بني خالد

قاموس الفساد..

يبدو أننا متفقون تقريبا على حقيقة أن مجتمعاتنا قد أصابها شيء من الفساد. والفساد لغة هو عكس الصلاح. والفساد كذلك هو التلوث و البطلان، والاضمحلال، والتعفن والتحلل إلى عناصر كريهة، وربما مرحلة تؤدي إلى الانحلال بمختلف أشكاله. والفساد يعني اخذ المال أو حقوق الآخرين بالباطل ودون وجه حق.

والفساد هو ضد الأمانة. والفساد هو الانحراف عن الطريق القويم. كما أن الفساد تدمير لمبدأ النزاهة. ويعني الفساد أيضا التلف والخراب أو التخريب. وباختصار فأن مفهوم الفساد له مدلولات سلبية بكاملها. ولا يمكن تبريره أو الدفاع عنه إلا من فاسد محترف.

وربما يرغب بعض المدافعين عن الفساد بشكل غير مباشر بتبرير الفساد من خلال التعلل بان هذه الظاهرة موجودة في كل العصور وفي كل المجتمعات. لكن الفساد يبقى فسادا مهما تقمص من إشكال ولطخ وجهه القبيح بأنواع الماكياج.

وحين نتصفح قاموس الفساد نرى انه يتخذ وجوها عديدة تطال كافة مناحي الحياة البشرية. ففي البيولوجيا نجد أن الفساد يحصل عندما تهاجم الجراثيم من بكتيريا وفيروسات، واميبا، وفطريات الجسم فتنقص مقاومة الجسم، وتهدد مناعته، وتسبب له الأمراض.

وفي السياسة يأخذ الفساد أشكالا من إساءة استخدام السلطة أو الوظيفة العامة أو الحكومية. ويكون ذلك لأهداف شخصية و غير مشروعة تخدم أفرادا أو شللا أو فئات أو جماعات معينة.

وفي قاموس الفساد نجد أنواعا من العفن مثل المحسوبية وتعني محاباة الأقارب والأصدقاء واصطياد الوظائف لهم، وتعيينهم في مناصب وهمية مثل مستشارين وغيره. كما ونطالع في قاموس الفساد كلمات مثل الواسطة ومن منا لا يعرفها أو لا يمارسها؟ وحين تكون الواسطة أو المحسوبية هي الحكم تغيب عندها معايير الكفاءة، ويسقط فيها ذوي المؤهلات والمهارات والإخلاص.

ونقرأ في قاموس الفساد شيئا عن الرشوة، وهي دفع المال لصاحب النفوذ من اجل خدمة ليس من حقك. ويرافق مفهوم الرشوة مفهمو آخر هو الابتزاز. وهنا يقوم شخص أو جهة معينة بالتهديد بفعل شيء أو كشف معلومات من أجل إجبار طرف آخر لتقديم خدمة معينه بدون وجه حق.

ولعشاق الكلمات يقدم قاموس الفساد مفهوم التنمر المأخوذ من كلمة نمر الحيوان المفترس المعروف. والتنمر هو توجيه الأذى من قوي لضعيف، ويأخذ إشكال التهديد والتخويف في العادة. فالتحرش والإيذاء البدني أو النفسي هي من أشكال الفساد.

وهناك الفساد بالإكراه والإجبار والتلاعب. وجميعها سلوكيات مخزية ومنحرفة تستوجب العقاب. ويمكن اعتبار جميع أوجه الهيمنة والمضايقات من أشكال الفساد. ويقدم الفساد نفسه على شكل من التعسف. ومن صور التعسف المعاملة السيئة لأهداف سيئة ومن خلال إساءة استعمال السلطة أو النفوذ. وحين يحصل شخص على قدر كبير من السلطة ويستخدمها بدون رقابة القانون فهو فاسد بلا شك.

والاستيلاء غير المشروع على ما ينتمي للآخرين شرعا هو أيضا من الفساد. والتمييز من مظاهر الفساد في المجتمع. ويعتبر التمييز على مبدأ الكفاءة مشروعا لكن التمييز على معايير اللون أو الدين أو الطائفة يغيب مبدأ المساواة بين الناس في الحقوق والواجبات. وعدم المساواة في المعاملة بذريعة الانتماء إلى جماعة معينه هو شكل من الفساد.

وتسهيل نشاطات المتاجرين بالمخدرات وغسيل الأموال وشبكات الدعارة كل ذلك من الفساد بلا شك. وشراء أصوات الناخبين بأشكال متعددة يعتبر مفسدة أيضا. وجرائم الشركات المالية والاقتصادية فساد.

قاموس الفساد كبير جدا ويبدو انه مرشح لمزيد من الزيادة في الحجم والوزن. وقاموس الفساد يا سادة حافل بكل ما هو جديد وطريف وغريب من ممارسات ننكرها ونستنكرها ولكننا نقوم بها يوميا دون خوف أو وجل.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى