الثلاثاء ٢٧ آذار (مارس) ٢٠١٢

هديرالعودة في ديوان «نشيد.... وآخر»

عمر عتيق

البناء السيميائي للعنوان

لا فرق بين النسيج اللغوي للعنوان والنسيج الفني للغلاف في الإبداع والتلقي ؛ فالشاعر يختار المكونات اللغوية للعنوان من عصارة الدفقات الوجدانية التي تسري في عروق القصائد كلها، وأي مكون لغوي للعنوان لا يمثل نطفة دلالية في جسد الديوان يكون «خلية زائدة» لا تسهم في التعالق الدلالي بين العنوان والمضمون. وقد يكون العنوان الكلي جزءا من العناوين الفرعية، كما هي الحال في عنوان (نشيد... وآخر) الذي وُسِمت به القصيدة الأخيرة، ولا يعني هذا الاختيار أن التمازج الدلالي والتتابع النفسي محصور بين عنوان الديوان والقصيدة التي تحمل العنوان نفسه، بل إن شبكة العلاقات الدلالية والمنظومة الوجدانية تمتد أفقيا ورأسيا من بداية الديوان حتى نهايته بوتيرة متفاوتة صعودا وهبوطا وثباتا، أي أن تلك العلاقات والمنظومات تتكاثف في مواضع، وتفتر في مواضع أخرى. أما المتلقي فينبغي أن يشكل من العنوان والغلاف فضاء سيميائيا واحدا، وأية ضبابية في هذا الفضاء تفضي بالتلقي إلى غياب الرؤية الدلالية الواعية ؛ لأن العنوان خطاب لغوي مكثف، والغلاف خطاب بصري مبأر... وبين التكثيف والتبئير تكمن مهارة المتلقي بالتفكيك والربط.

وجاء عنوان الديوان (نشيد... وآخر) مركبا من مستويين ؛ مستوى لغوي مكتوب أو منطوق مكون من كلمتين (نشيد وآخر)، ومستوى بصري يتمثل بعلامة الحذف (....)

وأزعم أن المستوى البصري (علامة الحذف) يحمل من الدلالات ما ينوء بحمله المستوى اللغوي نفسه!! وذلك أن اللغة المكتوبة مهما بلغ مستواها الفني أو الرمزي فإن بناءها لا يتجاوز مستويين ؛ بنية سطحية وبنية عميقة. أما علامة الحذف (...) أو المساحة البيضاء فهي " لغة " تتكون من مستويات لا حصر لها... فهي أولا تخلو من البنية السطحية لخلوها من اللغة، وأي قارئ يظنها فاصل أو فراغ بين كلمة (نشيد) وكلمة ( وآخر ) هو ظنُّ جاهل ٍٍ..وبعض الظن في التلقي وهم!. وهي ثانيا ليست بنية عميقة واحدة، بل بناء سيميائي مكثف، يشكل منبها بصريا ومثيرا دلاليا، وأميل إلى تسميته بـ " التشكيل البصري للعنوان ".

وعطفا على ما تقدم...لو جاء عنوان الديوان بلا علامة حذف لاختلفت دلالته ؛ لأن علامة الحذف هي نص غائب سكت عنه الشاعر في العنوان، ليكون نصا حاضرا في حنايا القصائد. ولو قام القارئ بتقمص الحالة الوجدانية والتوقد الذهني للشاعر حينما كتب عنوان الديوان لوجب عليه أن يقف برهة من الزمن بعد نطق كلمة (نشيد) ثم يستكمل العنوان..وهذه البرهة الزمنية أو القطع الصوتي أو السكوت بعد كلمة (نشيد) هو النص الغائب... وفي الصمت ما تعجز عنه اللغة.

وحينما يشرع المتلقي بقراءة نصوص الديوان تبدأ الدلالات الغائبة بالحضور، وكلما شعر أن دلالة ما تصلح أن تعبئ المساحة البيضاء (علامة الحذف...) انبثقت دلالة أخرى لا تقل دلالة أو إشراقا من الدلالة السابقة؛ وعندما تنبثق دلالة من وجدانه إلى ذهنه ليقول (نشيد وأرض) سارعت دلالة ثانية ليقول (نشيد وثورة)، ثم دلالة ثالثة تزاحم الأرض والثورة حينما يجد دلالة العودة تشغل حيزا في الديوان ليكون النص الغائب (نشيد وعودة). وتستمر هذه الدلالات الثلاث (الأرض، الثورة، العودة) تشاكس وعي المتلقي ؛ لأن كل واحدة منها تبدو الدلالة الأثيرة في موضع، ثم تتحول إلى دلالة زئبقية في موضع آخر.... وهكذا تبقى المساحة البيضاء في العنوان خلية دلالية متجددة، لأنها "الدلالة المرجأة " وفق القراءة التفكيكية. ولا يستطيع المتلقي التخلي عن واحدة من الدلالات الثلاث. وهذا التعالق بين الدلالات هو الذي جعل المساحة البيضاء في العنوان أكثر ثراء من لغة العنوان نفسه ؛ إذ لو اقتصر العنوان على اللغة وحدها لجاء العنوان (نشيد وأرض وثورة وعودة)، ولا يخفى أن هذا التركيب اللغوي للعنوان المفترض يفتقر إلى التقنيات الفنية، بل قد يتعارض مع البنية الوجدانية للتجربة الشعرية نفسها.

ظلال العودة في العنوان والغلاف

يتجلى دلالة العودة بين العنوان والغلاف إذا أحسن المتلقي الربط بين المنظومات الدلالية للعنوان والإيحاءات الرمزية للغلاف ؛ فكلمة " نشيد " تندغم مع صورة الحمامة، وبين النشيد والحمامة علاقة صوتية رمزية لا تخفى. وقد ظهرت الحمامة بجناح واحد لتكون دالا سيميائيا على (دلالة لم تكتمل بعد) ؛ إذ إن الحمامة في حنايا القصائد ترمز للعودة المنتظرة – كما سيأتي بيانه -، وما دامت العودة لم تتحقق فالحمامة لا تحلق بجناح واحد!.

وتضيء صورة " الأسلاك الشائكة في الغلاف الدلالات التي يختزلها عجز الحمامة عن الطيران، وتجسد معوقات العودة، وتستحضر أفقا سياسيا تتجلى فيه سياسة التجزئة والتقسيم والتفتيت، وهي آفاق تُلقي بظلالها في فضاء قصائد الديوان.

العودة في " الثالوث الدلالي " (العنوان، الغلاف، القصيدة)

في قصيدة (نكبة وحمامة ووتر) تبرز العلائق الدلالية والنفسية بين الأسلاك الشائكة والنكبة، وبين الحمامة والعودة، وبين النشيد والوتر، فلو تأملنا المقطع الآتي من القصيدة نفسها:

يا أيها العودُ المسجى
فوق
تلك المائده
يا أيها العَوْدُ المسافر
عند
تلك الذاكرة
.......
أحمامةٌ ناحت
وفاق هديلها
رستَ الكمان
فصار لحنُ بكائها
قنديل أحلام
يتوق لطعم ذاك الزيتْ؟ ( ص 74 )

نجد أن " الثالوث الدلالي " الذي يجمع بين العنوان والغلاف ومضمون القصائد قد تحقق على النحو الآتي:

العنوان الغلاف القصيدة

نشيد الحمامة (العودُ المسجى \ رستَ الكمان)

الأسلاك الشائكة ( أحمامةٌ ناحت \ لحنُ بكائها)

مساحة البياض العودة

(علامة الحذف...) يا أيها العَوْدُ المسافر قنديل أحلام

الكلمات المقطعة خلايا دلالية من قصائد الديوان

الأشجار

إن التأمل في شبكة العلاقات الدلالية بين العنوان والغلاف والمضمون يجد أن " بوصلة الدلالة " التي تشير إليها الأسهم تدل أن النشيد في العنوان و الحمامة في الغلاف يتحولان إلى أنشودة حزن وإيقاع ألم في القصيدة التي يظهر فيها العود مسجى على المائدة..لا تداعب الأنامل أوتاره في قول الشاعر: (يا أيها العودُ المسجى / فوق / تلك المائده). وأن الحمامة التي فقد جناحها والأسلاك الشائكة يتحولان في القصيدة إلى نواح وبكاء في قول الشاعر: (أحمامةٌ ناحت... \ فصار لحنُ بكائها...). وما دامت أنفاس النشيد زفير حزن وهديل الحمامة لحن بكاء فإن ( العودة ) لم تتحقق، ولهذا جاءت علامة الحذف أو مساحة البياض في العنوان. وما يعزز هذا الاستنتاج قول الشاعر في القصيدة نفسها:

وصهيلُ ذاك العودِ
أو نوحُ الوترْ
دوزن
حمائمك التي
حمّلتها أغصان زيتونٍ
فصارتْ بحّةً
في نَوْحها
قد مات ذاك
العَوْدُ ذاك العودُ
وانتحر الوترْ

يستدعي الشاعر في هذا المقطع تناصا دينيا مشوبا بملامح أسطورية يحيلنا إلى قصة الطوفان وسفينة نوح والحمامة المطوقة. فحينما استوت سفينة نوح على " جبل الجودي "، قيل: إن سيدنا نوح عليه السلام أرسل حمامة لترى حال الأرض بعد انتهاء الطوفان.. فعادت تحمل بمنقارها غصن زيتون كرمز للأمن والاستقرار والسلام على الأرض بعد انتهاء الطوفان. ولكن الحمامة في القصيدة عادت نائحة باكية، وتحول هديلها إلى بحة صوت، فعودتها في القصيدة تغاير عودة "حمامة نوح "، وقد أفضى هذا التباين بين الحالتين إلى قول الشاعر: (قد مات ذاك \ العَوْدُ ذاك العودُ \وانتحر الوترْ). ولا يخفى أن الشاعر أحدث انزياحا في التناص ليحقق تناغما بين حال الحمامة في القصيدة وحال العودة التي أدمتها الأسلاك الشائكة. وإذا كانت البنية السطحية للمقطع قد كشفت عن بعض عناصر قصة الطوفان (الحمامة وغصن الزيتون)، فإن البنية العميقة تُضمر العنصر الثاني في القصة وهو الطوفان ؛ إذ إن سياق القصة حافل بالتموجات النفسية الهادرة، والدفقات الوجدانية العاصفة، فالاحتقان أو الهدير النفسي المعلن في حنايا القصة يناظر الطوفان المضمر في القصة التي امتص الشاعرُ أحداثها.
أما العنصر الثالث في القصة في سياق التناص فهو " السفينة " التي وظفها الشاعر في غير موضع من الديوان وبخاصة في قصيدة (نكبة وحمامة ووتر).. وإذا كانت السفينة في قصة الطوفان قد رستْ بأمن وسلام في المكان الذي حددته السماء بعد طوفان مدمر، ونجا مَنْ فيها... فإن سفينة الشاعر ما زالت تصارع الطوفان.. طوفان بعد طوفان، ونكبة بعد نكبة، وما زلنا ننتظر سفينة العودة لترسو على (جبل الجودي) أو على جبل الجليل، يقول الشاعر رابطا بين سفينة نوح وسفينة العودة، وبين الطوفان والنكبة:

ستّونَ عاما
والوترْ
أمسى سفينة عودةٍ
للفرحة الأولى
ما قبل أول نكبةٍ
ما قبل آخر نكبة
ما قبل آخر دمعةٍ
في النكبة الستين

وتبلغ الدفقات الوجدانية ذروتها في نهاية القصيدة حينما يستدعي الشاعر شخصية نوح عليه السلام، وهو استدعاء " لقوة خارقة " تعيد سفينة العودة إلى مرفئها، والحمامة إلى غصن الزيتون. إن شخصية نوح تجسد فضاء نفسيا مثقلا باللهفة للعودة، فهو الملاذ الأخير لحلم طال انتظاره، لذلك جاء أسلوب النداء (يا نوح) صرخة واستغاثة ورجاء في قوله:

يا نوحُ
ذلك مرفأ
يا نوح
تلك سفينةٌ
يا نوحُ
هذي في الفضاء حمامةٌ
والعَودُ آتٍ
والشّراعْ

وحينما تفتر حرارة " نداء نوح "، وتتحول غيبوبة " الحلم " إلى صحوة " واقع " يُبصر الشاعر ما لا يرغب برؤيته.. يرى الحمامة ما زالت تبحث عن غصن الزيتون، والسفينة ما زالت تمخر عباب مياه بعيدة عن موانئ الوطن، كما يبدو في قوله:

لكنّما
تلك اليمامةُ
لم تزلْ
تصبو إلى
الريح التي
ستزيل قيدَ شراعها
تلك اليمامة
لم تزلْ
تصبو إلى الزيتون
في وطن غدتْ
تستلّ فيه حمامة
غصنا لقلبك يانعاً
حتّى تحرّكَ
في المياه سفينة
نحو الوطن
(ص 78)

وفي قصيدة (أنين الولادة) التي ترمز " الولادة " إلى مخاض الحرية والعودة يمتص الشاعر السياق الديني لمأساة سيدنا يوسف عليه السلام، ويعقد مقاربة دلالية لافتة بين المفاصل الرئيسة في محنة يوسف، والمشاهد النابضة في محنة الفلسطيني ونكبته. ويحرص الشاعر في هذه المقاربة على صبر يوسف وتماسكه وتمكنه من العودة إلى أبيه، أو عودة أبيه إليه بعد غياب طويل، لتكون حال يوسف معادلا موضوعيا لصبر الفلسطيني وتماسكه وعودته إلى وطنه... أو عودة الوطن إليه.يقول الشاعر مستحضرا بداية محنة يوسف حينما ألقاه أخوته في البئر:

يقولُ:
"أئِنُّ"
أقولُ:
"تَماسّكْ"
يقولُ: "وفي الجبِّ
عتمةُ قبرٍ"
أقولُ:
"تماسكْ"
يقولُ:
"وفي الجبِّ محنةُ دهرٍ"
أقولُ:
"تماسكْ"

تحيلنا هذه السطور إلى قوله تعالى: ((قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ )) فأنين يوسف في البئر يناظر أنين شعب تحت احتلال وحصار،وهي صورة صوتية تحيلنا إلى الأنين في الفضاء الصوتي للنشيد في العنوان. وعتمة الجب أو القبر في القصة تناظر ضبابية الأفق السياسي، وهي صورة بصرية تحيلنا إلى الغسق الذي يحجب ميناء العودة عن السفينة، وإلى الأسلاك الشائكة في غلاف الديوان.

ويستمر تمدد التناص في سياق المقاربة بين محنة يوسف وعودته التي تحققت ومحنة الفلسطيني وعودته المنتظرة، فيصور الشاعر مفارقة مذهلة ؛ تجسد المكانة الدينية لسيدنا يوسف..يوسف ابن النبي يعقوب.. ابن الأكرمين يُباع في سوق العبيد " بثمن بخس "!، في قوله:

يقولُ:
"رنينُ الدّراهمِ أُشرى
بأبخسها، أنقذوني"
أقولُ: "تماسكْ"
يقولُ:
"أنا ابنُ الحقيقةِ
وابنُ النّبوّةِ
وابنُ الكرامه"
أقولُ: "تماسكْ"
يقولُ:
"لماذا أباع
ببعض الدّراهمِ
في زمنٍ صار
فيه الذّليلُ كريما
وصار الكريمُ
ذليلاً يهونْ" (ص 95)

تحيلنا هذه المفارقة المذهلة إلى قوله تعالى: ((وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ))، وتفضي هذه المفارقة إلى مفارقة أخرى لا تقل ذهولا واستنكارا ؛ إذ إن قدسية فلسطين ومكانتها الدينية لم تشفع لها عند تجار " القضية " وسماسرة الوطن. وبهذا يكون الربط بين تحول يوسف من عبد مملوك إلى " سيد " يملك مفاتيح خزائن " مصر " وتمكنه من لقاء أبيه بعد غياب مرير، وتحول " الفلسطيني " من مشرد عن وطنه، ومحاصر في أرضه... يكون الربط بشرى يصدح بها إيقاع التناص في القصيدة بعودة المشرد، وخلاص المحاصَر، وارتدادا نفسيا ودلاليا إلى مساحة البياض في العنوان، وإلى صورة الغلاف التي يتجلى فيها انبثاق الأشجار من الأرض تعانق الأفق المرتقب على الرغم من أنياب الأسلاك الشائكة.
وتتكرر الصورة ذاتها في قصيدة " نشيد.. وآخر " التي تشكل أيقونة عنوان الديوان، فتعود صورة " يوسف " التي سكنت وجدان الشاعر، واستحوذت على مسامات أحزانه وحنايا أحلامه.. يعود يوسف رمزا للغائب الحاضر و للمنفي العائد، في قوله:

نشيدٌ وآخرُ
يوسفُ
يُنشِدُ عهداً
وآخرْ
نشيدٌ وآخرْ
ويوسفُ: إني رأيتُ
الكواكبَ تسجُدُ
والشّمسَ تسجُدُ
إني رأيتُ
سجودَ القمَرْ
وأخوة يوسفَ
بين حقودٍ
وبين حليمٍ
خذوهُ إلى البئرِ أو ….
فاقتلوهُ

لا يخفى أن التناص في هذه السطور يصل حد الاقتباس من قوله تعالى: ((يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ْ)). إن تكرار مشهد المعاناة، واستحضار " رؤيا " يوسف من القرآن الكريم بشرى ثانية تزفها القصيدة الأخيرة في الديوان..بشرى الخلاص والعودة، بشرى مؤسسة على مقاربة بين " رؤيا " يوسف التي تحققت على الرغم من تآمر أخوته عليه... و" حلم " الفلسطيني الذي سيتحقق على الرغم من تحديات الخلاص ومعيقات العودة. كما أن الجمع بين ثنائية عتمة الجب و " رؤيا " يوسف يناظر الجمع بين مخاض الانتظار وميلاد العودة في قول الشاعر:

نشيدٌ وآخرْ
وعتمةُ جُبٍّ
وحكمةُ ربٍّ
وكيدُ نساءٍ
وفيضُ ابتلاءٍ
تشكّلُ عند حدودِ
البطولةِ حبكةَ دمعٍ
وميلادَ ثائرْ (ص 108)

ويبقى التعالق بين دلالة النشيد في العنوان وإيقاع العودة وَهْجا في الذهن، ووخزا في الوجدان، ونبضا لا يفارق حلمه، فلا أنغام تصدح من " القانون "، ولا أنامل تعزف لحن العودة.. والسفينة ما زالت خلف غسق يمنعها من الوصول إلى ميناء الوطن في قوله:

يا أيها القانونُ
ما بالُ الأنامل
إذ تلاعب وجنتيكَ
تداعب الغسقَ
المخيّمَ فوق
وجه سفينةٍ
ما كان فيها العَوْدُ
توّاقاً
ما كان فيها الحبّ
مشتاقاً

وما دام لحن العودة لم يبدأ.. والسفينة تفتقر إلى منارة والغسق يحجب ميناء العودة، فقد انفطر وجدان الشاعر في مناجاة للوطن، لحيفا.. ويافا مرفأ الوطن الذي ينتظر سفينة العودة:

يا صدر مرفأ موطني
البردُ فيك بلا وطن
والحر فيك بلا وطن
والشوق فيك بلا
ربيع أو غناء للوطن
أسفينتي
ما للمحبّة مثلَ تمثالٍ
تُرى، لا شوق فيها
للوطن
لا شوق فيها
للربيعْ
في بحر يافا
أو
على وجنات حيفا
يا وتر
عمر عتيق

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى