الثلاثاء ٢٩ أيار (مايو) ٢٠١٢
بقلم إبراهيم جوهر

لا بواكي للقدس

في الأيام الأخيرة لشهر الرحيل والترحيل كان فجر اليوم نديّا، هادئا. أفقت على زقزقة حياة تخرج من طيور أيار، بلبل، وهدهد، وحمام بري، وجوقة الزرعي الأليفة.

الهدهد ضيف سريع المغادرة. منذ يومين يزورني...للهدهد ذاكرة وحضور. إنه الصحفي الأول في التاريخ...هدهد اليوم لم يخبرني شيئا، الكتاب أخبرني، والصحيفة، والدخان الأسود.
هدوء، وفجر حقيقي. ليت الهدوء يدوم.

زميلي (جاد) ما زال في حقل الليلك. تجاذبنا أطراف الألم والواقع اليوم في غرفة المعلمين.

مشكلة عالقة بين شبان في البلدة ستجدد عطوتها العشائرية هذا المساء.

مستوطنون يعتدون على أربع قرى.

مياه شحيحة تسير في النهر. ساعات معتادة تمر.

لجنة المستقلين المتابعين لشأن المصالحة دعت طرفي الانقسام إلى الالتزام بالاتفاق الموقع عليه في الدوحة والقاهرة.

(هل اكتسبنا أسلوب التفاوض مع الآخر فبتنا نراوغ؟!!)

الاعتقال الإداري تم تجديده لثلاثة معتقلين من بينهم (حسام خضر) صاحب القلم الأدبي الجميل.

(لا احترام للتعهدات والاتفاقات)

حرارة الجو ارتفعت، وحرارة المواقف كانت أكثر ارتفاعا.

حقول الليلك تزداد رغم وجود نوافذ مشرعة على المستقبل...

اتصل بي صديقي الشاعر (رفعت زيتون) متسائلا عن انضمامي لفريق القدس الأدبي الذي سيزور عرابة وأدباءها وبلديتها في مسرح (محمود درويش) مساء الخميس القادم.

وصلني كتاب (حارسة نارنا المقدسة) من إصدار ندوتنا الثقافية الأسبوعية الذي خصص للكتابات النسوية.

كنت قد اخترت عنوان الكتاب وكتبت تقديما شاملا قبل دفعه إلى المطبعة، لكني فوجئت اليوم بغياب اسمي عن التقديم!!

هل (الممنتج ) تدخل فحذف الاسم فصار التقديم بلا نسب؟؟ أم الناشر المكلف بالطباعة؟ أم من؟

لماذا نغلق نوافذ أخلاقيات المهنة لصالح أنانيتنا؟

كنت أتعامل مع مواقف مشابهة بكثير من التساهل وطيب التوقع والتحليل، اليوم أجد في الأمر ما وراءه من خبث نوايا....من المسؤول؟

النجاح يبدأ من العناية بالأمور الصغيرة.

بعد العصر حتى مغيب شمس اليوم تعالت ألسنة الدخان وتشكيلاته في الأفق الشرقي؛ دخان أسود ملأ الجو وغطى مساحة من جمال الفضاء مصدره مجمع قمامة القدس القريب من السواحرة الشرقية وأبو ديس والعيزرية.

تشكيلات بلون الإهمال، والسرطان، وقيمة من لا قيمة لصحته وحياته...

نهار هادئ في بداياته،

عابق بحرائق سوداء في نهاياته، وبينهما حقول من الليلك والغبار والجفاف واللؤم.
مدارس جبل الزيتون لم تنتظم الدراسة فيها هذا اليوم. طالبات المدرسة الإعدادية تعرضن لاعتداء عنصري في رحلتهن المدرسية...

لا بواكي لنا، لا بواكي لبناتنا وأبنائنا،

لا بواكي للقدس،

لا بواكي لحالنا الذي يبكي حالنا سوى دخان أسود، وقلوب سوداء تزيد الليلك والسواد.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى