الثلاثاء ٢٩ أيار (مايو) ٢٠١٢
بقلم مصطفى عبا

المَحبَّة

أُحبُّكَ في الحُضور والغِياب. أحبُّك في الحَقِّ والحقيقة، في العَقل والجُنون.

لمّا تَكون فيَّ كينونتُكَ ويتملَّكُني عَقلُك واليقينُ أنك فيَّ وأنِّي فيكَ منكَ وإليكَ يَنْفضُّ عنِّي اللايقينُ والظّنُّ يهجُرُني. ربّما تلكَ كانت إرادَتُك: تارة تكونُ وتارة لا تكون. أتِلْك بلْوى تصْطليني بها ولماذا؟ أمْ أنَّكَ هكذا، هكذا أنتَ الذي أنتَ؟

أُحبُّكَ في الحُضور، في الدُّجى والنُّور، في وعْيي وتوالي أحوالي، في الذّهاب والإياب، آنَ الأسَى وإبّان الحُبور.

أحبُّك في الآنِ والمَدى، بيْد أني لا أعرِف، بينما أنت المَعرِفة. فلماذا لا تكونُ فيّ أنتَ الذي تملك القدرة على الكَوْن في كل شيء؟ بما في ذلك أنا. لماذا تَعزِلني حين أبايِعُك وتبتَعدُ حين أُجانِبُك؟ لماذا لا تُعلِّمني ما لا أعْلَم حتّى أَعرِفَك مزيداً وأعتَرفَ لك بكَ ولا أجهَلَك؟

أنتَ الذي أدري ولا أدري، أنتَ القريبُ البعيد، الأوَّل والآخِرُ، قُلْ لي مَن أنتَ حتّى يُمْكن أن تكون فيَّ وأُدرِكك.

بَيني وبيْنكَ كمْ من البَيْن!

لا أنفي كوْنَك طوراً، دون أن أُكرِّسَك في المقابل، وطوراً لا ظنّ لي فيك يُوجَد ولا يقين. عن قصْدٍ أعطيْتُك الاتِّساع، حتى في لحظات الضيق الأكثر فتكاً بي، حتى في لحظات الشِّدة الأكثر شراسة، لا حُبّاً في المروق عنكَ، لا، ولكنْ لرغبتي في السير وحيداً، حُرّاً بلا بك، كما أنتَ حرٌّ بلا بي.

أَشهدُ أنْ لا أنا إلا أنتَ، لا آخَر آخَرٌ إلا أنت. مِن أنتَ الأشياءُ، كلُّ الأشياءِ، تستمدُّ أنفاسها، أنفاسك أنت الذي هو نورٌ على نور.

أنت القدير القادِر على رَفْعي وخَفضي، على جرِّي ونصْبي.

أنا لي نهاية وأنت لا نهاية لك.

أنتَ السرمدي الأبديّ وأنا العابِر الفاني.

أنت الغنيُّ وأنا الفقيرُ إلى أناك.

إذاً متى شئتَ تعالَ.

عُد.

أنا...

أنا لا أستطيع الوصول إليك.

أين أنت؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى