الاثنين ١١ حزيران (يونيو) ٢٠١٢
بقلم مجدي شلبي

بين المظهر والجوهر!

إن قضية القضايا في العصر الحالي هي الانفصال الحاد من الضد إلى الضد بين الشكل والمضمون، بين المظهر والجوهر، الأفعال والأقوال، الوزن والقيمة، المتن والثيمة، الظاهر والباطن، الشكلانية والعمق، العبادات والمعاملات، السر والعلن، القلوب والأبصار، الروح والجسد، القشور والمقاصد، والمبادئ النظرية والسلوك العلمي... حتى أضحى مألوفاً لدينا أن نرى الضدين معاً وفي آن واحد.. كاجتماع البخل الداخلي والكرم الخارجي..!

إن اضطراب العلاقة بين المظهر والجوهر يؤدي حتماً لاضطراب حياة الإنسان، وإحساسه الدائم بالقلق والتوتر والانفعال، وبالتالي يُعد مصدراً للكثير من آفات المجتمع. فبعض الرجال يرتدون العديد من الأقنعة فيظهرون أمام الناس في الخارج وكأنهم ملائكة، ثم ينقلبون داخل بيوتهم إلى شياطين..!

وقس على هذا العديد من المظاهر الخادعة كالاهتمام بنظافة الشوارع الرئيسية واهمال نظافة الشوارع الخلفية، أو الاهتمام بمظهر الأبناء وإظهار علامات العز والثراء عليهم وإهمال النواحي الفكرية والعقلية، أو ارتداء البعض لمسوح الحكمة والرشاد في الوقت الذي يسعى فيه في الأرض فساداً، أو الاهتمام بإكرام الغرباء والبخل الشديد مع الأبناء، أو أخذ الحقوق مع تسويف الواجبات، أو إدعاء الالتزام مع الانفلات التام، أو الهوة السحيقة والبون الشاسع بين القول والعمل وبين الابتسام من أمام وسلوك اللئام من وراء لثام...!

إن الصورة الحقيقية التي يسعى البعض لإخفاء ملامح قبحها بعمليات تزييف وتزوير مكلف ومتكلف.. لن تلبث أن ينفضح أمرها وينكشف سترها طال الزمن أو قصر فضلاً عن عدم قناعة الآخر الذي لا يملأ عينيه إلا التراب وينطبق عليه الوصف (لا يعجبه العجب).. ولنا في حكاية جحا وابنه العبرة والمثل: فعندما ركب الحمار وسار ابنه بجانبه.. لامه الناس على عدم رحمته بهذا الصغير، فأركب ابنه وسار هو.. فلاموا الابن لعدم بره بوالده، فركبا معا.. فاتهموهما بعدم الرفق بالحيوان، فهبطا وسارا بجوار الحمار..

فاتهموهما بالجهل والغباء لعدم استفادتهما من وجود دابة معهما، فما كان من جحا إلا أن حمل حماره ليرضي الناس فاتهموه بالخبل والجنون! إن الباحثين عن وسيلة لإرضاء الناس سيعجزهم الوصول إلى الهدف مهما بذلوا من جهد وأنفقوا من مال، أما الساعون في طريق الخير ابتغاء مرضاة الله فلن يضيع جهدهم هباء وسينالون منه سبحانه وتعالى عظيم الأجر والثواب... في الحياة الدنيا وعند الحساب.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى