الثلاثاء ٣١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٦
قصة قصيرة
بقلم أشرف الخريبي

حارس الليل

القط الذي كان أليفا في البيت هاج مرة واستلذ البقاء علي وجه ابنتي الوحيدة
كان يداعبها ثم يفاجئها بأظافره الحادة على عينيها , فصارت تفزع في الليل وتضرب وجهها بعنف كأنه لم يزل يسكن هناك .

تصرخ بخوف هائل ويرتج كل جسدها الصغير أحضرت لها الطبيب فاتهمته بأنه القط ولكنه غير جلده الي البياض ..

ابنتي التي أحبها تعاني من الألم ولا تنام ولا تهدأ ولكنها تستكين في أجفاني دوما وطيلة الليل في صراخ لا يمل التعب ولا يعرف السكون .
رغم الإرهاق البادي علي جسدها النحيل ..

ولكنها في النهاية ماتت .
نعم ماتت من الحسرة.
القط الذي كان أليفا عندنا في البيت ..
نام في أحضان زوجتي , وأحس بالدفء فاستكان ومدد قدميه وتمطي في هدوء علي فخذيها العريضتين.كنت غائبا وقتها عن البيت ..
القط أخذ يمد فمه في هدوء , يتسرب بخفة الي صدرها ثم انه انثني بجسده اللولبي إلي ثدييها.حتى امسك بالحلمات والتقطها وبدأ يسحب منها , يشد في نهم من ذلك الحليب الصافي وزوجتي في رضا تام.شعرت امرأتي كأنه القط ابنتي وأبقت عيناها مغمضتين لفترة طويلة. كان القط قد انتهي من كل شيء .

عندما مدت يدها لتتحسس البنت التي ماتت اكتشفت شعره الكثيف , فتحت مقلتيها في فزع .. ولكنها لم تستطع ..

كان كل شيء في البيت هادئا والأضواء مطفأة والأبواب مغلقة , ونحن في منتصف الليل تقريبا.لم تستطع .. تحسست بيديها يديها وصدرها وقدميها وتوقف لسانها عن النطق إلا من حرف علة لا يمنح شيئا.كانت أفاقتها تعني إغماءة طويلة . هرولت الي السلالم دون وعي..

وسقطت .. سقطت من الفزع وراحت في غيبوبة طويلة .
جاء الطبيب يرتدي نفس البالطو الأبيض في ردهة المستشفي , كان في عينيه نفس الحسرة والألم , ونفس التشخيص يحمله في يده , وباليد الأخرى يخبط علي كتفي .

القط الذي كان أليفا في البيت يرفع ذيله لأعلي ويتمطى حين يراني
ثم يقف علي قدميه الخلفيتين مستعدا لالتقاط ما في عيني من ألم وأنا لا أستطيع النظر في عيونه الطولية.كانت صورة زفافنا معلقة علي الجدار المقابل

سحبت الكرسي المتهالك وتهالكت عليه.كنت بمفردي معه في البيت ولا أستطيع الغياب , ولم يكن أمامي سوي كسرة من خبز ناشف .
وبقايا من تعبي في مواجهة ذلك القط الكبير الذي يسكن معي ليل نهار .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى