السبت ٢١ تموز (يوليو) ٢٠١٢
بقلم مرفت محرم

مفترق طرق

فى رحلة تحفها السكينة والإيمان، وتغشاها المودة والرحمة والاطمئنان، انطلقت الحاجة سامية وصديقتها لمياء إلى الأراضى المقدسة للقيام بأداء مناسك العمرة فى شهر رمضان الكريم، تحملان الأشواق والحنين لملاقاة بيت الله الحرام؛ رافعتين أصواتهما بالتلبية والحمد والتكبير...

وعند وصولهما إلى الحرم المكى وسط الجموع، فاضت أعينهما بدموع السعادة والانشراح؛ وهما ينظران بشغف وسكينة وطمأنينة وارتياح إلى أحب الديار لحبيب القلوب والأرواح محمد صلى الله عليه وسلم ....

ذهبت سامية الأكثر معرفة؛ إلى الكعبة المشرفة، مصطحبة لمياء لأداء مناسك العمرة، وأفئدة الجموع تحلق كالطيور، حتى سالت الدموع على الصدور، والجوارح يتملكها الخشوع والخضوع للرحيم الرحمن، بدءاً بالطواف حول البيت الحرام، ثم السعى بين الصفا والمروة ثم التحلل، إلى آخر تلك المناسك والأركان....

وبعد إتمامها على النحو الصحيح، عادتا إلى الفندق المريح؛ فتناولتا وجبة السحور إستعداداً للصيام، وتوالت الأيام فى الذهاب إلى الصلاة وقراءة القرآن الكريم ، حتى انتهت بطواف الوداع إستعداداً للرحيل ....

انطلقت الحافلات مغادرة مكة الحبيبة؛ إلى مدينة جدة العريقة العتيدة، وفى استراحة المطار، تناولتا وجبة الإفطار ، وراحت سامية ولمياء تتذكران فى سعادة بالغة تلك الأيام التى جمعتهما على الإيمان؛ ويشكران المنعم على أن أكرمهما بتلك الزيارة فى شهر القرآن، وأثناء الحديث قامت لمياء بإهداء صديقتها كتاباً للدعاء موقعة عليه بإهداء ....

لم يمض وقت طويل؛ حتى قام منظم الرحلة بالمناداة على المعتمرين؛ لإحضار جوازات سفرهم؛ إستعداداً لركوب الطائرة فى طريقهم لبلدهم ....

أخرجت ساميه جواز سفرها من الحقيبة فى ثوان؛ وبدأت لمياء تبحث عن جواز سفرها بلا جدوى ولا تبيان؛ بدأت الأرض تموج بها، والاضطراب يلاحقها، وأخذت تفكر بصوت عال مسموع: وكيف يمكننى السفر والرجوع، كيف أعود وجواز سفرى مفقود؟ ماذا أفعل؟ يا إلهى ... يا إلهى

أخذت لمياء تبحث بجنون؛ وتجول بين صالة السفر والوصول؛ باحثة فى ذهول عن جواز سفرها المفقود؛ فياله من شعود بالقهر، ويالها من لحظات أطول من الدهر؛ ارتفع عندها صوت الميكرفون منبهاً المعتمرين للذهاب إلى باص المغادرة؛ الذى سينقلهم إلى الطائرة

ودعت ساميه لمياء؛ وهى منخرطة فى البكاء؛ فمدت يدها إلى كتاب الدعاء؛ عله يعينها فى رحلة بحثها ويجعل لها مخرجاً من هذا العناء والشقاء؛ فمدت لمياء يدها لتفتحه داعية الله أن يفرج كربها ويعيد إليها ضالتها الآن وقبل فوات الأوان؛ فحدث مالم يكن البتة فى الحسبان، هللت لمياء فقد وجدت جواز سفرها داخل كتاب الدعاء ....

لم تسع ساميه الفرحة فرجعت مهرولة إلى حبيبتها، ورفيقة رحلتها الإيمانية؛ وراحت تحتضنها بشدة؛ واصطحبتها ليودعا جدة، دون أن يفرقهما طريق العودة .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى