الثلاثاء ٢١ آب (أغسطس) ٢٠١٢

مناحة الإعلاميين والمثقفين في تونس

لقد كان واضحا أن هدف أعداء تونس في الداخل هو إرباك الحكومة وإشاعة الخوف منها على الحريات الشخصية والعامة، إلى جانب إشاعة الفوضى في البلاد، تبعتها تصريحات الديماسي بعد استقالته، وسبقها وهج مشكلة مستشفى الهادي شاكر، في محاولة يائسة لإثارة حنين الناس إلى العهد السابق، وما يصدمني أكثر هو تلك "المناحة" التي نصبها نفر من اللا مثقفين مع زمرة من أشباه الإعلاميين الذين ينتظرون كل بوق ضد خيار الشعب، ليسارعوا إلى الولولة والصراخ ضد من عاش الجحيم في العهد البائد، حينما كانوا هم يقولون: "آش لزهم؟" وهم ينعمون بالدراسة والعمل والتنقل..

صحيح صدمت للحملة الشرشة من هؤولاء ضد مبدأ تعويض ضحايا بن علي، لكن الشيء من مأتاه لايستغرب، لأن جلهم كان شريكا في قمع الشعب، وأغلبهم كان يتلذذ بعذابات الإسلاميين نكاية فيهم، وآخرون كانوا غائبين تماما عن الساحة السياسية مشغولون بكنز الأموال. هؤلاء يعتقدون أنهم غير معنيين بتعويض الضحايا، وتناسوا أنهم كانوا شركاء الجلادين. إن ما وقع خلال عقود من الزمن هو مسؤولية كل التونسيين وإن تضميد الجراح هو مسؤولية الجميع.

يامن تدعون اليوم الوطنية، وقدستم بن علي ونظامه، إسألوا زنازين الداخلية عن أولئك أالرجال اللذين قضوا فيها أجمل أيام شبابهم، وذاقوا فيها ويلات القهر والتعذيب يوم كنتم تساندونه، حتى يقضي على رجال تونس الذين قالوا لبن علي لا عندما انبطحتم أنتم.
أنتم اليوم نفس الوجوه التي حاربت المناضلين من أجل حرية تونس.. تقومون بنفس الدور، وتتحالفون مع بقايا الدكتاتور من أجل السيطرة على البلاد وسرقتها كما كنتم تفعلون، أو حرقها.

اليوم ظهر الحق، وألسنتكم أخرجت ماكنتم تخفونه، إنه الفرز على قاعدة الحريّة والوطن، فأما أن تكون مع الوطن والحق، أو أن تكون مع جيوب الردة والباطل.

تتبعوا وجوه أصحاب القلاقل والمزاعم ستجدون صورهم بجانب صور المخلوع في الماضي.
اعترضني أحد الشباب الذين أعرفهم في المسجد غاضبا وقال لي: ياأخي ندمت في اختياري، "الحكومة دخلتنا في حيط"، أنا ضد تعويض المساجين السياسيين، ماقاموا به من تضحيات هو في سبيل الله، وقبل هذا كما يقولون سيكون على حساب ميزانية التنمية، والمخصصات المبرمجة للنهوض بالفقراء وضعاف الحال، والمناطق المحرومة. ابن عمي استشهد في الثورة.
سألته: وهل أخذت عائلة ابن عمك تعويض؟

قال: نعم.

قلت له: ياأخي اليوم أنت تواصل ذبحهم وظلمهم وهو أخطر من ظلم بن علي، لأن تلك الفئة من التونسيين التي أقنعتك بهذا القول رضيت بتدمير بني جلدتكم وتقول لهم: "شكر الله سعيكم.. ناضلتم لكن الآن افرحوا بحريتكم فقط، لا حق لكم ولا لأبنائكم أن تسترجعوا حياة كريمة عادية".

هؤلاء أبطال ظلمتهم بلادهم وأولاد بلادهم، ومازال الحاقدين بأنانيتهم السوداء وكرهم الأعمى، يستكثرون عليهم حقهم في رد الإعتبار، هذه ليست مزية، كل مال الدنيا لن يعوض ذلا تلقوه، ولا مهانة الوقوف أمام سجن للزيارة، ولا دمعة أم، ولا حسرة أب، ولا جراحا لن تندمل..
هؤلاء قاموا بواجبهم نحو وطنهم ونحو أبناء وطنهم، فأحسوا بالرضا عن ماقدموا، فطرد من عندهم شبح الأرق والقلق والتوتر، مهما تعقدت مشكلاتهم، وتعاظمت تحدياتهم، فصار جدارا للوقاية لهم من أمثال هاته الإستفزازات المتعمدة، ومن أي محاولة لإبعادهم عن مواصلة السير على الطريق الصحيح.

ياأبناء تونس لدينا مهمة مشتركة اليوم، وهي تنظيف طريق الثورة الذي ضيق بأشجار اقتلعتها العاصفة، وأدى سقوطها إلى منع الوصول إلى الرقي والتقدم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى