الاثنين ٦ شباط (فبراير) ٢٠٠٦
بقلم أسماء صالح الزهراني

هل كان نيتشة مشغولا مثلي بهذا حين أسقط قيمة الضمير واحتفى بالوعد ؟

السيد هايد ، والدكتور جيكل .. كلاهما أطل من نافذتي هذا المساء .. وألقى تحية على مرآته فيّ .. مر زمن طويل منذ أن حسمت حيرتي بينهما : من هو الأصل ومن هو الفرع .. لكن التساؤل عن مساحة خطوات كل منهما على أرض الواقع لا زال يشغلني .. يشغلني كثيرا كلما زادت مساحات الرمادي ، وتضاءل الفرق بين السواد والبياض ..

هل كان نيتشة مشغولا مثلي بهذا حين أسقط قيمة الضمير واحتفى بالوعد ؟

كأنني أنظر بعيني الفيلسوف التنويري الأعظم ، وهو يقيس الوعد والضمير بمقياس الواقعية المادية ، والمردود النفعي العملي الذي يمكن حسابه بالعملة الصعبة .. فإذا سلمنا بأن الضمير لا لون له ولا ملمس ولا وزن ، كيف يمكن أن يوزن الوعد بهذا الميزان ؟
ببساطة شديدة تتحقق دلالة الوعد من خلال علاقة عملية متحققة في أرض الواقع ، إيجابا وقبولا .. بين طرفين ، الواعد والموعود .. ومن هنا تكتسب وزنها النفعي العملي .. وتأخذ موقعها في فلسفة نيتشة .. بينما لا يتعدى الضمير حدود النفس المظلمة الهادئة ، ولا مجال لتحققه على أرض الواقع إلا مصطدما بصوت المنفعة ومنعدم الوزن والقيمة في جميع البورصات العالمية ..

لم أكن فارقت سريري بعد ، حين اتخذت قراري بالصمت في نقاش فكري محتدم ، رغم أن الغلبة كانت لي .. وتلوح لي بانتصار ساحق ، لكن الدكتور جيكل حسم الأمر حين لوح لي بورقة بيضاء لا يشغلها سوى دائرة كبيرة ، صفر ، القيمة العملية لهذا النصر المرتقب .. ومن خلف النافذة أشار لي باتجاه المكتب حيث ترتص فواتير الخدمات العامة ، تنتظر حلا عاجلا ..

من باب اسكات ثورة السيد هايد سطرت كل ما ثرثر به دون تنقيح ولا حتى مراجعة .. واتجهت للمكتب بعد أن وقعت لزملاء النقاش بأني قلت آخر ما لدي ..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى