الأربعاء ٥ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٢
بقلم إبراهيم أبو طالب

حياة البردوني وشعره.. العذاب البديع

(إليكها يا قارئي إنها على مآسيها عذابٌ بديع عبد الله البردوني – ديوان مدينة الغد)

د. إبراهيم أبو طالب.

في ذكرى الذي لا يُنْسى، وفي حضور الذي لا يغيب، كيف لنا أن نقترب من عالم هذا الرائي في الزمن الكفيف، والمبصر في الوطن الأعمى، إن أي حديث عن عبد الله البردوني لا شك سيبدو ناقصاً، وإن أيَّ قول في أدبه شعراً أو نثراً فكراً أو فلسفةً سيغدو باهتاً لولا أن ما يشفع لذلك الحديث وهذا القول هو أفق المُتَحدَّث عنه، وغزارة عوالمه، وامتداد ألقه، كيف لا وهو ذلك الكبير في مسعاه، الكثير في محبيه، الصادق في موهبته، المخلص في ثقافته، المتدفق في نتاجه، وهو فوق كل ذلك الشاعر الشاعر، إنه عَالَمٌ واسعٌ من الموهبة، والبيان، والدهشة، إنه الذي امتدَّ صوته الشعري إلى كل الأصقاع وملأ الدنيا وشغل الناس بشعرٍ قادمٍ من أرض بلقيس؛

من أرض بلقيس هذا اللحنُ والوتر
من جوّها هذه الأنسامُ والسحرُ
من السعيدة هذي الأغنياتُ ومن
ظلالها هذه الأطياف والصورُ
يا أمي اليمن الخضراء فاتنتي
منك الفتون ومني العشق والسهر
ها أنت في كلّ ذراتي وملء فمي
شِعْرٌ تعنقده الذكرى وتَعْتصرُ

(ديوان عبد الله البردوني، الأعمال الشعرية في مجلدين، صنعاء، مكتبة الإرشاد، ط4، 2009م، 1/57)

إنها نبوءةُ شاعر، شعره ذكرى، وذكراه شعر، له نكهة أرض بلقيس، وعبق تاريخها، ووجه إنسانها، وروح قراها وعذوبتها، وتمدّن حواضرها، إنه شعر يحمل جيناته اليمنية الخاصة من ذمار، ومن صنعاء، من عدن، ومن حضرموت، من الجوف، ومن شبوة من جبال اليمن وسهولها ووهادها وسواحلها، إنه شعرٌ يحملُ ماءَ الإنسان اليمني وطينَتَه، لم تهبْنا جغرافيا اليمن نهراً، فكان نهرنا هو البردوني، لا ينقطع انهماره بانقطاع الأمطار وتغير المواسم، لكنه خالدٌ متدفق عبر الأيام وخلال الوهاد، لم تقف أمام جريانه وعطائه سدود الصدِّ، ولا معيقات الإعاقة، لأن النفوس الكبار والهمم العالية لا يمكن أن يحجبها حاجب ولا أن يوقف مسيرها مغالطٌ أو مكابرٌ متكبر، بل إنها كالشمس لا تمنع ضوءَها عن أحد ولا تقصر فائدتها على فريق أو كيان أو وجهة دون أخرى، لأنها العطاء في عنفوانه، والبذل في أسمى معانيه.

لأني رضيعُ بيانٍ وصرف
أجوع لحرفٍ وأقتاتُ حرفْ
أعندي لعينيكَ يا موطني
سوى الحرفِ، أعطيه سكباً وغَرفْ
أتسألني كيف أعطيكَ شعراً
وأنتَ تؤمّلُ دوراً وجرْفْ
أفصِّلُ للياء وجهاً بهيجاً
وللميم جيداً، وللنون طَرفْ
أصوغُ قَوامَكَ من كلّ حُسنٍ
وأكسوكَ ضوءاً ولوناً وعَرف

(ترجمة رملية..لأعراس الغبار، 2/ 907)

هكذا هو عبد الله البردوني ذلك الكبير بكل ممكنات الكلمة وآفاق دلالاتها لأنه امتلك ناصية البلاغة وأخذ بجوامعها فعاشها وعاش بها وبذلها لنفسه سلوةً ومعينا، فكانت لغيره أفقاً وتنبؤاً ومنهاجاً وسلوةً ومعينا، حين يكتب الشعر يضع فيه ويبذل كل طاقات الموهبة، وصدق التجربة، وأمانة الإحساس، واحتياج الإنسان،

أغني لمن؟ للحلوة المُرةِ التي ... أبرعمُ من حزن الرمادِ شذاها

(السفر إلى الأيام الخضر، 1/621)

وقد أدركَ عن معرفةٍ ومحبة أن الشعر نعم الرفيق لمسعاه، وأفضل الأوعية للخلود، فوجَّهَ شِعْرَه لأهم قيمتين لا يمكن أن تفنيا ويستحيل أن تنتهيا إنهما: الوطن، والشعب، المكان والإنسان، ولأن العالمية لا تبدأ إلا محليةً، واهتمام الناس والتفات أذهانهم لا ينصبُّ على إعادة ما لديهم، وإخبارهم بما يعلمون، ولكنهم يبحثون عن حقيقة من أنتَ؟! وكيف تُعَبِّرُ عن كينونتك التي فيها يجدون ذواتهم، وما مكانُكَ، وشجونكَ، وطريقتُكَ؟

ومن هنا فقد انطلق البردوني عن وعي، فأضحى واحداً من عظماء الأدب لأنه موغل في ذاتيته الوطنية وفي محليته الخالصة، ومتبتل في محراب شعبه مؤمنٌ بإنسانه البسيط العميق يغني له، ويبكي معه، يشكوه ويشكو منه، يغالب ضيق العيش ونكد المعاش، يزهو بآماله، ويتألم لإخفاقاته، يصف الكون من حوله حين تشرق الطبيعة، ويضحك الوليد، يتألم حيناً، ويصمدُ حينا، ويئنُّ أحياناً، لكنه يملك في كل ذلك صوته الخاص وصدحه الصادق الجميل، فيتمكن من تحويل الشجن إلى شدو، والشكوى إلى أمل وتحدٍ.

لأنهم من دمهم أبحروا ...
كالصبحِ من توريدهم أسفروا
تكسَّروا ذات خريفٍ هنا ...
والآنَ من أشلائهم أزهروا
مِن كلِّ شبرٍ أبرقوا أشرقوا ...
كيف الْتقى الميلادُ والمحشرُ

(زمان بلا نوعية،1/ 893)

ومن هنا من يريد أن يعرف اليمن ومن هو اليمني في مسيرة قرن من الزمان إلا قليلاً، فليقرأ شعر البردوني، ومن أراد أن يرصد تاريخ المكان بأفكاره ومنعرجاته وتفاصيله ورؤاه وانكساراته وآماله فعليه أيضا بشعر البردوني لأنه أدقُّ مَرْصداً، وأكثرُ حساسيةً، وتوضيحاً، ووضوحاً.

وفي دواوينه الاثني عشر ديوانا ذلك الأفق، وفيها جغرافيا الإنسان اليمني بحضوره الممتد في جذور التاريخ، وبعروقه المتمثلة في واقعه المعيش، وفي قصائده الأربع وأربعمائة (404) عبر تلك الدواوين عالمٌ لا يمكن حصره في آفاقه وتفصيلاته الممتدة، وإن كان يمكن استجماع محاوره العامة الكبرى في ركيزتين وثنائيتين واسعتين –من وجهة نظري- هما: الشعبُ والوطن /الإنسانُ والمكان، كما أسلفنا القول،.

البردوني مغرمٌ حدَّ الدَّنَفِ والعشق بالإنسان اليمني مؤمن بجوهره، بجذور الحضارة في أعماقه وبذورها، فهو يخاطبه ويحاوره ويناجيه، يعيش معه بأسمائه وألقابه، بآهاته وشؤونه، بكده وطموحه لأنه ببساطة واحد من هؤلاء الناس بسيط من بسطائهم، فلاح من فلاحيهم، إنسان من أناسي هذا المجتمع،

أخطر الشُّبّانِ (سعدٌ) ...(زيدُ يحيى)، و(الرياشي)
أعنفُ النسوانِ (سُعدى) ... (مريمٌ بنتُ الخَباشي)
أهــو داعٍ (حوشبيٌّ) ... أهو عفـريتٌ براشي؟
ولماذا لم يُعَلِّمْ؟ ... كـ(الشـهاري) كـ (الخراشي)
أهو يتلو كـ (الرقيحي) ... أهو يشدو كـ (العتاشي)
(ترجمة رملية لأعراس الغبار 2/ 1019)

وهو في الجزء الآخر من غرامه مولعٌ بالمكان بتسميات محافظاته ومدنه وقراه وعزله، بل وكل ركن من أركان المكان الواحد نجد ذلك الشغف البردوني بالأماكن وتفاصيل مسمياتها الدقيقة، وكأنه لا يستمدُّ حب المكان من تخليد الشعر العربي القديم لأطلاله خوفاً عليها من الروامس والرياح واندثار الأثر فحسب، ولكنه يخلدها في شعره وهو يدري أنها أكثر ثباتاً في مواجهة تلك الماحيات الطبيعية، ولكنه ربما يخشى على ذهاب روحها، ورونق ذكراها في نفسه أولاً حيث خالطها بروحه ومسعاه الدبيب فيها فصادقها، ولامسَ روحَها فحاورته وأمدته بأفق من عذاب التجربة ومعاناتها ومن عذب الذكرى فكان لزاماً عليه –وهو الوفي- أن يخلد ذكرها في شعره، ويجعل من كل مكان عالماً له بصمته الخاصة وحضوره الإنساني، فليست تلك الأماكن مجرد مسميات جامدة، لذلك نلحظ كثرتها في شعره لأنها حياة، وحضور، وامتداد.

يا (ثُلا) يا (إبُّ)، يا (أرحبْ) ... يا (بَنا) يا (لَحجُ) يا (شرعبْ)
كيـفَ يا أحبابُ أخبركم: ... أيَّ أشـواقِ الـهوى أغـلب؟!
أيَّ أســرارٍ أُكاشـفكم؟ ... أيُّ موتٍ باسمـكم أنســبْ؟!
(زمان بلا نوعية، 2/ 889)

على الرغم من تعدد أنظمة الحكم نجد البردوني ثابتاً واضحاً واقفاً في صف المواطن البسيط العميق، وفي صف الحق والعدل، لم يحد عنه قيد أنملة، ولم يغير موقفه أو مواقفه أبداً، يتعدد المارون ويتغيرُ المتعاقبون، ويختلفون، وهو واحدٌ له ثباتُ الجبلِ واستقرارُهُ، ووضوح الحق وبيانه، ولذا حين كانت تختلطُ الرؤى كان هو الوحيد الرائي المدرك لجوهر الحقيقة، إنه في صف الإنسان النقي، يحمل مصباحه كـ(ديوجين "Diogenes ) ينادي ويبحث عن الإنسان (honest man)، وما مصباحه سوى شعره الذي ظلّ إنساني المطالع والعروض والنهايات، ثوري الفكر والمنطلق على كلّ ما من شأنه تعطيل مسيرة النهضة والتقدم الذي أدركه البردوني من بداية الشوط، وعرف أنه لن يكون إلا بالثقافة فظل مخلصاً لدعوته التثقيفية التنويرية في كل نتاجه سواء كان ذلك بالشعر أو بالنثر، وبأي وسيلة سواء كانت بالكتاب أو بالإذاعة أو بالصحافة، فهو ينيرُ ويراهنُ على النور الثقافي، ولم يحد عنه، ولم يتاخر أو يتقاعس لحظةً واحدةً مدركاً أن الثقافة عنوان الغد، وسبيل النهوض، وطريق الخلاص، والتحديث والمدنية، وهاهو رمزه للإنسان القادم يكمن في (مصطفى)، تلك القصيدة التي أبدعها البردوني فكانت خلاصة تجربته الشعرية في نضجها، وآفاق إبداعها بما حمَّلها من دلالات فلسفية، ورؤى، وعمق، ومستقبل.

فليقصفوا، لستَ مقصف .. وليعنفوا، أنتَ أعنفْ
وليحشدوا، أنت تدري ... أنَّ المخيفينَ أخوفْ
... إلى قوله في ختامها:
يا مُصطفى يا كتاباً ... من كلِّ قلبٍ تألّفْ
ويا زماناً سيأتي ... يمحو الزمانَ المزيَّفْ
(كائنات الشوق الآخر، 2/ 1163)

وصفه صديقه الشاعر الكبير الدكتور عبد العزيز المقالح في مقدمة ديوانه بأنه "شاعر ثوريٌّ عنيفٌ في ثوريته، جرئٌ في مواجهته" (مقدمة الأعمال الشعرية، ص52). وهو كذلك في مسعاه منذ أول دواوينه (من أرض بلقيس) حتى ديوان (رجعة الحكيم ابن زايد) ثائرٌ على منظومة الجهل، والظلم، والتخلف، والاستبداد بكل صوره وأشكاله ومسمياته، لأنه شاعر والشعر ثورة، لم يرض بالهوان، ولم يداهن أو يمارِ أو يطأطئ، فلم يمتدح في مسيرته غير القيم والانطلاقة والتقدم، لذا لا غرابة أن تعيش قصائد البردوني خالدة حاضرة شاهدةً في كل ساحة، وفي كل ميدان، بل وفي كل زمان ومكان، لأنها تحملُ تطلعات الإنسان لحظةَ وعيهِ وإدراكه لحقوقه ومطالبه أي لحظة ثورته،

لماذا لي الجوعُ، والقصف لك؟ .. يناشدني الجوعُ أن أسألكْ
لماذا وفي قبضتيكَ الكنوزُ .. تَمـدُّ إلى لقمتي أنْـمُلَكْ؟
وتقتاتُ جوعي وتُدْعَى النزيه .. وهلْ أصبح اللصُّ يوماً مَلَكْ؟!
غداً لمْ أُصَفِّقْ لركب الظلام .. سأهتفُ يا فجرُ، ما أجملكْ!
(في طريق الفجر، 1/216)

فكانت قصائد البردوني لسان حال وشاهد بيان في كلِّ نضال من أجل الحياة والحضور والخلاص، إنه ثائر لأنه شاعر والشعر ثورة – كما قلتُ وأؤكد- لا يحدّها زمان، ولا يوقف تدفقها كيانٌ؛ قلَّ أو جلَّ، لأنه الشعر ذلك السر الخالد العميق، وتلك الروح المنتجة الشفافة تسمو بالناس إلى كل خير، وحبِّ، وجمال، وترافقهم إلى قيم الفضيلة وعوالم النقاء، وتدعوهم دوماً إلى الحقِّ وإعمال الذهن وتحيرك الفكر للوصول على الحقيقة والخلود في ثوبها والتنعم بعالمها الأزلي المثالي الواقعي في ذات اللحظة – كما يرى كولردج (1834م) ووردزورث (1850م) ونقاد الرومانسية الكبار-.

بعينيه حلمُ الصبايا وفي .. حناياه مقبرةٌ مستريحةْ
لنيسانَ يشدو وفي صدره .. شتاءٌ عنيفٌ، طيورٌ جريحةْ
بلادٌ تهمُّ بميلادها .. بلادٌ تموتُ وتمشي ذبيحةْ
ورغمَ صريرِ السكاكين فيه .. يُغنّي، يُغنّي وينسى النصيحةْ
(وجوه دخانية في مرايا الليل، 1/723)

ولانَّ الشاعرَ مُلْهمٌ نَقيٌّ فإنه يريد الحياة والنور للناس جميعاً، فلا يفتأ يضيء لهم ويرشد مسعاهم في كلِّ أفق، وعند كلّ اتجاه، وهكذا هو البردوني الشاعر الإنساني المحلق في وضوح المسعى، الخالد في أعماق الإنسان، وها هو ذا شعره بين دفتي ديوانه الكبير أفكارُ ضوءٍ، وآفاقُ رؤى، وحسناواتُ جمالٍ، وبيانٌ لمن أراد الفهم، ومن يبتغي المعرفة فعليه بشعره يقرؤه، ويتمثله، وينشره لمحبيه هدايا جمال، وفاتنات خيال، ومنهاج ثورة، ودستور ثقافة.

ونحن لم نلتقِ في هذه السانحة من ذكراه، وكذلك لم نكتبْ، لكي نبكي أو نتباكى، ولا لكي نَشُقَّ الجيوب، ونجلدَ الذاتَ، لأنه كان من أكثر الناس رفضاً لهذا الصنيع ولا يليق بنا ولا به لأنه صاحب روحٍ مثابرةٍ وثابةٍ نابهة، فلن نؤذي تلكم الروحَ البردونيةَ، وكذلك لم نأتِ لنفاخرَ ونزهوَ دونَ فعلٍ، لأنَّهُ قالَ ذاتَ مرةٍ مُعَاتباً هذا الفاعلَ وصنيعَهُ المتمثلَ في أجيالٍ متعاقبة:
فخرُنا بالجدودِ فخرَ رمادٍ صارَ يزهو بأنه كان نارا

وما جئنا في هذه الذكرى لنزخرفَ الكلماتِ وندبّجَ العباراتِ، لنُسْقِطَ عنا الواجبَ، ونصفق لبعضنا لنفيقَ وقد مرَّ عامٌ على ذكراه بجوار أعوام خلت، نظلّ نحسبها، ونحن نبتعد في كلّ عام عن البردوني ونبعده عنّا في حين نحسب أننا نقترب منه ومن جوهر روحه وفلسفة حضوره.
إذن يجب أن يكون مجيئُنا واحتفالاتنا في هذه الذكرى وغيرَها وقوفَ تحفيزٍ وبرنامجَ عملٍ نبدأُ فيه بجهودنا، ثم نثنّي بتحفز الجهات المعنية، ونذكّرُها بل ونلحُّ في التذكير، وربما نوجع في الإلحاح حتى يستفيق كلُّ غافلٍ، وينتبه كلّ جاهلٍ أو متجاهل بقدرِ ومكانةِ هذا الرجلِ العملاق، ومن ذلك أننا سنضع في كلّ ذكرى عدداً من المطالب قد تطول نقاطها وتتوسع بتوسع طموحات محبيه، لأنهم يرونه أهلا لكلّ عظيمة، ومحلاً لكل دعوة كريمة، ومن قائمة مطالب ذكرى البردوني الثالثةِ عشرةَ لهذا العام 2012م، - لنا ثلاثة عشر مطلباً، وهي مطالب تكررت وغيرها ؛بلا شكٍّ؛ في أعوام سابقة- هذه المطالبُ نسردُها كالآتي:

إخراج ديوانيه الغائبين والمغيبين إلى دائرة النور وطبعهما فوراً، بلا أي مبرر للتأخير، ديوان (رحلة ابن شاب قرناها)، وديوان (العشق على مرافئ القمر)، بشكل مستقلٍ أولاً، ثم إضافتهما إلى أعماله الكاملة في طبعة جديدة منقحة، مصححة، محققة، ومُعْتَنَى بها.

طبعُ كتابِه (الجمهورية اليمنية)، وقد مرَّ على تحقيق الوحدة المباركة عقدان من الزمن ونيف، وبلغت الرشد، ومرَّ على وفاة البردوني عقد ونيف من السنين فما الذي يخيف فيه أو يمنع من الطباعة وقد اتضحت كل الرؤى، وخرجت الشعوب إلى الميادين نافضة كل قمع وخوف، وتوضَّحَتْ جميعُ الخطوط، ولعلّ الكتابَ جزءٌ من مشروع البردوني يستكمل به كتابه (اليمن الجمهوري).
فَتْحُ آفاقِ البحث الأكاديمي في الجامعات لدراسة شعره في برامج الماجستير والدكتوراه، وكذا البكالوريوس والليسانس أمام طلاب العلم دون قيد سوى القيد الأكاديمي والرؤية المنهجية.

دعوةُ الباحثين إلى القيام بعمل ببليوجرافيا علمية واسعة شاملة لأعمال البردوني الشعرية والنثرية والإعلامية والصحفية، وما كُتِبَ عنه من دراسات، وكتب، وفصول، ومقالات، وقراءات، وحوارات وغيرها سواء ما كان منه مطبوعاً أو مرئياً أو مسموعاً أو بأي وسيلة وسائطية وجمعها في كتاب واحد يساعد الباحثين على الانطلاق في دراستهم عنه، ليعرفوا من أين يبدؤون وأين يقفون؟!.

استكمال وتجهيز متحف البردوني الذي يجب أن يُعطى رعايةً، ويولى اهتماما خاصاً إعداداً وتجهيزا وترتيبا وتنظيماً من قبل وزارة الثقافة والجهات المهتمة بالثقافة والإعلام والآثار والسياحة أيضاً، لأنَّ البردونيَ قيمةٌ يمنيةٌ أصيلةٌ ليس مِلْكَ اليمنِ وحْدِها، بل هو إضافة عربية وإنسانية.

طباعة دواوينه بشكل مستمر وبطبعات رسمية فاخرة، وأخرى شعبية مدعومة لكي يستطيع أصحاب الدخل المحدود شراءها وقراءتها كما كان يحبُّ البردونيّ ذلك ومضى يدعمُ كتبَه بماله الخاص وبريع ما نالَهُ من جوائزَ عربيةٍ – ليستْ محلية- ونجدها مناسبةً نتوجَّهُ فيها بالدعوة إلى دعم الكتاب الثقافي بشكل عام.

تسميةُ جائزة ثقافية رفيعة المستوى باسم البردوني (جائزة يمنية عربية) بعد وضع لائحتها، يَصدُرُ بشأنها قرارٌ جمهوري، مُقرٌّ من مجلس النواب، وتُدعم من صندوق التراث والصناديق التنموية الثقافية الوطنية، أو يكون لها مواردُها الخاصةُ في بندٍ مالي مستقل من ميزانية الدولة.
وضع تمثال للبردوني في أحد الميادين العامة - كالتحرير أو باب اليمن مثلا- يُعَبِّرُ عن مدنيةِ دولتِنا الحضارية المنشودة التي تجلّ أدبائها ومثقفيها ورموزها كما تفعل عواصم العالم مع عظمائها، ويكون بادرةً تُحتذى وفاءً لرموز الوطن من مفكرين، وشهداء، وأكاديميين، ووطنيين، وعظماء نادوا بالحياة الكريمة.

إصدارُ عملة، وطابعٍ بريديٍّ يحمل اسم البردوني وصورته.

إطلاقُ اسم البردوني على إحدى الجامعات، وعلى عددٍ من قاعات الدرس في المدارسِ والجامعات، وكذا على بعض الميادين العامة والشوارع في مختلف المحافظات حتى يظلَّ حاضراً في وجدان ناشئتنا وضمائرهم.

الدعوة إلى ترجمة أعماله الشعرية والنثرية إلى كلّ لغات العالم الحية وعبر وسائل الترجمة الحديثة بكلياتها ومراكزها المتخصصة، وعدم انتظار ما قد تجود به المبادرات الفردية من أصحاب تلك اللغات، بل علينا الترويج والنشر لمبدعينا وعنهم بأنفسنا واستغلال فضاء الثورة الرقمية.
ندعو إذاعة صنعاء إلى استثمار أعداد برنامج البردوني الأسبوعي المهم (مجلة الفكر والأدب) والذي تجاوزت أعداده الـ (1200) عدداً تقريبا منذ عام 1384هـ / 1964م حتى تاريخ وفاته في أغسطس 1999م. ندعوها إلى طباعته ورقياً وبالصوت، وتوفيرها عبر موقعها الإلكتروني أو بيعها على شكل أقراص مدمجة لتكون في متناول الناس لما تحتويه من مادة فكرية وأدبية غزيرة، ولا تجعلها عرضةً للتلف أو الضياع في مكتبتها، وقبل فوات الأوان.

جمع وطبع سيرة المواطن عبد الله البردوني في كتابٍ، وهي تلك السيرة التي كتبَها بنفسه، وكانت تُنْشَرُ مُفَرَّقَةً في صحيفة 26 سبتمبر الأسبوعية، وفي صحيفة الثورة.

وغيرها من الأفكار والمطالب التي أرجو أن نلتقي في ذكراه القادمة لنقف على ماذا حققنا من هذه المطالب؟ هل ترونَ أني حالمٌ بهذه المطالب؟!

فليكنْ فإن بداية الحقيقة حُلمٌ مشروع، وإنا لساعون، ولكلِّ المنابرِ، ومؤسسات الثقافة منتظرون...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى