السبت ٢٢ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٢
بقلم إبراهيم جوهر

شتاء وأغان وأيام مسرعة

اليوم يبدأ الشتاء في فلسطين!

الشتاء المحمّل بالذاكرة، والحنين، والعطاء، والخير يسبق شتاء (الآخر) بيومين كاملي!

شتاؤنا بدأ بالتوقيت الشتوي اليوم. سنكسب ساعة، حسنا، أقول لنفسي، ساعة تتيح لي المزيد من التأمل الصباحي في أجواء الجمال وهو يتفتح فجرا. سيكون الوقت مسعفا لي بعيدا عن دقات الساعة المتسارعة وعقرب دقائقها يقترب من موعد بدء الدوام اليومي.
ساعة أخرى! يا للمكسب. يا للروعة.

كم نخسر من ساعات أعمارنا المتهالكة ونحن نرغي؟

ونحن نحكي؟

ونحن (نتآمر) على أرواحنا؟! وعلى الهدوء النسبي بيننا؟! ونلوك لحم بعضنا (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه).

اليوم الجمعة، العطلة الأسبوعية التي أنتظرها لتعيد إليّ ما فقدته من هدوء في زحام الأسبوع وتراكم الهموم. اليوم سأعيشه وفق برنامجي الذاتي،

أبدأ بالجلوس على الشرفة المفتوحة على المدى الشرقي وأتأمل الليل وهو ينسحب، وأنتظر بزوغ الشمس وأراقبها وهي تسرع في البروز بنشاط غريب عن بني البشر.

أشرب قهوتي، وأدخن سجائري، وأخاطب ذاتي قبل أن ينضم إلى جلستي الصباحية الحاشدة هذه ولدي (رئاس) و(أم إياس) ويبدأ الآخرون بالتململ مع بدايات اكتمال قرص الشمس...

اليوم زرت عديلي (أبا حسين) في السواحرة الشرقية مهنئا بالسلامة من العملية الجراحية الأخيرة.

الأيام في دورتها تحمل مفاجآتها، وغرابتها، وأحداثها وعلاقاتها...( كنا في الصف الرابع الابتدائي حين دخل غرفة صفنا المدرسية شاب بقميص أبيض ليعلّمنا الحساب والعلوم. كانت سنتنا الدراسية الأولى في النظام الجديد الذي حمله " العهد الجديد" حزيراني الهوى والتاريخ والمعطيات. وقتها وزّعت علينا بلدية "القدس" برئاسة (تيدي كوليك) الملبس والحلويات والدفاتر المدرسية المكتوب على غلافها باللغة العبرية " محبيرت". كان الأستاذ محمد مشهور ذاك الشاب الذي دخل صفنا بهدوء. اليوم زرته مهنئا بالسلامة بعد العملية الجراحية.)

الطريق إلى المكان لا تستغرق أكثر من خمس دقائق. اليوم بسبب الجدار اضطررت للالتفاف حول مستوطنة الخان الأحمر، والعيزرية وأبو ديس، ساعة وقليل من الدقائق. الجدار جاء لقتل روح البقاء، وللتنغيص، وهدر أيام العمر بساعاته...

أمس انضم إلى طاقم الهيئة التدريسية عدد من المعلمات إحداهن من طالباتنا في المدرسة...هي الأيام التي تأخذنا إلى حيث لا ندري. هي نفسها التي تقول لنا بأحداثها كم هي الحياة قصيرة.
يغافلنا الزمن وهو يمضي غير ملتفت إلينا.

اليوم كسبت ساعة من زمن. اليوم بدأ (الشتاء) في فلسطين. شتاؤنا يسبق...!

مساء نحوّل الحي إلى قاعة أفراح تعلو من زواياها أغان بمكبرات صوت ؛ أغاني الأعراس فيها الكثير مما يقال في انتقادها.

الحي قاعة مضطربة هذا المساء.

الحي في الآونة الأخيرة صار فندقا للنوم قبل التوجه في الصباح التالي إلى ورش البناء...(بناة وطن الآخر)!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى