السبت ٦ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٢
بقلم ميسون جمال مصطفى

أبو الصادق شاعر الثورة الفلسطينية

رحل لكن أشعاره لم ترحل، ما تزال معلقة بين الوطن والحنين، بين الثورة والسلاح، بين شعب يأبى النفي والإندحار، بين حق عودة ولاجئين. غنّى الوطن بكل صوره، غّنى التلال والأغوار والفدائي والشهيد ورسمه في أغانيه من النقب إلى الأغوار فالمثلث والجليل، إنه شاعر الثورة الفلسطينية الأول بلا منازع، صلاح الدين الحسيني المعروف بـ" أبو الصادق".
من هو هذا الشاعر الذي ردد الجميع أشعاره؟ هو ابن غزة الصامدة، ولد في زمن الثوارات الأولى عام 1935، فرضع حليب الثورة وحب الوطن أبان الاحتلال الإنكليزي للبلاد، واستمر مناضلا حاملا قلمه بيد والرصاصة بالأخرى حتى التحق بصفوف الثورة الفلسطينية عام 1967. كتب أول نشيد للثورة: ’.بسم الله بسم الفتح بسم الثورة الشعبية بسم الدم بسم الجرح إلي بينزف حرية’.

قام بتأسيس الإعلام العسكري لحركة فتح سنة 1969، ثم تولى مسؤولية الناطق العسكري لقوات الثورة الفلسطينية بجميع فصائلها سنة 1971. أصدر ديوان ثوريات، كما أنه ساهم في كتابة نصوص العديد من أناشيد الثورة الفلسطينية مثل: نشيد العاصفة، واللوز الأخضر، والمد المد، وجابوا الشهيد، وجر المدفع فدائي، والبروقي، وطل سلاحي، وغلابة يا فتح، وفوق التل، وما بنتحول، ومدي يا ثورتنا، ويا شعب كبرت ثورتي.

قام بتأسيس مؤسسة المسرح والفنون الشعبية والفلسطينية في بيروت عام 1975، وبتشكيل فريق فني من أبناء وبنات الشهداء وطاف بهم أرجاء العالم لنشر الحضارة الفلسطينية. كتب لفرقة العاشقين وألّف أغاني مسلسل عز الدين القسام في دمشق.
بعد مغادرة الثورة الفلسطينية بيروت قام بتأسيس مسرح الطفل الفلسطيني في القاهرة بدعم من دائرة الثقافة والإعلام، وقدم خلالها:مغناة الإنتفاضة(1) ومغناة الإنتفاضة(2)، ومسرحيتي"حارسة النبع"، و" طاق طاق طاقية"؛ بالإضافة لتغذية إذاعة منظمة التحريرالفلسطينية بأغاني تناسب كل مرحلة. عمل مديراً عاماً لمسرح الطفل الفلسطيني بمدينة غزه.

وفي فجر الثلاثاء 11 كانون الثاني 2011 فقد الشعب الفلسطيني واحدا من أبرز رواد القلم والسلاح الأوائل في منزله بالقاهرة عن عمر يناهز 76 عاماً، إثر إصابته بنزلة رئوية حادة، بحسب- المستشار الطبي للسفارة الفلسطينية بالقاهرة- حسام طوقان، وقد ُشيع جثمانه من مسجد رابعة العدوية (بمدينة نصر شرق القاهرة)، ووري الثرى في أرض الكنانة.
أرّخت قصائد شاعرنا القضية الفلسطينية منذ الطلقة الأولى، فكانت بمثابة سجلات ثورية وبيانات عسكرية، تؤجج نار الثورة بين أبناء الشعب الفلسطيني العربي، فمن طل سلاحي إلى ُجر المدفع فدائي إلى فوق التل، وغيرها من القصائد التي ستبقى حية ما بقيت القضية الفلسطينية؛ وها نحن أمام مقطفات ثورية متوارثة من جيل إلى جيل:

ُجر المدفع فدائي لا تستنى السيارة
جرت علينا صهيون أكتر من ميت طيارة
وأحنا رجالك فلسطين والله ما نهاب الغارة
والله ما نهاب الغارة
جر المدفع فدائي لا تستنى السيارة
عبي الرشاش برصاصي هو طريق وخلاصي
مش بالحل السياسي ولا المجلس وقراره
ولا المجلس وقراره

وكما كتب بدموعه أغنية "جابو الشهيد"، التي ما زالت دموع العين تسيل لسماعها، ونحن نستذكر شهداء الثورة الذين سقطوا في بداية النضال في مشهد درامتيكي مؤثر جدا، بحيث رسم لنا صورة الشهيد لحظة عودته من المعركة وكأنه عريس، وفي إحدى اللقاءات الصحفية معه قال إن هذه الأغنية قصة حقيقية لأم الشهيد "ثائر" بحيث دفعت أولادها السبعة للمقاومة تيمنا بأخيهم.

جابوا الشهيد .. جابوه
جابوا العريس .. جابوه
بعلم الثورة .. لفوه
يا فرحة إمه وأبوه
أنا إمه يا فرحة إمه
في عرسه في ليلة دمه
يا تراب الحرية ضمه
يا أخوانه للثورة انضموا
بزغرودة يالله حيوه

ووصف في قصيدته" فوق التل تحت التل"، الفدائين في بداية الثورة الفلسطينية، وأعمالهم العسكرية بين التلال والجبال والوديان لتحرير فلسطين من براثن العدو الغاشم، هؤلاء الثوار الذين توزعوا في أنحاء الأرض على حد تعبيره" مرشوم ثوار".

فوق التل تحت التل
إسأل عنا الريح تندل
إسأل عنا جبل النار
إسأل إسأل في الأغوار
إسأل أرضك إسأل زرعك
راح تلقاه مرشوم ثوار
فوق التل تحت التل
إسأل عنا الربح تندل
مد الخطوة شرقة وشامة
تلقى عواصف تلقى نشامى
فوق الجبال في الوديان
تلقى عزة تلقى كرامة
فوق التل تحت التل
إسأل عنا الريح تندل

يعز علينا أن نقول له وداعا، لأنه ما يزال حيا فينا، بل سنقول له كما قال في أحد أشعاره:

ويا دروبنا زاحفين
لآخر رمق زاحفين
بالعزة بالاصرار
بالثورة بالدم
حنكمل المشوار
حنكمل المشوار

رحم الله شاعرنا وألحقه بركب الشهداء الفردوس الأعلى.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى