الثلاثاء ١٤ شباط (فبراير) ٢٠٠٦
بقلم شاهر خضرة

الأسماء - ديوان شعر - قسم 1

الكتـاب : الأسماء

المؤلف : شاهر خضرة

النوع الأدبي : شـعـر

التصميم الفني ورسم شارة السلسلة الشاعر منصف المزغنّي

رسمة الغلاف : الرسام التونسي عادل مقديشو

الإهداء :

إلى ماضي الأسماء الحاضر

فاتحة

للكاتب الكبير الناقد عز الدين المناصرة

شاهر الخضرة _ شاعر من سوريا الشقيقة ، يلفت انتباهنا بتعدديته الشعرية قصيدة العمود - قصيدة التفعيلة – قصيدة النثر – القصيدة اللهجية الشاميِّة (الشعر باللغة الدارجة) . يمتلكُ شفافية القسوة والحنان معاً ، مما يولِّد في نصوصه – مفارقات وإدهاشاً حميماً يقترب من القلب ، ولا ينقصه التركيز ولا الكثافة الشعرية ،
ويمزجُ بين لغة التفاصيل اليوميّة ولغة المطلق الصافية . وكأنَّ الشعر هو جمعٌ وذاتْ . . وفتنةُ المتناقضات .

مجموعة [ الأسماء ] وهي (( نصوصٌ مفتوحةٌ عابرةٌ للأنواع )) " قصائد نثر " توغلُ في درجاتٍ عالية من الشاعرية مع قليلٍ من السرديّة النثرية ، وهكذا تؤكِّد المجموعة أنَّ قصيدة النثر توغلُ في استقلاليتها .

نحنُ محكومون لسلطةِ ( الاسم ) إلى درجة الرموزيّة المتعالية ، حيثُ نتساءلُ أحياناً : هل نحن حقيقيّون أم مجرّد أسماء . شاهر خضرة يقرأ الأسماء من داخلها لِيُحَرِّكَ فينا كقرَّاء ــ معرفةً وجدانيَّةً تجعلنا نعشقُ زاويةً من زوايا شخصيّة الاسم .

بستان الأسماء التي اختار الحوار الشعري معها ــ مليءٌ بالوهج وفيه ماءٌ كثير وظلال تجعلنا نشعرُ بهذه الحميميّة .
شاهر الخضرة . . شاعرٌ ونصَّاصٌ رائع .

شاهر :
 
مؤذٍ . . ويتيمٌ
لا يُغبَطُ ولا يُحْسَدُ ،
استعدَى منذ نعومته
أقربَ من كان إلى قلبِهِ
ضدَّه ،
بلعبةٍ كان القصدُ منها
أن يبلوَ محبَّةَ الآخرين
وهاهو الآن
يلعبُ اللعبةَ نَفْسَها ،
[ إنَّه تَطَوُّرٌ حَلَزونيّ ] .
 
- بِاسْـمِهِ نبدأ
الله نورُ السماواتِ والأرض . .
 
* * *
الله :
 
أحرفٌ شُدَّت إلى بعضِها
بخيطانٍ دقيقةٍ ،
أوَّلُها في يَدَيْ قلبي ،
وآخرُها في اللانهاية .
* * *
الله :
أحدٌ في السماء ،
يُقَلِّده آلافُ الآلهةِ في الأرض .
* * *
الله :
إذا لم يكن لديهِ جَحيمٌ
في السماء ،
فأينَ يذهبُ التعساءُ بعد الموت ؟ .
* * *
( إن الله لا يَغفرُ أن يُشْرَكَ به )
في السماءِ . . ؟
أمْ في الأرض ؟ .
* * *
 
دمشق
دمشق :
 
شبَّاكٌ يُفتَحُ في غيابِ الرقيب
ويُغْلَقُ إذا حضر ،
إذا لم يَمُتْ
لن تُحَلَّ المُعضِلَة .
* * *
دمشق :
 
تعبتِ الجدرانُ من اجتماعاتِ الهواء ،
واسَّاقطَ الظلامُ
على القناديلِ التي تَعَضُّ
ذُبالَها
كما يَعَضُّ المُحتَضَرُ لسانَه
آهِ يا دمشق !
نطلبُ مزيداً من النوافذِ ،
فتكثرينَ الشبابيك ،
ها نحنُ نحلِبُ ضروعَ الشمسِ ،
ولا نمتلِكُها حتى الرحم
سوى بالاحتلام .
* * *
دمشق : رائحةُ فمٍ
كريهةٌ
تُلَوِّثُ أنْفاسنا
أكثر من دخان كل السيَّارات .
* * *
دمشق :
كانت شوارعُها تُشْعرُني
بالحنين إلى حمارتِنا
كلَّما أرهقتْني الطرقات .
* * *
دمشق ! .
( جامعُ زيد )
ربما لرثاثةِ ملابسي
لم يأبَهْ بنَصاعةِ قلبي ،
و( جامعُ السروجيّة )
منزَلقٌ
إلى حدِّ تمجيدها .
* * *
دمشق ! .
أريد أن أكون .
أحضرتُ صورةَ شيخِ جامعِ زيد ،
وصورةَ شيخِ جامعِ السروجيّة ،
قصّصت رأسَ صورةِ الأوَّل ،
ورأسَ صورةِ الثاني ،
وألصقتُ كلَّاً مكان الآخر ،
وعلَّقْتُهما على أعماقي
فكنتُ .
* * *
دمشق ! .
خالد بكداش :
لم يَدَعْنِي أقبِّل يدَه البتَّة
ونهَرَنِي حينَ أَحْـنَيْتُ
له رأسي
قائلاً : ( الله في السماء )
آه كم الفرق يا سيدي الشيخ .
* * *
دمشق ! .
أنا بكداشيٌّ حتى الكَفاف ،
حتى التسوُّل ،
لكنني في الأوَّلِ من أيَّار ،
فضَّلتُ الانخراطَ في حلقةِ الذِكْر ،
وعندما أخذني الحال ،
صحتُ بأعلى صوتي ،
يا عمَّالَ العالم ! . . صلُّوا عالحبيب
* * *
دمشق :
ليستْ جَمَلاً يُقادُ من منخريه
_ رغم رغائه _
إلى الصحراء .
* * *
دمشق ! .
من أفتى لكِ بالصلاةِ
تيمُّمَاً
وبردى يسُحَّ بين إليتيكِ ! ! ! ؟ .
* * *
دمشق ! .
في ( بابِ كَيْسان )
ضاق الأفقُ ، وأصبحت المشانقُ
قابَ حبلينِ أو أدنى ،
صوتُ ( غيلان )
متقطِّعٌ ،
والطيرُ تأكلُ من رأسه
وأنا أحلُمُ أن " أسقي ربِّي خمراً " ؟ .
 
- بردى
بردى :
لكثرةِ ما مسحَ زبدَ الأشواق
جفَّ مِنْديلُهُ على أفواهِ الموتى .
* * *
بردى !
ليست المُعجِزةُ أن تمتلِئَ
ملاعقُكَ بالدم
المعجزةُ أن تمتلِئَ بالماء !
* * *
بردى !
طلَتِ الأنهارُ جدرانَها بالأخضرِ
مُذْ علموا أنَّ الأشجارَ الجريحةَ
تجرُّك من رجليكَ
إلى غرفةِ الإنعاش .
* * *
بردى !
هكذا تموتُ الملائكة ؛
تلعقُ طينَهَا الأخضرَ
وَتَسْوَدُّ كالكارِثة ،
ولحظة مفارقةِ الماءِ النهر ،
يقتلُ نفسَهُ بالحداد ،
ويتكَفَّنُ بحزنِ أبيض
طويلِ الساقين كالغُرنوق .
* * *
بردى :
جنازةٌ بين بيتِها والقبر
سنواتٌ طويلةٌ من الغائبين
سنواتٌ . . فَمُها من الكبريت ،
وأسنانُها من الجراد ،
وشارِبو الخمرِ
يلوذون بأصحابِ الأذرع القطيفيّة ،
واللحى النافذة ،
ليتَقَيَّأوا حزنَهم على قتيلهم ،
ويحثِّونهم على الإسراعِ
إلى صُفْرَةِ الجبَّانة .
* * *
بردى !
أيُّها المدمَّى وسطَ هذا
الحشد من خناجر الجفاف الحادّة
إنَّ دمَ سوريَّة كلّها
لن يُعوِّضَ دمَكَ المسفوك
فاختلجْ أو لا تختلِجْ
لقد أقمنا دعوةً لتبديلِ اسمك .
* * *
بردى !
ما كان بإمكاننا أن نمنعَ القابلة
من سحبِ الجنين وقتْلهِ
خارجَ الماء .
* * *
بردى !
البارودُ الموقوتُ في قلوبنا
أندعو الأعمى لينزعَ الفتيل ؟ .
 
_ فلسطين :
العينُ التي تتزاحم
الجفونُ لتستأثرَ
بالإغماضِ على إنسانها .
* * *
فلسطين : غرفةٌ في دارنا
كما يقولُ ( والدنا ) ،
فتحَ لها باباً مستقلاً
على شارعٍ خلفيّ
أخونا
( المغفور لهُ ) .
* * *
محمد الدرّة :
ضحيَّةٌ جدّ عاديّة
لمن تدرَّبَ على لعقِ الحقد
في كبوتسات التلمود .
.
ناجي العلي :
الصورة التي في ذاكرتهِ
تشبه صورة محمد الدرّة ،
مع فارقٍ بسيط
منعوا نشر الأولى
وسمحوا بنشر الثانية . !
* * *
سِر علماني :
نحبُّ أن يُستَشْهَدَ
كلُّ الملتحين في الصراع
حتى إذا تحقَّقَ النصر
لا يحكمنا منهم أحد ،
فنُّ السياسةِ أن نفيدَ من
( حركةِ ) دمائهم ،
ونلفَّ ( سكونَهُم ) بأكفانهم
إذا رفضوا الموت .
 
_ الأردن
الأردن :
نهرٌ يحملُ الدمَ
في راحتيه
وينضحُ به وجهَ هذه الأمّة .
* * *
الأردن :
ثقبٌ في مرآةِ الشام ،
ولجتُ فيه إلى أعماق النور ،
لكنني من خلالهِ
يرتدُّ إليَّ البصرُ وهو مديد .

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى